انا ، منذ سنين معجب بك وبما تكتب. قرات كثيرا عن تاريخ وحضارة العراق فأعجبت به جدا لذا قررت ان ازوره وبالطبع سازورك للتعرف عليك عن قرب .ذلك ما كتبه لي صديق موسيقار من پيرو فحزنت. ولكي أنجو من هذا المطب ، اختلقت عذرا كاذبا كي اثنيه عن تنفيذ هذه الزيارة .البارحة ساعة وقوعي في حفرة كادت ان تكسر رجلي حينما خرجت الى الشارع هربا من جو البيت، تذكرت صديقي الموسيقار الپيروي . كان الناس يشوون احياءا في درجة حرارة فوق الخمسين تضامنا مع انقطاع الكهرباء التي تأتي منذ سنين بالتقسيط ، ومثل انتظار الناس لزخة مطر بعد صلاة استسقاء ، ملايين الناس تنتظر مجيئها ولو ساعتين، ليرقص الاطفال و تزغرد النساء و ترتفع اصوات الجميع بالصلاة على محمد وآل محمد كما هي العادة ولما ييأسوا يكيلون الشتائم لمن كان السبب كما تعودوا منذ اكثر من عقد ونصف من السنين، لم يشتموا الحكومات وحدها بل يشتمون إسرائيل اللقيطة ايضا.!
مع ذلك ومع ان الشارع كان مظلما ملتهبا خرجت .حمدت الله ان الموسيقار
الپيروي لم يأت .ترى لو كان قد عملها هذا
المجنون وجاء كما نوه في رده ، اي معلم حضاري سأريه ؟
ولو تجولنا في اسواق المدينة وسألني عن سبب كآبة
المدينة ووجوه الناس وفوضى السير وضجيج الباعة او عن متنزه اومرفق صحي بم أجيب
واين اذهب به ؟ والادهى لو سألني عن مسرح
او قاعة حديثة او متنزه عام يعزف فيه للجمهور عن
سينما ، ناد للترفيه او مسبح
لتخفيف وطأة الحر ماذا اقول؟ وماذا لو ركبنا سيارة كيا ، مغلقة النوافذ لا يفتح سائقها
التبريد في درجة حرارة 50مئوية كيف اتصرف
ومن يضمن لي ان السائق لا يسمعني كلاما يخدش الأسماع او درسا في حسن السلوك ان
طلبت فتح التبريد ؟ وكيف ( اغلس) عن
دعوته الى تناول وجبة في مطعم راق مثلا ؟ بالطبع ساتظاهر باني ميسور الحال في
بلاد الذهب الأسود و بالتأكيد لن اخبره بهزالة راتبي التقاعدي حتى لا يشفق علي
وقد يتهمني بالغباء لأني بعت اجمل سنين
العمر للدولة برخص التراب كما لن اخبره اني لشهرين سأرهن راتبي التقاعدي لتغطية
زيارته المشؤومة هذه إن جاء !
و لو سألني عن نوع سيارتي وموديلها
سأقول ان الأطباء نصحوني بالمشي و ماذا اقول عما
تقدمه لي الدولة من خدمات
كمواطن وعن سبب كثرة اللافتات السود
في الشوارع وعلى واجهات البيوت و طغيان اللون الاسود على ملابس الرجال
والنساء والشباب و عن صورة الرئيس بين عشرات آلاف الصور في الأزقة والشوارع
ودوائر الدولة والمرافق العامة وعن أرتال
السيارات المظللة او لأي صاحب صورة أدين بالولاء
وعن الخوف والترقب الحذر المرسوم
على الوجوه و عن كثرة المدججين بالسلاح
وأرتال الحمايات وسيارات الدفع الرباعي و متسولي تقاطعات الشوارع وماذا لو لاحظ ان بيوتنا وكل الشوارع بلا
ارقام ؟ هل اعترف بقراءتي لسورتي المعوذات عشرات المرات كل
يوم كي ابقى على قيد الحياة ؟
ولو...ولو...ياه اي خواطر ايها الخرف
؟ من حسن حظي انه قبل اعتذاري وإلا لكانت
فضيحة وسقطت من عينه !
0 comments:
إرسال تعليق