" الاختلاف المطروح في هذا البحث حول صيام يوم عاشوراء وفضائله التي فاقت الخيال، ومدى صحة الروايات، ومصداقية الأحاديث، وسند الرّوايات"
وتستمر تلاطم ألأمواج التّأريخية، وتستمر
الصّفعات الخيالية والواقعية لتلطم وجه الواقع المؤلم، الواقع المدمي والمرير
المُحلى بالأمنيات الآخروية الزائفة ! والتي تخدم المصالح الدنيوية لأشخاصٍ وفئاتٍ
أغلبها على كراسي التأريخ تأرجحت وتوسّدت واتكأت وأمرتْ ونهت وافترت، وابتدعتْ
واستأجرتْ من القصاصين والمفترين ما استأجرت ، حتى أصبحنا ألعوبةً في أيدي من مضى
منهم !! وأورثوا لنا الجهل والغباء واللكمات التي نكيلها لبعضنا البعض كلّ يومٍ بل
وكلّ ساعةٍ عبر القنوات ، وعبر الجرائد، وعبر المواقع، وفي شتى المجالس، ! حتى
أصبحنا أُمًةً تتغدى وتتعشى على لحوم بعضها البعض حيّةً !، لتبقى المصالح السياسية
الماضية في زمن الحقبة الأموية والعباسية سارية المفعول ليومنا هذا !! ليُذبحَ
الإسلام كلّ يومٍ ألف ألف مرة، وليكون النّبي محمدٍ " ص" هو والدّين الأضحية اليومية التي تُقدّم على
موائد الدّجل والإفتراء ،ولكم كُذب على رسول اللّه " ص" عبر التأريخ
لتثبيت تلك العروش بالروايات والأحاديث الزائفة والمختلقة على رسول "ص" ومن
تلك المآسي التي ترد وتتكرر سنويا قضية فضل صيام يوم عاشوراء، والمثيرة لدهشة عقل
اللبيب ، والخادعة لعقول عوام النّاس من غير المطّلعين والمتابعين للسرد التأريخي
المتضارب والمتناقض عندنا .
نعم
إنّها قضية فضيلة يوم عاشوراء المزعومة والتي انطلقت أكثر رواياتها أيام الحكم
الأموي للتستر على قضية مقتلهم لسبط رسول وسيد شباب أهل الجنة الحسين ابن علي ابن
فاطمة الزهراء ابنة رسول اللّه صلوات اللّه وسلامه عليهم ، من أجل ذلك لجأوا
للإحتفال بيوم عاشوراء ووضع الزينة والتّبرك فيه لقتلهم الحسين في هذا اليوم ولكم
أُفتريت الأحاديثُ على رسول اللّه في بركة هذا اليوم وفي عظمته التي لا تساويها
سائر الأيام من أجل إبعاد النّاس واشغالهم عن الجريمة التأريخية العظمى التي
ارتكبتها بنو أميّة في حقّ رسول اللّه بقتلهم الحسين سبط رسول الله وسيد شباب أهل
الجنة، والتي من الممكن أن تثير جدلًا سنويًا ضدّهم عند الأمّة ، فلم يجدوا سبيلًا
لطمس تلك الجريمة إلا من خلال بهرجة يوم العاشر من المحرم وللأسف نجحت خطّتهم في
التعتيم على هذه الجريمة المخزية إلى حدّ
ٍ بعيدٍ ولزمننا هذا !!
