ان من أجل وأفضل الغايات التى تسعى اليها رسالة الاسلام وتعمل على تحقيقها أن يكون الإنسان صاحب خلق سليم ونظيف لتكون الحياة سليمة ونظيفة وفاضلة وشريفة ، ليصل الإنسان إلى المثل الاعلى له من الشرف والنزاهة . ومعرفة الحق . والاستمساك بأداب الفضيلة ، ويصل المجتمع إلى المثل الأعلى بالتعاون بين افراده واحترام الاخرين والايثار والتضحية ، والمحبة والصدق والاخلاص والامانة والوفاء ، والاستعلاء على الهوى والنفس والشهوة ، والتخلص من امراض القلوب كالكبر والتعالى ، وهذه كلها من مكارم الاخلاق التى بعث الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتنميتها فى حياة الناس .... وهذه الأخلاق الفاضلة السامية نجدها فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية الشريفة ، فقد أعطى الإسلام للأخلاق أهمية عظيمة ، لأن الأخلاق تأتي في سلم أوليات التعامل البشري ، والترابط الاجتماعي بل والأساس الحضاري ...
ومكارم الأخلاق منها ما هو طبع ، يتفضل الله - سبحانه وتعالى- على بعض خلقه ، فيجبلهم عليها ويطبعهم بها من غير كسب منهم ولا جهد وهذا فضل من الله واسع ، أما من لم يوتى مكارم الأخلاق فهو مكلف بمجاهدة نفسه وحملها على الأخلاق ، فإن النفس قابلة لذلك .
والله جل وعلا ما شرع عبادة من العبادات إلا لتطهير نفوس العباد, فبطاعة الله تسمو الأخلاق وترتقي بما يخالجها من الأحاسيس في لذة العبادة التي هي سر في شرع الله .
ومن تلك العبادات التي يتغير فيها خلق المسلم "عبادة الصيام " حيث أن الصائم يكتسب من صيامه فوائد كثيرة وحكم عظيمة، منها: تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة والصفات الذميمة كالشر والبطر والبخل،والكذب ،والنفاق ، وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم والصدق ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.
ها هو شهر رمضان المبارك يودعنا ، ويشد رحاله مستأذنا" بالرحيل ، والحزن والأسى يملآن قلوبنا على فراقه، كيف لا!! وقد كانت أيامه أحسن الأيام ، ولياليه أحسن الليالي، والله عن تجربة شخصية : فقد وجدت فيه السعادة والهناء، والفرح والسرور بالصيام والقيام وتلاوة القرآن، وزيادة الإيمان في القلب ، فلله الحمد كثيرا، وله الشكر كثيرا على آلائه ونعمه وإحسانه وفضله ، ونسأله - سبحانه وتعالى - أن نكون من المغفور لهم ، ومن عتقاء هذا الشهر الكريم من النار ..
فقلوبنا تكاد تتقطع أسى على فراق هذا الشهر الكريم ، وعيوننا تدمع حزناً على فراقه وذلك لما لهذا الشهر من مكانة خاصة في قلوبنا ، فمن خلال أيامه المباركة تعلمنا دروسا" وعبرا" عظيمة من بينها مجاهدة النفس عن هواها من خلال لذة مواصلة الطاعة والعبادة وقراءة القرآن ، والمداومة علي الصلوات الخمسة والسنن والتراويح والقيام والتهجد وغيرها من العبادات ، وأعمال الخير من برالوالدين ، وصلة الأرحام ، ومساعدة المساكين والمحتاجين ، والتسامح والتعايش والمودة بين الناس ...
نقول بألسنتنا وقلوبنا:وداعا يا من شيدت في نفوسنا بناء الأخلاق ، وجعلت من الصائم إنسانا عفا نبيلا تحجزه فضائله وتمنعه شمائله أن يشارك في لغو ، أو سب ، أو لعن ، او أن يرد على إساءة لأنه صائم ، ومن ثم أصبح إنسان على خلق لأنه يحجز لسانه عن كل إساءة وتطاول ابتغاء مرضاة الله ، ويمنع نفسه من كل متعة ولذة ابتغاء وجه الله ....
السؤال هنا : هل نستطيع أن نستغل هذه الفرصة القيمة والتى لا تتعوض ونحافظ علي الوقاية التي تحصنا بها طوال هذا الشهر العظيم ؟ ونعتبر أن أخلاق شهر رمضان هى نفس الأخلاق لشهر شوال ، ونفس الأخلاق لشهور السنة كاملة ..
0 comments:
إرسال تعليق