• اخر الاخبار

    السبت، 23 يوليو 2022

    " في زمن الهرج والمرج إفتح عقلك "..بقلم وإعداد/ أ.د.أحلام الحسن ..الحلقة /3..( قصائد أبي طالب ابن عبد المطلب ودلائل الإيمان فيها أوضح من الشمس الساطعة )

     


    " الهدف من كتابة هذه الحلقات يقوم عن البحث عن الحقيقة التاريخية لا غير، وعن مدى صحتها، واﻷهم من ذلك ماهية الحقبة الزمنية التي كتب فيها التاريخ ،لما في ذلك من أهميةٍ تحدد النسبة المئوية في صحتها ولما في دور البلاط الملكي آنذاك من سلطةٍ ونفوذٍ وقوةٍ نراها جليةً في العصر اﻷموي والعباسي خاصة، ولكل بلاطٍ بطانة داعمة له، ولا يستطيع تابع التابعي أن يروي حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله المتقين وصحبه الميامين لا يوافق رؤى متقلّدي دفة السلطة آنذاك، أو يمس سلطانهم، والحديث حول سقطات التاريخ حديثٌ لن ينتهي إلى قيام الساعة نسأل الله تعالى لمّ شمل المسلمين على كلمةٍ واحدة.

    أواصل في هذه الحلقة الحديث عن إيمان أبي طالبٍ وشتان بين الإيمان والإسلام ، فالإسلام ما نطق به اللسان والإيمان مكانه القلب، يقول الله تعالى في محكم كتابه المبين { قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَٰلِكُمْ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وفي الآية الكريمة الرد الأوفى على من نطق الشهادتين ولم يؤمن بها قلبه ومن غير الله أعلم بعباده، وقضية عمار ابن ياسرٍ رضوان الله عليهما تحت سلطة قريش مشهورة وفيها العبرة، الخوف على النفس أو الخوف على من هو أعزّ من النفس كحال أبي طالبٍ مع رسول الله "ص" وصريح أبيات أبي طالبٍ الشعرية في إيمانه بلغت الكثير الكثير، والجدير بالذكر أنّ أبي طالبٍ كان يعرف بنبوة النبي محمدٍ " ص" من قبل أن يولدَ وآمن بها، لذلك نجد تضحياته وتاريخ مواقفه مع رسول الله " ص" تاريخًا مشرّفًا في أعنف وأصعب مراحل بدء الدعوة الإسلامية .

    نموذجٌ من أبيات أبي طالبٍ الشاهدة على إيمانه والتي ملأت التاريخ :

    يا شاهدَ الخلقِ عليَّ فاشهدِ *** إني على دينِ النبيِّ محمدِ

    ألا أن خيرَ الناسِ أمّاً ووالداً *** إذا عُدَّ ساداتُ البريةِ أحمدُ

    نبيُّ إلهي والكريمُ بأصلهِ *** وأخلاقِه وهو الرشيدُ المؤيّدُ

    حزيمٌ على جلّى الأمورِ كأنهُ *** شهابٌ بكفّي قابسٍ يتوقّدُ .

         رسالة أبي طالب للنجاشي :

          روى الطبري في تاريخه: أنه "بعدما علِم أبو طالب أنَّ قريشاً تتربص بالمؤمنين الذين هاجروا إلى الحبشة، وكان فيهم ابنه جعفر؛ خشيَ عليهم ممّا يمكرون، فكتب إلى النجاشي رسالةً بديعة مادحاً كرمه، وفطنته، ونصرته للحق، ومُوصياً خيراً بالمستضعفين الفارِّين إليه بدينهم، ومؤمِّلاً أنْ يَقيهم مكر (ابن العاص)، وشروره.

     ومما جاء من شِعر أبي طالب في تلك الرسالة":

     أَتَعلَمُ مَلكَ الحُبشِ أَنَّ مُحَمَّداً         نَبِيٌّ كَموسى وَالمَسيحِ اِبنِ مَريَمِ

     أَتى بِهُدىً مِثلَ الَّذي أَتَيا بِهِ                 وَكُلٌّ بِأَمرِ اللَهِ يَهدي وَيَعصِمِ

     وَإِنَّكُمُ تَتلونَهُ في كِتابِكُم                 بِصِدقِ حَديثٍ لا بِصِدقِ التَرَجُّمِ

     فَلا تَجعَلوا لِلَّهِ نِدّاً وَأَسلِموا                وَإِنَّ طَريقَ الحَقِّ لَيسَ بِمُظلِمِ

     الروايات الواردة في كفر أبي طالب والرد الموضوعي عليها :

     الرواية اﻷولى " رواية الصحابي أبي هريرة ":

     وقد روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة"، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) القصص 56 .

