تلعب التكنولوجيا بأنواعها المختلفة دوراً كبيراً ومهماً في تطوير الهيئات والمؤسسات بل وتعمل على دفع عجلة الأنتاج وتسريع تطور الأعمال لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية، وتقليل أكبر قدر من المخاطر، بالإضافة إلى مراقبة العمليات التشغيلية، والوصول بها إلى تحاليل دقيقة قائمة على البيانات مما يجعل تحقيق الأهداف التجارية المرجوة أمر أسهل من قبل. ولهذا تسعى كافة المؤسسات والشركات إلى دمج التكنولوجيا بالأعمال بغرض تطوير وتنمية العمليات المشتركه بينها وبين المستخدمين والعملاء الذين تستهدفهم. هذا وقد فرضت التقنيات التكنولوجيه الحديثه على دول العالم أن تلتفت نحو التحول الرقمي وتحدياته نتيجة لأثاره المهمة ولما يقدمه من فوائد للأعمال في مختلف المجالات، وأصبح مصطلح التحول الرقمي في طليعة إهتمامات كل المؤسسات والشركات اليوم لتحويل خدماتها وأنشطتها التجارية، من خلال استبدال العمليات غير الرقمية أو اليدوية بالعمليات الرقمية ما يعنى استبدال الأنظمه القديمة بأحدث التقنيات التكنولوجيه مما يتيح إنجاز الأعمال بشكل أسرع وأفضل وأكثر دقه من ذى قبل. لقد أدركت العديد من المؤسسات والشركات مدى أهمية تأثير التحول الرقمي فهو بمثابة الورقة الرابحة اليوم للوصول إلى نمو سريع وعائد مُضاعف. حيث لم يكن سوق الأعمال فى السابق كما هو عليه الأن ولم تكن إدارة المشاريع قبل التحولات الرقميه كما هي عليه بعدها .وبالتالي، لم يعد هناك مكان لبيئات العمل بطيئة الحركة وعمليات التشغيل اليدوية في خضم هذه التطورات السريعة في عالم الأعمال المستحدث اليوم، خاصةً بعد التطورات التكنولوجيه المتلاحقه والتي فرضت طريقة عمل أسرع وأكثر دقه.
التحول الرقمي لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة
منطقية في عصرنا الحالي لتحقيق التنميه بهدف الوصول إلي مجتمعات معرفية تعتمد علي
استخدام البيانات لتصحيح المسار ورفع القدرات التنافسية وتحقيق رفاهية المواطنين. وهناك
التزام واضح من قبل الدوله المصريه نحو تطوير المؤسسات والشركات في مختلف
القطاعات الحكوميه والخاصه لمواكبه هذا التغيير، في إطار سعي الحكومة المصرية نحو
بناء مصر الرقمية والوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقمياً في كافة مناحي الحياة، حيث
يتم العمل على تعزيز تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتحسين الخدمات
الرقمية في الجهات الحكومية، لتوفير الدعم لعملية صناعة القرار وإيجاد حلول
للقضايا التي تهم المجتمع. ولكن ينبغي الانتباه لحقيقة مهمة ألا وهي عدم وجود
منهجية موحدة تتناسب مع جميع المؤسسات والشركات الراغبة في دخول مرحلة التحول
الرقمي. لذا يجب ان تركز قياده كل مؤسسه على الظروف الفريدة التي تواجهها أخذه
بعين الأعتبار تنوع الأنشطه والعملاء والموظفين من أجل بناء استراتيجية فعالة تهدف
إلى تحول رقمي ناجح. ويتمثل ذلك بوضع
الخطط وتحديد الوسائل التي يجب على المؤسسة مواكبتها للتحول الرقمي وأن تقوم بوضع
خطط ومقاييس للإدارة الرقمية عن طريق صياغة وتطبيق مفاهيم ووسائل حديثة ومبتكرة
لتسهيل الانتقال من الادارة التقليدية الى الادارة الرقمية وكذلك قياس مدى إستعداد
المنظمة والعاملين فيها لتحول نماذج الاعمال التقليدية الى الرقمية ويكون ذلك من
خلال تطوير استراتيجية واضحه للاعمال الرقمية, مع ضروره دعم العنصر البشري بالشكل
المطلوب وعلى مستوى عال من الكفاءة لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.
