• اخر الاخبار

    الخميس، 3 ديسمبر 2020

    الفلسفة في الدين جدل عقيم أم فكر مستنير؟ .. بقلم المؤرخ والأديب طارق فريد


     


    اختلفت اليوم مع احد الأشقاء من الاصدقاء حول المنظور الفلسفي في الايمان بوجود الله سبحانه وتعالي ولست من هواة فرض الرأي او استعراض معلوماتي المتواضعة فلست متخصصا في المجال الفلسفي رغم دراستي لكثير من العلوم الاجتماعية والانسانية داخل وخارج مصر حتي حين كنت منسقا عاما للمواد الناطقة باللغة العربية بوزارة التربية والتعليم في دبي بدولة الامارات  كنت اهتم لدرجة كبيرة للربط والعلاقة بين العلوم المختلفة الناطقة بالعربية وحتي مع اللغة الانجليزية ولي ابحاث نشرت ونالت جوائز في علم الاجتماع والتاريخ ..

    علي انني كنت محبا لدراسة الفلسفة حين كنت اعمل في ليبيا فقد اجبرتني الظروف علي دراستها وتدرسيها لطلاب المرحلة الثانوية  نتيجة عدم وجود مدرسين بالمدرسة التي كنت اعمل بها في مدينة ترهونة الليبية في منتصف الثمانينات .. في وقت كانت البلاد العربية لاتدرس الفلسفة اللهم الا اليمن وليبيا فقط  وعلي حد علمي ...


    فدراسة الفلسفة  تُفتح الأفق فكرا ورقيا وحضارة ورؤيا ثاقبة في تحليل الأمور وكانت تعرف قديما بانها أم العلوم ونحن بحاجة لها لأنها تحفز العقل وتجعله قادرا  على التمحيص والبحث وكشف الأوهام و الخرافات لا لتزيدنا جدالا وسفسطة بما كنا نسميه دارسي التاريخ بالجدل البيزنطي العقيم حيث كان الرهبان وعلماء بيزنطة في الكنيسة يتجادلون فيما بينهم عن مسألة ما إذا كانت الملائكة ذكورا أم إناثا ؟...بينما كان محمد الفاتح يدك اسوارها بالمنجنيق

     لكنني أومن تماما أن الدين خط أحمر في نصه فلا جدال في نص اجمع عليه كبار العلماء من قدامى المفسرين سواء نص قرأني او من السنة النبوية المؤكدة فالمؤمن منزلة أعلي من المسلم كما تفضل صديقي لي بالاضافة واثراء النقاش ولذلك مادمت مؤمنا ما حاجتك الي فلسفة الدين الا اذا كنت تحاور او تحاول اقناع احد الملحدين بالايمان بالله سبحانه وتعالي عندها قد تحتاج الي فلسفة اقناعك ورؤيتك لجذبه وهدايته ولكونك مؤمن بالله يقينا وقلبا وفعلا لن تحتاج الي الفلسفة لتزيدك ايمانا بقدر ماتمسك بكتاب الله وتتلوا ماتيسر منه علي سبيل المثال ..

    لقد دعانا الله سبحانه وتعالي الي احكام العقل في الكثير من اياته ( أفلا يتدبرون.. أفلا يعقلون .. أفلا ينظرون.)وفي كثير من الايات مثل قوله تعالي ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ ... (( صدق الله العظيم ..))

    اما اطلاق العنان للفلسفة العقلية بما تطرحه بتفسيراتها للظواهر الطبيعية وما وراء الطبيعية مثل الخلق والموت و ماهية وطبيعة الرب وقضية وجوده  لن يضيف لي كانسان مؤمن شيئا جديدا الا اذا كان مبنيا علي اسس اكدها الدين قبل العلوم الطبيعية الحديثة ولا يصح لنا أن نستند لفلاسفة اليونان او غيرهم من فلاسفة الزرادشتية او الكونفوشيه او البوذية لنجاريهم في مسميات ماهي الا من ابتكارهم كاللاهوت الطبيعي والمحرك الاول كما جاء في كتاب الميتافيزيقيا لأرسطو  فما يسمي  بالمنطق العقلاني أو الاستعارة الفطرية فلا يصح ابدا تطرق المؤمن للذات الالهية ويكيفي ما اتي به قرأننا العظيم بديلا عن تلك المهاترات ..

    وفي مصر والعالم العربي  لم اسمع عن فلاسفة الدين الا مؤخرا وأبرزهم  د. محمد عثمان الخشت الذي يعلمه الجميع خلال مناظرته مع فضيلة الامام الاكبر احمد الطيب في مؤتمر تجديد الخطاب الديني بجامعة القاهرة وهو  أول من ألف في اللغة العربية عن فلسفة الدين بمعناه الاصطلاحي الدقيق في أطروحته للدكتوراه ( المعقول واللامعقول في الأديان بين العقلانية النقدية والعقلانية المنحازة ) ولم اقتنع بكلمة مما قاله في حواره مع فضيلة الأمام الاكبر رغم انه من الجائز ان يكون عالما فذا فكان رد فضيلة الامام عليه كفيلا بأن يثلج الصدور..

    و هناك العديد من الأدب الفلسفي الذي يناقش الدين منها كتب لأديبنا ومفكرنا وعالمنا الجليل د. مصطفي محمود رحمة الله عليه ومنها حوار  مع صديقي الملحد ورحلتي من الشك إلى الإيمان ولغز الحياة ولغز الموت. كما هناك نظرية تقول بأن الأيمان ليس له علاقة بالمنطق والإثبات  ولايمكن للفلسفة أن تجيب عن سؤال وجود الله بموضوعية لأن حتمية الخطأ والصواب  اللازمة لطرح الأسئلة لايمكن تطبيقها في السياق والمنظور الديني الخالص لذا فاليلسوف لا يستطيع ان يحقق في عقلانية الايمان بالله لكنه يبين مفهوم وماهية هذا الايمان ..

    خلاصة القول الايمان جوهرة  العقيدة شى باطني خفي وعلاقة روحية مع الله سبحانه وتعالي لا تظهره لنا صلاتك امام الجميع ولا سماعك للقران الكريم اثناء تأدية عملك ولا لحيتك او سبحتك التي تسير بها في جيبك وتخرجها امام الناس  ..الايمان عزيزي ما وقر في القلب وصدقه العمل ..ولا بد ان يقترن عملك وفكرك ايضا بنقاء وصفاء قلبك العامر بالايمان ...ولتعلموا إن الله إذا أراد بقوم سوء سلط عليهم الجدل وقلة العمل...دمتم في صحة ورضا وسعادة مع الله .... 

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الفلسفة في الدين جدل عقيم أم فكر مستنير؟ .. بقلم المؤرخ والأديب طارق فريد Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top