لينتبه
مؤخرًا القليل من الباحثين عن حقيقة تلك الأحاديث الموضوعة والمفترية على رسول
اللّه "ص" وانقسمت الأمّة نتيجة ذلك فمهنم من يحتفل بيوم عاشوراء
ويتبادل التهاني، ويوزع الحلوى وينشدوا الأناشيد، وترتسم الإبتسامات على الوجوه
تيمنًا بالعاشر من المحرم !! ومنهم من يلطم الصّدور، ويبكي وتنحدر الدموع على مقتل
الحسين وآل رسول الله "ص"، ومنهم من اعتزل وآثر الصمت والجميع وقع ضحيةً
لدجل الماضين وأفعالهم
وهنا
أورد بعض تلك الأحاديث المدسوسة والمفترية على نبي اللّه " ص" في فضل
يوم عاشوراء :
(حديث
مرفوع )
حدثنا
ْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّوَيْهِ
السَّرَخْسِيُّ ، فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مُصْعَبٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قُهْزَاذَ ، قَالَ : ثنا حَبِيبُ بْنُ
أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ
الصَّائِغُ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ
مِهْرَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَامَ
يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا
عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً بِصِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ، وَمَنْ صَامَ
يَوْمَ عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ عَشَرَةِ آلافِ مَلَكٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ عَشَرَةِ آلافِ شَهِيدٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ حَاجٍّ ، وَمُعْتَمِرٍ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ أُعْطِيَ ثَوَابَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ، وَمَنْ فِيهَا مِنَ
الْمَلائِكَةِ ، وَمَنْ أَفْطَرَ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ،
فَكَأَنَّمَا أَفْطَرَ عِنْدَهُ جَمِيعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ أَشْبَعَ جَائِعًا فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ،
فَكَأَنَّمَا أَطْعَمَ فُقَرَاءَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ،
وَأَشْبَعَ بُطُونَهُمْ ، وَمَنْ مَسَحَ عَلَى رَأْسِ يَتِيمٍ فِي يَوْمِ
عَاشُورَاءَ رُفِعَتْ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ عَلَى رَأْسِهِ دَرَجَةٌ فِي
الْجَنَّةِ " . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لَقَدْ فَضَّلَنَا اللَّهُ
فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، قَالَ : " نَعَمْ ، خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ
يَعْنِي فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَالأَرْضَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِي
يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَالنُّجُومَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْعَرْشَ فِي يَوْمِ
عَاشُورَاءَ ، وَالْكُرْسِيَّ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْقَلَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ
، وَاللَّوْحَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ جِبْرِيلَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ،
وَمَلائِكَتَهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَخَلَقَ آدَمَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ،
وَحَوَّاءَ كَمِثْلِهِ ، وَخَلَقَ الْجَنَّةَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَأَسْكَنَ
آدَمَ الْجَنَّةَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ إِبْرَاهِيمُ فِي يَوْمِ
عَاشُورَاءَ ، وَنَجَّاهُ مِنَ النَّارِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَهَدَاهُ
اللَّهُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَأَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ فِي يَوْمِ
عَاشُورَاءَ ، وَرَفَعَ عِيسَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَرَفَعَ إِدْرِيسَ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ ، وَكَشَفَ اللَّهُ عَنْ أَيُّوبَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ
عِيسَى فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَتَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ
، وَغُفِرَ ذَنْبُهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَأُعْطِيَ سُلَّمَ الْمُلْكِ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ ، وَوُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
عَاشُورَاءَ ، وَاسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ " .
إنتهى
ونلاحظ
هنا عظم الإفتراء والكذب على رسول اللّه " ص" وحتى على اللّه !
فأرجو
من القارئ الكريم قراءة ما جاء في الحديث أعلاه
فقرةً فقرة ليستبين الحقّ وتتضح النتيجة المؤلمة .
دراسةٌ مختصرةٌ حول صحة هذه الأحاديث :
أولا -((
عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحيى ليلة عاشوراء
فكأنما عبدالله تعالى بمثل عبادة أهل السموات، ومن صلى أربع ركعات، يقرأ في كل
ركعة الحمد مرة، وخمسة مرة قل هو الله أحد، غفر الله له ذنوب خمسين عاما ماض،
وخمسين عاما مستقبل، وبنى له في المثل الاعلى ألف ألف منبر من نور ".
قال ابن
الجوزي :هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد
أدخل على بعض المتأخرين من أهل الغفلة، على أن عبدالرحمن بن أبى الزناد مجروح.
قال
أحمد: هو مضطرب الحديث، وقال يحيى: لا يحتج به. انتهى
ثانيا -
ثم ساق ابن الجوزي رواية اخرى بسنده :عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من صلى يوم عاشوراء ما بين الظهر والعصر أربعين ركعة، يقرأ في
كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وآية الكرسي عشر مرات، وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة،
والمعوذتين خمس مرات، فإذا سلم استغفر سبعين مرة، أعطاه الله في الفردوس قبة بيضاء
فيها بيت من زمردة خضراء، سعة ذلك البيت مثل الدنيا ثلاث مرات، وفى ذلك البيت سرير
من نور، قوائم السرير من العنبر الاشهب، على ذلك السرير ألفا فراش من الزعفران ".
