الوقف هو عملية تجمع بين الادخار
والاستثمار معًا، فهي تتألف من اقتطاع أموال عن الاستهلاك، ثم تحويلها إلى
استثمار؛ بهدف زيادة الثروة الإنتاجية في المجتمع. وهو ما عبَّر عنه الفقهاء عند
تعريفهم للوقف بأنه: «حبس الأصل، وتسبيل المنفعة»، أي: أن يبقى رأس المال محفوظًا؛
مع إضافة أرباح إضافية عليه. وهو ما يُعرف -الآن- بمصطلح «التداول»، أي: حركة
وانتقال للمال، ومنع تجميده وثبوته في موضع واحد؛ بحيث لا يستفاد منه.
فالوقف في مضمونه الاقتصادي: عملية
تنموية، وثروة إنتاجية. فلا يُباع، ولا يُستهلك، ويحرم الانتقاص منه، أو التعدي
عليه، كما يمنع تعطيله عن الاستثمار. فهو إذن ثروة تراكمية، تزيد يوماً بعد يوم؛
بحيث تضاف -دائمًا- أوقاف جديدة إلى ما هو موجود من أوقاف قديمة.
ومن أجل تنمية الأوقاف، واستثمارها،
وتوظيف ريعها في خدمة الأهداف التنموية للنهوض بالمجتمع، في مجالاته كافة، تم
استحداث طرق وأساليب استثمارية عصرية، من ذلك: الودائع الاستثمارية في البنوك
الإسلامية، والأسهم والسندات، والوحدات في الصناديق الوقفية، والوقف الإلكتروني.
وهي أشكال حديثة تنسجم مع حقيقة المضمون الاقتصادي للوقف. وقد عُرضت هذه الصيغ على
مجامع الفقه الإسلامي، ووضعت لها تلك المجامع الضوابط الشرعية التي تحكم التعامل
معها.
تجسيدﺣﻴﺎً ﻟﻠﺴﻤﺎﺣﺔ واﻟﻌﻄﺎء واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ
واﻟﺘﮑﺎﻓﻞ، ﻏ ﻄﺖ أﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ﺳﺎﺋﺮ أوﺟﻪ اﳊﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ . وﻣﻦ
ﺧﻼﻟﻪ ﰎ ﺗﻮﻓﲑ اﳊﺎﺟﺎت
اﻻﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء ﻣﻦ ﻣﻠﺒﺲ وﻏﺬاء وﻣﺄوى وﺗﻮﻓﲑ ﻋﺪد
ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ واﳋﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣـﺔ ﻣﺜـﻞ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺼﺤﺔ . وﻫﺬا ﻳﻨﻌﮑﺲ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﰱ ﲢﻘﻴﻖ اﻷﻣﻦ
اﻻﻗﺘﺼﺎدى .
لذلك جاء القانون الجديد رقم 209 لسنة
2020 بشأن الوقف الأهلي المصري التابع لوزارة الأوقاف المصرية علي عدد أسس جديدة
متطورة تناسب التطور المجتمعي للقانون فنص علي ان هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية
تتبع وزير الأوقاف، للهيئة أن تتعاقد وتجري جميع التصرفات والأعمال التي من شأنها
تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله في مجال إدارة واستثمار أموال الأوقاف. أن أموال
الأوقاف التي تختص الهيئة بإدارتها واستثمارها الآتي:
(1) الأوقاف المنصوص عليها في المادة (1)
من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف، ولائحة إجراءاتها فيما عدا:
أ- الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات
البر العام، والتي آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 152 لسنة
1957 بتنظيم استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر.
ب- الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات
البر الخاص، والتي آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 44 لسنة
1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي
والمجالس المحلية.
ج- الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها
الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة.
د- الأوقاف التي تشرف عليها هيئة أوقاف
الأقباط الأرثوذكس.
ه- الأوقاف التى تشرف عليها أوقاف
الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية.
(2) أموال البدل وأموال الأحكار.
(3) سندات الإصلاح الزراعي، وقيمة ما
استهلك منها، وريعها.
(4) الأوقاف التي يؤول حق النظر عليها
لوزارة الأوقاف، بعد العمل بهذا القانون.
يكون للهيئة في سبيل تحقيق أغراضها
مباشرة الاختصاصات الآتية: إدارة الأوقاف الخيرية واستثمارها والتصرف فيها على أسس
اقتصادية؛ بقصد تنمية أموال الأوقاف، باعتبارها أموالاً خاصة نيابة عن وزير
الأوقاف، بصفته ناظراً عن الأوقاف الخيرية، على أن تتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط
الواقفين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من المحاكم واللجان بشأن القسمة أو
الاستحقاق أو غيرها، وكذلك محاسبة مستحقي الأوقاف الأهلية، وفقاً لأحكام القانون
رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه، وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة.
تؤول الاختصاصات الأخرى المخولة
للجنة شئون الأوقاف إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف، منضماً إليه رئيس مجلس إدارة
الهيئة، ومستشار من مجلس الدولة، ويعتمد وزير الأوقاف قراراته.
