حين كتبت قصيدة بحتري الشعروهي من قصائدي
الأولى
سألني أحدهم : من تعني ببحتري الشعر ؟ و
شرحت له أنني أقصد في هذه القصيدة المعاني السامية و هي التي لا يستطيع الشاعر أن
يكون شاعرا حقيقيا بدونها
و لكن الأخ السائل لم يقتنع و أراد أن
يقنعني أنني أقصد نفسي فأشبهها بكبار الشعراء فتركته يناقش و يحاور و يأتي بالجديد
المبتكر من التحليلات التي ابتعدت كثيراً عن القصيدة و محتواها
و لكنني كنت متعمقاً في قصيدتي متأثراً بها
عند كتابتها و بعد أن نضجت و قامت تسير بين القصائد فلم تؤثر تلك التحليلات في
قناعتي و لسان حالي يقول : أنا في واد و هو في واد
فالقصيدة قد تنتمي إلى الرومانسية و فكرتها جاءت
من اطلاعي على حال الشعراء العباقرة ؛ أبي تمام و المتنبي و البحتري فالنقاد
يجزمون بأن "المتنبي و أبا تمام حكيمان و إنما الشاعر البحتري " و لأن
الشعر فيه ما فيه من العاطفة و المشاعر و الخيال فقد وضعت ثِقل أفكار القصيدة على
الشاعر البحتري و تخيلته شاعرا أو إنساناً يحمل مشاعره الرقيقة و خياله الخصب و هو
يواجه الحياة و أبناءها و هم يتعاملون بلغة الحسابات و هو يزداد قناعة بأن هذه
اللغة كفيلة بتدمير الفرد و المجتمعات و يكاد أن يضعف نفسياً أمام الضغط و العنف و
يكاد أن يعترف مكرهاً بأنهم على حق
فتأتي هذه القصيدة لتنتشل هذا الإنسان و
تعالج جراحه و تمده بأكسجين الحياة المعنوية فيزداد تمسكاً بالعاطفة السامية و
الخيال البَنَّاء
و قد أجد من سبقني إلى هذا الأداء و لكن
بصيغة أخرى فها هو الكاتب الأردني محمود سيف الدين الإيراني في قصته القصيرة ( حي
الأشرفية ) يصف تاجرا يمتلك القدر الكافي من المادة التي قد تكون سببلا إلى الحياة
السعيدة و لكنه لم يكن سعيدا لأنه كان يعاني من الفقر الروحي
و لكنني حين تتبعت مسيرة الحكماء وجدت
الحكمة - إذا طُبِّقت - طريقاً للحياة المثالية بما فيها من عاطفة و تسامح فقد يكون صاحب الحكمة من الذين يحملونها في
عقولهم و لكن أفعالهم بريئة منها
أما البحتري فقد يخونه التعبير المنطقي عن
عواطفه فيتغلب الماديون عليه و رأيته أحياناً ينفعل و أحياناً أخرى لا يتقن الطرق
السليمة فيؤذي و يجرح و ينسى البحتري أحياناً كثيرة أن المحبة كالبناء بحاجة إلى
عقلية فذة تدرك أهمية الأساس المتين و الرصف المتكامل فإذا بالبحتري يصرخ متأسفاً
:
يا ليتني كنت حكيما
0 comments:
إرسال تعليق