ثم قال
عقب إيراده لهذا الحديث :هذا حديث موضوع.وكلمات الرسول عليه السلام منزهة عن مثل
هذا التخليط.والرواة مجاهيل.والمتهم به الحسين. انتهى
ثالثا -قلت
: يقصد الحسين بن إبراهيم و هو شيخ شيخ ابن الجوزي إبراهيم بن محمد الطيبى
و من
الأحاديث الواهية كذلك ما أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 144/2 و 163/1
) من طريق أبي يعلى و غيره عن
سلام
الطويل عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"
فلق البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء " . وهذا الحديث تعاقب فيه ثلاثة ضعفاء :
سلام الطويل و زيد العمي و يزيد الرقاشي .
قال
الحافظ ابن عدي في الكامل في ترجمة زيد العمي :" و لعل البلاء فيه من سلام أو
منهما جميعا ، فإنهما ضعيفان " . وقال في ترجمة سلام الطويل " عامة ما
يرويه لا يتابعه أحد عليه "
رابعا- و
في فيض القدير للمناوي :" قال ابن القطان : فيه ضعيفان ، و قال الهيثمي : فيه
يزيد الرقاشي و فيه كلام كثير " .
قال
الألباني رحمه الله : و معنى هذا الحديث ثابت في " الصحيحين " أنه من
كلام اليهود ، قال
عبد
الله بن عباس رضي الله عنهما :" قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى اليهود
تصوم يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله بني
إسرائيل من عدوهم " . زاد
مسلم :
" و غرق فرعون و قومه " . الحديث و فيه قوله : " فأنا أحق بموسى
منكم ، فصامه ، و أمر بصيامه " .
خامسا -
عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل افترض
على بنى إسرائيل صوم يوم في السنة يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من المحرم، فصوموه
ووسعوا على أهليكم فيه، فإنه من وسع على أهله من ماله يوم عاشوراء وسع عليه سائر
سنته، فصوموه فإنه اليوم الذى تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذى رفع الله فيه
إدريس مكانا عليا، وهو اليوم الذى نجى فيه إبراهيم من النار، وهو اليوم الذى أخرج
فيه نوحا من السفينة، وهو اليوم الذى أنزل الله فيه التوراة على موسى، وفيه فدى
الله إسماعيل من الذبح، وهو اليوم الذى أخرج الله يوسف من السجن، وهو اليوم الذى
رد الله على يعقوب بصره، وهو اليوم الذى كشف الله فيه عن أيوب البلاء، وهو اليوم
الذى أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، وهو اليوم الذى فلق الله فيه البحر لبنى
إسرائيل، وهو اليوم الذى غفر الله لمحمد ذنبه ما تقدم وما تأخر، وفى هذا اليوم عبر
موسى البحر، وفى هذا اليوم أنزل الله تعالى التوبة على قوم يونس، فمن صام هذا
اليوم كانت له كفارة أربعين سنة، وأول يوم خلق الله من الدنيا يوم عاشوراء، وأول
مطر نزل من السماء يوم عاشوراء،
وأول
رحمة نزلت يوم عاشوراء، فمن صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله، وهو صوم
الانبياء، ومن أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبدالله تعالى مثل عبادة أهل السموات
السبع، ومن صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد
غفر الله خمسين عاما ماض وخمسين عاما مستقبل وبنى له في الملا الاعلى ألف ألف منبر
من نور، ومن سقى شربة من ماء فكأنما لم يعص الله طرفة عين، ومن أشبع أهل بيت
مساكين يوم عاشوراء، مر على الصراط كالبرق الخاطف.
ومن
تصدق بصدقة يوم عاشوراء فكأنما لم يرد سائلا قط، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض
مرضا إلا مرض الموت، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينيه تلك السنة كلها، ومن أمر
يده على رأس يتيم فكأنما بر يتامى ولد آدم كلهم، ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب
عشرة ألف ملك، ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب ألف حاج ومعتمر، ومن صام يوم عاشوراء
أعطى ثواب ألف شهيد، ومن صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سموات وفين خلق الله
السموات و الارضين والجبال والبحار، وخلق العرش يوم عاشوراء، وخلق القلم يوم عاشوراء،
وخلق اللوج يوم عاشوراء، وخلق جبريل يوم عاشوراء، ورفع عيسى يوم عاشوراء، وأعطى
سليمان الملك يوم عاشوراء، ويوم القيامة يوم عاشوراء، ومن عاد مريضا يوم عاشوراء
فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلهم ".
