• اخر الاخبار

    الأحد، 31 يوليو 2022

    قصة قصيرة بعنوان: قسوة النساء..بقلم: محمد علي ابراهيم الجبير

     


    في احدى ليالي الشتاء الباردة ،تجمعت الغيوم السوداء ، واصبح الظلام الشديد يلف سماء المدينه المطلة على النهرالواسع ، مما زاد موقعها في برودة الهواء، بحيث لايستطيع احد ان يمشي في الشارع بسبب هبوب الرياح  الشماليةالباردة جداً، و شدة الظلام ؛؛ لا يستطيع الانسان ان يخرج من بيته ما لم يتدثر بملابس ثقيلة حتى يستطيع ان يواجه الرياح العاتية ..

     مع هذه الظروف الجوية السيئة انقطع التيار الكهربائي مما زاد من شدة الظلام ، وانعدام الرؤيا في الطريق ، ولايبدد الظلام إلا البرق الخاطف ، بين فترة واخرى ، الذي يسمح برؤية  الطريق .

    ويزيد من وحشة الظلام الاصوات الرعدية المرعبة وكأنهااصوات قذائف مدافع  كبيرة ؛

     في مثل هذه الظروف الجوية السيئة ،  يُفضل كل انسان المكوث في البيت وعدم الخروج منه ، كي لايعرض نفسة للاخطار التي قد تحدث له من هذه الظروف الجوية السيئة خارج البيت.

     كان الاستاذ فريدالشخص الوحيد من عائلته الذي مازال مستيقضاً  في غرفته يقرأ في كتاب تاريخي ، اما زوجته واولادها فهم في نوم عميق ؛؛

    كانت الساعة تشير الى الواحده بعد منتصف الليل ، سمع صوت محرك سيارة كبيرة امام باب داره .وسمع رجل يصرخ بانني لااستطيع ان اقف الا هنا ولااستطيع الوقوف امام  باب داركم  لوجود المياه المتراكمة امامه  كما ترى، ويظهر انه سائق السيارة.

    ذهب  فريد لغرفة زوجته وايقضها:

    -ام زينب اسمع صوت محرك سيارة كبيرة  قرب باب دارنا، كما اسمع صوت سائقهاوهو يصرخ بعدم استطاعته الوقوف امام الباب

    - نعم ان الدار التي بجانب دارنا  تم تأجيرها الى رجل  من محافظة بغداد رغب بنقل عمله  الى محافظتنا، وكان المفروض ان يصل هذا اليوم ،  ويظهر انهم وصلوا في هذه الساعة المتأخرة من الليل ؛

    - من اين تعرفين ذلك ؟

    - جارتنا  ام قيس هي التي اعلمتني ، لان الدار قد تم شراءها من قبل ابا قيس  قبل شهروعرضها للايجاروجاءه رجل من بغداد ،

    واتفق معه على الايجار وذهب لنقل عائلته ؛؛ولم يصلوا الا في هذه الساعة  المتأخرة من الليل ؛؛

    -  المفروض ان ينقل اثاثهم الى السيارة قبل يوم وينتظر الى اليوم الثاني ويتوجه الى محافظتنا ليصل في منتصف النهار وليس في منتصف الليل ؛

    - يجوز ان التاخير حدث بسبب عطل في السيارة؛

    - الله اعلم ؛

    واشتد هطول المطر وسمع اصوات اطفال تتعالى ، فتح ابو زينب الباب ، وجد امرأة واربعة اطفال  في باب داره وهم في اتعس حال  ملابسم مبللة ويرتجفون  من شدة المطر والهواء البارد؛  ملتصقين بامهم  عند باب الدار خوفاً من الظلام الدامس واصوات الرعد العنيفة ، والبرق  الذي يظهربين الحين والحين؛ادخلهم ابو زينب وزوجته  الى غرفة الضيوف ، مرحبين بهم،قدم لهم المدفأة النفطية ، وقدمت ام زينب الملابس للاطفال من ملابس اطفالها كما قدمت لوالدتهم ملابس من ملابسها ؛ونادى ابو زينب السائق وصاحب العائلة بان يتفضلوا بالدخول الى البيت اعتذر  صاحب العائلة اول الامر من الدخول الى البيت متعللاً بانه سوف يبقى مع السائق داخل السيارة خوفاً على الاثاث من السرقة؛ رفض ابو زينب ذلك بشدة واجبرهما بالدخول الى غرفته، وفوردخولهما،اشعل لهم المدفأة النفطية الثانية ،وبعد تغير ملابسهم جلسا حول المدفئة .، وبعد ان غير الاطفال ووالدتهم ملابسهم جلسوا حول المدفأة ، وبدأ الدفىء يدب في اجسامهم شعروا جميعاً بالدفيء والراحة ، بالرغم من استمرار سقوط  المطر واصوات الرياح و الرعد خارج البيت، طلب ابو زينب من زوجته اعداد العشاء لهم الا انهم اعلموا ابا زينب بانهم تناولوا العشاء في احد مطاعم الطريق..

