التناصُ الأدبيّ والقرآنيُّ والشّعري مصطلحٌ يرد تكراره ويقف الكثير أمامه يتساءلون عن معنى الكلمة ومن أين أتت .. وقد اشتهرت من عشرات السنين بمصطلحها الوارد من كلمة النّصوص الأدبية والإقتصاص أو الإقتطاع النّصّي ومايطلق عليه البعض في عصرنا الإقتباس.. ووجود نصّ ٍ في نصّ ٍ آخر مما يشير لأمرين الأول الإعجاب الشديد بالنّص الأسبق فيستخدمه الكاتب اللأحق مع ذكر مصدره ووضعه بين قوسين .. أو أخذه ونسبته إلى نفسه وهنا يعدّ سرقةً لجزءٍ من نصّ غيره ..
كما أنه قد تتكرر الجملة في نصّ ٍ قرآنيّ ٍ أو أدبيّ ٍ أوشعري وردت في نصٍّ قبله .. حيث أنّ النّصّ اللأحق أخذها من النّصّ السابق عنه ..ومن هذه النظائر وردت نصوصٌ كثيرةٌ ومستفيضة من جراء " التناص " وقد رفض الكثير من الكتّاب والشّعراء هذه اللسانيات وهذا التناص .. بل أطلق عليه البعض منهم مسمى " السرقات الجزئية والمرفوضة ..خاصةً إذا لم يذكر الكاتب بأنه اقتبس هذه الجملة من نصّ الكاتب الفلاني .. وأكدوا على عدم تواجدها بذات الصيغ الكلامية والنّصية .. ويعدّها البعض تطاولاً على جزئيات نصوص وحقوق الكاتب الأصلي لها ..وإن اختلفت دلالاتها في النّص اللاحق بمعنى أنّه باستطاعة الكاتب الإتيان بذات الجملة من نصّ كاتبٍ آخرٍ مع اختلاف الدّلالات المشار إليها في النّصّ اللأحق .. وقد لجأ بعض الشعراء والكتّاب إلى استخدام ذات الجملة القرآنية في بيته الشعري في حالة التناص أوالإقتصاص إلاّ أنه لهذا التّناص معارضيه من الإسلاميين إذا ما جاء بذات الصّيغة القرآنية في إشاراتٍ في النّصّ لا تتلائم مع قدسية القرآن الكريم ..لفروقاتٍ بين بيان النّصّ المُقّتص والنّصّ المقتصّ منه .
كما أنّ ظهور الترجمات ساهم في التناص الغير مماثل باللفظ والمماثل بالمعنى وهنا لا يرى فيه بعض الكتّاب شيئا مشينًا .. غير إذا تكرر الأمر في عدة صيغٍ وجملٍ فهو السرقة الأدبية بعينها ..
كما قد يستخدم البعض في الدول العربية مصطلح التناص في السرقة الأدبية البحتة من خلال تحويل نصّ ٍ أدبيٍ فصيحٍ إلى ذات النّصّ باللهجة العامية حيث ينسب السارق النّصّ لنفسه ولقلمه !!
نعم لقد قامت الثقافات العالمية على بعض التناص للإستفادة والخبرة من الماضين ولا أحد يمكنه نكران ذلك لكن يبقى الكاتب الجديد له مكنته الأدبية التي تمثل شخصه وتوجهاته الأدبية ونوعية كتاباته ولا يعد هذا التناص من السرقات الأدبية طالما لم يصل لمرحلة الإقتصاص والإقتصار فقط على الأفكار الواردة في النصوص السابقة كالأفكار النصية الوطنية والعاطفية والإجتماعية وتقف فقط عند هذا الحدّ ولاتجاوز ذلك مطلقا .. بل يستخدم الكاتب والشاعر الجديد موهبته وقدرته الأدبية في صناعة وصياغة مفرداته من خلال الترابط الفكري ومعاير السبك والمهارات اللغوية والنّحويّة والتلغيز والترميز والتورية والخيال والواقعية ليكون في قصائده وشعره ومفرداته هو وليس سواه .. ولا يُعد مطلقًا استخدام ذات البحر أو ذات القافية أو ذات الحرف الرّوي من التناص أو الإقتصاص أو السرقة .. بل هذا علمٌ متعارفٌ عليه لا يختصّ بملكية فردٍ بعينه .. وللجميع الحقّ في تعلّمه .
المصدر : كيف أعدّ نفسي لكتابة الشّعر " البحرُ السّابع عشر "
0 comments:
إرسال تعليق