• اخر الاخبار

    الاثنين، 29 أبريل 2019

    حسن بخيت يكتب عن " الفقر ليس عيبا"

    حسن بخيت يكتب عن " الفقر ليس عيبا"


    الفقر مش عيب ... الفقر ليس عارا......الفلوس مش كل حاجة ... الفلوس لا تصنع الرجال ... الفلوس لا تصنع السعادة ...الخ
    عبارات وكلمات جميلة في ظاهرها ، قبيحة في باطنها ، تحمل بين طياتها نوع من المخدرات يستعمله بعض الأغنياء ليجعلوا من الفقير شخص ، فاقد الوعي، مغيب العقل ، يستمتع بفقره ، ويتلذذ بحاجاته ، ويرضى بضعفه و قلة حيلته ...
    شاهدنا كثيرا من الافلام السينمائية والمسلسلات الدرامية منذ طفولتنا البريئة ، والتي جعلونا ندمنها من أجل أن يغسلوا عقولنا بماء آسن كالذي نشربه، بأننا لو أصبحنا أغنياء فحياتنا ستصبح جحيما، وأن الغني يتمنى أن يصبح فقيرا لينام مرتاح البال .
    هل تتذكرون إسماعيل يس عندما أصبح مليونيرا ؟، وما حدث له ؟ كاد يبكي في نهاية الفيلم لأن يعود لحياته الفقيرة الخشنة المحبوبة ، وفي نفس الوقت يكاد يصيبني القهر عندما اري سيدة تشتري أجنحة الدجاح لانها لا تستطيع ان تشتري دجاجة كاملة او عندما أري رجل عجوز منهك القوى يكاد يصاب بالاغماء وهو يقف منتظر دوره في عيادات المستشفي ، لأنه لا يمتلك ثمن كشف عند طبيب بعيادته الخارجية .... في حين نري ملايين الجنيهات يتمتع بها الأغنياء ،ويركبون اغلى و أفخر ماركات السيارات و تفوح منهم رائحة العطور الفرنسية ، والعجيب في الأمر أن هؤلاء الأغنياء هم الذين تتشدق أصواتهم بمدح الفقر لدرجة أنهم يحسدون الفقراء على فقرهم ..
    نعم الفقر ليس عارا ، لكنه أسوأ من العار نفسه .
    نعم الفقر مش عيب ، والغنى أيضا مش عيب .
    حتى رجال الدين يحدثوننا دائما عن الفقر ، وأن الله - عز وجل - يحب الفقراء ، ولم يحدثوننا عن حب الله للأغنياء ، ونحن نسألهم ماذا لو كان الفقراء عصاه ومتسولين وحاقدين ؟! فهل يحبهم الله وهم بصفاتهم القبيحة ؟
    حدثوننا أيضا بأن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء !! بالطبع : نؤمن بذلك ، لكن لم يحدثوننا عن ماذا لو كان الغني تقيا ومتصدقا بماله وكان الفقير متسولا وسارقا وحاسدا ؟
    ومن هو الفقير الذى يدخل الجنة قبل الغني ؟! هل هو الفقير الذى يبيع قطعة من جسده ليسدد ديونه أو يزوج بناته، وكأن هؤلاء لم يسمعوا بأم تبيع أطفالها من شدة العوز والحاجة، أو لم يسمعوا بسيدات تبعن شرفهن لأى عابر سبيل بسبب الفقر .
    قالوا لنا :
    ----------
    -- الفلوس مش كل حاجة !! وهل عدم وجود الفلوس يحقق أى حاجة؟ !!
    -- الفلوس لا تصنع الرجال !! وأيضا الفقر يذل ويقهر الرجال !
    يحدثوننا دائما عن الفقر والفقراء، ولم يحدثوننا عن الغنى والأغنياء .
    حدثوننا عن صحابة فقراء معدومين ومعاناتهم ، ولم يوضحوا لنا الفرق بين الزهد والفقر ، فمعظم الصحابة كانوا زاهدين وليسوا فقراء ، فلماذا لم يحدثوننا عن عثمان و جيش العسرة ؟!، ولا عن طلحة و سخائه وكرمه ؟!، ولا عن الزبير و عقاراته الرابحة؟! ولا عن بن عوف و تجارته مع الله ؟!
    ولا عن ابن أبى وقاص و صدقاته ؟!......رضوان الله عليهم أجمعين.
    لماذا لم يحدثوننا عن إستعاذة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - من الكفر و الفقر ، و لا أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، و لا أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف .
    لكن .. جاء من قال: أن «الفقر مش عيب»، ولكن هذا الذي قالها لم يكن فقيراً!
    وجاء من يقول: «الفلوس مش كل حاجة» ورددها الناس كثيراً بعد ذلك إلى أن اكتشفوا أن من قالها كان لديه «كل حاجة»،
    وبالتالي فإن الفلوس كانت «حاجة»، ولكنها ليست كل حاجة. وجاء من يزيد ويزايد على كل الحكماء السابقين؛ من قال إن «الفلوس لا تصنع السعادة»؛ لأنه كان سعيدًا أكثر من اللازم فلم يجد المزيد من السعادة؛ لذلك أصبح بقدرة قادر (حكيماً) لأن هذا الكلام كلام ناس لديهم المزيد من الفلوس.. لا المزيد من الحكمة!!
    فإذا كانت الفلوس لا تصنع السعادة، فبالتأكيد أن الفقر لا يصنع السعادة .
    الفقر سبب كل ما نعانيه من مشاكل .. فتشترى الاصوات في الانتخابات بسبب الفقر و يهاجر اروع الشباب من حملة المؤهلات العليا ليعملوا في المطاعم و محطات البنزين بسبب الفقر .
    كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقول في دعائه: (( اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا اله إلا أنت)) ، واستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الكفر والفقر لأن الفقير يعيش منبوذاً بين الناس، مهاناً بين الخلق، لا يُسمع له إذا تكلم، ولا يزوج إذا تقدم ، وقرن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بين الكفر والفقر لأن الفقر إذا انتشر؛ انتشر الشر، وإن الفقير إذا عجز عن الشراء، أو لم يقوى في الديون على الأداء؛ فإنه سيلجأ إلى الجرائم وإلى الحرام، وعندها تنشأ الأنانية، وتظهر المشاكل الاجتماعية، وتزداد الحالات النفسية ، لأن الفقر سبب للهوان والذلة، ووسيلة من وسائل الضعف والقلة، فكم من الناس من ألجأهم الفقر إلى إذلال النفوس وطأطأة الرءوس، وكم من الناس من اضطروا اضطراراً إلى أن يهينوا أنفسهم ويمدوا أيديهم إلى غيرهم، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)).
    على كل حال إذا كنا نتكلم عن الغنى والفقر فالغنى غنى النفس، والفقر فقر الروح. والمهم أن يعيش الإنسان غنياً وثرياً؛ حتى لو لم يكن غنياً، فالمهم أن يعيش ثرياً لا أن يموت ثرياً، فأصدق ما قيل من حكمة كانت لأعرابي عندما رأى رجلاً، وفي يده دينار فقال له: ليس لك حتى يخرج من يدك!!
    اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر .
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن " الفقر ليس عيبا" Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top