مظاهر كاذبة.. أقل ما يمكن وصفه لهؤلاء الذين يجيدون الفشخرة والمباهاة وتقمص دور المتحذلقين .. فقد قرأت خطاب دعوة لحضور عرس بأحد الفنادق وقد زيل أسفله ( ينبه علي حامله الالتزام بالزي الرسمي )
والذي أعرفه أن الزي الرسمي يكون خاصا ببعض الهيئات والمؤسسات كرجال
الشرطة والقوات المسلحة ورجال الدعوة) وقت عملهم وفقط وفي الفترات المحددة طبقا للتعليمات الخاصة بكل مؤسسة . أما الزي
الرسمي فلا أعرف له هيئة مخصصة وقد تعارف الناس أن ساكن المدينة يرتدي بنطالا
وقميصا وابن القرية في الغالب له زيه الخاص والمتعارف عليه. ولا توجد قوانين تحدد ملابس الناس إلا أنها أعراف درجوا
عليها واستراحت لها عيونهم .
ذات مرة كنت مدعوا لحضور أمسية دينية بأحد النوادي المحترمة وقد
خصصوا مكانا للندوة بالنادي الاجتماعي وقد ذهبت كعادتي بعد ارتداء العمامة والكاكولا
. وفي المدخل الرئيس لبوابة النادي فوجئت بفرد الأمن الاداري يحول دول دخولي ولما
تساءلت قال سعادته . انت لاترتدي الزي الرسمي فطلبت منه توضيحا
فقال لابد ان ترتدي القميص والبنطال . ولولا تدخل الحكماء وأهل الحل
والعقد لحدث مالا يحمد عقباه .
وعلي وتيرة فرد الأمن الاداري .تجد كثيرا من الموظفين المنوط بهم
انجاز الأعمال لعباد الله وتذليلها لهم يتعاملون بنظرية الزي الرسمي .عندما يدخل
عليه لابس الجلباب البلدي صاحب المصلحة
يمقته وينظر إليه في استخفاف وازدراء وان كان ممن حصلوا علي أعلي الدرجات
العلمية أما صاحب القميص والبنطال فهو بقدرة قادر معزز ومكرم وإن كان ممن حرموا من
التعليم وعلي درجاته الدنيا .
وقد حكي لي صديق يعمل في دولة
عربية شقيقة انه اضطر لحجز تذكرة سفر درجه أولي ووقف أمام الموظف المختص لانهاء
اجراءات سفره وبعد ان فحص الموظف المذكور التذكرة قال له ( فليأتي الراكب ) وعندما
قال له صديقي الذي شاء حظه العثر انه كان يرتدي جلبابا من النوع الراقي .انه هو
صاحب التذكرة إلا ان الموظف لم يستوعب كلامه ولم يعيره انتباها اذ كيف برجل بجلباب
يحجز تذكرة علي الدرجة الأولي كان ثمنها ثلاثون الف جنيه .ولولا معارف صديقي واتصاله
المباشر بمدير الخطوط الجوية الذي قدم اعتذارا لسلوك الموظف الغشيم .
وتبقي المظاهر الكاذبة والسلوكيات المشينة لصغار العقول حجر عثرة
أمام تصرفات يرونها صائبة وهي خاطئة بالتأكيد . ويعكس انطباعا سلبيا
لكثير من المؤسسات والهيئات .ولن أنسي صديقي الذي يرتدي ثيابا بلديا إلا انه عندما
يريد السفر يسارع بتغيير هيئته من خلال ارتداء البنطال والقميص ولما سألته ماالذي
يدعوك الي ذلك قال ( غالبية رجال المرور يحترمون أصحاب البناطيل ) هكذا قال .ا
علم كغيري أن الزي مالم يكن مخصصا
فالناس احرار . وانه لايوجد نص نافذ بشكل وهيئة مايسمي بالزي الرسمي ففي
دول الخليج غالب الناس وأساتذة الجامعات والوزراء يجدون راحتهم في الثياب وان
تعددت اشكاله والوانه اضافة الي العقال
باعتباره موروث تعارف عليه الناس .ولا أفضلية بين رجل ثيابه البنطال والقميص وبين
أخر يرتدي الجلباب البلدي فالأفضلية تكون بالتقوي والعمل الصالح والسلوك القويم
ومساعدة الناس دون ضجر أو تحقير ودون تنمر ..هذا ما أعرفه ويعرفه العقلاء والحكماء
..أليس كذلك ؟؟
**كاتب المقال
كاتب وباحث مصرى
0 comments:
إرسال تعليق