لقد أصبح التقليد الضال سهلا، واختفت الشخصية المستقلة بعاداتها وتقاليدها،
وتغير مفهوم التقدم والتحضر فارتدى جلبابا غريبا عن الإنسانية بأسرها.
في كل مجالات الحياة وصارت العادات الحسنة قديمة واهية وظهرت مرغمات التقدم
الزائف الذي يقارن مع الأديان والقيم على أنها تأخر ورجعية فتمسك الإنسان بكسبه الحلال
وإفشاؤه السلام ومساعدته المحتاج وصلته الأرحام وارتداؤه ما يضفي على مظهره الحشمة
أو انبعاث الغيرة على الدين والعرض وكل عادة وثقافة أصيلة.
تحولت أمام وساوس التقدم إلى رجعية فاختفى الشيخ الناصح والشاب الواعي
المفتولة عضلاته والفتاة الحرة الأبية، والمعلم الذي يعطي العلم بدون مقابل، وصار التقليد
للغزو الغربي الواهي شيئا أعمى لكل ما تهفو به النفس دون الرجوع للقيم والمعايير الشرقية
الرائدة في شتى المجالات وفي كل العصور.
إنه من أراد التحلي بالأخلاق أو التقدم فعليه بالدساتير الأولى في العرف
والقيم لبلاد الشرق العربي ونهاية الدساتير دستور الدين الإسلامي الذي جمع مكارم الأخلاق
ولكن يبدو أن الإنسان دائما لا يعلم قيمة الشيء الموجود معه ويتطلع بطبعه لغيره، فما
تملكه اليد تزهده النفس بطريقة حمقاء مظلمة أمامه.
فلماذا كل ما يحدث من تقليد عادات وثقافات غير إنسانية وتقاليد مجتمعات
تتخلى عن الإنسانية تحت شعار التحرر المفضل ولماذا لا أرغم من أقلده على أن يقلدني
ما دمت على صواب فالتقدم الصحيح هو التمسك بالحق والفضيلة التي تتناسب مع الإنسانية
في شتى العلوم وفي الغيرة على ثقافة العربي ولغته في تقليد المفيد للمجتمع ورفض الخاطئ
وبقوة.
التقدم الصحيح أيضا هو التمسك بالشخصية العربية الأبية المستقلة المثالية
المتحلية بالخلق وأيضا في التفوق بكل جديد مفيد مع عدم السلبية تجاه المصلحة العامة
وفي المحافظة على المال العام ومناصرة الوطن على التخلف والجهل والأخذ بيد كل ضعيف
ليقوى وكل صغير ليشق طريقه في الكبر.
وكل صانع ليطور صنعته ويبارك
الجديد من ثقافته ولكل قبيح ليتجمل ولكل مسوف ليلحق بالركب ويتطلع للمستقبل؛ فإن تمسك
الإنسان بعاداته وثقافاته الصحيحة العالية هو أسمى شيء يقدمه للإنسانية.
0 comments:
إرسال تعليق