أن مجلس إدارة الهيئة السلطة
العليا لتصريف أموره وأن له أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات، وقد تضمنت اختصاصات
مجلس إدارة الهيئة التي من شأنها تحقيق أغراض الهيئة، منها رسم السياسة العامة
للهيئة من حيث استثمار أموال الأوقاف ووضع الهيكل التنظيمي والإداري للهيئة،
وإصدار اللوائح والقرارات الداخلية، الموافقة على مشروع الموازنة السنوية والحساب
الختامي، عقد القروض.
يقوم الوقف على سند شرعي من كتاب الله
وسنة رسوله وإجماع الأمة، وقد تنوعت موارده وكذلك تعددت مصارفه لتشمل مختلف
جوانب الحياة الإنسانية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية. وللوقف دور هام في
المجتمع
لهذا القانون يهدف الي
1 - إعطاء دور أكبر للقطاع الوقفي في
الاقتصاد الوطني؛ لرفع الكفاءة الإنتاجية؛ من خلال فعالية التشغيل، ومهارة
الإدارة.
2 - وضع خطة استراتيجية للقطاع الوقفي،
تلبي احتياجات المجتمع السعودي؛ من خلال تحديد أساليب التعامل مع المخاطر
الموجودة، واستثمار الموارد البشرية والمادية، ووضع خارطة ورؤية مستقبلية لتحقيق
التنمية والتطوير؛ بحيث تتضمن أهدافًا قصيرة الأجل، وأخرى طويلة الأمد.
3 - تعميق الشراكة بين القطاعات الثلاثة:
الوقفي، والحكومي، والخاص؛ من أجل التنمية المستدامة، وتخفيف الأعباء المالية التي
قد تعيق الدولة، وتحسين الخدمات المقدمة، وخلق فرص عمل جديدة.
4 - إنشاء وحدة إعلامية خاصة بالقطاع
الوقفي؛ لنشر ثقافته، ومجالاته، وأساليبه، والأدوار التي يقوم بها، وأثره في
التنمية المجتمعية.
5- وضع آلية لرصد أعمال القطاع الوقفي،
والمراقبة، والتقويم؛ وفق المعايير الدولية.
الوقف عملية تجمع بين الادخار والاستثمار
معاً , فهي اقتطاع أموال عن الاستهلاك الآني وتحويلها إلى الاستثمار في أصول
رأسمالية إنتاجية في المجتمع , الهدف منها إنتاج المنافع والخيرات والإيرادات التي
تستهلك في المستقبل , سواء أكان هذا الاستهلاك بصورة جماعية كمنافع مبنى المسجد
والمدرسة والمستشفى , أم بصورة فردية نحو ما يوزع على الفقراء والمساكين أو على
الذرية .
فإنشاء وقف هو أشبه ما يكون بإنشاء مؤسسة
اقتصادية ذات وجود دائم , فالوقف عملية استثمار للمستقبل , وهو بناء للثروة
الإنتاجية من أجل الأجيال القادمة , وللوقف دور حيوي وهام في تحقيق التنمية
الاقتصادية وذلك عن طريق :
1- تمويل التنمية : يقوم الوقف
بدور مؤثر في تمويل التنمية بالإسهام في محاربة الاكتناز , الذي هو تخلف أحد عناصر
الثروة والإنتاج عن المشاركة في النشاط الاقتصادي وبقائه في صورة عاطلة , ووجود
الوقف كصدقة تطوعية بجانب الزكاة كصدقة إلزامية يسهم في تحرير رؤوس الأموال
العينية والنقدية جبراً أو طوعاً من سيطرة حب أصحابها الفطري لها , ويجعلهم يدفعون
بها للمشاركة في تنمية المجتمع طلباً للبركة والنماء والثواب من الله في الآخرة .
2- تنمية القطاعات الاقتصادية :
يضطلع الوقف بدور فعال في دعم مختلف القطاعات الزراعية , والصناعية , والتجارية ,
والخدمية , والدفع بها قدماً لتحقيق التنمية الشاملة .
•مجال القطاع الزراعي : بخاصة البلدان
الزراعية يتم وقف الأطيان المزروعة لينفق عائدها في مختلف أوجه البر , مع رصد جزء
من الغلة لتعمير الوقف والحفاظ عليه وإضافة مساحات جديدة إليه , وذلك من شأنه
تنمية ذلك القطاع الحيوي الهام .
•مجال القطاع الصناعي : ساهم الوقف في
تنمية الصناعات المختلفة , من خلال الأوقاف التي خصص ريعها للإنفاق على بعض
الصناعات الأساسية , بتوفير ما تحتاج إليه من خامات وتدريب العمال على أنواع
المهارات الفنية والحرف اليدوية .
•مجال القطاع التجاري : اهتم الوقف
بتوفير الأسواق الداخلية والخارجية لكونها المكان المناسب لتصريف المنتجات والتعرف
على حاجات المشترين وإمكانات المنتجين , فأقام الدكاكين للتجار من كل صنف , وأقام
أحواض المياه المخصصة لدوابهم التي ينقلون عليها بضائعهم ، وأقام أسبلة المياه
المخصصة للإنسان على الطرق التجارية كخدمة مجانية ، فكان لذلك أثر كبير في رواج
النشاط الصناعي على هذه الطرق .
•مجال قطاع الخدمات : نشأت العديد من
الأوقاف التي كانت مهمتها إنشاء البنية الأساسية , من طرق , وقناطر , وجسور ،
وخانات لإيواء
--
*كاتب
المقال
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
0 comments:
إرسال تعليق