    قدمت ام زينب الى الاطفال ووالدتهم  المتوفر في البيت من التمر والدبس والراشي ،واجتمع اطفال ابو زينب واطفالهم حول مائدة الاكل يأكلون ،كما ارسلت بيد احد اولادها  ايضا كمية من التمر والدبس والراشي الى جارهم الجديد والسائق وجلس ابو زينب معهم  وباشروا في الاكل ، وبدأ الارتياح على الجميع ؛ وبعد استقرارهم،  دار بينهم الحديث وسألهم ابو زينب :

    - ماهوسبب تاخيركم  الى هذه الساعة المتأخرة من الليل ومعكم العائلة والاطفال بهذا الجو البارد والمطر الغزير ؟؟

    - سبب تاخيرنا هو الخلل الذي اصاب السيارة ،وانتظرنا مجيء المصلح ولم يتم التصليح الا بعد ان حل علينا الليل ، وباشرنا السير بعد ان اكمل المصلح تصليحها، وعند وصولنا الى بيتنا منعتنا كثرة المياه  المتجمعة على شكل بركة كبيرة من الوقوف امام باب دارنا ولم نقف الا في باب داركم لعدم وجود الماء امامه لاارتفاعه عن مستوى الشارع بكثير ..

    - الحمد لله على سلامتكم واهلاً ومرحباً بكم ..

    - الله يحفظك ابا زينب وموقفكم هذا لاينسى ؛

    - اخي نحن اخوة وانشاء الله لافرق بيننا ولاسيما انت اصبحت جار لنا يعني اخ لنا وخدمتكم  واجبة علينا ، فاهلا بكم ومرحباً واردف قائلاً:

    -  الا تسمعون  فقد توقف المطر، وهدأت الرياح  وانقطع صوت الرعد؛وكانت الساعة تشير الى الخامسة صباحا ،وهيأ ابا زينب الفراش،اخلد الجميع الى النوم بعد الصلاة ، ولم يستيقضوا الا في الساعة التاسعة صباحاً، عدا ام زينب فانها استيقضت قبلهم بساعة كاملة استطاعت خلالها اعدا د الفطور لهم .وبعد تناول الفطور خرج السائق وجارهم ، وجدوا السماء خالية من الغيوم وصافية بلونها الازرق البهي ، والشمس ساطعة  وناشرة جدائلها الذهبية ، حاملة معها الدفيء والشعور بالارتياح التام ،وكأن ذلك الصباح من ايام الربيع ؛ سمعوا زقزقة الطيور،وهي طائرة في السماء الصافية ،وقسم منها ينزل الى الارض ليشرب من بقايا مياه الامطار القليلة والتي لاتزال في اماكن متفرقة من  الشارع ،الذي تخلص من المياه الكثيرة  ،لتسربها في المجاري. استطاع السائق تحريك سيارته والوقوف امام دار جارهم سالم ، وتم تنزيل الاثاث من قبل العمال الذين حضروا بمجرد مشاهدتهم السيارة المحملة بالاثاث ؛؛

    ارادت جارتها افراح الذهاب مع اولادها الى بيتها ، وبعد ان قدمت الى ام زينب امتنانهاو شكرها على كرمهم وحسن استقبالهم وقالت لها:

    - اني عاجزة عن التعبير عن شكرنا وتقديرنا لكم على كرمكم  وحسن استقبالكم ولولاكم لتعرضنا  نحن و الاطفال للامراض من شدة وقوة الرياح الباردة جداَ،  ومن غزارة  سقوط المطر الذي بلل ملابسنا لعدم وجود اي مكان نلوذ به سوى باب داركم ؛؛

    - اختي افراح انت اخت لي لااقبل ان تعيدي هذ الكلام وهذا بيتكم .