     الردّ الموضوعي :

    ١- الآيات الكريمة في سورة القصص تتحدث عن قصة النبي موسى عليه السلام وكفر قومه للإشارة إلى رسول الله " ص" كي يتحمل ويصبر ونجد خطاب الأمر له من الله جليًّا في قوله بالآية 49 ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتبعون أهواءهم ...) إلى الآية الكريمة 57 من ذات السورة فسياق الآيات كلها يتحدث عن عملية هداية قوم قريش  " فإن لم يستجيبوا لك "  ودعوتهم إلى الإسلام ، والغريب بالأمر أنّ التاريخ قد لصق تهمة الكفر في هذه السورة إلى فردٍ واحدٍ وهو أبو طالبٍ والآيات الكريمة تشير إلى قومٍ ما وهذا أكبر من عين الشمس في السورة الكريمة !

    فشملت الرواية الكلام عن الله وعن رسوله " ص" .

    ٢- الحديث أعلاه منقولٌ عن الراوي اﻷصلي له وهو الصحابي " أبو هريرة " 

    والباحث في التاريخ يجد أنّ  إسلامَ أبو هريرة كان في السنة السابعة للهجرة بعد غزوة خيبر ، وقبل صلح الحديبية

     فكيف يروي عن رسول الله ص أن الآية 56 " إنك لا تهدي من أحببت ... " نزلت في أبي طالب وقد نزلت سورة القصص في مكة وقبل إسلام أبي هريرة بسنوات عديدة !!!

    ففي السنة العاشرة للبعثة عام الحزن توفى أبو طالب وخديجة ، وفي السنة الرابعة عشر للبعثة كانت الهجرة للمدينة بعدها بسبع سنينَ أسلم أبو هريرة

    وقبل سنتين فقط من وفاة الرسول ص !!!! التي صادفت في بداية السنة 11 للهجرة، وهذا يدل على أن إسلام أبي هريرة كان في العام 21 من عمر الدعوة الإسلامية التي استغرقت 23 عامًا ولم يسلم قبلها .

    فبين وفاة أبي طالبٍ وإسلام أبي هريرة  ما يزيد عن 11 عام .

    ٣- المولدُ والوطن اﻷصلي ﻷبي هريرة هو اليمن وفي السنة السابعة للهجرة النبوية الشريفة هاجر أبو هريرة من اليمن إلى المدينة وأعلن إسلامه ، ولم يكن قبلها لا في مكة ولا في المدينة !!!

    وهذا يتنافى مع صحة الرواية أعلاه تنافيًا موضوعيا لا خلاف فيه .

    الرواية الثانية : " رواية الصحابي عباس بن عبد المطلب " :

    وروى البخاري من حديث عباس بن عبد المطلب أنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه. وفي رواية: تغلي منه أم دماغه. وروى مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه.

    ١- العباس ابن عبد المطلب أسلم يوم بدر في السنة الثانية للهجرة وكان قبلها كافرا بينما توفى أبو طالبٍ في السنة العاشرة للبعثة وقبل الهجرة بثلاث سنين.

    ٢- إنّ خلق النبي " ص" أكبر من التباهي والفشار بقول ( لولا أنا )، فهذه ليست من أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله مما يستبعد صحة الرواية.

    الرواية الثالثة : " عن ابن المسيب عن أبيه "

    وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي ، فأعادا، فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي : لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك فأنزل الله : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ [التوبة:113].

     الردّ الموضوعي على اختلاق الرواية : 

    ١- سورة التوبة "براءة " سورةٌ مدنيةٌ نزلت بالمدينة بعد الهجرة في السنة التاسعة من الهجرة إلا آيتان 128و129 ، ويقال بأنها من أواخر السور التي نزلت .

    ٢- كانت وفاة أبي طالبٍ في السنة العاشرة للبعثة في عام الحزن بعد فكّ حصار شُعب بني هاشم، وقبل الهجرة النبوية الشريفة، وقبل نزول سورة التوبة " براءة" !!

     وهذا ممّا يشير إلى ضعف صحة الرواية ضعفًا لا يداخله شك .

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: " في زمن الهرج والمرج إفتح عقلك "..بقلم وإعداد/ أ.د.أحلام الحسن ..الحلقة /3..( قصائد أبي طالب ابن عبد المطلب ودلائل الإيمان فيها أوضح من الشمس الساطعة ) Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top