أما آن لك أن تهجر الصمت المقيت الذي صار العلامة الفارقة التي يشار اليك من خلالها بالبنان؟!!
صاح به
أمام الجامع الذي نادى من على المنبر،أن جناً أسود من اهل الكفر تلبس جسده ولن
يخرج حتى الفناء..ارموه أرضاً وابعدوه!!
—بلغت
من المخاوف ما لفت النظر إليك مدججاً بأقوال الريبة والاستغراب،تسيح ملتاعاً وسط
متاهات من الاسئلة العقيمة الاجابات ؟!!
ناداه
مدير المكتبة العامه وهو يبصره يمرق مهرولاً
صوب
ضفاف الشط لاماً دشداشته الملحاء المخرمة أثر جمر السجائر التي لاتفارق فمه.
منسي لا
احد يعرف الى أين يذهب ومن أين يجيء، ثمة ما يجعلنا نطمئن ولا نخاف نظراته البارقة
بضوء قاتم يصيب الناظر اليه بوهن،ولد خاوٍ ثقيل الفهم ، مرتبك يهذي بكلمات ناقصة
النهايات، غير دالة على مايريد الافادة منه،يغمض عينيه الذابلتين مثل ورقة بردي
لزمن موغل بالخديعة مثيراً للدهشة ،حين يفتحهما على الاتساع محاولاً الامساك بما
يراه مهماً تفيض روحه ببكاء ملكوم،لايتوقف الا عند اطفلال الشمس ورحيلها البطىء،
يرفع يديه محاولاً ايقاف خطاها ،طافحاً ببهجة الابتسام الرائق المفعم بالتأثير.قبيل
الهمس العاتب،يجلو صدأ حنجرته بقهقهات صاخبة تلفت الانظار اليه.
—مالذي
تفيدينه من مجيء ورحيل اما مللت هذه الرحلة المقيتة التي لاتسمعين من أجلها كلمة
استحسان وعرفان،، تقدمين عصارة روحك العذبة لاناس لا يستحقونها،،جربي الغياب لبضعة
أيام لتري كيف يتصرف الاوغاد الملتاثين بإبادة بعضهم البعض.. لم أرهم يخجلون منك
يوماً وما حسبوا لكِ حساباً،،أغوتهم خراباتهم فما التفتوا اليكِ.. اسمعي ما اهجر
به ولو لمرة واحدة، واحدةٍ لاغير!!
تسقيه
روحه الثملة بالارتباك،في خلسة وقحةً مفضوحة المقاصد بعضاً من رماد أحزانه التي
لايجد لها مبرراً مقبولاً يدفع به الى أمام،كلما تقدم برضاه خطوةً، أعادته الروح
اللائبة مئات الخطوات المثيرة لثعوالة مآسية المتكاثرة مثل قوافل نمل بطيئة لكنها
لا تخيب ظنون مساعيها أبداً،يتلمس بدقة المستسلم غير الراغب بالرحيل حواف وجوده،
محاولاً معرفة بقاياه الساعية الى الاندثار و التلاشي، يداعب اطراف اصابعه بحركة
قلقة تزيد من دقات قلبه المليء بالحسرات العاجز عن أبعادها بدقة يلعب وياها لعبة
جر الحبل،تقوده بيسر الى مدن الاوهام التي يكره المكوث عندها طويلاً، شوارع
وازقةوخمارات زاهية بالفراغ، تأخذه الى أحضانها عنوة،لكنه يتفرغص من بين يديها
هارباً الى جهة مهجورة تنسيه مواجعه،يصرخ بصوت مبحوح متخاذل—مالذي جرى، ؟!
