• اخر الاخبار

    السبت، 16 يونيو 2018

    الدكتور رضا عبد السلام يكتب عن :رفع الدعم عن الوقود: الآثار وسبل المواجهة!!





    سهل جدا أشعل حريقا ببعض الكلمات...سهل جدا جدا...ولكنني سأكون في قمة الرقي في كل حرف في هذا المقال، وذلك من منطلق عشقي لتراب هذا الوطن، الذي أدين له بوجودي، وبما أنا فيه من نعمة..وفي نفس الوقت لأنني أدرك تماما حالة الشارع المصري الآن...ومساعي البعض لإشعال حريق والتجارة بالأزمة...كالعادة.

    في عام 1999، وعندما كنت أتحاور مع المشرف الإنجليزي أثناء البعثة، كان يسألني: ما الذي يشجع مستثمر أجنبي على القدوم للاستثمار في بلد يغرق في الفساد والديكتاتورية والبيروقراطية وغياب عناصر العمل الماهرة وقضاء بطيء يطرد المستثمرين المصريين قبل الأجانب..الخ.

    فلما يأتي لكم المستثمر الانجليزي أو الفرنسي أو الياباني، ويفضلكم مثلا على بلد كسنغافورة أو ماليزيا؟! السؤال واضح ولا لبس فيه!!

    وكان ردي عليه، بأن مصر، رغم كل تلك المثالب التي ندركها جيدا، تتميز بانخفاض تكلفة عناصر الإنتاج من أجور عمال ووقود ومنتجات...الخ...إلا يكفي هذا لنغريه للقدوم لمصرنا؟!

    قلت لمشرفي الحبيب في 1999...قارن بين أجر العامل في مصر وأجر نظيره في سنغافوره؟ قارن بين سعر الوقود الذي تدعمه الدوله للمستثمرين في مصر وبين سعر الوقود في دول أخري؟ قارن بين تكلفة النقل في مصر وتكلفة النقل في أي دولة أخرى؟ قارن بين سعر الحديد والاسمنت والرمال وغيره من مدخلات وعناصر الإنتاج المحجرية والصناعية والزراعية في مصر وفي تكلفتها في غيرها، ستجد أن مصر الأفضل؟!

    ألا تكفي هذه المزايا يا سيادة اللورد الإنجليزي لتشجيع المستثمر الاجنبي على القدوم لمصر رغم الفساد والبروقراطية.....الخ؟!

    الآن في 2018...وبعد تحرير أسعار مدخلات الإنتاج، من وقود ومياه وكهرباء ومدخلات زراعية وصناعية "ضاعت الميزة الرئيسية التي كنا نخاطب بها المستثمر الأجنبي لنجر رجله"...فما الذي سيشجع المستثمر على القدوم اذا؟!...إلا إذا كان هدفه استنزاف الدولة المضيفة، كالاستثمار في التنقيب عن البترول والغاز والمعادن الأخرى.

    من بين المعايير التي يعتمد عليها المستثمر الاجنبي للقدوم قبل الاستثمار في دولة ما: مسألة مدى رضاء وراحة المستثمر الوطني (ابن الدولة المضيفة)؟

    هل الاستثمار الخاص في مصر بخير؟ هل يستطيع المستثمر حاليا ان يحسب التكلفة والعائد من الاستثمار والتخطيط للمستقبل؟ مع ارتفاع أسعار الوقود والمياه والكهرباء والمدخلات من حديد وغيره وأجور عمال ونقل وضرائب...ما الذي يدفعه للمخاطرة اذا؟

    ولهذا أغلب الاستثمارات الآن توجهت الاستثمار العقاري أو في ودائع البنوك...فلما المخاطرة بالمال؟ وحتى هذا الاستثمار سيقودنا يوما نحو كارثة يعلم الله تداعياتها فاليوم العقاري يشهد اشتعالا غير مسبوق.

    في ظل جنون الأسعار، وضعف الرقابة (رغم تقديرنا لبعض ضربات هيئة الرقابة الادارية)...لم يعد هناك يقين في أي شيء...الكل في حالة زهول...المستور بالحلال والفقير كلنا في مركب واحد...أما اللصوص فلا علاقة لهم بشعب مصر ولا يشغلهم شيء.

    الشرفاء والبسطاء يعانوا الآن...التداعيات الاقتصادية والاجتماعية في غاية الخطورة...التفكك الأسري وانهيار ما بقي من الأسرة المصرية بات واقعا ملموسا...رب الأسرة مخنوق!!

    البطالة في كل بيت، ويتوقع مع تأزم أوضاع المستثمرين ورجال الأعمال بعد الارتفاعات التى سنشهدها خلال الأيام القادمة، أن يتم التخلي عن المزيد من العمال، وبالتالي تصاعد أزمة البطالة...وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

    الآن الدولة تتولى وتحمل على عاتقها كل شيء، والقوات المسلحة تتحمل فوق طاقتها...ندرك تلك الجهود جيدا...ولكن في المقابل ما وفرناه من فاتورة رفع الدعم سندفعه أضعافا مضاعفه في سداد القروض وفوائد القروض (الدين العام الداخلي والخارجي) التي تلامس الخمسة تريليون جنيه!!

