انتزعت الولايات المتحدة جزيرة غوام من إسبانيا في 21 يونيو عام 1898، ثم انتزعتها اليابان منها في عام 1941 لتستعيدها بشق الأنفس، وهي الآن تعدها لتكون بمثابة منجنيق ضد الصين.
هذه الجزيرة الصغيرة في المحيط الهادئ والتي تبلغ مساحتها 541 كيلو
مترا والتي تضم قاعدة رئيسة للقوات الجوية والبحرية الأمريكية، أصبحت تحظى بأهمية
استراتيجية متزايدة لواشنطن في ضوء موازين القوى الجديدة في المنطقة والصراع حول
"تايوان".
الولايات المتحدة تعمل في السنوات الأخيرة مع اشتداد التوتر مع الصين
حول تايوان، على تعزيز قواعدها في الجزيرة، باعتبارها خط المواجهة الجديد مع بكين.
وسائل إعلام أمريكية ترى أن أي مواجهة محتملة مع الصين، ستكون جزيرة
غوام قاعدتها الأمامية. انطلاقا من هذه الجزيرة تستطيع "الطائرات والسفن
الأمريكية الوصول إلى آسيا بشكل أسرع بكثير مقارنة بهاواي أو البر الرئيس للولايات
المتحدة"، ولهذا السبب يصف الجيش الأمريكي غوام بأنها "منجنيق"
لإسقاط القوة في هذه المنطقة النائية.
واشنطن على الرغم من وجود قواعد عسكرية لها في جوريا الجنوبية
واليابان إلا أنها تفضل العمل في مواجهة بكين من جزيرة غوام لأنها
"ملكية" لها، وتشجع أستراليا على مرابطة قواتها الجوية والبحرية هناك.
تقرير لخدمات أبحاث الكونغرس الأمريكي كان صدر في أغسطس عام 2023
يكشف أهمية هذه الجزيرة بقوله: "غوام هي أقصى غرب الولايات المتحدة في منطقة
المحيطين الهندي والهادئ، وهي موطن لحوالي 170.000 مواطن أمريكي. تمتلك وزارة
الدفاع الأمريكية حوالي 25 ٪ من الأراضي في غوام وتدعم حوالي 6400 فرد عسكري في
الخدمة الفعلية في الجزيرة. موقع غوام الجغرافي وهو الأقرب إلى بكين من هاواي،
يمنحها دورا مهما في الدفاع الوطني لدعم العمليات الجوية والبحرية في منطقة غرب
المحيط الهادئ. الدفاع الفعال عن غوام أمر بالغ الأهمية لردع الصين عن العمل
العسكري ضد تايوان
هذا التقرير الأمريكي يشدد أيضا على أن غوام هي "مركز استراتيجي
لا غنى عنه للولايات المتحدة"، لأنه "يسمح للولايات المتحدة بإبراز
قوتها بنجاح في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبالتالي تحمل التزامات أمنية
موثوقة للولايات المتحدة تجاه حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين الموجودين
هناك."
هذه الأهمية الكبيرة التي توليها الولايات المتحدة للجزيرة تظهر في
تخصيصها حوالي 7.3 مليار دولار للبنى العسكرية في الجزيرة في خطة وزارة الدفاع
الأمريكية في ميزانيتها بين عامي 2024 –
2028 .
علاوة على ذلك، تخطط وكالة الدفاع الصاروخي لتخصيص مبلغ قدره 1.7
مليار دولار إضافية لبناء نظام دفاع صاروخي متكامل في غوام، كما يخطط سلاح مشاة
البحرية الأمريكية لنقل 5000 من مشاة البحرية المتمركزين في قاعدة أوكيناوا في
اليابان إلى قاعدة جديدة لمشاة البحرية كانت افتتحت بالجزيرة في عام 2020.
اعتماد الولايات المتحدة على قاعدة غوام وتعزيزها تحسبا لأي حرب
محتملة مع الصين، يجعل منها في نفس الوقت هدفا للصين في أي نزاع. بكين التي تمتلك
ترسانة من الصواريخ المتطورة وأسطولا من حاملات الطائرات يمكن أن تستهدف القواعد
الأمريكية في غوام لشل حركة الجيش الأمريكي في منطقة غرب المحيط الهادئ.
الولايات المتحدة تجري مع دول حليفة مناورات عسكرية في منطقة المحيط
الهادئ، وهي تعتمد على الجزيرة باعتبارها قاعدة أمريكية متقدمة لأي مواجهة محتملة
مع الصين.
الولايات المتحدة تفضل العمل ضد الصين من جزيرة غوام، لأنها توفر لها
حرية الحركة بشكل مطلق من دون الحاجة إلى الحصول على موافقة الدول الحليفة مثل
اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين في حالة احتياجها لاستخدام أراضي هذه الدول في
الحرب المحتملة بشكل متزايد مع الصين.
تركيز الولايات المتحدة على إقامة منظومة دفاع صاروخي في الجزيرة،
يرجح أنها ستبدأ العمل العام الجاري، مؤشر على أن الولايات المتحدة تعد غوام لتكون
خط مواجهة أمامي في أي صراع عسكري ليس فقط مع الصين بل ومع كوريا الشمالية.
المصدر: RT
0 comments:
إرسال تعليق