ما زال حادث قيام أم جامعية بنحر
أبنائها الثلاثة..ولدين وبنت..ومحاولة انتحارها تحت مقطورتين يجرهما جرار زراعى
؛يلقى بظلاله على محافظة الدقهلية وتحديدا بقرية ميت تمامة مركز منية النصر..وجاء
دعاء زوجها لها بالشفاء ولأولاده بالرحمة والمغفرة ليؤكد أنها كانت زوجة
صالحة..خاصة وأن زوجها اثنى عليها ثناءا حسنا وأنها كانت تحبه وتحب أبناءها.
وحالة الأريحية تلك المشوبة بالدهشة
نستكملها بالرسالة التى تركتها لزوجها والتى طالبته فيها بالسماح لجريمتها الشنعاء
ولكن أوضحت عبر سطورها بأن هذا أفضل لهم وختمت رسالتها بأن يكون سعيدا مع امرأة
أخرى.
من خلال تلك الرسالة تخمر فى
ذهنى - وهذا استنتاجى ليس إلا-أن هناك
امرأة أخرى..وهذا الأمر أصابها بحالة نفسية سيئة
لأن تكوين المرأة الريفية يرفض
الزوجة الثانية..بالرغم من كون الزوج ميسورا.
وما يؤكد صدق حدسى ثناء الزوج
عليها وأنها ما قصرت فى حق أولادها.
وهنا يا سادة .. السؤال: كيف
لأم جامعية تستل سكينا وتجلس أمام كل طفل
من أطفالها الثلاثة وتمد يدها وتذبحهم واحدا تلو الآخر؟!
فأكبرهم 10سنوات ..يعنى واع
ويستطيع المقاومة..فكيف استسلم وشقيقاه لأمه بكل سهولة?!وهل وضعت لهم شيئا حتى لا يقاوموا؟!
فأمام -ما استنتجه بأن زوجها
سيتزوج عليها-تتخلص من أولادها بهذه الطريقة البشعة وتحاول التخلص من نفسها بالرمى
تحت عجلات المقطورة!
فهذه السيدة وفقا لما شاهدته فى حادث
رمى نفسها تحت عجلات المقطورة ؛أنها منتقبة..فبالأحرى ملتزمة دينيا .. ويعظم هذا
الأمر أنها خريجة كلية التربية قسم اللغة العربية ..يعنى ضليعة فى الدين ؛ومن خلال
رسالتها أنها فى كامل قواها العقلية..فهل التلويح بزوجة ثانية يجعل المرأة تضرب
بإيمانها عرض الحائط وتأتى بأفعال كارثية.
اعتقد أن حداثة سنها وهى التى
تعيش فى ربيعها الثالث يعضد استنتاجنا هذا .
وإن لم يكن تخمينينا
صحيحا..فنعتقد أن شيطانها سول لها جريمتها الشنعاء..وهل يستطيع الشيطان اللعب
بالإنسان?!
اعود بقراءاتى إلى الصراع في
الجنة حين رفض الشيطان أن يمتثل لأمر الله بالسجود لآدم، فطرده الله ولعنه، فأقسم
بين يدي الله أن يضله وذريته ما قدر له ذلك {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك
منهم المخلصين} [ص:82].
ثم كانت الجولة الأولى ، فنجح
الشيطان في إغوائهما وإخراجهما من الجنة، {قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في
الأرض مستقر ومتاع إلى حين} [الأعراف:24].
ونزل آدم إلى الأرض ليواجه وذريته
كيد الشيطان ودأبه على إضلال بني آدم، وقد تسلح الشيطان بأسلحته المختلفة، ومنها:
1- قدرته على التزيين والإغواء
{لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين} [الحجر:39]. {تالله لقد أرسلنا إلى أمم من
قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم} [النحل:63].
2- الكذب والمخادعة {وقال ما
نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملَكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما
إني لكما لمن الناصحين} [الأعراف:20-21]. {يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا
غروراً} [النساء:120]. {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة
منه وفضلاً} [البقرة:268].
3- أن هذا العدو يرانا ولا نراه
{إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء الذين لا
يؤمنون} [الأعراف:27]. وهو يجري منا مجرى الدم قال صلى الله عليه وسلم: ((إن
الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم)) [البخاري ح2038، مسلم ح2175].
4- قدرته على الاطلاع على شيء من
الغيب فيوحي به إلى أوليائه، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الملائكة تنزل في العنان وهو
السحاب، فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه، فتوحيه إلى
الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم)) [البخاري ح3210، مسلم ح 2228]
ورغم هذا كله {إن كيد الشيطان كان
ضعيفاً} [النساء:76]. وذلك عندما يلتجأ المسلم إلى ربه ويعتصم بإيمانه.
فغاية الشيطان النهائية التي
يريدها لكل بني البشر هي أن يصيروا إلى النار كما قال تعالى: {إنما يدعو حزبه
ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر:6]. {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً}
[النساء:60].
فإن لم يصل الشيطان إلى غايته ولم
يقدر على إكفار الناس فإنه لا ييأس بل يرضى ببعض أبواب الغواية والتقصير.
فعن سبرة بن أبي فاكه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له
بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم، ثم قعد له
بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في
الطول فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال
فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، ومن قتل كان حقا على
الله عز وجل أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته
دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة)) [النسائي ح2124، أحمد ح15528].
ويتساءل المرء عن نسبة نجاح
الشيطان في أهدافه وضلاله، وتأتي الإجابة لتصيب المرء بالذعر، إذ نسبة الناجين لا
تتعدى الواحد من الألف، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((يقول الله تعالى: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول:
أخرج بعث النار قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فعنده
يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله
شديد)) [البخاري ح3348].
فى النهاية بقى أن نقول..لو صدق
تحليلنا الأول وهو تلويح الزوج بزوجة ثانية..فمن شدة حبها لزوجها ؛ اقبلت على
جريمتها الشنعاء وحاولت أن تنتحر ليموت سرها معها ..ولكن إرادة الله كتبت فصلا آخر
للنهاية.
أما إذا كان للشيطان دخل
؛فليرحمنا الله من كيده..ولا نملك سوى أن نرفع اكف الضراعة ليرحم الاطفال الثلاثة
ونحتسبهم عند الله من الشهداء..ويشفى الأم التى وإن عاشت سيطاردها شبح جريمتها مع
كل نفس تتنفسه..ويسبغ على الزوج الصبر وعلى أهله أيضا.
0 comments:
إرسال تعليق