• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 18 يونيو 2024

    البنتاميرون ..حكاية الحكايات ..بالعربية لأول مرة عن المتوسط

     


    كتب : حافظ الشاعر

    صدر حديثاً، عن منشورات المتوسط-إيطاليا، كتاب جديد وهو كتاب (حكاية الحكايات) والمعروف بـ "البنتاميرون"، أو الأيام الخمسة، والذي نُشر للمرة الأولى في الفترة بين 1634-1636، في مدينة نابولي الإيطالية وبلهجتها آنذاك. الكتاب من تأليف الشاعر والقاص الإيطالي جامباتِّيتسا بازيلِهْ، ونقلهُ من لهجة نابولي إلى اللغة الإيطالية الحالية، الفيلسوف الإيطالي الكبير بِنِدِتُّو كروتشِهْ وصدر عن دار النشر "لا تيرتسا" سنة 1925، وعنها ترجمه إلى اللغة العربية المترجمان القديران يوسف وقاص وأمارجي.

     

    قبل الأخوين غريم، وشارل بيرو، وهانس كريستيان آندرسن كان هناك جامباتِّيستا بازيلِهْ. فـ "ساندريلا"، و"القطُّ أبو جزمة"، و"ذات الرِّداء الأحمر"، و"عقلة الإصبع"، و"العذراء في البرج"، وكثيرٌ غيرها، بدأت من هذا الكتاب، “البنتاميرون” أو الأيَّام الخمسة، الذي وصفه إيتالو كالفينو بأنَّه: “حلمٌ نابوليتانيٌّ محوَّرٌ من شكسبير”، بينما وصفه بِنِدِتُّو كروتشِهْ بأنَّه “أجمل كتابٍ وصلَنا من عصر الباروك الإيطاليِّ”، وبأنَّ فنَّ الباروك، قبل هذا الكتاب، كان عكِراً، وتحوَّل (مع البنتاميرون) إلى بهجةٍ صافيةٍ.

     

    وهنا من منشورات المتوسط، نضع بين يدَي القارئ العربيِّ، ولأوَّل مرَّةٍ باللغة العربية، الكتاب الذي يُعَدُّ أوَّل مجموعةٍ أوروبِّيَّةٍ من الحكايات الشَّعبيَّة وأهمَّ وأشهر نصٍّ حكائيٍّ في الموروث الأدبيِّ الإيطاليِّ، نصٍّ لطالما شكَّلَ نواةً خصبةً لإعادة إنتاجٍ حكائيٍّ غزيرةٍ في الثَّقافة الأوروبِّيَّة، وخاصَّةً في القرنين الأخيرين، جامعاً في طيَّاته بين نماذج وتقاليد أدبيَّةٍ مختلفةٍ (الخُرافات والأساطير والأمثال والنِّكات والنُّصوص المقدَّسة والمعتقدات الشَّعبيَّة وأحاديث المنازلِ الرِّيفيَّة والحانات والأسواق، وقصص العفاريت) ينسجها بازيلِهْ في إطارٍ حكائيٍّ يذكِّرُ بالمحكيَّات الشَّرقيَّة، وخاصَّةً “ألف ليلةٍ وليلة”، ووفق بناءٍ دائريٍّ تشكِّل فيه الحكاية الأولى المطلعَ السَّرديَّ الذي تنبثق منه الحكايات التِّسع والأربعون الأخرى لنعود في الحكاية الأخيرة إلى الحكاية الأولى على شاكلة ثعبانٍ يعضُّ ذيلَه. ولكن بخلاف “ألف ليلةٍ وليلة” التي تُروَى فيها الحكايات ليلاً، وترويها امرأةٌ واحدةٌ فقط، تُروَى حكايات “البنتاميرون” الخمسين نهاراً، وترويها عشر نساءٍ سليطات اللِّسان على مدار خمسة أيَّام.

    النشر والترجمة:

    يصعب حصر عدد الطبعات والترجمات التي صدر بها الكتاب حتى الآن، ولكن المؤكدة منها زادت عن 400 طبعة بين جميع اللغات في العالم. وحسب الإحصاءات، وبحثنا في اللغة العربية، فهذه هي أول ترجمة له إلى اللغة العربية.

     

     

     

    في المسرح:

    حول المؤلف الموسيقي والمخرج المسرحي الإيطالي روبيرتو دي سيمونه قصة (القطة سندريلا) إلى أوبرا مسرحية سنة 1976.

    في السينما:

    أول عمل سينمائي مقتبس (بغموض) من حكاية الحكايات هو فيلم فرانشيسكو روسي الشهير (أكثر من معجزة) 1967، من بطولة عمر الشريف وصوفيا لورين.

    في سنة 2015 ظهر فيلم حكاية الحكايات باللغة الإنكليزية بعنوان (Tale of Tales)، ولكنه من إخراج الإيطالي ماتيو غاروني وبطولة سلمى الحايك وفنسنت كاسل، وقد نافس الفيلم على سعفة مهرجان كان الذهبية سنتها.

    في سنة 2017 ظهر فيلم الرسوم المتحركة الإيطالي بعنوان (القطة سندريلا) في محاكاة لأقدم نسخة مكتوبة من حكاية سندريلا الشهيرة، المأخوذة من كتابنا هذا.

