• اخر الاخبار

    الأربعاء، 15 يونيو 2022

    وصية تعبان ابن مطرود ..قصة قصيرة ..بقلم الأديب العراقى الكبير عيسى عبد الملك

     


    تحت رأس المواطن تعبان ابن مطرود، ذلك  الذي وجد ميتا قرب حاوية قمامة غير بعيد عن الجسر  الاحمر العتيد المتهالك والذي،  منذ دهور شيدته سلطات عهد الانتداب، وجدت هذه الوصية :

    شكرا ايها الوطن المفدى .في صغري ،  في ديسمبر 48 ،وزعت علينا  وثيقة حقوق الانسان .اجبرني المعلم على حفظها بندا بندا  وفقرة فقرة كي لا يغبنوا حقوقي .

    في شيخوختي ، مثل الكلاب السائبة اتخذت من  الجسور المتهالكة سكنا ومن حاويات القمامة مصدر غذاء لديمومة الحياة  ومن الكراتين الفارغة فراشا وغطاءا وخوفا من الاعتقال و رصاص قوات الشغب والقنابل الحارقة و مسيلات الدموع  والتهم الكيدية ، لم اتظاهر مطالبا بحقي  مثل الشباب  الشجعان في الشوارع والساحات و خيام الاعتصام كي لا اغيب او اقتل او أعاق !

    الآن وقد حانت ساعة موتي ، مثل معلمي،  سأموت كافرا ببنود وثيقة حقوق الانسان ودستور البلاد وخطب وعاظ السلاطين وبكل ما قرأت و الفت من كتب  و نلت من شهادات و بمنحة الحكومة البائسة المذلة التي لم احصل عليها أصلا !!

    وصيتي، بلا غسل ولا كفن ولا تشييع  ،بصمت وهدوء ، بهذه الدشداشة  ادفنوني.  في اي بقعة من  وطن  المآسي والكبسلة وعصابات بيع اعضاء البشر  وشراء الخصى وترويج المخدرات ادفنوني . اينما شئتم ادفنوني  ولأني لا املك شروى نقير ،اعتذر من حفار القبور  ومالك المقبرة ومن الكلاب السائبة  التي كثيرا ما شاركتها طعامها .ادفنوني اينما شئتم ولكن شرط ان اكون قرب قبر  ضحية من ضحايا السلطة كي نتبادل اطراف الحديث  عن محنة الناس في وطن يخير ابناءه بين الذلة والهجرة  !  ! .

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: وصية تعبان ابن مطرود ..قصة قصيرة ..بقلم الأديب العراقى الكبير عيسى عبد الملك Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top