550ألف بلطجي ومسجل خطر في محافظات مصر، يرتكبون كل يوم شتى أنواع الجرائم بمقابل مادي، حيث تحولت «البلطجة» إلى مهنة ولديها قوة وعتاد لبث الخوف في نفوس الآمنين. وقد أثبت الواقع العملي أن تشديد العقوبات ليس أفضل وسيلة لذلك، بل إن سرعة ضبط الجناة وتقديمهم لمحاكمة عاجلة وتنفيذ الأحكام عليهم، قد يكون من أهم آليات الردع والزجر.
كما أرى أن الحلول التشريعية تتكامل مع نشر ثقافة الوعي بالقانون، وذلك ما أردده منذ نيف وثلاثين عاما أن الوعي بالثقافة القانونية، هو صورة متمازجة وشاملة لكل أنواع الوعي، وفى مقدمتها الوعي الاجتماعي، وهذا يعنى استيعاب المواطن لكل ما يدور حوله من علاقات ومفاهيم وأهداف من خلال تصورات قانونية سليمة؛ بأن يتبنى هو بذاته القانون، وأن يعتبره قيمة من القيم التي يحترمها،
وأن يتعامل مع واجباته بوصفها شيئًا وجد لمصلحته، حاضرًا له ومستقبلا لأبنائه، وهو أمر لا يتأتى إلا من خلال منطق بناء وعيه بضرورة وجود القانون في حياته، وبفائدته، وبأنه جزء لا يتجزأ من مسؤوليته الشخصية، وهو واجب وطني وأخلاقي لا مراء فيه، وكذلك تعميق إدراكه بأن هناك ناظمًا موضوعيًا يحكم علاقاته، وهو القانون. الذي يستظل الجميع بحمايته إنصافاً للحق، أو يقع تحت طائلته حسابًا وعقابًا !!
أن القاهرة مازالت بعيدة عن تطبيق ما تفرضه الاتفاقيات الدولية فيما يخص حماية الأطفال أن التشريعات القانونية المتعلقة بالأطفال في مصر مازالت "حبرا على ورق" خاصة في ظل عدم مراعاتها للاتفاقيات الدولية التي لا تطبق.
الفقر والبطالة وفقدان فرص العمل وزيادة الأسعار والظروف الاقتصادية السيئة قد تدفع الي القيام بأعمال عنف منها البلطجة مقابل الحصول على الأموال فضلا عن أن الاقتصاد بتقلباته له تأثير على المجتمعات الفقيرة ويعد من الأسباب الخطيرة المحركة لأعمال العنف ومنها الإرهاب. لإرهاب الذي يتسبب فيه الفكر الديني المتطرف الذي يكفّر الآخر ويلغيه ويستبعده وتراجع الدور السياسي للعديد من الاحزاب مما يعطي إحساسا للمواطنين بعدم وجود قنوات تعبير مؤثره وانسداد مسارات الحوار وعدم الجدية في مجال العمل الاجتماعي والحقوقي
حيث إن بعض الهيئات والجمعيات الاجتماعية والحقوقية تركز على الجانب الإعلامي وتعمد الي تضخيم ما تقوم به من فعاليات دون التركيز على مضمون العمل نفسه وضعف القنوات الشرعية التي يمكن من خلالها أن يُعبّر المواطن عن رأيه كل هذه أسباب لحدوث حالة من مشاعر الرفض والغضب لدي البعض يترتب عليها توليد العنف.
أن عدم الطمأنينة والاستقرار في جوٍّ عائلي مضطرب مثير للمشاعر والعداء أو غياب الأسرة والإحساس بالضياع والضغوط والمشكلات التي لا يستطيع الفرد مواجهتها. المرعب في الأمر أننا بدأنا نعتاد قراءة مثل هذه الأخبار، مع أننا ركزنا في النماذج المذكورة في المقدمة على «جرائم القتل العائلي» التي حدثت بسبب الضغوط الاقتصادية والأزمات المالية فقط، والمنشورة بالطبع في الصحف والمواقع المصرية، دون إشارة لجرائم أخرى تحدث داخل نطاق الأسرة كالتعذيب والاغتصاب وزنا المحارم والسرقة والشروع في القتل.
وتجدر الإشارة إلى تحول آخر خطير؛ وهو أن العنف الأسري، قديمًا، كان يحدث تحت غطاء «تربوي»؛ أي تأديب الزوج لزوجته، أو أحد الأبوين لأبنائه، لكنه بات أكثر تطرفًا وتحول لجريمة كاملة الأركان يغلفها الحقد والانتقام، تصل في كثير من الأحيان للقتل أو تشذ للعنف الجنسي واغتصاب المحارم والاعتداء الجنسي عليهم.
وجرائم القتل العائلي هي أحد أشكال العنف العائلي التي يقتل فيها فرد داخل نطاق العائلة فردًا آخر ينتمي لها، وباتت خطرًا يهدد المجتمع المصري خلال السنوات القليلة الماضية، حيث كشفت دراسة حديثة أن 63% من الجرائم أصبحت ترتكب داخل نطاق الأسرة. كما أوضحت دراسة بعنوان «الدوافع الاجتماعية والاقتصادية لجرائم القتل في الأسرة المصرية»، للدكتورة حنان سالم، أستاذ علم الاجتماع الجنائي جامعة عين شمس، أن جرائم القتل العائلي تمثل من ربع إلى ثلث إجمالي جرائم القتل، وهو معدل ضخم ومخيف.