رواه بن
الجوزي في كتاب الموضوعات و قال عقب إيراده له :
هذا
حديث لا يشك عاقل في وضعه ولقد أبدع من وضعه وكشف القناع ولم يستحيى وأتى فيه
المستحيل وهو قوله: وأول يوم خلق الله يوم عاشوراء، وهذا تغفيل من واضعه لانه إنما
يسمى يوم عاشوراء إذا سبقه تسعة. انتهى.
سادسا -
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صام يوم عاشوراء كتب
الله له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها، ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف
ملك، ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب ألف حاج ومعتمر، ومن صام يوم عاشوراء أعطى
ثواب عشرة آلاف شهيد، ومن صام يوم عاشوراء كتب الله له أجر سبع سموات، ومن أفطر
عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد، ومن أشبع جائعا في يوم
عاشوراء فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأشبع بطونهم ومن مسح
على رأس يتيم رفعت له بكل شعرة على رأسه في الجنة درجة، قال فقال عمر يا رسول الله
لقد فضلنا الله عزوجل بيوم عاشوراء ؟ قال: نعم خلق الله عز وجل يوم عاشوراء والارض
كمثله، وخلق الجبال يوم عاشوراء والنجوم كمثله وخلق القلم يوم عاشوراء واللوح
كمثله، وخلق جبريل يوم عاشوراء وملائكته يوم عاشوراء، وخلق آدم يوم عاشوراء وولد
إبراهيم يوم عاشوراء، ونجاه الله من النار يوم عاشوراء، وفداه الله يوم عاشوراء،
وغرق فرعون يوم عاشوراء ورفع إدريس يوم عاشوراء، وولد في يوم عاشوراء، وتاب الله
على آدم في يوم عاشوراء، وغفر ذنب داود في يوم عاشوراء، وأعطى الله الملك لسليمان
يوم عاشوراء، وولد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء، واستوى الرب عز وجل
على العرش يوم عاشوراء، ويوم القيامة يوم عاشوراء ".
هذا
الحديث موضوع :ففي إسناده حبيب بن أبى حبيب و هو معروف بالكذب بل قال فيه الإمام
أحمد رحمه الله :كان حبيب بن أبى حبيب يكذب. وقال ابن عدى: كان يضع الحديث.
وقال
أبو حاتم أبو حبان: هذا حديث باطل لا أصل له.قال وكان حبيب من أهل مرو يضع الحديث
على الثقاة لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل القدح فيه.
وقال بن
الجوزي بعد ذكره لهذا الحديث هذا حديث موضوع بلا شك.
سابعًا -
عن أبي سعيد مرفوعا: " من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ".
رواه
الطبراني في الأوسط
قال
الحافظ ابن حجر في أماليه : الجعفري ضعفه أبو حاتم وشيخه ضعفه أبو زرعة
ورواه
بن الجوزي بسنده عن بن مسعود مرفوعا و هو حديث ضعيف كذلك لأن في إسناده هيضم بن
شداخ قال العقيلي :مجهول والحديث غير محفوظ
وقال
الحافظ ابن حجر في أماليه اتفقوا على ضعف الهيضم
ورواه
بن عدي بإسناده مرفوعا من حديث أبي هريرة لكن فيه سليمان بن أبي عبد الله راويه عن
أبي هريرة وهو مجهول . قال العقيلي سليمان مجهول والحديث غير محفوظ .انتهى
كلامه )) إنتهى
وكما
نرى بأنّ تلك الأحاديث أنكرها ورفضها عدّةٌ من كبار العلماء كالإمام أحمد والحافظ
ابن حجر وابن الجوزي وأبو حاتم وابن عدي
والألباني والهيثمي وابن القطان وغيرهم وقالوا بعدم صدقها وللأسف مازال الكثيرون
يروجونها دون التأكد من صحتها ..
نتيجة
البحث والتّقصي بالدّليل القاطع على تزوير تلك الأحاديث :
وكما قالوا بأنّ رسول اللّه "ص" في
هجرته وصل المدينة فوجد اليهود تصوم يوم عاشوراء من المحرم فحّثّ على صيامه
وللرّدّ على هذا تأتي نتيجة البحث والدراسة بالآتي :
أولا : خرج
رسول اللّه " ص" من الغار في الأول من ربيع الأول فكان وصول رسول اللّه
إلى المدينة في الثاني عشر من ربيع الأول وليس في العاشر من المحرم .
