• اخر الاخبار

    السبت، 9 يونيو 2018

    "" ثقافاتٌ ورؤى "".. الدكتورة أحلام الحسن تكتب عن : الخُمسُ الشرعي واقعُهُ ومستحدثاته ..

     



    إتّفقت كافة الطوائف والمذاهب الإسلامية على وجوب الخمس الشرعي واختلفت حول حول ماهية صرفه .. وماهي تلك الغنائم التي يوجب الشرع تخميسها ومن هم مستحقيه ..
    ولتسهيل وصول المعلومة للقارئ الكريم أورد هذه المعلومة :
    (( الخمس هو عبارةٌ عن قيمةٍ مالية من مالٍ أو قيمة مالية من ممتلكاتٍ يتمّ تخميسها وتوزيعها على مستحقيها وفق المذهب المعتمد لباذل الخمس )).. حيث يُقسّم على خمس أخماس .. وُزّعت وفق الآية الشّريفة على عهد رسول اللّه "ص" ..
    وتعرض الخمس لعدة تغيراتٍ واجتهاداتٍ وتأويلاتٍ من بعد رسول الله " ص" على عهد الخلافة الإسلامية والأموية والعباسية حيث مُنع صرف الخمس لذوي القربى .
    وتعرض الخمس في زماننا لحالاتٍ مطاطيةٍ تخدم المصالح بين الإفراط فيه وبين التّفريط فيه ،
    واتسعت رقعة الخلاف مؤخرًا حول طرق تطبيق وجوبه شرعًا عند الفريقين وفق التقسيمات والوضع الحالي ، ومن عدم وجوبه في العصر الحالي ..
    وهنا أوردُ بعض محطّات الخلاف بين العنصريين الأساسيين في الموضوع المذهب الشّيعي الإثنى عشري والمذهب السّنيّ أذكر منها باختصار :

    وجوبُ الخمس وفقَ المذهب السّنّي :

    يُخرج الخُمس من غنائم الحرب فقط وفق الآية الكريمة :

    ((وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))
    الأنفال ٤١ ..
    وجوبُ الخمس في المذهب السّني كالآتي :

    سهمُ اللّه : ويصرف في اعمار الكعبة والمساجد وما يختص في ذلك .

    سهمُ رسول اللّه " ص" : يتصرف فيه النبي من إعطاء المجاهدين واعداد جيش المسلمين وما يراه النبي " ص" من المصالح الخاصة والعامة .

    سهم ذي القربى : لقرابة رسول اللّه من بني هاشمٍ وذريته .

    السهمان الباقيان : تصرف على الأيتام والمساكين وابن السبيل من عوام المسلمين .
    وكما هو معروفٌ عند المذهب السّنيّ أنّ الخُمس فقط في غنائم الحرب لا غير ..
    وعلى إثر هذا التخصيص عند المذهب السّني في جواز إخراج الخمس توقّف إخراجه توّقفًا تامًا في زمننا حيث لا حروب إسلامية ولا غنائم .

    وجوبُ الخُمس وفقَ المذهب الشيعي :

    يرى المذهب الشيعي أنّ الخمس فرضٌ شرعيٌ لا يختص بغنائم الحرب بل كلّ ما يغنمه الإنسان في الحرب واللاحرب حتى الهدايا الشخصية يجب تخميسها وأورد هنا ما يجب فيه الخمس وفق تلك الإجتهادات :

    ١/ كنوز الأرض من ذهبٍ وفضةٍ وماسٍ ومعادنٍ وأحجار كريمةٍ وبترول وكنوزٍ مدفونةٍ مجهولة .
    ٢/ كنوز البحر من لؤلؤٍ ومرجانٍ .
    ٣/ الذهب المخزون والحلي والذي مرّ عليه الحول دون استخدامه لبسًا أو إنفاقًا .
    ٤/ غنائم الحرب .
    ٥/ خمس المكاسب حيث يُخمّس الآتي :
    أ.. المال الذي مضى عليه الحول .
    ب- المال المخصص للحج .
    ت- أرباح الكاسب " بأنواعها وشرطية مرور الحول عليها " وفيه خلافٌ بين الفقهاء "
    (( كلّ هذه الأوجه يجب إخراج الخمس من قيمتها وهي قيمةٌ مالية كبيرة تبلغ 20 في المئة من المبلغ أو السعر الإجمالي ))

    المستحقّون للخمس وفق المذهب الشيعي والذي يجب دفع الخُمس لهم :
    يُقسم الخُمسُ عند المذهب الشيعي إلى نصفين على الجهات الست المذكورة بالآية كما يلي :

    كما في آية الخمس أعلاه .. سهمُ اللّه وسهم الرّسول " ص" ولا خلاف بين الطائفتين في أوجه صرفه كما ورد أعلاه
    في رعاية ما يخدم المسلمين من اعمار المساجد واعداد جيش المسلمين وعتاده وحاجة رسول "ص" منه يتصرف فيه بما يرى فيه المصلحة العامة .

    ٣/ سهمُ ذي القربى للإمام من آل البيت عليهم صلوات اللّه وسلامه .