/ ممممممممما
الللللذي جججحرى ى ى؟!!/
يرمي
شباك تلعثمه الى عتمة الأنهار التي لايعرف جفافها منذ دهور بعيدة،وحين يشعر الامان
والاستقرار، يحرك يديه ساحباً الثقل المتزايد الى صدره المتصاعد الوجيف بابتهاج
مايلبث ان يعيد توازنه القلق وحدته الثابتة مثل جدار اسمنتي صلد خشن الحواف،تفاوض هواجسه الاخذة بالنمو،فراغ
الشبكة يملأ عينية بكاء خارج عن ارادته،بكاء غريب يقترب من الفرح،بإيمان صوفي يجس
نحافة الخيوط التي احتضنت بعضها متكورة،
رافضة الانفصال ،يصاب جسدة الخيزراني بقشعريرة
أثلجت أطرافه المرتعشة./آه من قحط السؤال
وريبة
الاجابات/ تحيل معناي الى رمال شواطيء
تدوسها أقدام المارقين لمداعبة أثداء البحر الهاربة صوب آلفة وجودها/يابس حداؤك، /حنجرتك
قسوة سوط مدهون بالاحتقارتبعده المسافات بقسوة وتجلسه فوق عرش عبوديته، المختومة
بخنوع الاكاذيب/يحكى .. ..أنه مات كمداً فوق ظهر جواده الذي نعاه حزناً، فابكى كل
عارفيه لينثالوا مثل مطر مدرار بمدائح ما وجدت في كتاب،وما لفضها لسان قبل الوقت
ذاك،،قيل أنه دفن وحصانه الادهم وقوفاً بعد أن كفن بحريرٍ ناصع البياض يحاوطه خيط
من الاحمر الغامق،موشى بزهور الاقحوان الصفراء المنحنية رؤوسها الى الاسفل بحركة
خجلة،
وقيل إن
الاتباع والجواري وملك يمينه غسلوا اجسادهم بسواد طيني، وتبعوا خطواته،إذ لاسيد
مهيب مطاع بعده، بعد ان حملوا ما عتقدوه إحتياجاً ، مشت أجسادهم بحيادية المنكسر
صوب المدفن الذي زينته قبباً تلصف اصفراراً. بهدوء شديد الوقاحة والخمول تلمه دهور
عجزه محاولة اعادة تكوينه الذي ماعاد صالحاً،مثل بغل هائج شرس يرفس كل ما تطاله
قدميه،ليمضي مسحولاً بحبال رغباته، الى مايرسم رأسه الطافح بالاماني من حكايات
جواله بدهاء المكتشف بين موانيء المدن المتاخمة للبحار،كان قبل اكتشافه
الذي جدد عبق ملذاته قليل الانسياق أمام مايقال من الحكايات
التي أصبحت بثقل حجارة جبل،يقف مبهوراً قبالة لغط القول وآثام الافكار ،تشير اليه
من لبْ الامواج الهادرة التي لاترغب بالاستقرار عند اليابسة، يروح اليها دون أن
يسمح لحنجرته الملثومة بأعلان رغباتها الممانعة لرحيل لافائدة منه، بجرأة بحار
مغامر يدوس ظهر الأمواج غير خائف من انكسارها،مانحاً ثقله خفة ريشة علَّم جسده كيف
يتعامل معها،دونما خوف وتردد،
أيام
صباه،كان والده يصرخ بقهر ،وهو يراه يلقي
بجسده
من أعلى نخلة فارعة الطول،الى عمق الروج
المنداح
سريعاً—- غضب الله عليك من أين تعلمت هذه المهارات،،رضعت اثداء الجن وماشيت
الغيلان والمردة ..منطفىء قدرك وخطواتك هلاك!!
(عند
نقطة التقاء موجتين سريعتي الاندفاع ،يتراجع الموج بصمت فاسحاً المجال لا
صطدامهما والتلاشي داخل مويجات صغيرة
تدفعها الرياح لتخلق منها رويداً امواجاً عاتية شرسة،تشبه تنانين تطلق حمماً نارية
لايمكن مقاومتها،،حطت قوافل امتحانه عند ضفاف قدميها،الغاطستين بدوارق فضية تعلوها
رؤوس ديناصورات تتقىء غضبها دون أن تصدر صوتاً،عالم مهول يتحرك بسرعة هارب
متسربلاً بأردية القلق والريبة والذهول.