يعد
التحول الرقمي من أبرز بل أهم الملفات التي تعمل عليها الدوله المصريه في خطتها
لعام 2030 وتولى لها إهتمام كبير، وذلك بهدف تقديم وإتاحة الخدمات الرقمية لجميع
المؤسسات والمواطنين بطرق بسيطة وسلسه في أي وقت ومن أي مكان. وقد وجه الرئيس عبد
الفتاح السيسي، بمواصلة جهود الدولة في تعزيز التحول الرقمي، وميكنة الإجراءات
الإدارية والحكومية تسهيلاً على المواطنين واختصاراً للوقت والمجهود والتكلفة، مع
متابعة ومواكبة أحدث التطبيقات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي تزداد
أهميته وقيمته المضافة باطراد على المستوى العالمي. وبالفعل أخذت الدوله المصريه
خطوات جادة فى هذا الأتجاه لبناء مصر الرقميه وفقا لرؤيه 2030 وذلك عن طريق العمل على إنشاء بنية تحتية
تكنولوجية قوية تمكنها من عمل التحولات الرقميه المرجوه في مختلف القطاعات
الحكوميه والخاصه وكذلك زيادة قاعدة المتعاملين مع التطبيقات الرقميه الحديثة،
ولكن بالرغم من المزايا التي تقدمها هذه التطبيقات والخدمات الرقميه لتسهيل الحياة
والمعاملات على المواطنين، إلا أن هناك بعض المعوقات الإجتماعية والإقتصادية
والتقنية التي تحول دون تحقيق دورها المنشود على أكمل وجه.
فقد
تصطدم الدولة أحيانا، بعد بدء عمليات التحول الرقمى داخل بعض المؤسسات، بافتقار
العاملين بها للمهارات الأساسية اللازمة للتعامل مع الأساليب التكنولوجيه الجديدة.
يُعد الموظفون من أهم عوامل دعم أي عملية تحول وتطور داخل المؤسسات والشركات. وحتى
يكون التحول الرقمي ناجحاً في أي مؤسسة، يجب أن يكون رفع أداء الموظفين وتدريبهم
على رأس الأولويات في هذا التحول، فكما يتم إعداد الخطط المتعلقة بتغيير البنية
التحتية والأجهزة والمعدات وتوفير التقنيات الحديثة لإتمام التحول الرقمي بنجاح،
يجب أيضاً وضع الخطط التدريبية المناسبة لجميع الموظفين في المؤسسة، بما يشمل
المديرين وجميع الموظفين على اختلاف درجاتهم الوظيفية. أيضا فإن خوف العاملين من
فقدان الوظيفة وعدم الرغبة فى التغيير يعدان من أكثر المعوقات تأثيرا فى هذا
الصدد، ناهيك عن التردد فى مشاركة العاملين للمعرفه والخبرات والبيانات بسبب
الطبيعة البشرية التى تعتز بالتحكم بالمعلومات وامتلاكها والظن بأنها حكر للموظف
المسئول وأن استئثاره بها حماية وأمان له، لذلك يجب السعى نحو تغيير ثقافه
العاملين بكافه القطاعات وكذلك لكافه عملاء المؤسسات مما سيكون له عظيم الأثر فى
الأستفاده من ثمار التحول الرقمى. وهنا يبرز دور وسائل الإعلام المختلفه المسموعه
والمقرؤه والمرئيه لنشر ثقافه التحول الرقمى سواء على مستوى القطاع العام أو
القطاع الخاص، مع توضيح أهميته فى التيسيير على المواطنين من أجل الإسهام فى حياه
كريمه.
الطرف
الآخر فى معادلة التحول الرقمى هو الشخص المستخدم نفسه. ففى حالات كثيرة يخشى من
يطلب الخدمة من إمداد المنصة الرقمية المقدمة للخدمة ببياناته الشخصية تحسبا من
اختراق خصوصيته. ويزداد الخوف من مشاركة البيانات إذا ما تعلق الأمر بالمعاملات
المالية وتحديدا عند القيام بعمليات الدفع الإلكترونى. ويواجه تقديم الخدمات الرقمية في مصر في هذه
الأيام العديد من الصعاب، سواء في خروج الخدمات والبوابات الرقمية من الخدمة لوقت
ليس بالقصير، أو عدم تكامل الخدمات الرقمية مع بعضها البعض، أو ضعف خدمات
الاتصالات والضغط الشديد على المنافذ التقليدية لتقديم الخدمات الحكومية نتيجة لاضطرار
المواطن للحصول على الخدمات من المنافذ الفعلية وليس المنافذ الإلكترونية. لذا يجب
زياده الإهتمام بالبنيه التحيتيه لمنظومه التحول الرقمى بإعتبارها المكون الأول
للتحول الرقمى والذى من خلاله يتم تيسير الإستفاده من التكنولوجيا الرقميه.
نهايه
لا يسعنا إلا التأكيد على أن تأثير التحول الرقمي أعاد تشكيل عالم الأعمال على
كافة المستويات، خاصةً على مستوى مجال إدارة الأعمال حيث ساهم في عدة مجالات ومنها
بناء مستقبل إدارة المشاريع بشكل أذكى والذي يجعل ثورة التحول الرقمي تملي قواعد
التغيير على جميع الأقسام داخل المؤسسة الواحدة، ليس فقط على مستوى الأقسام
التقنية وحسب.
**كاتب
المقال
مستشار
تكنولوجيا المعلومات وخبير أمن البيانات
0 comments:
إرسال تعليق