    وبودي ان اذهب معك لمساعدتك بترتيب اثاث البيت ولكني ابقى هنا لاعداد الغداء لكم ..

    - هذا كثير ام زينب يكفي كرمكم ليلة البارحة وما سببناه لكم من ازعاج وسلب راحتكم ؛

    - لاازعاج ولا غير ذلك ، بل بالعكس تشرفنا بكم وبقدومكم ، وما قمنا به هو ابسط الواجبات المفروضة  علينا؛؛

     وبعد تبادل القبل والتحيات خرجت افراح مع اولادها  الاربعة الى بيتهم ، واكدت عليها ام زينب ان يحضروا للغداء؛

    ام زينب كريمة الاصل والنفس ، تحب مساعدة الناس بما تستطيع ،

    بشوشة  لاتنطق الا بأحسن الكلام ،ذات اخلاق راقية جداً ،عمرها لايتجاوز الثلاثين عاماً ،  وعند اكمال دراستهاالاعدادية ، تزوجت ابن عمها فريد ، بعد ان احبها وهي الفتاة السمراء والتي هام بها وابرزما في  جمالها  اخلاقها وسحر كلامها ..

     اما زوجها فريدفهوانسان طيب ، شهم كريم النفس،يتطابق مع زوجته في اغلب طباعها من حب الناس ومساعدة الاخرين واحترامه للكبير والصغير لهذا فان الجميع يحبهم ويحترمهم .بفارغ الصبر كان فريد وزوجته ام زينب واولادهم الخمسة ينتظرون وصول جارهم الجديد سالم وزوجته الجميلة جداً واولاده الاربعة ،وعند حلول الساعة الثانية  بعد الظهر وصل الجار الجديد سالم مع زوجته افراح  ،كان في استقبالهم ابو زينب وأم زينب  واولادهم ،مرحبين بهم وفرحين .ادخلوهم الى غرفة الضيوف الواسعة وكانت مفروشه باحسن السجاد تتوسطها المدفأة النفطية ..

    والاكل جاهزمهيأ على السماط المفروش على الارض  ، وجلس الجميع حول السماط على الترتيب التالى :

    ام زينب وتقابلها جارتها افراح ؛ ويقابل  فريد  جاره سالم ؛

    والبنات تقابل البنات والاولاد يقابلهم الاولاد ؛

    وتناولوا وجبة الغداء وهم يتبادلون الطف الاحاديث ،وكانوا سعداء جداً وكأنهم اهل ويعرف بعضهم البعض  من زمن بعيد..

    وبعد انتهاء الاكل  وشرب الشاي ، نهض سالم ونهضت معه زوجته وقال سالم :

    - تسمح لنا اخي الغالي ابا زينب بالذهاب الى البيت، وانا عاجز عن التعبير عن شكرنا وامتنانا على كرمكم وحسن ضيافتكم ، والشكر موصول الى اختي العزيزة ام زينب ، لقد سببنا لها الكثير من السهر والتعب ، قالها وهو مبتسم وينظر الى ام زينب؛

    -  ردعليه فريد ( ابو زينب )العفو اخي سالم  هذا واجب علينا ؛؛

    - استقبالكم لنا  وتعاونكم معنا ادخل السرور على نفوسنا ؛

     استذنت ام زينب من زوجها السماح  لها بالذهاب معهم لغرض مساعدة افراح في اكمال ترتيب اثاث البيت رحب سالم  بمجيء

    ام زينب لهم لمساعدة زوجته افراح (ام دلال ) في اكمال ترتيب الاثاث ؛وقال لها أهلاً وسهلا نتشرف بوجودك معنا ؛؛

    ويظهر ان افراح اصابتها الغيرة من ام زينب ،وهي تنظر الى زوجها سالم وهو يرحب بام زينب ويبتسم  لها ؛قالت لها ام دلال :

    -لاداعي ان تكلفي نفسك يا أُم زينب ، فلم يبقى الا القليل من ترتيب الاثاث ؛الا ان أم زينب و نيتها الصافية  وطيب اخلاقها ، وحبها لمساعدة  الاخرين؛اصرت بالذهاب مع افراح  بالرغم من التعبوالسهر

    -افراح بان على وجهها الامتعاض وعدم الرضا ؛لهذا الاصرار الا ان ام زينب لم تنتبه لآنزعاج ام دلال وعدم رضاها في مساعدتها واستمرت بالعمل بترتيب الاثاث ، وبعد ساعة استأذنت من ام دلال

    بالذهاب الى بيتها ؛وردت عليه ام دلال ببرود ، حسبت ام زينب ان ردها البارد بسبب تعبها في ترتيب البيت ، ولم يخطر ببالها ان ام دلال شكت بها ، وغارت منها ؛ كونها تتكلم مع زوجها بحرية تامة

    وبعد ذهاب ام زينب بخمسة دقائق التفت ام دلال الى زوجها ؛

    - انا لااريد دخول ام زينب لبيتنا !

