اعداد : حافظ الشاعر
«برج القاهرة».. أول مهمة كبرى للمخابرات
العامة المصرية، وأكبر «لا» في تاريخ العلاقات «المصرية ــ الأمريكية»، يحكيها اللواء
دكتور عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، أن جمال عبدالناصر،
حوَّل مليون دولار أمريكي عرضتها عليه المخابرات الأمريكية كرشوة إلى رمز لعزة وكرامة،
واستغلها لبناء برج القاهرة.
بعد أكثر من اثنين وخمسين عاما من افتتاحه
فى الحادى عشر من أبريل عام 1961م، تخرج إلى النور قصة بنائه التى كانت أول مهمة قومية
لجهاز المخابرات العامة المصرية.. «برج القاهرة»، أطول وأكبر «لا» فى تاريخ العلاقات
المصرية الأمريكية، قيلت من القاهرة بجرأة فرعونية أصيلة، فنالت حقها فى «الخلود».
القصة التى يتناولها اللواء دكتور عادل
شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، فى كتابه الذى «برج القاهرة أول مهمة قومية
للمخابرات العامة المصرية» تحوى تفاصيل بناء البرج كما يرويها ضباط المخابرات أنفسهم.
وما بين محاولة جهاز المخابرات الأمريكية
C.I.A رشوة الرئيس
الراحل جمال عبدالناصر، ورد فعل الرئاسة المصرية حينذاك، وقرارها بقول «لا» بارتفاع
ستة عشر طابقا، هى عدد طوابق البرج الذى بناه عبد الناصر بأموال الأمريكان تدور أحداث
الكتاب.
قصة بناء البرج بدأت بعد محاولة من المخابرات
الأمريكية لاختراق الذمة المالية للرئيس جمال عبد الناصر، ففى عام 1955 تلقى الرئيس
عبد الناصر من مستشاره السيد حسن التهامى، تقريراً عن زيارته الأخيرة للولايات المتحدة
الأمريكية، بناء على دعوة من السفير الأمريكى بالقاهرة لمقابلة بعض الشخصيات السياسية
المهمة بواشنطن.
التقى التهامى بالرئيس عبد الناصر بمنزله
فى منشية البكرى، وناقشا معا مضمون التقرير، والذى خلص فيه حسن التهامى إلى أن ما سمعه
من مستشار الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض وعدد آخر من السياسيين ينطوى على أن الولايات
المتحدة الأمريكية تأمل فى أن يكون لها علاقات طيبة ومتواصلة مع مصر، وأنها تقدر الرئيس
جمال عبدالناصر وترى فيه الزعيم الذى يعمل بكل طاقته من أجل تقدم مصر.
وأورد التقرير عن مستشار الرئيس الأمريكى
قوله إن بلاده ترى فى نفس الوقت أن مواقف التدعيم والمساندة السياسية وغير السياسية
التى تتبناها مصر تجاه حركات التحرر فى بعض دول الشرق الأوسط وعلى الأخص فى شمال أفريقيا
كالجزائر وعدد آخر من الدول الأفريقية، يمكن توجيهها لصالح مصر وبما يعود على مصر بالفائدة
وذلك من خلال علاقات أفضل مع الدول الغربية وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية
التى لن تتأخر فى دعم مصر ومساندتها.
يتدخل مؤلف الكتاب بالقول: «فى تصورى الشخصى
والخاص، بوصفى أحد ضباط المخابرات العامة السابقين أنه وبعد أن انتهى الرئيس جمال عبدالناصر
من قراءة التقرير جرى حوار بينه وبين حسن التهامى، تطرق فيه الرئيس إلى أن أمريكا تريد
أن تفرض سيطرتها على سياسة مصر الخارجية فى مقابل وعود بالمساعدة التى غالبا ستكون
دعما اقتصاديا.. وواضح أن دعم مصر ومساندتها لثوار الجزائر يشكلان لهم قلقا بالغا ولا
يروق لهم استمرار مصر فى هذا المسلك الذى يخشى الأمريكان من أن ينتقل إلى تأييد حركات
ثورية أخرى قد تنشأ فى دول المغرب العربى وتطلب مساندة مصر ودعمها، كما أنه كان الواضح
أن الساسة الأمريكان قد فاتهم أن مصر وقتها كانت تعيش حالة ثورية ولن يكون بإمكان أى
دولة فى العالم أن تحدد لها ما تفعله وما لا تفعله فى علاقاتها بالدول الأخرى».
بنهاية عرض تقرير التهامى، أصدر الرئيس
عبد الناصر توجيها وصف فيه زيارة التهامى لواشنطن بأنها جاءت مفيدة فهى قد «حددت لنا
من خلال هذا الاتصال كيف يفكر الأمريكان تجاه مصر.. وأنا أرى أن تستمر يا حسن فى التواصل
فى علاقاتك مع الأمريكان فهذا يمكننا من الوقوف أولا بأول على ما يدور فى عقولهم تجاهنا».
وانصرف حسن التهامى بعد لقاء الرئيس، وقد
استقر داخله أن ينتهز أى فرصة قادمة لأى لقاء مع أى من الساسة الأمريكان سواء فى محيط
السفارة الأمريكية بالقاهرة أو فى الخارج لعله قد يصل إلى تحديد ملامح خطوط السياسة
الأمريكية تجاه مصر أولا بأول كما أوصى الرئيس.
المصدر: جوجل ومواقع وصفحات ناصرية
0 comments:
إرسال تعليق