لما كان المراهق يتأرجح بين طفولة ونضج، ولما كانت أمواج
التخيلات المتأرجحة تذهب وتغدو بأشخاص يبحثون عن أنفسهم، رمت بهم على شواطئ عولمة
لا رحمة في سواحلها، عولمة زادت التأرجح أرجحة والحيرة حيرة، حتى صار المراهق غير
مدرك ماذا يريد ومن أين يبدأ!
إنها قسوة أوجدها صغر العالم الكبير، إلى أن تداخلت
الثقافات والأعراف، فبدأت تختفي مبادئ وقيم هي أصل في الأخلاق والاتزان العقلي
والفكري والاجتماعي، وبدأ ينظر المراهق إلى تلكم الثقافات والأعراف على أنها تخلف
وتعصب، وأنها مبادئ لا تتوافق والتحضر والانفتاح والحريات، فبدأ الغزو الفكري
يُحكم سيطرته على عقول لم تُزهر بعد، عقول غرقت في بحر عولمة قل المنقذون على
ظهره، فغرقت وهي تنتظر أن يحين دورها في الإنقاذ بين طابور الغارقين، الأمر الذي
يوجب على الناضجين التفكير بحلول تنقذ هذه العقول البريئة، عقول طال بقاؤها بين
ضربات أمواج هذه العولمة، حتى علقت بين كماشتها الصدأة، أما آن الأوان لعقول
مراهقين تعبت من مقاومة هذه الأمواج؛ بأن تزهر بهمم مزهرين ناضجين؟! كي تكون صالحة
لأن تنتج زيتاً عطرياً يزيل صدأ كماشة العولمة، ويبدأ فوحان عطرها في احتفال العقل
لترويضه النفس البريئة.
0 comments:
إرسال تعليق