ما كنت أتوقع أن يأتى يوماً وأكتب عن تلك القيمة الكبيرة وهو الكاتب الصحفى "حسين الشاعر" شقيق الحاج "أحمد الشاعر" ..عمل كثيراً لهذا البلد الطيب مستغلاً علاقته الوطيدة بالسيدة سوزان مبارك .
فعندما اشتد عودى وهممت بالرحيل عن حياة القرى والانخراط فى المدينة ؛مع أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات ؛فوجئت بجدى عليه رحمة الله الحاج حافظ الشاعر يشير على بأن أذهب إلى الحاج حسين الشاعر ؛قائلاً لى متخافش هو عارفنى كويس ؛فطلبت أن يأتى معى ؛ومعروف فى عائلتنا الميمونة "عائلة الشاعر" إن اللى كان بيتواصل مع كل فروعنا هو عمى الحاج فرج الشاعر -عليه رحمة الله- والد الأستاذ مجدى الشاعر؛ وبالفعل ذهبنا الحاج حافظ والحاج فرج والحاج سرحان والأستاذ عبد السلام وجميعهم"شاعر" .
وذهبنا لفيلته فى الجيزة وكانت شقة دوبلكس..وطبعاً من يعرف عمى فرج الشاعر جيداً يعرف قفشاته الجميلة ..ما علينا عرفوه على وطلبوا منه بأن يأخذ بيدى فى مجال الصحافة حيث أننى أهواها جيداً وذهبوا لحال سبيلهم وتركونى .
ثانى يوم ذهبت معه إلى مكتبه بجريدة الأهرام ..هذا الصرح الكبير الذى لطالما حلمت بأن تطأ قدماى على سلالمه وليس الدخول فيه ومشاهدة دهاليزه والكتاب الكبار .
دخلت ذلك البهو الكبير غير مصدق اننى داخل مؤسسة الأهرام ؛ودلفنا إلى مكتبه وإذا بى أرى الأديب الكبير نجيب محفوظ رأى العين وحجرة رائد القصة القصيرة يوسف ادريس والكاتب الصحفى احسان بكر ..ومن هول المفاجآت تاه عقلى وشعرت بدوار شديد غير مصدق اننى أجلس وسط هؤلاء العمالقة ..ودخلوا وقتها فى حوارات وأنا جالس مشدوهاً لنقاشهم الرائع ؛وعلى وجل وخوف تدخلت فى النقاش ولسانى يتلعثم ،وكانوا يتحدثون عن صحفية بريطانية جاءت للأهرام وتعمل لدى المخابرات البريطانية وعن الأديب الذى تم استقطابه ،وكان عندى كلمتين كنت قرأتهم فقلت أدخل فى الكلام اتفزلك عليهم وأقولهم قاعد بينكم مثقف برضه .
فعاجلنى الكاتب الكبير احسان بكر قائلاً: أنت يا حافظ اللى كنت باعت قصيدة لمجلة "القدس" اسمها "طفل الانتفاضة" –كنت غاوى شعر أيامها أنا وصديقى إبراهيم سمير.
فكلامه أدهشنى عارف الإسم واسم القصيدة كمان ..ما هذه الروعة والناس الصاحية والفايقة لجرنالها ومجلاتها ..فأجبت بالإيجاب ؛فنظر الحاج حسين إلى قائلا: أنت بتكتب شعر يا حافظ ؛لا آخدك فى القسم الثقافى .
المهم مرت الأيام وأيقنت أن الثقافة عمرها ما هتأكل عيش فاضطريت أطلب من الأستاذ حسين أجرب حظى فى صحف المعارضة وكان أيامها "الأهالى" و"الشعب" و"الوفد" والجرنال اللى كان على أيديوجيتى هو "الأهالى"فطبعاً رفض وذهب بى إلى جريدة "السياسى المصرى" اللى هى "المسائية " دلوقتى..وقال لى نصا: نطلع كارنيه النقابة وبعد كده اشتغل فى المكان اللى أنت عايزه.
