كتب: عادل وليم
ولد الدكتور (إسماعيل صبري عبد الله) في مركز ملوي بالمنيا عام 1925 من عائله عريقة وثريه ويعد والده احد أعيان الصعيد
وحصل ( إسماعيل صبري عبدالله) على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول (القاهرة) عام 1946 ثم سافى بعثة دراسية إلى فرنسا حيث حصل على( درجة الدكتوراه) من (جامعة باريس) عام 1951 وفي باريس اقتراب من كوادر وطلاب
(الحزب الشيوعي الفرنسي) حيث تبلور فكره الاشتراكي وتعمق في أصوله (الماركسية) وعاد من باريس محملاً بدراسته العلمية الاقتصاد السياسي ومنهجه في التفكير العلمي ومحملاً بأحلام التحرر الوطني والعدل الاجتماعي
عاد الدكتور إسماعيل إلى مصر عام 1951 وأصبح (أستاذاً للإقتصاد بجامعة الإسكندرية) ثم أستاذاً في( جامعة القاهرة) عام 1954 ونظراً لقدراته وسمعته العلمية تم اختياره مبكراً وهو في ريعان الشباب مستشاراً للشئون الاقتصادية والمالية بمكتب(رئيس الوزراء جمال عبد الناصر) في الفترة من 1954 إلى 1955 ثم مديراً للإدارة الاقتصادية بالمؤسسة الاقتصادية عام 1957
ومع ذلك اعتقل داسماعيل صبري عبدالله مرتين في عصر الرئيس ( جمال عبدالناصر) أحدهما كانت مدتها خمس سنوات من عام 1959الي عام 1964 مع المئات من الشيوعيين
ورغم ذلك وقف اسماعيل صبري عبد الله في خندق الدفاع الموضوعي عن الثورة وقائدها برؤية الناقد المحب وليس الناقم الكاره وصك في ذلك تقييماً سياسياً يقول
(لا نستطيع أن نقول إن حكم عبد الناصر كان حكماً ديمقراطياً وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نقول إنه كان حكماً استبدادياً شمولياً)
ويذكر (الدكتور حازم البلاوي) وكان أحد تلاميذه بجامعة القاهرة أن الكاتب الصحفى اليسارى( محمد سيد أحمد) ذكر له بعض (قصص التعذيب أثناء اعتقالهم) وأن إسماعيل صبري كان يتحمل ذلك فى صمت وكبرياءوأنه سأله مرة ماذا سنفعل مع عبدالناصر بعد الخروج من المعتقل ورأينا ما رأيناه؟
فكانت إجابته قاطعة محددة(سنؤيده بالقطع لأنه يأخذ مواقف وطنية صلبة في مواجهة قوى الاستعمار الخارجية)
وبينما اختاره( السادات وزيراً للتخطيط) عام 1974 حتى 1977 فقد أصبح من (أكبر معارضيه) وأسس مع (خالد محيى الدين حزب التجمع) عام 1976وفى سنواته الأخيرة عكف على مشروع مستقبلي رائد من خلال «منتدى العالم الثالث» عن (استشراف مستقبل مصر فى عام 2020)
وتقلد الدكتور إسماعيل صبري عبد الله عدة مواقع مهمة فكان وزيراً للدولة للتخطيط (فوزيراً للتخطيط) في وزارة( الدكتور عزيز صدقي) التي أعدت مصر (لحرب أكتوبر 1973) ثم أصبح أستاذاً غير متفرغ في جامعة الإسكندرية في ديسمبر 1974
كما توالت كتاباته في( مجلة الطليعة) ودراساته العلمية في النقود والبنوك والعلاقات الاقتصادية الدوليةوالتنمية الاقتصادية والتخطيط في مجالات المالية والتجارة الخارجية وكتب عن التنمية المستقلة المعتمدة على الذات وعن مجتمع المشاركة الشعبية وعن مصر التي نريدها وعن الكوكبية
وكان قد أصبح رئيساً لتحرير دار المعارف (1965 – 1969 )، ثم مديراً لمعهد التخطيط القومي (1969 – 1977) ثم وزيراً للتخطيط (1974 – 1977)
ثم نائباً لرئيس( حزب التجمع) وكان قد ساهم في تأسيسه عام 1976 مع الأستاذ( خالد محيي الدين) وكوكبة من المناضلين
وكان الدكتور( إسماعيل صبري عبدالله) رئيساً (لمنتدى العالم الثالث) التابع للأمم المتحدة بالقاهرة ومن خلاله تبني في عام 1997 فكرة مشروع مصر 2020، وهو في الواحدة والسبعين من عمره فكان ينظر إلي المستقبل ويستشرف آفاقه
وكانت أبرز منجزات منتدى العالم الثالث تحت رئاسته مشروع المستقبليات العربية البديلة وصدر عنه في السنوات 1981 – 1986 خمسة عشر كتاباً أهمها قياس التبعية في الوطن العربي
كما كان مشروع مصر 2020 من أبرز منجزات المنتدى في السنوات 1997 ـ 2006 ، حيث بلغت إصداراته 24 كتاباً في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية والتعليمية والصحية فضلا عن عدد من الأوراق والكتيبات المهمة، وقد حشد للمشروع خبرات أكثر من ثلاثمائة باحث مصري وعربي من مختلف الأجيال بالإضافة إلى مشاركة ما يزيد عن أكثر من سبعمائة باحث ومفكر وناشط سياسي وصحفي في ندواته
تميز الدكتور إسماعيل بثنائية النبوغ في الفكر والحركة، الأمر الذي وضعه في موقع الإعجاب من معارضيه ومؤيديه في آن واحدحيث اشتهر بموسوعيته المعرفية في مجالات الاقتصاد والسياسة والأدب والعلوم فمزج بين فصاحة ونبوغ العالم المفكر، وتمرد الإنسان المناضل الذي رأى في الماركسية والاشتراكية الخلاص من القهر والعبودية للشعوب
(محمد فرج)وقدتوفي في عام 2006عن عمر يناهز 83 عاما سلاما لروح الاستاذ والمعلم داسماعيل صبرى عبدالله.
0 comments:
إرسال تعليق