• اخر الاخبار

    الجمعة، 12 مارس 2021

    السمو الروحي في قصيدة " والنجم "..للشاعرة الدكتورة أحلام الحسن..ومضة نقدية بقلم :سيد فاروق



     
    يقول الدكتور زكي مبارك معرفًا لأشعار المديح- بأنها فن:" من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع؛ لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص".
    ومن المعهود أن هذا المدح النبوي الخالص لا يشبه ذلك المدح الذي كان يسمى بالمدح التكسبي، والتي كانت تتسوَّل به الشعراء عند الحُكام فشعر المدح النبوي غير مدح التملق الموجه إلى السلاطين والأمراء والوزراء، وإنما هذا المدح خاص بأفضل خلق، ألا وهو محمد صلى الله عليه وسلم، أن هذا المدح يتصف بالصدق، والمحبة، والوفاء، والإخلاص، والتضحية من ناحية، والانغماس في التجربة العرفانية والعشق الروحاني اللدني من ناحية أخرى.
    وقد نجحت الشاعرة الدكتورة أحلام الحسن في التطواف حول رحلة الإسراء والمعراج بداية من ركوب النبي صلى الله عليه وسلم البراق ، والموكب الملائكي المصطف وصحبة حبريل له عليه السلام طوال الرحلة وصولا إلى رحلة المعراج السماوية وما بها من نفحاتٍ ومنحٍ إلهية حتى انتهت بنا في ذاك المقام العالي عند سدة المنتهى وما أسعدنا بالوقوف عن ذلك المقام الذي ذكره الله تعالى في محكم التنزيل وذكره الرسول الكريم في أحاديث متواترة صحت عنه صلى الله عليه وسلم .
    وكما في صحيح الأمام مسلم حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد عن قتادة, عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رجل من قومه قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا انْتَهَيْتُ إلى السَّماءِ السَّابِعَة أَتَيْتُ عَلى إبْرَاهيمَ فَقُلْتُ: يا جبْريلُ مَنْ هَذا؟ قال: هَذَا أبُوكَ إبْراهِيمُ, فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ, فَقَالَ: مَرْحَبَا بالابن الصَّالحِ والنَّبِيّ الصَّالِح, قال: ثُمَّ رُفِعَتْ لي سِدرَةُ المُنْتَهَى فحدّث نبيّ الله أنّ نبقها مثل قلال هجر, وأن ورقها مثل آذان الفِيلة ".
    وكذا يقول الله تعالى في هذا المقام " وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ 13 عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ 14 عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ 15 إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ 16 مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ 17 لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ 18 أ" سورة النجم
    وهكذا لابد من استقراء المرجعيات التناصية المباشرة وغير المباشرة التي شكلت رؤية الشاعرة أحلام الحسن عند الدخول في هذا الفن، والتي اعتمدت عليها في نظم قصيدتها " والنجم " ليظهر التناص القرآني والاستلهام بداية من العنوان. فتبيان المعرفة الخلفية ضرورية لفهم النص الشعري، قصد خلق انسجامه واتساقه؛ لأنه بمثابة آلية إستراتيجية في تحليل النص الأدبي وتفكيكه.
    فيما أتضح لنا بعد قراءة هذه القصيدة " والنجم" والتي تنتمي لشعر المديح النبوي، وذلك عبر تعاقبها الفني، والفكرة العامة لها ، أنَّ الشاعرة أحلام الحسن استوحت مادتها الإبداعية، ورؤيتها الإسلامية، من القرآن الكريم أولا، فالسنة النبوية الشريفة ثانيا. كما أن هناك مصدرا مهما في نسج هذه القصيدة، يتمثل في كتب التفسير التي فصلت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم .
    وهكذا يتضح أن رؤية الشاعرة أحلام الحسن لم تكن تأثرًا بالحدث ولا انفعالا بالمناسبة فحسب، بل انبثقت من موروث ثقافي قيمي ولذا جاءت القصيدة محملة بكم هائل من المعلومات الدينية والمفاهيم الروحانية التي أخذت المتلقي في عالم من الصفاء النفسي والسمو الروحي.
    " والنّجم "
    فوق البراقِ النّبيّ كم برقا
    كلٌّ لهُ في الطّريقِ قد لحقا
    يصطحبُ الرّوحَ في رفاهيَةٍ
    طارَ البراقُ الوفيُّ مُخترقا
    صُفّت على دربهِ ملائكةٌ
    ذاكَ المقامُ الفريدُ ما رهقا
    في صمتِهِ رهبةٌ تُداخلُهُ
    خوفًا ومن موقفٍ وإن نطقا
    بابُ الإلٰهِ العظيمِ منفتحٌ
    طولًا وعرضًا لهُ فلا غُلقا
    كم بارقٍ حولهُ يُشاهدُهُ
    هذا الذي عهدُهُ لنا سبقا
    والنّجمُ قد أقسم الإلهُ بهِ
    من هولهِ قد هوى لهُ ألقا
    ما ضلَّ من في السّماءِ معرجُهُ
    في قابِ قوسينِ قد دنا أُفقا
    كلُّ المواثيقِ بدت موَثّقةً
    نجمٌ على أنجمٍ لكم طَرَقَا
    لم ينطقِ اللغوَ من طفولتِهِ
    عنِ الهوى مُعرضٌ فلا نَطَقا
    ما ضلَّ أمرٌ لهُ وما انحدرت
    طلعاتُهُ خيبةً وكم رُتقا
    عينٌ وأذنٌ لهُ مُناصفةً
    في كلِّها خاشعٌ وقد وثقا
    لم يكذبِ القلبُ في مفازتهِ
    ها قد رأى ناظرًا لهُ سبقا
    سبحانَ من قد بدت ظواهرُهُ
    نورًا على نورِهِ لكم لَصَقا
    حاشا اسمُهُ لم تزغ نواظرُهُ.
    جسمٌ وروحٌ يطيرُ فانطبقا
    مازال عنهُ الذي يشاغلُهُ
    حاكاهُ ربُّ العُلا وقد صدقا.
    قلبٌ بربّ ِ الوجودِ مُلتزمٌ
    في عفوهِ آملٌ بهِ وثَقا
    مامن ظنونٍ أتت لخاطرِهِ
    حاشا وحاشا فلا بها نَطَقَا
    وحيٌ عليهِ الإلهُ أنزلهُ
    نورًا إلى العالمينَ فانبثقا
    في حلّةِ الصّادقينَ مُنحدِرٌ
    دعوَى العبادِ المَقامُ قد صدقا
    عند سدرةِ المنتهى مناقبُهُ
    يا خيرَ مسعى ومن إليهِ رقا
    جم الشكر وعظيم التقدير معالي الدكتورة على هذه الرحلة الروحانية العطرة
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: السمو الروحي في قصيدة " والنجم "..للشاعرة الدكتورة أحلام الحسن..ومضة نقدية بقلم :سيد فاروق Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top