• اخر الاخبار

    السبت، 30 يونيو 2018

    ثقافاتٌ ورؤى ..الدكتورة أحلام الحسن تكتب عن :" لغةُ التّرميز الأدبي "

     



    التّرميز لغة : 
    تعددت التعريفات له لكنها تنصب في الأخير في مصبّ ٍ واحدٍ وهو الإشارة بكلماتٍ محدودةٍ واضحةٍ لمعانٍ غير واضحةٍ في القصيدة وبعيدة لفظيًا عن كلمات النّص .. حيث تكون الكلمات مجرد إشاراتٍ لما يخفي الشاعر في أمره وعلى المتلقّي والقارئ فكّ شفراتها .. فالعملية متبادلة بين الشاعر أو القاص وبين المتلقّي فالأديب بأسلوبه الأدبي واللغوي في الترميز والمتلقّي بفطنته وحذاقته بالتّشفير .. وقد تستخدم لغة الترميز باليد والإشارة أو بالعين في غير النصوص الأدبية .. كما تستخدم لغة التّرميز كشفراتٍ في الحروب والتجارة أو الرسائل التي يُخشى عليها من معرفة مافيها ..

    فالتّرميزُ الأدبيُ هو عبارةٌ عن إشارةٍ لفظيةٍ حسّية لقصيدةٍ خفيّةٍ خلف القصيدة الحسّية الملموسة .. وهي الإيحاءات والذبذبات التي تنتقل طاقاتها من فكر وروح الشاعر إلى المتلقّي وفقًا لوعي ومدارك ذاك المتلقّي .. وقد يرسم لها صورةً مغايرةً تمامًا للصورة الذهنية التي عند الشاعر المتكونة من عدّة إيحاءاتٍ وغموضٍ يرى الشاعر ضرورته لأكثر من سبب ..
    أستخدم الكثير من الشّعراء لغة الرّمز كوسيلةٍ لإيصال رسالةٍ لفئة من الناس أو لإضافة جمالياتٍ بلاغيةٍ على قصائدهم تثير فيها الغموض وحبّ الإستكشاف والبحث عند القارئ عن تأويلات هذه القصيدة وعن رؤى الشاعر المخفية ..

    إنّ لغة التّرميز نزعةٌ حضارية وطفرة أدبية تجسّد وترسم مدى المعأناة والجراح والمظلومية المكبوتة عند الشاعر أو الأمّة .. إنّها لغة قمّة الألم ..

    ولقد استدعت عدّة عوامل وأسبابٍ لاستخدام الشعراء لغة الرّمزية من تلك العوامل :

    1/الإضطهاد والضغوطات السياسية أو النفسية أوالإجتماعية .

    2/ الإبداع ومحاولة القدرة على الحداثة البلاغية من خلال لغة الترميز والحداثة .

    3/ القصائد المرمّزة نوعٌ من القصائد القابلة للتأويلات المتعددة .. وهو تدفّقٌ شعوريٌ ينفجر في حالة العنفوان الشّعري خاصة فيعطيها طعمًا أدبيًّا مختلفًا وأكثر جمالا .

    4/ لغة الرّمزية في القصيدة كما لا يكتبها إلاّ شاعرٌ متمكّنٌ له قدرته الأدبية والبلاغية .. تحتاج أيضا لمتلقٍ وقارئ مبدعٍ لديه المكنة اللغوية والثقافية والتّشفيرية .

    5/ أكثر أنواع القصائد قابليةً لقصائد الرّمزية تكُتب في الشّعر الحرّ الموزون " نظام التفعيلة" أو البحر المتعدد الروي والمتحرر من وحدته .

    6/ يعمد بعض الشعراء العموديين والنّثريين لكتابة قصيدة النثر الرمزية للتحرر من كلّ قيود الأوزان كي يتمكنوا من الإنطلاق بالإيحاء والرمزية .. مستخدمين قدرتهم الأدبية والبلاغية والموسيقية لهيكلة القصيدة بأفضل ما يكون من البناء لتمتلك كلّ مقومات القصيدة النثرية وشروطها ولا تكون مجرد ثرثرةٍ أو خاطرةٍ هشّة .

    7/ وكما يعتمد الشاعر في كتابة قصيدته الرّمزية على معاناته الشخصية أو المعأناة الجماعية
    لديه القدرة أيضًا على التّقمص في شخصيةٍ ما يريد الشاعر إبراز مافيها من طموحاتٍ ومتاعبَ وأوجاعٍ أو العكس من السّلبيات وهنا تأخذ القصيدة منحى الهجاء في أسلوب التّرميز والتشبيه .

    8/ وهناك تحذيرٌ حين كتابة القصيدة الرّمزية فلا يبالغ الشاعر في الصّور الرّمزيّة والغامضة القاتمة فتخرج القصيدة عن مستوى الجمال المطلوب وإيصال الرّسالة المطلوب إيصالها إلى دهاليز الظلمة المعتمة فيفقد المتلقّي الأمل في فكّ شفراتها ويعرض عنها .. فلابدّ من احتواء القصيدة الإيحائية الرمزية على منافذَ ثانويةٍ يُرى فيها الضّوء ويزيدها جمالا وعذوبة .

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: ثقافاتٌ ورؤى ..الدكتورة أحلام الحسن تكتب عن :" لغةُ التّرميز الأدبي " Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top