    -ماذا تقولين ؟

    - الذي سمعته لااريدها  أن تدخل علينا ابداً ؟

    - لماذا ؟ ماهو السبب لهذا الطلب الغريب ؟  وهل بدر من هذه المرأة الطيبة غير الكرم والتعاون معنا ؟ وهل هذاجزاء معروفها معنا؟انا لاحظت كيف تتكلم معك وأنت تبتسم لها، وكأنها تعرفك من زمن بعيد ؟

    - اولا انا لااعرفها الا ليلة البارحة ؛ واذا تكلمت معها ؟  ماذا خطر ببالك ؟ انها امرأة فاضلة وكريمة ؛ وزوجها رجل كريم فتح لنا بيته وآوانا  ولولاهم لكان مبيتنا في الشارع تحت المطر والبرد الشديد وربما يموت احد اولادنا او كلهم من شدة برودة الهواء الذي لايطاق ؟

    -لااريدها ولا استطيع تحمل رؤيتها في بيتي ؛

    - هل جننتي يا امرأة ؟

    -اريد ان ترجعني الى بغدا د ؛ وإن شئت ان تبقى بقربها فهذا الامر راجع اليك ،طلقني اولاً وسأذهب انا واولادي الى اهلي في بغداد؛

    - ان هذا الكلام لايليق بك ؛ انها متزوجه ومحترمة . وزوجها محترم ولايجوز مقابلة احسانهم بهذا الكلام الذي يدل على وجود خلل في عقلك ؛؛

    - المهم انا قلت لك رأيً ؟ وانا مصممة بالعودة الى بغداد : ولن ابقى مجاورة لهذه المراة ؟

    - اصبري لعدة ايام الا ان اجد بيتا غيره  في المدينة ؛

    -ابدا لن ابقى في هذه المدينة ؛ وان تقطع علاقتك معهم :

    - أكيد انك جننت ؛؛

    -احسبها كما تشاء ؛؛

    فكر سالم بما قالته زوجته ، هل يطلقها على هذا الموقف وهذا الكلام الغير مقبول ؟؟

     او يحافظ على عائلته ويرجع الى بغداد ويتحمل نتائج تصرف زوجته المشين الناكر للجميل ؟

     اخيراً اضطر ابا دلال استئجار سيارة في نفس الليلة ، وسافر الى بغداد عند منتصف الليل ؛وترك البيت مقفولاً دون ان يخبر جاره ابو زينب أو يودعه؛ وفي صباح اليوم التالي ، طرق ابو زينب الباب عليهم لتقديم المساعدة لهم لأي  شيء يطلبونه ، فلم يرد عليه احد ؛الا ان احد اولادالجيران اعلمه بانه شاهدهم في منتصف الليل ركبوا سيارة من السيارات التي تذهب الى بغداد ؛قال ابو زينب في نفسه يجوز جاءه خبر وفاة احد من اهله وسافر على عجل من امره

    بعد اسبوع وقفت سيارة كبيرة في باب دار ابو دلال المؤجرة في منتصف الليل ، وتم تحميل اثاث بيتهم وغادروا المدينة دون وداع جارهم ابو زينب اووداع ام زينب لخوف ابو دلال من زوجته التي جاءت معه لنقل الاثاث ؛؛

      وخجلاُ  من ابا زينب ، ماذا يقول له لو التقى به الرجل الطيب الكريم ؛ لهذا قرر ان ينقل اثاثه نصف الليل تفادياً من رؤية جاره أو وداعه ، وخضع لقسوة  قرار زوجتة  ام دلال المتجبرة ، كل ذلك  من اجل الحفاظ على اولاده  والحفاظ على ماء وجهه خجلا من جاره الطيب ...

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان: قسوة النساء..بقلم: محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top