    والسّهمان الأخيران يوزّعان على :

    اليتامى والمساكين وابن السبيل من قرابة رسول اللّه " ص" من بني هاشمٍ وبني أبي طالب حيث حرّم اللّه عليهم الصدقة وأحلّ لهم الخمس .. " دون عوام المسلمين "

    (( قضيةٌ مهمةٌ للغاية ومحور الخلاف الفقهي بين الفريقين )) وأورد أهم محاورها :

    المحور الأول الأسهم :

    الأسهم الثلاثة الأولى وفق المذهب الشيعي تكون من حقّ الإمام المهدي المنتظر جواز التّصرف فيها .. بحكم سهم اللّه وسهم رسول الله " ص " وسهم ذي القربى يكون لخليفة رسول اللّه حقّ التّصرف فيها بما شرّعه اللّه وفي خدمة مصالح المسلمين وإنشاء منشأتٍ ودعم مدارس الدين وغيرها وسهم ذي القربى .

    قضيةٌمحورية :

    بما أنّ الرسول والإمام المهدي عليهما صلوات اللّه وسلامه غير متواجدين اجتهد علماء الشيعة بإنابة المجتهدين الفقهاء باستلام تلك الأموال والتصرف فيها بما ينفع المسلمين وقضاء بعض حوائجهم كما أنّ للمرجع الديني الحقّ في أخذ حصته والتّصرف في ذلك المال بحكم فتوى ولاية الفقيه .. ولا تقتصر هذه الفتوى للعاملين وفق نظام ولاية الفقيه بل يعمل بها كافة المراجع إلاّ القليل منهم ولكل مرجعٍ مكتبه الخاص في استلام تلك الأموال وصرفها وفق النصّ الشرعي في الخمس .

    ٱشكالية شرعية حول المحور الأول :

    طالما أنّ الأسهم ١و٢و٣ من حقّ رسول اللّه " ص" أو الإمام المهدي بعد ظهوره الشريف انقسم الشارع الفقهي لقسمين :
    الأول : يرى عدم جواز التصرف في تلك الأموال بل عدم جواز الإنابة وعليه عدم جواز استلامها .

    الثاني : جواز الإنابة عن الإمام المهدي عجّل اللّه ظهوره وأخذ المراجع والفقهاء أموال الخمس والتصرف فيها بما ينفع المنشأت الإسلامية والدولة المسلمة وقضاء حوائج المسلمين .

    المحورُ الثّاني :

    سهما اليتامى والمساكين وابن السبيل
    وفيها النصف الثاني من مال الخُمس وهنا يقع اختلافٌ فقهيٌ كبير بين السّنة والشيعة في جهة استحقاقه وكما ذكر أعلاه " أن الخمس فقط من غنائم الحرب " عند المذهب السني فقد خصّ كلّ من الفريقين الآتي :

    السّنة : هذه الأسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل من عوام المسلمين " من غنائم الحرب " .
    الشيعة : ٣/ ٤/ ٥ لبني هاشمٍ جيلًا بعد جيلٍ لا تتوقّف .
    وقول اللّه واضح ( ولذي القربى واليتامى والمساكين ) قال الفقه الشيعي اليتامى والمساكين من بني هاشمٍ فقط .

    أشكالياتٌ وتساؤلاتٍ يفرضها العقل والمنطق :
    أولًا :
    هل من المنطق والعدل الرّباني بأن يخصّص اللّه نصف أموال الخمس وتقدّر بالملايين لفقراء السّادة من بني هاشمٍ لقيام الساعة دون بقية المسلمين والتي تبلغ 20 بالمئة وهي أموالٌ ضخمة .. بينما لفقراء المسلمين الزكاة فقط والتي تقدر قيمتها ب 2 ونصف بالمئة فقط !!
    ألا يعدّ ذلك دولةً وطبقية قد تّولد البغضاء وتفجّر الوضع لولا حكمة العقلاء .

    ثانيًا :
    خصّ اللّه أهل بيت النبوة صلوات اللّه وسلامه عليهم بالخمس لقوله تعالى " وذي القربى " وحرّم عليهم الصدقات اكرامًا لمقامهم الشريف ومكانتهم العظيمة فهم المصطفين الأخيار ..
    فلا يُقاس سواهم بهم .

    ثالثًا :
    أ - حصرُ الخمس في غنائم الحرب يوقف العمل بالخمس لكونه أحد فروع الدّين ولكون الأمّة الإسلامية في عصرنا الحالي أمّة مستضعفة فلا ترتجى غنائم ولا سواها .

    ب - كنوز وثروات الأرض والبحر المتعددة التي جعلها اللّه لعباده كالذهب والفضة والماس والأحجار الكريمة والبترول وغيرها وكنوز البحر سيُستأثر بها ولن يحظى المجتمع الإسلامي منها بشيءٍ .

    القضية تحتاج إلى إعادة نظرٍ ودراسة فقهيةٍ مستفيضةٍ عند الطائفتين للوصول للحكم الفقهي الآمثل وإعطاء كلّ ذي حقّ ٍ حقّه والإستفادة من هذا الفرع الديني الكبير الذي يحمل معه الخير للأمّة كافة .. فهو عملية اقتصادية كاملة لو لاقت الإنصاف .

    **كاتبة المقال

    كاتبة صحفية وشاعرة عربية

    رئيس القسم الثقافى

    بموقع وجريدة

    "الزمان المصرى"
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: "" ثقافاتٌ ورؤى "".. الدكتورة أحلام الحسن تكتب عن : الخُمسُ الشرعي واقعُهُ ومستحدثاته .. Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top