• اخر الاخبار

    الاثنين، 13 فبراير 2023

    باب الدروازة،،الأزمنة الحذرة!! ..قراءة فيما كتبه علي لفته سعيد..سردياً!! بقلم : شوقي كريم حسن

     


    الأزمنة بعد عقدها الفكرية والاجتماعية والسياسية،وخاصة تلك التي عاشها السارد او كان قريباً منها،تشكل واحدة من اهم مصبات الاشتغال الاسترجاعي الذي يروم النبش داخل المسكوت عنه والمخفي تعمداًوهذا ما فعله السارد علي لفته سعيد في روايته (باب الدروازة)الصادرة عن دار الشؤون الثقافية،يعمد السارد الى الرجوع مستذكراً ايام زيارته لاول مرة  الى العاصمة التي تشكل ليديه رعباً يؤثر فيما بعد على اسرار وجوده داخل مجتمع متنافر يبدو في جوانية السرد خالياً من الحياة سوى بعض الاشارات التي بانت داخل الخان الذي اتخذه السارد منفى للكثير من اولئك الذين يبحثون عن خلاص داخل اضطراب شديد تظهر عليه معالم الوقاحة والشراسة احياناً،يتحرك العالم السردي عبر كل مستوياته من خلال نقطة مركزية هي(خَلاوي)المعبأ باشارات ظلت ملازمة له على مساحة السرد،خوف يبرره السارد مرات موقفاً اياه عند حافة الكشف المحتال ،ويطلق له العنان في مرات كثيرة ،تحاول الشخصية المركزية ايجاد الصلاة بين عالم الخان الحذر شديد القسوة،و شوارع وازقة الكاظمية ومحل الثلج الذي كان المحطة الاساس في قيادة الاحداث واتساعها من خلال مكتشف عيني قد لايكون السارد فيه سوى متفحص حذر شديد الريبة،ينقل مايشعره مؤثراً ومفيداً في مسارات السرد الممتدة بخطوطها الفاعلة،داخل ايقاع ينتمي الى الشرح وتبياناته،اكثر مما ينتمي الى الوصف الخارجي ثمة اعماق تتحرك منتجة افعال الرؤيا ومن خلالها تتم عمليات الروي  السردي المتصاعد باتجاه غاياته،ثمة اكثر من غاية ،تظهر سريعاً ،لكنها تختفي دون ان تترك اثراً مهماً لدى متلقيها الذي يلاحق الاحداث من خلال الشخصية الفاعلة التي تحولت الى كاميرا تلفازية،تنقل كل ما تريد نقله دون تدخل حتى وان كان بسيطاً،وخارج الافعال التأثيرية او ما يمكن تسميته الثيم الدرامية الصغيرة التي تسهم في تشييد الاحداث وايصالها الى مراميها الاساسية والختامية، يبقى (خّلاوي)المحور الناقل الذي لا يسهم في صناعة السرد، بل ياخذه

    جاهزاً ليحوله الى فاعل تأثيري،تسيطر عليه

    بعض ملامح الخوف والارتباك،والابتعاد عن

    ماهو غير قابل لإفادة من وجهة نظر السارد،

    تكمن قدرات( علي لفته سعيد)السردية في انه يقود السردية  بهدوء ومتخذاً من اللغة

    بساط معرفي شارح،دقيق الاكتشاف،مثلما

    هو دقيق الاختيار،وهذه المكنة الاشتغالية ما جاءت عن فراغ،انما هي الدربة الكتابية عبر مسيرة طويلة تنقلت بين الرواية والقصة القصيرة والشعر،لهذا تنزع لغة السرد لديه الى مانسميه الشعرية السردية،

    وهي محاولة متقنة  تقدم الموسقة الشعرية داخل الايقاعات السردية التي تقترب والمشهدية السينمائية،ذات التكثيف الصوري العالي والنامي داخل متلاحقاته

    الانتقالية ،لغة السارد التدوينية لم تغادر الحياة بل ظلت اسيرة خطاها،خفيفة ملتاعة في مرات،وثقيلة ساخرة في احايين كثيرة،والسؤال الذي اراه ملحاً،مالغاية من كتابة رواية سيرية كباب الدروازة،او هي قريبة من السيرة..الافتراضية او المتخيلة؟!