*اشارت
اليه بطرف سبابتها بحركة مليئة بالمكر والخلاعة بالتقدم….فتقدم بخطوات واثقة من
فعلتها الباحثة عن وضوح الرؤيا،،!!
*اشارت
اليه بكامل كفها المبرقع بأغطية من ذهب بالتقدم..فتقدم محاولا محو لواعجه الاخذة
بالفتور ولانهدام .دون ان تترك أثراً يمكن الرجوع إليه.
*اشارت
اليه ضاحكة بصوت مسترخ ٍ مليء بغنج الانوثة بالتقدم،،.. فما تحركت قدماه خطوة
واحدة،ظلت حواسه صافنة تراقب الموانع الحديدية العملاقة المغطاة بملح البحر، خارجة
من رحم قيعانه التي لايعرف لها فتوراً، فكر ملياً بان يتراجع فليس ثمة فائدة
مادامت أنفاسه تحصي عليه رغبات أحلامه المركونة فوق رفوف خيبته منذ رفل عقله
السريع الاستجابة في بطون الكتب الهاربة
من أزمنة الحرائق والتكفير مصحوبة بخوف الفناء والتلاشي، تأخذه الكلمات الرقيقة
المعاني الى عمق محاسنها، مبحرة واياه وسط طرقات ظلت عصية عليه لسنوات ما كان يجرأ
على الاقتراب منها و سبر اغوارها العميقة،كلما همس لوجوده.
—- لم
تأخرت كان عليك أن تجيء قبل زمنك هذا؟
— أخذتني
الطرقات الى عتمة ما استطعت التخلص منها لابعد ان اتقنت الحيل كلها!!
—- المجيء
متأخراً خيراً من استسلامك المهين هناك،،تلك معادلة ظلت خافية عليك لزمن راح دون
فائدة،،الازمان التي تمضي دونما أثر يذكر أيام بور مصيرها الاهمال والنسيان!!
— خذ
وأقرأ،،إياك والاقتراب من جياد النسيان الهرمة التي توقفك عند حدود الفراغ!!
دحرجته
الحروف بغتة الى داخل عوالم اكثر دقة وصعوبة ،لمرات متلاحقة تعرضت خطى افكاره الى
عثرات،دفعته الى المقاومة والاستمرار،يرى اجنحة الكلمات ترفرف فوق رأسه المشتعل
بالأسئلة التي لايعرف كيف يتملص منها،اسئلة حمقاء تشبه سوطاً
بيد
جلاد أعمى ،مجنون بأوهامه،ينسحب الى عمق البوح راغباً باجتياز لحظات الاختبار،كلما
ود الاعلان عن وجوده كممه الصمت بأربطة آساه،،( يجلس مداعباً وحدته المأخوذة
بالفراغ،،يتلمس برفق دبيب الكلمات الثابتة الاحلام، والتي تشعره بالامان
والثبات،ما يقرأ يملأ رأسه باليقين،،يراها آتية إليه، مليحة مثل استدارة قمر،باسقة
تشبه استقامة قصبه،تبتسم بخفر ماحية
نواحات الازمنة السحيقة،التي وشمت القلوب بمقهوراتها،التي لاتعرف الزوال،تمديديها
الخفيفة الخفق الى يديه
الشاعرتين
بالارتعاش الوجل الدافع الى الانحسار،
جذبته
الى صدرها بحنو مبالغ فيه..ورويداً..رويداً
بدء
يذوب مثل بركة ماء تحت لفحة قيظ،أحالته
الى
غبار رمادي مالبث ان تلاشى عند حدود البيوت المحاطة بنباح كلاب يشبه العواء،
0 comments:
إرسال تعليق