• اخر الاخبار

    الخميس، 21 يوليو 2022

    قصة قصيرة بعنوان: من اجل ولدها..بقلم : محمد علي ابراهيم الجبير

     


    خالد شاب وسيم ،يتمتع  بالحيوية والنشاط ، في الثلاثين من عمره من عائلة ميسورة الحال متكونه منه ومن زوجته واولاده الخمسة ومن اخيه محسن وزوجته واولاده الثلاثة ومن والدتهم المسؤولة عن البيت الكبيروكان الجميع ينفذون اوامرها ولايستطيع احد في البيت مخالفتها،عمل خالد مع اخيه محسن في المقاولات العامة..

    في احد الايام  وعندانتهاء خالد من عمله وعودته من الشارع المؤدي الى بيته التقى بمحض الصدفة بفتاة جميلة ، جلبت انتباهة وابهره جمالها ، ومظهرها الخارجي ، حيث كانت ملتفة بعباءتها بشكل جيد وتمشي بهدوء واضح  يدل على رزانتها..

    تابع مسيرها وعرف انها تسكن بالقرب من بيتهم ، وعند السؤال عنها ، قالوا له انها صبريةالطيبة والدها نسيم الموظف في معمل الطابوق الحكومي ، كان انسانا طيب المعشر امين  يتمتع بسمعة طيبة ،متوفي قبل ثلاثة سنوات  ، له اربع بنات جميلات وولد ، ثلاثة بنات ، تزوجن و نسيم على قيد الحياة ، وبعد سنة من وفاته توفيت زوجتة ،ولم يبقى في الدار الا صبرية واخاها مازن وزوجته ، معتمدين في معيشتهم على راتب والدهم التقاعدي وعلى راتب مازن البسيط،تركت صبرية المدرسة ، قبل اكمال الدراسة الاعدادية ، لعدم رغبتها في الاستمرار في الدراسة،وتعلمت من والدتها قبل وفاتها فنون الطبخ واعما ل البيت واصبحت ربة بيت من الطراز الاول ،احب خالد صبرية  الفتاة الطيبة الهادئة ،وهام بحبها وهي لاتعلم. قرر خالد ان يخطبها من اهلها ،ارسل اشخاص من اهله يخطبونها له ؛قالوا لشقيقها:-

    -لقد ارسلنا خالد اليكم لخطبة المحروسه صبرية ؛

    – اهلاً وسهلاً؛نتشرف بكم ..

    -  ونرجوا ان تعلم بان خالد متزوج ولديه خمسة اطفال ؛

    -نعم نعرف  ذلك ونعرف ان والدته معهم ومعه اخيه محسن وزوجته واولاده الثلاثة؛؛

    - لقد سهلتم علينا الكثير؛

    - نحن من منطقة واحده  ونعرفهم جيداً ؛ وخالد معروف باخلاقه العالية ، و انه انسان متدين ويخاف الله سبحانه وتعالى؛

    - نعم  انها عائلة معروفة بالطيبة وبالتزامها بالدين ؛؛ومن اهل الخير،والدتهم طيبة ولاترضي على الخطأ ، وكل العائلة تأكل من  ماعون واحد ..

    - ان شاء الله ستكون صبريه واحده من هذه العائلة الطيبة ؛

    سمعت صبريه الحوار بين اخيها وبينهم ، فقال لها شقيقها ماذا تقولين يا صبريه ؟

    -لامانع يا اخي انهم  من خيرة الناس ؛

    -على بركة الله ؛

    وبالرغم من معرفة صبريه ان خالد متزوج وله خمسة اطفال ويعيش مع اخية ولديه ثلاثة اطفال ، ووالدتهم على قيد الحياة ..

    وافقت على الزواج ولم يمنعها انه متزوج ، لانها مؤمنة وتعرف ان من حق الرجل ان يتزوج  اربع  بشرط العدالة والاقتدار ، والرجل مقتدر ومتدين ، وهي لاتغشى من شيء مادام انها واثقة

    من نفسها بانها ستعيش مع هذه العائلة الكبيرة ،وبعد مدة

    ليست طويله من موافقتها وخطبتها، زفت صبريه  الى خالد  ، خُصص لها  خالدغرفة في البيت الكبير، مؤثثة باثاث ممتاز،عاشت الايام الاولى من زواجها  ، وهي تشعربالسعادة والفرح ، لاسيما ان والدة خالد قد قسمت اعمال البيت علي الزوجات الثلاثة ، كل يوم على واحده، ولم تشعر صبريه باي ردود فعل من زوجة خالد الكبيرة،واستمرت حياتهم بدون اي مشاكل ولاسيما ان صبريه تخدم الكبير وترعى الصغير وتحب الاولاد كأنهم اولادها ؛

    ابهرتهم اخلاقها الراقية وحلاوة كلامها وخدمتها في البيت دون كلل او ملل وفي احد الايام شعرت بوعكة صحية ، ذهبت  الى لطبيب وبعد اجراء الفحص عليها تبين انها حامل ؛