     تتداخل الغايات  ،لدى الكثير من الكتاب،

    الذين امتهنوا الكتابة مثل (علي لفته سعيد)

    تبدأ من خلال لحظة تعرية الذات واذابة جليد اوهامها ومخاوفها،وهذه واحدة من اهم واعقد الضرورات الكتابية،واشدها

    تأثيراً افي نفس المتلقي الذي يريد معرفة الى اين تمضي به  الافكار وخاصة القيمية منها، وذات القيمة الدلالية،التي تمنح الرواية القدرة على امرين مهمين هما

    الابهار الجمالي،واسرار التقنية الكتابية،التي تعمل على الامساك الجاذب للمتلقي،

    القصدية الكتابية واضحة داخل(باب الدروازة)اذ تحولت الذات من مرحلة حاضرها المرتبك الشديد الاعتام، الى مستورات الازمنة وخفاياها التي اختارها الكاتب ووضعها بين يدي السارد العليم ، الكلي المعرفة،حتى في دواخل النفس واطمارها حيث يقدم نماذج مؤهلة  لان تبقى راسخة  في ذهنية متلقيها،وهذا ما يؤكده ارنست همنغواي( مالم تترك الشخوص الروائية في ذهنية القاريء ماتريد ايصاله وقوله،فلا فائدة منها)الرواية قيمة حكائية حتى وان حاول السارد تقديم البناء

    على الافكار وبواعثها وفعالية شخوصها،

    تبقى الرواية تدور داخل حلقة الكشف بتأني دقيق،وقيادة مبهرة تعرف الى اين يمكن  ان تتجه بالازمنة والامكنة ايضاً، مادام الزمان قد تشكل فلابد من املاء فراغاته بامكنة معروفة لدى المتلقي،لكنها غير مكتشفة،

    لهذا يقدم السارد،توضيحات مكانية دقيقة تبدء من الخان ومخزن بيع الثلج،وتستمر باتجاه مرقد الكاظمين والفندق،و الازقة المرتبطة بعضها ببعض،ثمة خارطة دقيقة يقدمها الروائي على لسان سارده،الدقيق الملاحظة،تزداد حيرة السرد دقة حين تظهر فتحية عند حوض الماء وجرأتها غير المعهودة لدى(خّلاوي)الذي يكشف عن اشد المظاهر النفسية ارتباكاً،فيحاول الهروب باتجاه نفسه ،وهذا ما فعله في مرة قادمة حيث انزوى وحيداً خائفاً في مخزن الثلج،مراجعاً ذاته التي ظلت لاتعرف ماتريد حتى نهاية الرواية، التي تحولت في سردها الى زوج خالته بائع الثلج،المصدوم سياسياً،

    حيث يضع بين يدي(خّلاوي) مجموعة من الوصايا التي تنتهي عند(إياك والانتماء الى الأحزاب،حينها سيحل الخراب بك وبعمرك..) الوصية هذه لم تبق داخل ماضي السرد،بل هي اشارة واضحة للقادم من الايام،وكأن علي لفتة سعيد،يهمس في اذن متلقيه( على الجميع الاستعداد للمعركة)ثمة ماهو اقسى من ضيم الاستذكار ات لا محالة منه، تلك المسافة غير المكتشفة بين مهمتين ضرورتين هما السارد العارف والمسرود عنه المختفي وراء الافعال،المسرود عن يتامل ويصنع دون اعتراض او حتى محاولة تغيير، ثمة قبول مطلق،دونما حتى هامش رفض او اجراء مايمكن ان يحيل السرد الى مواضع كشفية

    ثانية،المتبنيات ثابة لهذا تاتي النتائج ثابته،و

    ودقيقة البحث ،باب الدروازة ،رواية عراقية المنبت والتاريخ،اعدها واحدة من اهم الروايات التي صدرت في الاعوام الاخيرة.

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: باب الدروازة،،الأزمنة الحذرة!! ..قراءة فيما كتبه علي لفته سعيد..سردياً!! بقلم : شوقي كريم حسن Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top