وتحدث جرائم القتل العائلي في مصر لأسباب عديدة، أبرزها جرائم الشرف، والعجز الجنسي للأزواج، وانخفاض الوازع الديني، وانخفاض المستوى التعليمي أو الجهل، وخلافات الميراث، والضغوط النفسية والمشكلات الاجتماعية، واستجابة بعض الأشخاص للأزمات بطريقة مُدمِرة. لكن يبقى ثالوث الفقر والإدمان والبطالة الأبرز في الآونة الأخيرة.
ولعبت العوامل الاقتصادية دورًا مؤثرًا في هذا التحول، وخاصة عوامل مثل؛ الفقر وبطالة رب الأسرة وانخفاض مستوى الدخل وارتفاع الأسعار مقابل ثبات الدخول، وكذلك الرغبة في الحصول على المال أو الميراث.
كما تهدد الأوضاع الاقتصادية المزرية بمزيد من التفكك الأسري، فبسبب عدم كفاية الدخل يضطر الكثير من الأزواج للترحال للبحث عن عمل بالخارج، أو هجر أسرته والتخلي عن مسئولياته تجاهها، وبالتالي ترتفع نسب الطلاق والمرأة المعيلة، في الوقت الذي تزداد فيه جرائم التحرش والاغتصاب لعجز الشباب عن تدبير تكاليف الزواج، مع زيادة تشغيل الأطفال وتسريبهم من التعليم للمساعدة في موارد الأسرة، ولجوء البعض للإدمان كوسيلة للتغيب عن الواقع المؤلم، وكل هذه العوامل تصب باتجاه ارتكاب المزيد من الجرائم الأسرية والمجتمعية وانهيار الأمن داخل المجتمع.
وتكمن خطورة انتشار العنف والجرائم الأسرية إلى أن الأجواء الأسرية المشحونة بالتوتر والصراع تكون بيئة مُهيَئة للإصابة بالأمراض العقلية والنفسية والسلوكية للأبناء؛ أي أنها تُخرِج للمجتمع أجيالاً متأهبة لارتكاب مزيد من العنف والجريمة والانحراف دون شك. أن “نسبة الإجرام الجنائي أصبحت مرتفعة، لوجود مطلوبين أمنيًا في الشوارع وانشغال قوات الأمن في مطاردة الإرهابيين،
وارتكان الأمن إلى خطط تهتم بقدرات عناصر الأمن الفردية”. أن تراجع العمليات الإرهابية منذ بداية العام الجاري، يجعل الأوضاع الأمنية مهيأة لزيادة الاهتمام بالأمن الجنائي، مع الاحتفاظ بالقدر الكافي من العناصر الشرطية لمواجهة جماعات العنف، من خلال وحدة مكافحة الإرهاب أو العمليات الخاصة التي تتشارك مع القوات المسلحة في مواجهة الإرهاب في مناطق مختلفة.
تعد ظاهرة خروج الطلاب على القانون من الظواهر التي تعاني منها المجتمعات الحديثة، وقد بدأت حدتها في الازدياد تبعا لازدياد حركات الشباب في العالم التي أصبحت سمة من سمات العصر والتي هي النتيجة المنطقية لحالة القلق وعدم الاستقرار التي يعيشون فيها نظرا لتعقد سبل الحياة وتصارع القيم الحادة بين الأجيال القديمة والحديثة وعدم رضاهم عن النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي باتوا يعتقدون أنها فشلت في تحقيق الحياة الكريمة لبنى الإنسان
أن هناك عوائق عدة لم تتعامل معها الحكومة المصرية حتى الآن لمواجهة الجريمة الجنائية بشكل احترافي، حيث أن عملية تسليح أفراد الشرطة أضحت بحاجة إلى التطوير في ظل امتلاك العناصر الإجرامية لأسلحة ومعدات أكثر تطورا من قوات الأمن. ان للظاهرة اسباباً اخرى، "لا ربط بين الرذيلة والعلم، ولكن انحراف الطالبات وسقوطهن في براثن الدعارة والمخدرات يرجع لأسباب عدة، منها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي ساعدت على ظهور فئات جديدة تفتقد المعايير الاخلاقية والوازع الديني في سلوكها وفي تربيتها لأبنائها، كذلك تقليص دور الدين في الاسرة المصرية وسيادة التدين المظهري، علاوة على الدور السلبي لوسائل الاعلام، بعدما تحولنا الى السموات المفتوحة.
ويمر المجتمع المصري في الوقت الراهن بمرحلة تتسم بالتغير الاجتماعي الواسع المدى الذى يشمل البناء الاقتصادي الأساسي، وما يعلوه من قيم وعادات وتقاليد، ويرد هذا التغير أساسا إلى الجهود المخططة التي تبذل على مستوى الدولة لجعل المجتمع المصري يتوافق مع النظام العالمي الجديد الذى يطلق عليه العولمة،
وإذا كانت مرحلة الانتقال إلى محاولة التعايش مع العولمة تثير مشكلات اقتصادية وسياسية، إلا أنها أيضاً تثير مشكلة اجتماعية بالغة الخطورة يمكن – إن لم تجابه بطرق علمية دقيقة وبنظرة سياسية ثاقبة – أن تضع عقبات أمام طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن بين هذه المشكلات مشكلة إجرام الطلاب التي تتخذ مظاهر متعددة.
0 comments:
إرسال تعليق