    أدرك تماما حجم التحديات التي كانت تستهدف أساس البيت والدولة المصرية، وقد عرضت في مقالات سابقة لأبعاد وتحديات كثيرة صنعها أعداء الوطن في الداخل والخارج من ضرب الطائرات والسياحة والجنيه....الخ، وهذه حقائق لاينكرها إلا ضال أو مضل.

    ولكن...وصفات المؤسسات الدولية، وكما تعلمنا، لم تكن ناجحة في أغلب الدول التي استعانت بها...بل...كيف ننتظر خيرا من مؤسسات سياسية في زي اقتصادي تهيمن عليها وتديرها وتضع سياساتها الولايات المتحدة الأمريكية واللوبي؟!

    إذا...المطلوب على وجه السرعة...رحمة بالملايين من أبناء هذا الشعب...وضع رؤية واضحة تبعث بإشارات أمل للمواطن والمستثمر...الناس في حالة من الخوف من المجهول بعد أن توارى الأمن المادي.

    فقراء مصر: من أصحاب معاشات وفلاحين وعمال وعاطلين ومرضى يعانوا معاناة شديدة، ولن يكفيهم فتات الزيادات في المعاشات أو المرتبات...فانبوبة البوتاجاز التي كنت احرص انا - منذ عامين - على وصولها للمواطن في أقصى قرى الشرقية ب11 جنيه، يتعدى سعرها الآن في السوق 70 جنيه....الرقابة ثم الرقابة.

    لابد وأن نفكر نفكر في حلول تلامس المواطن مباشرة وربما تخفف من معاناته ومنها:

    1. الإعلان فورا عن فتح باب التقديم - بشفافية - على موقع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة عن وظائف للشباب في كافة الوزارات من بترول وغيره، ويتم تدريبهم وتاهيلهم والاختيار بشفافية مطلقة على أساس المجموع فقط في كل تخصص.

    2. البدء فورا في تخصيص أراضي الدولة، التي تم استردادها، للشباب وبشفافية تامة، وبإعلان ومن خلال لجنة محترمة في كل محافظة، تعيد الأمل لشباب مصر.

    3. أراضي الأوقاف مستباحة في كافة محافظات مصر...يعيش على خيرها ويستولي عليها أباطرة.. لذا لابد من الإعلان في كل محافظة عن إنشاء مدن صناعية على أجزاء من تلك الأراضي بأسعار رمزية أو بمقابل يسدد على 20 سنة للشباب وخاصة شباب الحرفيين مع وضع عقوبات قاصمة لمن يتلاعب مع الدولة في هذا الشأن.

    4. يتوقع زيادات أكبر في الأسعار خلال الأيام القادمة...لابد من رقابة صارمة من رجال أهل لحمل الأمانة في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ الوطن...المنصب العام ليس مكافأة أو سبوبة على أنقاض شعب يعاني...الأكفاء ثم الأكفاء.

    5. لابد من الاستماع والاقتراب من جمعيات المجتمع المدني وتفعيل الخطوط الساخنة للابلاغ عن أي احتكار أو مغالاة من التجار.

    6. الاستثمار الخاص في أزمة، وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة مع البنوك لابد من تحرك عاجل جدا لبث الطمأنينة لديهم وتخفيف الأعباء عنهم وتقسيط الضرائب... الخ.

    7. السعي الجاد من وزارتي الخارجية والمصريين في الخارج لفتح أسواق جديدة من خلال اتفاقات عاجلة مع بعض الحكومات الأوروبية...الخ.

    8. الإعلان في فيك محافظة عن الوظائف بالتخصصات المطلوبة في المشروعات القومية الجاري والمزمع تنفيذها بحيث يتم الإعلان بشفافية عن الرواتب والمزايا ومعايير الاختيار.

    8. تكليف الأجهزة الرقابية، في كل محافظة بفحص ملكيات وثروات أعضاء مجلس الشعب والشورى وكبار رجال الحزب الوطني والقيادات الإدارية ومديروا إدارات أملاك الدولة والأوقاف ....الخ، منذ عام 1990 وحتى قيام ثورة يناير...ومصادرة الملكيات والثروات التي استولى عليها هؤلاء اللصوص، وإعادة توزيعها على أفراد وأبناء الشعب.

    خطوات كهذه - وغيرها الكثير - ستخفف من تأثير الغلاء والأسعار، وستعزز الانتماء والامل لدى شرفاء وبسطاء هذا الوطن.

    حفظ الله مصر وشعبها وشرفائها ومخلصوها من كل مكروه وسوء...اللهم آمين آمين.










    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور رضا عبد السلام يكتب عن :رفع الدعم عن الوقود: الآثار وسبل المواجهة!! Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top