• اخر الاخبار

    السبت، 22 يوليو 2023

    توبة ايفا ..قصة قصيرة بقلم الأديب العراقى الكبير / عيسى عبد الملك

     


    في اليوم السابع لاقامتي في اطراف المدينة , استدعتني العجوز جوليا , صاحبة الشقة وقالت غاضبة : شوهدت تخرج من بيت عاهرة  في الضاحية المجاورة , كيف عرفت ايفا , وانت  كما تقول غريب, وانا الغبية صدقتك ؟ احكي والا مثل قمامة  ارميك  خارج الشقة , فهمت ؟ هيا تكلم . ولما رأيت اصرار العجوز وهيجانها رحت مرغما  اقول :

    قبل ليلتين لم اجد واسطة نقل للضاحية فمشيت . ولطول المسافة , شعرت بالتعب والعطش . كانت السماء تنذر بهطول مطر شديد حينما مرت سيارة ايفا واسعفتني  قائلة اركب شرط ان تكون مؤدبا أيها الغريب .!

    . في الطريق سألتني هل انت الساكن الجديد لدى العجوز  جوليا ؟ قلت نعم .ذكرتك بخير والتقطتني من الطريق. حينما اشتد المطر قالت  لن ادعك وحيدا في الليل والجو مطير . طريقك مازال بعيدا وبيتي قريب . انزل معي . انا مضيافة والبيت واسع.  شكرتها وركبت .

    ثم بعدها ؟  كرت علي العجوز مستفسرة.

    امضيت الليلة حتى الصباح في بيتها. كانت في منتهى الأريحية  والادب و مضيافة حقا , اظنها راهبة او قديسة .

    قديسة ؟ ايفا قديسة,ههههههه, العاهرة قديسة , يا الهي ما هذا الهراء الذي اسمعه , ايفا العاهرة قديسة ! ينام حتى الصباح معها ويقول قديسة . انها عاهرة , أعلي  يا غبي ؟

     يسمي العاهرة قديسة . غباء ام شيطنة ؟ وأمام من ؟ أمام جولي ,ههههههه! فتحت فمها الاجوف  حتى نهاية اتساعه ثم  راحت تتمتم .انها عاهرة, تعرف معنى عاهرة؟  بنت ليل  وتسميها قديسة كيف  يا دون جوان ؟ قل لي  كيف امضيتما الليلة؟  هل قرأتما قداسا أم صليتما متحاضنين ؟ تضحك على جولي ؟ , ها ..صرخت بوجهي العجوز غاضبة .كنت واقفا مثل تمثال لا ادري ما اقول بل هي لم تسمح لي بفرصة للتعليق, كانت عل استعداد لارتكاب جريمة . اسمع احذرك لا تتظاهر بالبله, ماذا فعلتما ؟  .سيدتي هل انت متأكدة  من ان ايفا عاهرة ؟ اخيرا نطقت . قفزت العجوز كملسوع وصاحت نعم بالتأكيد . هنا انبسطت أساريري و في سري فرحت.  اذن وجدت مبتغاي انا الذي يعاني من الوحدة والغربة والملل  وخوف من سرعة مرور الوقت معا .كانت ايفا في الخمسين .فائقة الجمال تلوي عنق قديس , عكس مؤجرتي العجوزالدرداء التي تشبه حشفة تمر يابسة . في الليلة الثانية  تسللت الى بيت ايفا . رحبت بي .واعتذرت عن تقديم الشراب . لدي قهوة وبما انك عربي فلا اعتقد سترفضها. بوقار وحشمة قابلتني على اريكة واسعة تفتح للخلف.  وبابتسامة سألتني هل حدثتك  جولي عني ؟ قلت نعم . اصدقني القول وقل لي مالذي قالته عني؟  .قالت انك عاهرة صيادة سياح بلهاء مثلي, وحذرتني منك .اطلقت ايفا ضحكة وقالت نعم لقد  صدقت جوليا و لم تكذب . الى قبل ايام,  الى الليلة التي نمت عندي , كنت عاهرة امارس الدعارة لقاء مال  في مبغى عام وكانت هي , جولي سمسارتي  . نعم كنت عاهرة كما قالت مؤجرتك.

    ومثل أبله تماما فتحت فمي  ولم ادر ماذا اقول .ادركت ايفا حيرتي وقالت,  تلك الليلة كانت فرصتك لكنك التزمت بالشرط وكنت مؤدبا حقا . والآن ؟ تمتمت . جئت متأخرا فقد فات الأوان  يا صديقي , فأمس صباحا , بكرت للكنيسة , وامام الرب وابونا القس اعترفت واعلنت توبتي . بغبطة باركني ابونا  وقال  لقد انتصر المسيح على الشيطان يا ابنتي . وبخيبة امل قلت يا لحظي التعس .فعلا جئت متأخرا يا ايفا .!!

    ضحكت ايفا وقالت بل انت سعيد الحظ  والاكنت قد لوثتك ليلتها . لقد نجوت من غواية الشيطان يا صديقي .اشرب قهوتك وتعال معي الى  الصالة حيث المدفأة الحجرية. حملت فنجاني ودخلنا الصالة يدا بيد . كانت المدفأة الحجرية الملصقة بالحائط تلهث نتيجة احتراق  خشب التدفئة الجاوي .انظر,هنا, هذا رفات ايفا العاهرة  . وهذه التي امامك ايفا جديدة . لقد احرقت ايفا العاهرة حياة العهر والدعارة وماض مذل بغيض وسخيف يا صاحبي , وها انا الآن امامك ايفا أخرى , نقية مثل ثلج الجبال , قالت ايفا واشارت الى المدفئة حيث كانت بقايا ملابس محترقة وعلب زينة وواقيات لم تأت عليها النار بعد !!!.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: توبة ايفا ..قصة قصيرة بقلم الأديب العراقى الكبير / عيسى عبد الملك Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top