    فرحت صبريه كما فرحت ام خالد وفرح وكل من سمع من العائلة الا زوجة خالد الكبيرة ،اصابتها الغيرة والحسد لهذه المسكينة ،

     اعلنت الحرب عليها لالسبب سوى انها حامل؛فكرت زوجة خالد وقالت في نفسها ان صبرية  سوف  تملأالبيت اولاد وبنات ؛  وسيكون البيت لها والى اولادها في المستقبل  و سيكونون اقرب لوالدهم من اولادي، ومشاركين لهم في كل شيء وهذا لاارضاه ابداً وسوف اعمل المستحيل على طردها من البيت والخلاص منها قبل ان يستفحل امرها في البيت ؛ وفي صباح اليوم التالي قالت زوجة خالد الكبيرة لزوجها :

    -اني مريضة ؛ وبحاجة ماسه للراحة ؛وسوف أذهب الى اهلي لمدة خمسة عشر يوم ؛

    - ان صبرية في بداية الحمل ولاتستطيع القيام باعمال البيت ؛

    - وأنا مريضة ايضاً ؛ وهل تريدني أن اخدمها؟

    - كلا ولكن عمل البيت سيكون عليها مضاعف وهي بحاجة للراحة خاصة وهي في ايامها الاولى من الحمل.

    - قلت لك انا مريضة ولابد لي من الذهاب الى اهلي ؛

    عرف خالد بأن زوجته اصابتها الغيرة والحسد من صبرية كونها حامل  ومن اجل ان لاتتفاقم المشكلة وافق على ذهابها لاهلها ،

    زوجة اخيه محسن  الطيبة قالت لخالد بعد ان ذهبت زوجته لاهلها ،أنا أقوم باعمال البيت بدلا عنها، ولاتهتم وسوف اقوم بمساعدة صبريه في حالة احتياجها لاي شيء؛وبعد انتهاء مدة زيارة زوجة خالد لأهلها، ودخولها في البيت  وبدون اي سبب اسمعت صبريه كلاماً ينم عن الحقدوالكراهية لم ترد صبريةعلى كلامها ، وتركت الامرالى ام خالد التي حاولت ان تهدأ الامر وقالت لصبريه

    -انت تعرفين غيرة النساء وانت انسانة عاقلة ارجو ان لاتردي عليها اي كلام ...

    -ولكني لم اعمل لها شيء؛

    -اعرف ذلك واطلب منك الصبر عليها؛

    - سوف اصبر عليها لاجلك ولاجل زوجي ولاجل طفلي ولاجل الهدوء لهذا البيت المبارك ؛ وكانت صبريه تعرف ان ابسط الواجبات على زوجها هي العدالة ويجب عليه أن يعدل بينها وبين ضرتها ، وعليه ان يكون منصفاً ، نعم لقد كان خالد يعاملهن معاملة عادلة في كل شيء  بالتساوي ؛ ولايفرق بينهن في المصروفات او الكسوة حتى انه  مقسم مبيته بين الانتين  في كل ليلة عند واحده،لكن  زوجة خالد  تمادت بكلامها الجارح وقاطعت صبريه مقاطعة تامة ، واخذت تعاملها وكأنها عدوة لها ؛ وخالد لايصدها ولايستطيع ان يمنعها من الكلام الجارح الذي توجهه الى صبريه،مرت الايام والشهور،وصبريه صابرة على تحمل الكلام الجارح والمعاملة القاسية وخالد  لم يعمل شيء طيلة هذه المدة ، ويكتفى بتوجيه زوجته  بعدم مضايقة صبريه بأي شكل من الاشكال ؛ كونها حامل  وتحتاج الى الراحة ؛؛

    وفي احد الايام وعندما اراد خالد ان يهدأ زوجته الاولى  ردت عليه بانها لاتريد صبريه في البيت ؛ وعليه ان يختار اما هي او  صبريه ؛خرج خالد من البيت وهو في حيرة من امره ، ماذا يعمل لإم اولاده  التي لم يتوقع  منها ان تتصرف هكذا مع صبريه ،وهي التي وافقت على الزواج منها ولم تمانع في حينه؛ لقد فشل في اقناع زوجته بتغير موقفها ، وتركها في انفعالها  وغضبها وغادرالبيت ، دون ان يفعل شيء؛وبعد خروجه من البيت تقدمت زوجة خالد الى صبريه (وهي في غاية الغضب ) تريد ان تضربها ، ولكن صبريه كانت الاسرع وبادرتها بضربة قويةعلى رقبتها افقدتها وعيها وطرحتها ارضاً !   ترك البيت بعد ان عرفت هشاشه وضعف

