من الجميل أن ترى شاعراً ناقداً يتجاوز بسنوات عمره الطويل مراحل كلاسيكية نقدية عقيمة منفتحاً بأسلوب شيق في مرحلة التجديدية التي غادرت ما بعد-بعد الحداثة كالأديب رجب الشيخ.
من هذه المقدمة الموجزة احاول الدخول لموضوع مختصر أيضاً ابدأه باقتباس فقرة من مقدمة نظريتنا النقدية الجديدة "نظرية التحليل والارتقاء، مدرسة النقد التجديدية" في وقفة تعرِّف أسلوبية الشيخ ورؤيته فيما يكتب كناقد يغني الثقافة بالجديد.
جاء بداية مقدمة النظرية ما يلي: " يتصور البعض ممن يشتغلون على النقد بشتى أشكاله أنه عبارات تفسرّ النصّ أو (العمل المُنتَج) من قبل منتِج، عبر إعطاء معاني الكلمات اعتماداً على القاموس اللغوي، ومن ثمَّ تجميع عبارات تتخللها فلسفة كلامية، وسفسطة شكلية، أو مناورات كلامية بتشكيلات تحاول فيها تأطير مصطلح للنقاش كحوارات المتجادلين أو الباحثين في علم الكلام، لتثوير مجموعة لغوية فيها كنايات وانزياحات أكثر مما في النص الذي يشتغلون عليه بغية اثارة المتلقي لشيء هو في الحقيقة مبهم، تضيع به جمالية وقوة نصوص وأعمال اجتهد كاتبها أن يُلبِسها أجمل ما يكون، وصانعها لوّنها بأبهى حلّة، وبذا يفقد النقد هدفه".
من هنا جدير القول أنَّ رجب الشيخ لا يفسح للهواء النقي مغادرة ساحته حين يتناول نصوصَ بعض الشعراء بقراءات نقدية مختصرة يسميها غالباً اضاءات نقدية. ما يكتب به الشيخ انطلاقاً من اشتغال تكويني وتوظيفي ليجسد نمط الدلالة هو ما طرحته نظرية التحليل والارتقاء بشكل تفصيلي كطريقة اشتغالية تحتاجها المرحلة، وبذا نتمنى من بعض النقاد الولوج اكثر للعمق النقدي وليس التسطيح لما تقتضيه المرحلة التجديدية في عدم خنق انفسهم بالمناهج الغربية القديمة ونحن نمتلك لغة تتسع ولا تضيق؛ لأن تلك المناهج في كثير من مرتكزاتها لا يمكن اسقاطها وإحالتها على واقعنا ومجتمعنا، ولا بأس بالاستناد لها كمرجع معرفي، او مصدر بحث علمي، ولكن ليس الأساس المطلق ولا غيره أبداً هناك من بديل طالما فيها الكثير من الثغرات التي منهم من يخشى ويتخوف من سدّها الى الآن باعتبارها دستوره الذي لا يحيد عنه وبالذات حين يطعِّم كتاباته بمزيد من المصطلحات الأجنبية وتكرار أسم صاحب المدرسة المنتمي اليها..!
0 comments:
إرسال تعليق