ثانيا- على إفتراض أنه خرج من مكّة في أوّل يومٍ من
المحرم سيصل للمدينة في الخامس عشر منه ،حيث أنّ رسول اللّه " ص" ظلّ في
الغار ثلاثة أيّام ٍ ! فكيف وصل في العاشر
من شهر مُحرّم !! ورأى اليهود تصومه احتفالًا بنجاة النّبي موسى عليه السلام رغم
أنّ الرحلة تستغرق إثني عشرة يوما ! .
ثالثا -
للإسلام الحنيف شريعته المستقلة في المنهج والسّنة النبوية الشريفة ، وإن توحّدت
جميع الرّسالات في توحيد اللّه ، ويُعتبر تقليد سنّة اليهود اتباعا من النّبي "
ص" لهم والعكس هو المطلوب في اتباعه
وتصديقه، وللتأكيد على كذب تلك الروايات أقول رسول الله "ص" إبن مكة ولد
فيها وعاش فيها ونزلت عليه الرسالة وهو في اﻷربعين من عمره الشريف قضى منها ثلاثة
عشر سنةٍ بمكة وهذا يعني أن رسول الله" ص" عندما هاجر للمدينة كان عمره
الشريف يزيد عن الخمسين بثلاث سنين ، والسؤال
الذي يطرح نفسه :
هل يعقل
أن يعيش النّبيّ محمدٍ "ص" في مكة أكثر من خمسين عامًا ومع تواجد اليهود
فيها إنه كان لا يعرف بأنّ اليهود كانت تصوم يوم عاشوراء ؟!!!
رابعا -
اليوم الذي تصومه اليهود تمجيدًا واحتفالًا بنجاة النّبي موسى عليه السّلام وقومه
من فرعون وإهلاك فرعون وقومه هو يوم الطوفان وتسميه اليهود بيوم الغفران وهو أحد
أعيادهم العظيمة وهو عيد الفصح اليهودي يصومونه ويعيّدون فيه فهل يأمر رسول اللّه
بصوم عيد الفصح اليهودي والإحتفال فيه معهم !! .
وأين
تذهب شريعته التي أُنزلت عليه!! إذا كان سيُشارك اليهود في عيدهم ؟!!
خامسا -
التقويم العبري لليهود يختلف عن التقويم العربي أيّام الجاهلية وهو الأقدم واليهود
يعتدون بتقويمهم العبري للأحداث والأعياد الدّينية لهم ولا يعتدون بسواه إلى يومنا
هذا .
وهنا أبرز وأقوى برهانٍ على دجل تلك الأحاديث
المزعومة والمكذوبة على رسول اللّه " ص " في فضل صيام يوم العاشر من شهر
محرم .
سادسًا -
والدليل القوي الآخر هو لو كانت اليهود تعتدّ بالأشهر العربية لما فات اليهود
الإحتفال بهذا اليوم العظيم عندهم في عاشوراء المحرم ! .
سابعا -
تصوم اليهود عيد الغفران هذا في العاشر من " شهر تشريه " عندهم وفق
تقويمهم العبري المعتمد لديهم وليس في عاشوراء محرّم من الأشهر العربية والباحث
حول الحسابات الزّمنية للسّنوات والتّقويم يجد بأنّه لا يمكن أن يوافق العاشر من
شهر تشريه العبري العاشر من محرّم سنويا .
ثامنًا : لم يتوافق التأريخان العاشر من شهر تشريه
العبري والعاشر من محرّم العربي إلاّ في
السّنة 27 من الهجرة النبوية الشريفة أي بعد وفاة النّبي " ص " ب 18 سنة
!.
وهذه الحسابات التقويمية لهي الدّليل الأقوى ضدّ
تلك الأحاديث المكذوبة على رسول اللّه " ص ".
معلومةٌ
مهمة :
( يوم
كيپبور، يوم هاكيپبوريم أو عيد الغفران (بالعبرية יוֹם כִּפּוּר أو יוֹם הַכִּפּוּרִים)، هو اليوم العاشر من شهر "تشريه"،
الشهر الأول في التقويم اليهودي، وهو يوم مقدس عند اليهود مخصص للصلاة والصيام فقط.
ويوم كيبور هو اليوم المتمم لأيام التوبة العشرة والتي تبدأ بيومي رأس السنة
العبرية، أو كما يطلق عليه بالعبرية روش هاشناه، وحسب التراث اليهودي هذا اليوم هو
الفرصة الأخيرة لتغيير المصير الشخصي أو مصير العالم في السنة الآتية )
وبهذا
أختتم هذا البحث عسى الله أن يهدينا جميعًا إلى سبل النجاة إنه أرحم الراحمين .
0 comments:
إرسال تعليق