بدون استطراد كثيراً ..كانت السكة الحديد الميرى شغالة ولم تكن لسلامون محطة قطار فيها رئيسية ولا فرعية ،فأتى إلى أناس من سلامون ما زال منهم من هو على قيد الحياة ..جايين بأه لحافظ زمانه تبوأ مكانة فى البندر ..مكانوش يعرفوا إنى كنت ببات فى القطارات والمساجد!!
المهم عندما هاتفونى بجريدة السياسى المصرى طلبت منهم الإتيان إلى وبالفعل جاءوا وذهبت للأستاذ حسين فرفع سماعة التليفون على وزير النقل وقتها وبالفعل لم يمر أسبوعاً إلا وكانت المحطة رسمية فى سلامون ؛فالفضل لله أولاً وله فى تلك المحطة .
وعندما تاه معظم أهالينا بقريتنا الحبيبة فى دروب القروض وكان "الأب والإبن والزوجة فى قفص اتهام واحد "وكان زوار الفجر يومياً بقريتنا ،وكان الأهالى يتركون بيوتهم وينامون فى المقابر بسبب البنوك والقروض والأحكام التى صدرت ضدهم.
أتى إلى الحاج شعبان سمك والحاج المرحوم إبراهيم امبابى وقصوا على القصص وقمت بعمل حملة صحفية بجريدة "الشعب" وقتها ،وعندما علم الحاج حسين جائنى سائلاً:سيبت "السياسى المصرى وشغال فى جرائد المعارضة هتروح فى داهية مش قلتلك عايزين ناخد الكارنيه ..قلتله "أهل البلد طفشانين فى الغيطان" ؛فطلب منى أطلبهم ونروحله فى البيت علشان نحل الموضوع ..بصراحة لم يرفض لى طلباً خاص بأهلى قريتنا الحبيبة.
وبالفعل جاء الحاج شعبان سمك والحاج إبراهيم امبابى وثالثهم العبد لله وذهبنا لفيلته ،وهاتف محمود عبد العزيز رئيس بنك التنمية والإئتمان الزراعى وطالبه بأن الموضوع يخصه لأن دول أهله وهمه هيجوا لحضرتك ومعاهم صحفى شاب قريبى ودى بلده برضه .
والحمد لله وبفضله كان هناك عدد كبير تمكنا من جدولة الديون وأخذنا موافقته على دفع أصل الدين بدون الفوائد كان هذا الكلام فى أواخر شهر 9 فوافق على أن تكون المدة فى نهاية شهر12 من نفس العام ..بإختصار أعطانا 3 شهور للسداد ..وبالفعل تمكن 12 واحد من القرية من السداد وجدولة ديونهم والباقى هرب !
فالفضل لله وله فى انتهاء تلك الأزمة وربنا يبارك فى الحاج شعبان سمك ..طول عمره شايل هم البلد .
وفى أواخر عام 1994 خاض انتخابات مجلس الشورى ..وطلب دعم رجالى من العائلة فى سلامون وراحوا رجالة الشعراء بسلامون وكان معانا رضا حالوش وسلامة الشاعر وظللنا طوال مدة الإنتخابات بمقره فى نزلة السمان ؛لأن معظمها شعراء.
وأتذكر انه فى تلك الأيام أخذنى وذهبنا لفضيلة الإمام الشيخ متولى الشعراوى وكان بيته وحضرته قريبة منا ،وجلسنا معه ..ووجدنا فى حضرته مريدين وأناس من كل بقاع الدنيا يسبحون الله ويأكلون ويشربون ..رحم الله الإمام الشعراوى .
وعندما قام بإنشاء دار الشاعر للصحافة والطباعة والنشر وأصدر منها جريدة "الزمان" اختارنى مديراً لتحريرها ..القصص كثيرة والوقت ضيق ..رحمك الله يا حاج حسين.
0 comments:
إرسال تعليق