كتب : زيد الطهراوي
قد لا يعرف قيمة الوطن إلا من هجره بأجنحة الشكوى من الحال ،و قد تحط به أجنحته في بلاد بعيدة؛ فيبكي ويبكي القريب و البعيد كما حصل مع الشاعر المغترب رشيد سليم الخوري عندما هاجر الى البرازيل، فلم يجد فيها وطنه و لكنه تفاجأ بشدة البرد طيلة العام فصرخ بها قائلا:
أجميعُ الشُّهورِ فيكِ شباط
أَو ما للشِّتاءِ عَنْكِ انْصِرامُ
و كما أحس "جبران خليل جبران" بوطأة الغربة على الشباب فكان ثمرة هذا الشعور قصيدته الرائعة( المواكب) تلك التي فرق بها بين حياة "الريف" و هي حياته في وطنه "لبنان" و حياة المدينة و هي حياته في الغربة في " الولايات المتحدة الأمريكية" فكان لكل حياة وزن خاص و مفردات خاصة فاستعمل للحديث عن المدينة "بحر البسيط" بتفعيلاته المختلفة و طوله، و استعمل للحديث عن الريف بحر مجزوء الرمل بتفعيلته الوحيدة و قصره ،ليؤكد على صعوبة حياة المدينة و سهولة حياة الريف ، و هي قصيدة طويلة لم يبق منها في قلوب الكثيرين الا أبيات تتحدث عن الريف و ذلك لعذوبتها و منها:
أعطني الناي وغنِّ .. فالغنا سر الخلود
وأنين الناي يبقى .. بعد أن يفنى الوجود
أما شاعر مصر و أمير الشعراء "أحمد شوقي" فقد أجبر على ترك وطنه و الرحيل الى "إسبانيا" فلم ندر أي مصيبتيه كانت أكبر: مصيبة الاغتراب أم مصيبة مشاهدة مجد المسلمين المحفور في "الأندلس" ؟ ليرسل باقة شعره الى وطنه الذي هجره مكرها و ما زال أبناؤه و أحفاده في مصر و الوطن العربي الكبير يرددون بيته الشهير:
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
0 comments:
إرسال تعليق