• اخر الاخبار

    الجمعة، 28 مايو 2021

    حسن بخيت يكتب عن : احذروا كفران النعم .

     



    فيروس قطره لا يتجاوز 150 نانومتر.. أي أقلّ من جزء من مليون جزء من المليمتر.. هذا المخلوق الضّعيف في تكوينه، أربك العالم، واستنفر العلماء والمختبرات العالمية التي لا تزال تبحث عن لقاح مضادّ له،  ليجد البشر أنفسهم بما يمتلكون من قوة العلم والعلماء والمختبرات  عاجزين أمام هذا الفيروس الضعيف الذي تقتله حرارة الشمس المرتفعة ، وتقضي عليه مناعة الجسم القوية ، لكن البشر لا يملكون كشف الضرّ عن أنفسهم ولا تحويلا.. رغم تقدّم العلم وتطوّره إلا أنّ العالم لم يجد حلا لهذا الفيروس المرعب حتى الأن ،، الا تطعيم قد يقلل من خطورة سيطرته على الانسان والقضاء عليه ..

    فسبحانك ربّي ما أعظمك! وما أشد ضعف الإنسان وغفلته وكبره وطغيانه . ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُون)).

    وهنا أتسائل :

    ولا أبرىء نفسي ... هل إستعبنا الدرس ؟ ووقفنا مع أنفسنا ولو لدقائق معدودة نتأمل فيها حالنا قبل انتشار الفيروس وبعده.. فهل يمكننا الرجوع بذاكرتنا لحياتنا قبل كورونا ؟ ،، لنتذكر النعم التي أنعم الله بها علينا ولم نكن ندري عظمتها إلا بعد تفشي ذلك الوباء المخيف المرعب ؟!

    فقد كنا نعيش حياة أمنة مطمئنة ، ورغم ذلك كان معظمنا دائم الشكوى من مصاعب الحياة ومتاعبها ، كنا نشتكي من كل شيء ،، ولا يعجبنا أي شيء ،، مع أن الكثير منا كان يعيش حياة كريمة هادئة لم يعرف مدى عظمتها حينها ،، وبعد كورونا عرفنا جميعاً أن الحياة غالية، ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، وأنه يجب علينا الإهتمام بصحتنا والبعد عما يضرها، كما تذكرنا كيف كنا نذهب إلى أعمالنا ، ونصلي في مساجدنا ، ويذهب أبناؤنا الى مدارسهم ، ونذهب ونعود ونتحرك بحرية تامة دون قلق ولا توتر ولا خوف ، كنا نزور بعضنا بعضاً في سعادة غامرة، ونتجول داخل المولات والحدائق بكل حرية، ومن دون خوف.. بالطبع لم نكن ننظر إلى تلك الأمور على أنها نعم غالية قد تضيع في لمح البصر، بل اعتبرناها مكوناً بديهياً في يومنا، نستيقظ وننام لنجد الحياة مفتوحة أمامنا بكل حرية وسهولة .

    قوم سبأ.. حيث ضرب الله لنا مثلا بقوم سبأ في اليمن (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)،

    كان لبلاد سبأ وادي كبير ، وقد عملوا له سدا يجمع السيول ثم يصرفونه على مزارعهم ومنتجاتهم ،، لدرجة قيل ان الفاكهة كانت تسقط فروع الاشجار من ثقلها ، وكان  اهل البلد يعيشون في نعيم تاااام ،، حتي ان المؤرخين قالوا أن المرأة كانت تحمل فوق رأسها الإناء وتمر به من تحت الأشجار ،، فيمتلىء الوعاء بانواع الفاكهة المختلفة دون ان يقطفها أحد ، بجانب حضارتهم التي كانت من أقدم الحضارات على كوكب الأرض، ويمتلكون جيش من اقوي جيوش الأرض وقتها ، وتحكمهم ملكة بلقيس ،صاحبة العرش العظيم  وقصتها الشهيرة مع سيدنا سليمان والهدهد التي نعرفها جميعا ، ونقرأ أياتها دائما في كتاب الله ،،  فذكرهم الله بهذه النعمة، جنتين عن يمين الوادي وعن شمال الوادي تثمران الثمار الكثيرة .

    ( فَأَعْرَضُوا) اي أعرضوا عن شكر الله عز وجل ،، وكفروا نعمة الله وبطروا، (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) فسلط الله على هذا السد جرذان الجرذان الصغيرة ينقب في هذا السد وهم لا يشعرون حتى خرقه فنهار السد وسالت المياه عليهم وعلى ديارهم ومزارعهم فأصبحت كأن لم تكن (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) بسبب انهيار السد الذي نمت عليه هذه المزارع وتنوعت به هذه الثمار سلط الله عليهم جندا ضعيفا فنقبه.

    ولا تحتقر كيد الضعيف بضعفه *** فكم أفسد الجرذان من سد مأرب

    انبثق عليهم هذا السد فأهلك مزارعهم وديارهم ثم تفرقوا في البلاد، صاروا يضرب بهم المثل في التفرق، تفرقوا في الجزيرة العربية ،، فبعضهم ذهب الى الشام، وبعضهم استوطن المدينة، وأخرين  الى العراق، بدل أن كانوا مجتمعين في سبأ (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) فهذه عاقبة كفران النعمة وعدم شكرها.

    وهنا نتسال أيضا :

    ماذا لو ان قوم سبأ  شكروا ربهم ؟ والله لو شكروا لكان السد موجودا الي يومنا هذا .. ولأكل الجميع  من ثمار الجنتين .

    أعتقد أنه قد حان الوقت لنقف جميعاً وقفة حاسمة مع أنفسنا، نتذكر فيها كيف كانت حياتنا قبل "كورونا"، وكيف أصبحت بعده، لنتعلم ونرى بأعيننا نعم الله العديدة التي تحيط بنا في كل مكان، وتكاد تشغلنا الحياة وملذات الدنيا عن رؤيتها والتمتع بها بصورة سليمة .

    ياليتنا نحن البشر نكون قد إستعبنا الدرس،  ونعود الى الطريق الصحيح ، ونكف عن الشكوى والضجيج وكفران النعم ، وكفانا فساد وظلم  وعصيان لله - سبحانه -  ليل نهار ، فلابد وان نعاتب أنفسنا جميعا ،ونحملها المسؤولية فيما نراه الأن أمام أعيننا ، لنفهم جيدا قول الله تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ))..ونستشعر قول الله تعالى

    ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾

    نسأل الله العفو والعافية من ما أصاب البلاد والعباد من بلاء ووباء .

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : احذروا كفران النعم . Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top