زملائي الأعزاء رجال القضاء الواقف من المحامين...بصفتي أحد أبناء هذه الأسرة وهي الأسرة القانونية، اسمحوا لي بهمسة حزينة، نابعة من قلب محب وحريص على المهنة، وعلى الوطن، وعلى قيمة العدالة التي أهدرناها.
لا يمكنني أن أنكر حق المحامي، شأنه شأن المعلم والطبيب....الخ في العيش حياة كريمة له ولأسرته...وأنا على يقين تام بأن هناك زملاء يتقون الله في أعمالهم ولكن، وكما ترون، المشهد لا يخفى على أحد، ولا يمكننا أن نضع رؤوسنا في الرمال، وننكر واقع مرير يراه ويدركه الجميع، إلا من عميت قلوبهم وماتت ضمائرهم.
فقد تحول الكثير من الزملاء المحامين إلى معول هدم لكل ما هو قيم وعظيم في هذا البلد...شغلهم الشاغل هو جمع المال، حتى ولو كان الثمن هو حياة الآخرين...بل الوطن...هذا واقع لا ينكره إلا فاسد أو مغيب.
لقد أضيرت المهنة كثيرا، بعد أن كانت في مقدمة المهن وأرقاها، رفد إليها من ليسوا أهلا لحمل الأمانة...وهي الدفاع عن أصحاب الحقوق وليس العكس.
فقد تحول الكثيرين منا إلى سماسرة، يتاجرون بكل شيء وبأي شيء، وانشغل البعض منا بتستيف الأوراق وإرشاء الموظفين، بهدف قلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق...
كثير من الأخوة المحامين خانوا الأمانة ودهسوا شرف المهنة، تراهم ظاهريا مع أحد الأطراف في الخصومة، وفي واقع الأمر تجدهم مع الطرفين في الخفاء، ويحصلون على الاتعاب من الطرفين...كيف ذلك؟!
للأسف تحول بعض المحامين من سبب وعون لوأد الفتن والمنازعات إلى مصدر لافتعال الأزمات، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة....والقاسم المشترك في كل هذا هو موت الضمير، وان الكثيرين أمنوا العقاب...ليس لشيء ولكن من أجل المال الحرام.
آلاف الأفدنة من أراضي الدولة تم الاستيلاء عليها بعد تستيف الأوراق (وتظبيط) على يد محامين...انا شخصيا معرض للحبس، وصدر ضدي حكم بمليون جنيه منذ عام، لأنني أثناء عملي بمحافظة الشرقية، اجتهدت للحفاظ على أراضي الدولة، وكان الجزاء بعد تستيف الأوراق من قبل بعض المحامين هو حكم بحبسي وتغريمي!!
لا يا حضرات...لقد فقدت المهنة قيمتها واحترامها ودورها الوطني على يد من حولوها إلى تجارة رخيصة بالوطن وبكل القيم...وفي النهاية خسارة كبيرة للمهنة.
وأقول لكل هؤلاء...لن تأخذوا معكم جنيها في قبورهم...هل فكرتم للحظة؟!..ما جمعتموه من حرام لن يبارك الله فيه، وانتظروا انتقام الله منكم في الدنيا والآخرة، لأنكم تتلاعبون بقيمة العدل، التي هي اسم من اسماء الله....لذا أفيقوا وعودوا، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحسبوا...فو الله لن يبارك الله إلا في الحلال.
وبناء عليه، لابد من وقفة حاسمة مع هؤلاء الذين باعوا كل شيء من أجل المال...لابد من نظام صارم للثواب والعقاب والشطب من جداول المحامين والتشهير...الخ، حتى يرتدع كل من لم يحترم نفسه ولم يحترم القسم وشرف المهنة وللأسف أساء لمن بقي من الشرفاء.
الحقيقة المرة...هي أننا جميعا (أطباء ومحامين ومهندسين معلمين وأساتذة جامعات....الخ) شركاء في صناعة الأزمة بل في الجريمة....ورغم ذلك جميعنا نشتكي...ألسنا كذلك؟!
كما أكرر دائما... الدولة ومؤسساتها عليها دور وينبغي عليها أن تؤديه بكل أمانة...ولكن ماذا عنا نحن؟...المحامي يلعب بالخصوم، والطبيب يلعب بمرضاه، وأستاذ الجامعة كذلك والتاجر لايرعى الله في المواطن المستهلك، والمهندس يغش في الرصف أو البناء...الخ.
اذا...الكلمة الفاصلة والحل السحري هو "العدالة"...وسيف القانون الباتر...لابد من ترجمة نصوص القوانين الخاصة بمختلف المهن والانشطة إلى واقع، أي اعمال مبدأ الثواب والعقاب...لو فعلنا وطبقنا نظام المحاماة مثلا، وكافأنا المجد وعاقبنا المقصر سينصلح حال المهنة...قس على ذلك باقي المهن والنقابات...
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...دمتم بخير.
0 comments:
إرسال تعليق