    زوجها امام زوجته الاولى ؛ وميله لها خلافاً للعداله التي فرضها عليه رب العباد ؛ام خالد كان موقفها سلبي من الموضوع واظهرت موقفها المساند للزوجة الاولى كونها من اقاربها ؛ولاتريد ان يمسها اي ضرربالرغم من علمها بانها هي المعتدية ، وان صبريه لاذنب لها في كل هذه المشكلة ، أما زوجة محسن شقيق خالد ، فأنهاوقفت على الحياد ولم تتكلم خوفاً من ان يصيبها لهيب النار التي اشعلتها زوجة خالد المتجبره،خرجت صبرية من البيت الى بيت اخيها

    خوفاًمن تطور الموضوع وربما تدخل في شجار ثاني يفقدها جنينها

    شرحت لأخيها ماحدث بالتفصيل :

    -اختي انت تعرفين أنه متزوج وعنده اولاد وبنات ومع ذلك قبلت ان تتزوجيه !

    - نعم قبلت بعد ان عرفت انه متدين ويخاف الله ، وسوف يعاملني مع زوجته بالعدالة المفروضة على كل من يريد ان يتزوج باخرى – الم تقولي انه كان عادلا في كل شيء معنا ؟؟

    - نعم كان عادلاً في كل شيء ، المصرف ،الكسوة ،الاكل ،المنام ، الا انه ظهرمعدوم الارادة ،  كما تبين ضعف شخصيته امام زوجته التي اصرت عليه بالخيار بيني وبينها ، وطبعاُ فضلها علي كونها ام اولاده كما ان والدته وقفت بصف زوجته الاولى كونها اقاربها

    - وماذا قررت يا صبريه ؟

    - قررت ان لاأعود له ابداً ؛

    - وماذا عن مصير الجنين الذي في بطنك ؟؟

    - -سوف احافظ عليه عسى ان يكون المولود ذكراً ؛

    - دعيني أطلب منه ان يخصص لك بيتاً مستقلاً؟؟

    - ابدا اني لن استمربالعيش معه في اي مكان ، كونه ضعيف الشخصية وبعيداً عن العدالة وكان زواجي منه وهو صاحب زوجة واطفال خطأً كبيراً، ولابد ان اتحمل نتائجه ؛

    - وماذا نعمل ؟

    -  سوف اطلب الطلاق منه ؛ولا اريد منه اي شيء، واعرف يا اخي سوف اكون ثقلاً عليك ، وان راتبك محدود وان تقاعد المرحوم والدي قد قطع بسبب زواجي ولكن هذا قدرنا؛

    - لاتفكري باي شيء ،وارى ان ننتظر لحين ولادتك ،وبعد ذلك

    اذهب له وابلغه طلب (الطلاق منه ) .. وبعد مدة رزقها الله بمولود ذكراطلق عليه اسم  وليد، ذهب شقيقها الى زوجها خالد وابلغه رغبة اخته بالطلاق منه ، وافق زوجها على الطلاق من كثرة الحاح زوجته القديمة ورغبة والدته ؛اتفق معه على حضانة صبرية لولدها على ان يخصص له نفقة شهرية وتلبية متطلبات معيشته وان لايطالبها بالولد مستقبلاًوافق خالد على طلباتها  بشرط ان لاتتزوج ؛!

    وهكذا انفصلت منه ، وشعرت بالحرية ، وطلبت من اخيها ان يقدم طلبا لنقله الى المدينة التي يتواجد فيها اقاربهم، ليكون الولد بمأمن من زوجة خالد الشريرة ، بعد فترة  انتقلوا الى مدينةاقاربهم..

    قامت بتربية  ولدها وليد احسن تربية وادخلته المدرسة ،التي تفوق فيها على اقرانه ،ومرت الايام والشهور والسنين، اكمل دراسته في معهد المعلمين وتم تعينه معلما في احد مدارس مدينته وتحسنت احوالهم وطلبت منه والدته ان يتزوج ؛ وافق على طلبها على ان تختار له فتاة توافق عليها وعلى اهلها ،اختارت ام وليد فتاة له بنفس العمر من عائلة كريمة ، معلمة في مدرسة قريبة من سكنهم  تم زواجه في الدار الجديدة التي تم ايجارها  بمبلغ بسيط في ذلك الوقت ،وبذلك استطاعت هذه المرأة المكافحة ان تربي ولدها وتحقيق ما يصبو له من امنيات ؛؛تذكر  صبرية كيف انها اخطأت عندما تزوجت من شخص لديه زوجة واطفال ؛وليس له امكانيةعلى ردع زوجته التي منعته حتى من دفع نفقة الولد الذي اتفقوا عليها عند الطلاق ،ولكن بصبرها وكفاحها استطاعت ان تتجاوز خطأها  و ترى نجاحها بتربية ولدها الذي انجب العديد من الاولاد والبنات الذين وصلوا الى وظائف محترمة ..

                                            

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان: من اجل ولدها..بقلم : محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top