(
من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له
الدنيا )
حديث
شريف لرسول كريم ، نحفظه منذ الصغر ، وقراناه مئات المرات ،ان لم يكن ألاف المرات
، وما زلنا نقرأه ، ونستشهد به فيما بيننا في مواضع كثيرة ونذكره في حواراتنا
العديدة، لكننا لم نفكر ولو مرة واحدة ونحن نقرأه أن نتأمل هذا الوصف الجميل
واللفظ البليغ من رسول الجمال والبلاغة والحكمة ..
كلمات
بسيطة في معناها اللفظي ، لكنها تحمل بين طياتها منهج حياة ،، وقاعدة هامة من
قواعد الانسان وتنظيم حياته ومعيشته ،
فالانسان بطبيعته أكثر ما يحتاج اليه لكي يقوم بمهمته التي خلق من أجلها
وهي عمارة الكون وعبادة الله ،، فأكثر ما يكون احتياج الانسان هو توفير احتياجاته
الأساسية والمقومات الضرورية كالصحة والأمن والأكل والشرب ،، أي أنه بحاجة إلى أن
يحصل على كل حاجاته من الأكل والشرب والنوم والأمان، وهي الحاجات الأساسية التي
تضمن بقاء الإنسان بصحة جيدة ليؤدي كل الواجبات الموكلة إليه والأمور المطلوبة منه
على الوجه الصحيح ،، ليتضح لنا ما جاء في هذا الحديث الشريف من مبادي تنظم حياة
الإنسان الدينية والدنيوية ، وتوفير الحاجات الأساسية للإنسان لتضمن له الحياة
الكريمة، وجاءت هذه الحاجات على النحو التالي: الصحة: وجاءت في الحديث الشريف بلفظ
(معافى في بدنه)، فمن النعم التي أنعم الله بها على الإنسان أن يكلله بالصحة
والعافية، ويجنبه المرض والوهن والضعف، لأن المرض فيه ألم وخوف وضعف واستكانة
وخمول، وعجز عن ممارسة واجبات الحياة بالشكل الصحيح.
الأمان:
وجاءت في الحديث الشريف بلفظ (آمنًا في سربه)، أي الشعور بالأمان في نفسه ومع أسرته
ومجتمعه ،، وهنا دلالة على أن يعيش الإنسان حياة آمنة ومريحة له ولأولاده وأسرته
دون أن ينغص عليه الخوف أو القلق هذه الحياة.
المأكل والمشرب: وجاءت في نص الحديث بلفظ (قوت
يومه) أي كل ما يسد الحاجة ويغني الإنسان عن السؤال وطلب العون من الناس سواء في
المأكل أو المشرب أو في المسكن وتأمين كل حاجاته التي تضمن الحياة الكريمة.
وكأن
النبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا في هذا الحديث الشريف أن المؤمن الذي استطاع أن
يحصل على هذه الأمور في حياته، فكآنه ملك الدنيا وما فيها، وفي هذا تنويه ونصح الى
القناعة وشكر النعمة وعدم الكفر بها ،،
وهذا بالتأكيد لا يتعارض أبدًا مع الطموح أو السعي نحو الأفضل في الحياة،
لأن التطور وطلب العلا والسعي نحو الأفضل أمر طبيعي وجبلت عليه فطرة الإنسان، ودعت
اليه الأديان ، ليكون هناك اتزان بين رغبة الانسان وطموحة وبين الرضى والقناعة بما
يمتلكه من مقومات الحياة الأساسية من مسكن ومأكل وصحة وعافية ..
ولعل العالم كله تابع الزلزال المدمر الذي ضرب
تركيا وسوريا قبل أيام ؛ وما خلفه الزلزال من دمار وكوارث وخسائر كبيرة في الأموال
والأرواح ؛ فحتى هذه اللحظة ؛ أكثر من 17
ألف قتيل حصيلة زلزال تركيا وسوريا ومازال الآلاف عالقين ؛ وقد قدرت منظمة الصحة
العالمية أن يبلغ عدد المتضررين بالزلزال حوالي
23 مليوناً " بينهم نحو خمسة ملايين من الأكثر ضعفاً" ؛ والعجيب
أن كل هذا الدمار حدث في دقائق معدودات ؛
وكانت كفيلة بأن أطاحت بكل مقومات الحياة الأساسية من أمن وصحة ومأكل ومشرب
للملايين ؛ ليتضح لنا جميعا ، أننا جميعا
في نعم كثيرة ولم نشعر بها ولم نفكر فيها، فكفر معظمنا بها ، ولم نحمد الله عليها
، وامتلئت قلوبنا بالحقد والحسد والطمع ، واصيبت السنتنا بالشكوى والضجيج .. يقول :
بحار ظل قاربه في البحر غير قادر على التحرك ، وبقي عشرين يوماً ينتظر الموت ولما
نجا سأله الناس عن أكبر درس تعلمه من هذه التجربة فقال: إذا كانت أمنا ومعافى
ولديك الماء الصافي والطعام الكافي يجب الا تتذمر أبداً، وصدق فهذه الحياة كلها
لقمة وشربة ماء وظل ؛ وما زاد عليها فهو فضل.
سبحان الله !!!
------------------
نخاف
على أولادنا ، وعلى أرواحنا ، وعلى أموالنا ، وعلى ممتلكاتنا وتنتابنا الهواجس من فقدهم ، فلا ننام الليل ...ونستميت
في حمايتهم -- فهل نحن فعلا من يحميهم ؟ ...
0 comments:
إرسال تعليق