التَّنافُسُ
فِي وعَلَى تأجِيجِ الشَرِّ يُطابِق واحداً ذبَحَ خَصْمَهُ وعَرَقَ فيه العظم
ظنَّه بغير إثبات أنه أظْلَم ، والثاني ضَرَسَ الأضعف من الخَدَمِ على طاعته
أَجْدَم ، أو يتمثَّل في بائعة عِرضها بالمجان لمن في حقِّ حليلته الشريفة أجرم ،
و أخرى لسانها أحمق ممَّن عَصِيَ بعَصَا الشرطة ومِن حولِه الغضب احْتَدَم ،
والمتشابهات على هذا النحو تدقّ نواقيس الكنائس
لبدء روادها في تكنيس
المزايدات على صعود ملَّة وهبوط الباقي تجنباً لمواصلة الاصطدام ، وتتوارد
مع كل اجتماعٍ للصلاة داخل كنيس للكفِّ عن الإشادة بعرق واحتقار أعراق عِلماً أن
كل البشر من آدم .
...
وجدتُ نفسي صحبة يهودية اسبانية من غرناطة طلبَت مني البهلولية بإلحاحٍ شديد أن
أُلازِمَ تعليماتها بالحرف الواحد حتى لا أندم ، لبَّيتُ الأمرَ صامتاً إذ المغامرة
تقتضي الإصغاء والانتباه والانضباط والصبر والاقتصاد في الكلام ، لم تكن تلك
القاعة بما تحتضنه من بساطة ديكور وانتشار روائح أغرب بخور وصدَى موسيقى منتقَّاة
بعناية مدقَّق فيها من لدن مختصين ايطاليين على الأرجح سوى مصيدة خطورتها فيما
يُسجَّل بالصوت نسبة لكل الوقائع مهما كانت وعلى
مستويات مختلفة بالكمال والتَّمام ، الغرض منها التحكُّم المطلق فيمن أوصت
المجموعة المكوّنة للتَّدبير ليصبحَ مستقبلاً لا يرفض مَن يُدفَع دفعاً غير طبيعي صوب أي الاتجاهات بما قد يتم
في إحداها القضاء المبرم على حياته حينما
يُكتشَف من أي جهة تراها إسرائيل معادية تسعَى لكيانها الهدم ، طبعا الجهاز
ألمخابراتي حاضر بثقله في نفس المعمعة بشخصيات تعدُّ رائدة في تخصصاتها وما أكثرها
موجودة للتدخل السريع على الدوام .
...وشوشَت
الاسبانية في أذني بما معناه أن أصوم عن طرح أي سؤال متى حصر القاعة في أبهة
"الشيخ" الهُمام ، حقيقة بدأتُ أشعرُ بالملل ومع مرور الدقائق فكَّرتُ
في الانسحاب حتى لا أختنق من فصول مسرحية تضحك بإقامتها شبه علانية إسرائيل
الرسمية على جل الأمم ، لكن دافع المعرفة بالشيء وهو يحدث مباشرة أمام الانتباه
الشديد التركيز لإنسان مثلي يتمنَّى الانتصار في النهاية لفلسطين التي أكنُّ لها
ولشعبها المجاهد بشرف الحب والتقدير وعظيم احترام ، شجعني على المقاومة بالمكوث
كمتفرِّج ليس إلاَّ ساخطا بعقلي على مثل المقام ، لم يدم الحال صمت وترقَّب وتضارب
الخيال بالأوهام ، حتى ظهرت إنسانة تُبهر بما لها كجسدٍ وما عليها من حليّ يبرق
بألوان ما ترتديه من قليل لباسٍ لا يخدع العيون المحملقة في عَقِيصَة شعرها
الرافعة تاج مرصَّع بالجواهر النادرة إلى
أخْمَصِ قدميها المرفوعتين بحذاء جلده وكأنه منزوع اللحظة من فوف جسد حية مغدور
بها وهي تزحف تاركة شكلاً حلزونياً مرسوماً بحركات الهلع على رمال بيداء يتجاهل
كنوزها جل العالم ، ولكن تخطف العقول وهي راضية على مثل الخطف ولو لدقائق من العمر
لو استقام ، المرأة تفوق الجمال بجمال أجمل تغدق به على السعيد المحظوظ وتنغص
بالحرمان منه حياة من باليأس مَعْضُوض أمر بلا شبيه حتى في الأحلام ، المصيبة أنها
مقبلة حيث أجلس والاسبانية بجواري ودون استئذان تأخذ مقعداً تفرِّقُ به بيننا ونحن
نقبل إذ الأسبقية لما نرى من حسن يمشى كأنه لأي أنثى من بني آدم ، لكنها أزيد
بكثير ّأن تكون كذلك وكفى بل مصبوغة بألوان غير مألوفة تزخر بها نِعَم .
...
أرادت اغتنام هنيهات تحدثني فيها بما سبق ورتَّبته في ذاكرتها على ما يبدوا
لتبلغني ما تود إبلاغه قبل أن يناديها الواجب فتُشَخِّص كما يحلوا لمَن جعلوه
أمراً لا يُناقَش وعليها التنفيذ وبإتقان تام ، لكن فبل نطفها بما نطقت به رأيتُ
دموعاً في مقلتيها تصارع عدم اجتياز ما قد يجعلها محطَّ مساءلة عسيرة ولو كان
المرء فوق طاقته لا يُلام ، كأن إحساساً داخلياً لتلك الفاتنة يستنجد بي ولا أدري
كيف استجيب بلا أو نَعَم ، وحالما عايشت بروحها نفس الحيرة خاطبتني بلهجة مصرية
قحَّة بسلاسة بنت البلد المعبرة بطلاقة
تنساب بأدب جمّ : أنت السيد مصطفى منيغ
رأيت صورتك في بيت البهلولية ، اسمي "فُلَّة" من أب يهودي إسكندراني
مصري وأم يهودية قبرصية جنسيتها انجليزية تعشق الحرية والسلام ، أمارس كل صنوف
فنون الدفاع عن النفس هوايتي المفضلة كرة القدم ، أحضروني من اليابان حيث كنت
أتابع هناك دورة تدريبية جد متقدمة في الكراطي لأتزوج اليوم من رجل عربي ثري لمدة عشرة أيام بمهر مقدم ، بلغ عشرة
ملايين دولار توضع في صندوق خاص و بعد هذا لا شيء أعلم ، التاج المرصع بالجواهر من
نصيبي هدية متواضعة من ذاك الرجل الذي سأراه بعد لحظات لأول مرة في حياتي يقال عنه
أنه بالنسبة لإسرائيل أكرم من الكَرم ،
على العموم أسلمك هذه الورقة المكتوب فيها عنواني بقبرص بالتأكيد ستستقبلك لو أتيت
إلى هناك والدتي بل ستتشرف باستضافتك وأنت أهل لكل خير تستحق أن نبادلك أينما كنتَ
الود والوئام ، اعتقد أن طبول الفرح الصوري ستقرع بعد دقائق وعلى أن أودعك راجية
منك أن تبتعد ما أمكن عن البهلولية هذه الاسبانية قد تعوضك بما قد تعتبره أنت
خسارة بشكل عام ، اتركها لتشرح لك المزيد عساك تعود برفقتها إلى مدريد حيث الضياء
بدل المكوث وسط عالم مضغوط بفعل الظلام . يقترب ما يشبه الضوضاء وتأتي المفاجأة
على مائدة تصلح لأشياء وأشياء باستثناء حمل صحون طعام ....
0 comments:
إرسال تعليق