لا يمكن أن انسى فضل ادب توفيق
الحكيم على وعلينا جميعا نحن محبى الأدب قراءة وكتابة ، فأنا لا يمكن أن انسى أمين
المكتبة عندما كنت لا استعير غير كتب توفيق
الحكيم وهى كانت نسخ قديمة وأوراقها صفراء للغاية ولم يكن قد فض بعد ، وهذا يعنى أن تلك الكتب لم تستعار قط منذ أن اتت
إلى المكتبة .
واستعارتى لمسرحيات الحكيم قد
لفت نظر أمين المكتبة الذى طلب منى أن أحرر مجلة حائط للمدرسة ، وكنت سعيد جدا
بهذا الطلب ، وقد اخذت المجلة منى اسبوعا
.. وبعد أن اعجبنى تحرير المجلة فأخذتها الى الاستاذ مشرف المكتبة الذى نسيت
اسمه للأسف ، وقدمتها له وانا سعيد بتلك التجربة ، فكان أكثر منى سعادة ، ثم اخذها
وعلقها بيده فى المكان المخصص لهذا و الذى اتذكره تماما رغم انه مر على هذا فترة زمنية
طويلة جدا .وفى ثانى يوم توجهت إلى المجلة بحكم أنى رئيس التحرير ومدير التحرير وسكرتير
التحرير ورئيس القسم الفنى ، وانا كل أعضاء المجلة .. ووقفت امامها وأنا فى حيرة من
امرى ، فقد وجدت الصورة التى وضعتها فى منتصف المجلة قد نزعها واخذها طالبا ما ، وهى
كانت الغلاف الأخير لأحد اعداد مجلة" الفيصل" السعادة ، والذى كان عبارة
لوحة لمسجد اندونيسى .
والآن نذهب إلى رواية أو مسرحية أو فيلم "الايادى الناعمة "..
ابداع "توفيق الحكيم"؛ لنعيد مشاهدة
الفيلم من خلال القلم لكى نكتشف الفيلم وقيمته النقدية والفلسفية بخلاف المتعة الفنية
التى تغلف كل احداث الفيلم ..
فنجد الدكتور "حموده"
الذى يعد أشهر دكتور فى مصر والوطن العربى ، ومصر على الخصوص ، أقول هذا لما تحمله
تلك الشخصية من ملامح إنسانية جمة ، وبها بُعد إجتماعى وثقافى لا يقدر ، فتلك الشخصية التى كتبها "توفيق الحكيم" واتى"
يوسف جوهر" ليقدمها لنا فى سيناريو محكم الصنع ، وهو يعبر عما داخل تلك الشخصيات
التى تتصارع حول البرنس " أحمد مظهر " الذى يرفض الواقع ويعيش فى وهم أجداده
البشوات ، فحدث له قطيعة حضارية .. حيث الناس والعالم بكل ما فيه يتقدم إلى الأمام
إلا هو ، فتحول إلى "أراجوز مضحك" فى نظر الناس والمجتمع ، حتى عندما ذهب
ليقوم بدور "كومبارس" فى أحد الأفلام ففشل امام لجنة الاختبار ، لانه مازال
يعيش فى ماضى سحيق ليس مطلوباً أن يعود ، وإنما مطلوب منه أن يعبره إلى الأمام ، إلى
المستقبل ...وهنا نكتشف عن حجم المهمة الملقاه على عاتق
أفراد العائلة ، او أفراد الفيلم .
فهذا "البرنس" أو الرجل الذى إنفصل عن الواقع الذى يعيش فيه
ويفضل ان يعيش فى الماضى ، كما نحن جميعا نفعل مثل هذا" البرنس" ونعيش فى
الماضى ونحاول ان نعيده ونحن نبتعد عن الحاضر وعن الواقع الذى نعيش فيه ، وهذا المعنى
قد عبرت عنه فى روايتى الأولى " بالضبة والمفتاح " حيث حدث للناس انفصال
ما بين الواقع والحاضر ، فاستسلموا للماضى
على أمل ان يكون به النجاة ، هو به النجاه ولكن لمن يعيش اليوم والغد ، ولا
يعيش الأمس الذى لم يكن كله خيرا .. لأن المنطق
والعقل يقول ان اليوم لابد أن يكون من أجل اليوم والغد لأننا كمسلمين نعيش للغد ولا
نعيش الأمس .. وكل ما نعانيه فى مجتمعنا العربى سببه هو تلك" الهوة السحيقة"
التى سقطنا فيها وعشنا فى سعادة ما بعدها سعادة
والقضية والأخرى التى ناقشها
الفيلم قضية " حتى زيلها " فالدكتور"
حموده" الذى أخذ تخصص ليس مطلوبا فى السوق .. وايضا لا " يأكل حتى عيش حاف".
وانفصل عن الواقع بسبب هذا التخصص
الذى ليس له معنى والمدهش أنه أخذ يسوق هذا التخصص وهو لا يلاقى إلا "التريقة"
او بلغة العصر "التنمر" . وينتهى الفيلم ويتصالح" البرنس "مع نفسه
ومع الوقع اما الدكتور "حموده" المعتز بحرف " الدال" ومتمسك به
وهنا نكتشف لعنة حرف الدال هى التى أصابت المجتمع فى مقتل ، ولا حل إلا بالتخلص من
هيلمان هذا الحرف الملعون والذى أصاب عقول
الناس "بالهبل" أو فى قول أخر "بالجنون" ؟!
0 comments:
إرسال تعليق