    عن المؤلف:

    وُلِدَ جامباتِّيتسا بازيلِهْ، وفقاً لرواية بِنِدِتُّو كروتشِهْ، في نابولي نحوَ عام 1575، وتوفِّي فيها سنةَ 1632. كان شاعراً وقاصّاً تطوَّع في شبابه لخدمة جمهوريَّة البندقيَّة، وبعد فترةٍ قضاها بين البندقيَّة وكانديا، كجنديٍّ مرتزقٍ، عاد إلى نابولي في عام 1608 حيث أدخلته أختُه أدريانا، المغنِّية الشَّهيرة آنذاك، صالونات النُّبلاء وسرعان ما بدأ حياته المهنيَّة كرجُلِ بلاطٍ وقائمٍ على تنظيم الفعاليَّات الثَّقافيَّة. خدمَ العديد من الدُّوقات والأمراء وكان مقرَّباً من الدُّوق فينتْشِنْزو غونزاغا ثمَّ من ابنه الدُّوق فِرديناندو الذي منحه لقب "فارس". كتبَ الرَّعويَّات والملاحم الشِّعريَّة، ولكنَّ شغفه بالموروث الشَّعبيِّ وباللُّغة النَّابوليتانيَّة دفعاه إلى تأليف "البنتاميرون" بلهجةِ مدينته، العملِ الذي يُعَدُّ أوَّل وأهمَّ مجموعةٍ من الحكايات الشَّعبيَّة في الموروثَين الإيطاليِّ والأوروبِّيِّ على حدٍّ سواء، والذي نُشِر بعد وفاته بعنوان (حكاية الحكايات أو مؤانَسات الصِّغار) وكان مخصَّصاً في الأصل لدردشات ما بعد الغداء في صالونات نابولي أكثر ممَّا كان مخصَّصاً للقراءة. إنَّ حيويَّة اللُّغة والاستعارات الغريبة والدُّعابات اللَّفظيَّة الطَّريفة والمقاربةُ بين الخرافيِّ واليوميِّ من جهةٍ وبين الهزليِّ والرَّصين من جهةٍ أُخرى، كلُّ ذلك إنَّما يشهد على قدرة بازيلِهْ على إحياء التَّقاليد المحلِّيَّة عبْرَ فنٍّ وأدبٍ رفيعَين.

     

     

     

    من الكتاب:

     

    بعد عدَّة أيَّامٍ، استُدعِيَتْ بِنْتا مرَّةً أخرى لتؤدِّي إلى الملك ضريبةَ رغباته الجامحة؛ ولأنَّها أرادت أن تعرف ما الشَّيء الذي جعل أخاها يفتتن بها، خرجت من غرفتها وذهبت لمقابلته. «يا أخي، – قالت له – لقد حدَّقتُ في صورتي وتأمَّلتها في المرآة، ولم أجد في ملامحي هذه شيئاً يمكن أن يستحقَّ حبَّك لي، ففي الحقيقة، أنا لست لقمةً شهيَّةً لدرجة أن يرتكب النَّاس حماقاتٍ جنونيَّةً من أجلها». فأجابها الملك: «بِنْتا، يا حبيبتي، أنت جميلةٌ وكاملةٌ من رأسك إلى أخمص قدميك؛ ولكنَّها يدك التي تفتنني قبل كلِّ شيء: يدك، الشَّوكة الكبيرة التي تسحب الأحشاء من وعاء هذا الصَّدر؛ يدك، الخطَّاف الذي يسحب دلو الرُّوح من بئر هذه الحياة؛ يدك، الملزمة التي تمسك هذه الرُّوح، بينما يُعْمِلُ الحبُّ فيها مِبْرَدَه. آه أيَّتها اليد، أيَّتها اليد الجميلة، إنَّك مغرفةٌ تدير حساء العذوبة، كمَّاشةٌ تمزِّق الرَّغبات، مجرفةٌ تضيف الفحم لغلي قلبي!».

     

    وأراد أن يقول أكثر من ذلك حين أجابت بِنْتا: «لا بأس: لقد فهمتك. انتظرني هنا قليلاً ولا تتحرَّك، وسوف أعود في الحال». وبعد أن دخلت غرفتها، نادت عبداً نصف أحمق من عبيدها، وناولته سكِّيناً كبيرةً مع حفنةٍ من النُّقود وقالت له: «عليُّ، يا عزيزي، اقطع يديَّ، أريد أن أكون جميلةً في السِّرِّ وأن أحصل على بشرةٍ أكثر بياضاً». اعتقد العبد أنَّه يقدِّم لها خدمةً، فقطع يديها بضربتين، وبعد أن وضعتهما بِنْتا في وعاءٍ من الخزف الملوَّن وغطَّته بمنديلٍ من الحرير، أرسلتهما إلى أخيها مع رسالةٍ تقول له أن يتمتَّع بذاك الذي يفتنه مع تمنِّياتها له بالصِّحَّة وبالرِّفاء والبنين.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: البنتاميرون ..حكاية الحكايات ..بالعربية لأول مرة عن المتوسط Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top