من خلال قراءة القصة المنتجة الواعية ، القاص شوقي كريم حسن ، كصوت فرض نفسه على مستويات متعددة لما يملك من ثقافة ادبية ، له نتاج غزير في الروايات والقصص والمسرحيات والمسلسلات والافلام كلها ذات بناء معماري فني ، في هذه القصة أشتغل على تصوير الشخصية تصويراً دقيقاً ، وهذا مهم جداً ، فلا بد من ابراز صفاتها ، اذا كانت هادئة او كثير
الانفعال ، متواضعة او متكبرة ، من خلال احداث
القصة ، نلتمس الكثير .
(( اشتعالات الواحد!!
اشيع إن الواحد الذي لا
تعرفه، سوى هياماته التي ما فاه بها احداً سواه ، كان يجلس عند ابواب بغداد
الهائمة بعذوبة الليالي لا عذاباتها، متأملاً حداءات الآتين من جزيرة لا تساوي سوى فراغ المعنى، يجلسون إليه لمرات
عدة لكنهم الا يفقهون من قوله شيئاً ،يمكن ان يرشدهم الى غايات القلوب ومحنة العقول
التي تاهت بين عبث الكهنة ولغو الافواه المجللة بالحيطة والحذر! قيل له مرة ،وكان
يرسم بطرف قصبة كانت قبل محو نغماتها ناي
يرسل آهات الارامين انفسهم بين احضان الخديعة والوجع))
أسلوب القصة يكشف عنه الوفاء
للموضوع قصة نهار ابيض بلون الخطيئة ، بسيطة التراكيب ، الحوار متناغم مع البناء
القصصي ، يتميز بسهولة الاسلوب ودقة اللغة ، قاص متمكن ، بسهولة لغته ودقتها نحس
بها حقيقة الاشياء التي يتطرق القاص بتفاصيلها .
(( الذي دلك على الكلي
الوجود...وكيف عرفت إن وجودك يندغم
ووجوده؟
اشار الى ركن قلبه القصي،
الفائر بمعاني الرد ،فتصاعدت الاضطرابات، وعلت فوضى نواقيس الفؤاد الذي خرج للتو
من امتحانات الكشف، عن خبايا اسرار صيرورة
الوجود، — الاقرب من حبل الوريد ..القاضي بما اراد ..لمن يريد.. هو المثل
والسؤال؟))
عنوان القصة نهار ابيض بلون
الخطيئة فاضحاً لأسرارها دلالة على نكد العيش ومرارة الحياة الصعبة ، الموجعة ،
لان الوجع والبكاء ورثه العراقيون عبر الزمن من جلجامش وانكيدو فهو يعكس هموماً
تبدو انها ظاهرة فردية لكنها هموم نهار ابيض بلون الخطيئة .
( يقول جوته : الاسلوب هو مبدأ التركيب النشط
والرفيع ، الذي يتمكن له الكاتب النفاذ الى الشكل الداخلي للغته والكشف عنه ..)#1
(( المعنى، هبوط بحبال الفهم، من أجل نبش دهاليز
الخديعة، وفضائح الراضين بوجودهم،
دهاليز يسورها الديجور، وتحيط بهيبتها
شياطين من حمأ العناد، تعرف مكر الانسان ودهاء غاياته ومراميه، يبصر المعنى المجلل
بأردية الهيبة، وابهة المحاججة، جلوس الخذلان عند قدمي المتأمل، وجوه تنوح انهتاك ستر ما ظنته مضموماً، لا يعرف مبارزه
،غير الفاعل، والمفعول به، وتدوينات معتمة تطالب بأن تكون الحقيقة على غير ما كانت
عليه.. حقيقة تلون وجودها مثل حرباء، لكل وجه مكان، ولكل مجلس قول رياء، المعنى.
.سلطان الافتضاح، وأبدية الرهان، عند حد وجوده، تتعالى صيحات الاستنجاد، علها تجد
منقذاً يأخذها الى. ما تصبو إليه، منذ عرف الغراب حيرة الدم، ضاعت أمال الحالمين
بالعود ))
القاص شوقي كريم حسن أستخدم
المونولوج الداخلي او ما يسمى بحوار النفس التي تخاطب ما يدور في العقول من افكار
بتقنية عالية وبلغة مكثفة لها اثر في تعميق ودلالات السرد يكتب أحياناً بالعامية وأحياناً باللغة الفصحى
، أسلوباً تعبيرياً حوار داخلي ذاتي لمعرفة شعور النفس من خلال السرد القصصي
كوسيلة للتعبير عن العالم الداخلي للإنسان ، المونولوج الداخلي قبل ان يكون
اسلوباً وشكلا تعبيرياً ادبياً ، يعد هو الحوار الداخلي الذاتي الرامي الى معرفة
النفس من خلال استنطاقها عن مكوناتها .
(( معرفة المعنى مسرات
الارواح !!
*لا تركن ليلك الى صمت.. لأنك تضيع مماشي الاطياف، وتهجر رفعة الامتداد!!
*فؤادك خديعة... الى عقلك
سرمدية الاكتشاف!!
روحك معزوفة نقاء ..اخذت
من مشاتل
قصب الارباب، وطعم اغانيهم ..الموروثة ( يكولون غني بفرح وأني الهموم
هواي؟؟)همومك ثياب تنتشي بالبكاء، وقص
الشعور.
كلك سجل معدل امتحان فشل او قبول؟!!
لاتركن ماذاك الى واحد منسي،
خذ كلك الى واحد كلي.. يعي السؤال ويجسد المراد
تمسك بالمعنى، واهجر العبارة
لأنها لغو نفوس، اورثها القحط لهجات التبجيل
،والرقص على ايقاعات الافرشة المغطاة بديباج المجيء الذي ما حصل!!
خذ معناك...واياك...اياك
المساومة على منحه لمن لا يعرف كيف يجني الثمار..!
قال—ما لذي رأيت..؟!!
قال— لا جدوى من رؤيا تزيد المدافن قبراً !
قال—طرقاتك فوضى ومدنك ارتباك
وليلك حسرات محازن!
قال—وفعلك منسي عند ضفاف
اليقين؟!
قال—-ما لذي رأيت..؟!
قال—عماء يحمل عماء ويجر عماء
الى الانتهاء!))
القصة معبأة بالكثير من الحكم
والارشادات ،عند تحليلها نلاحظ المونولوج
ينتقل إلى ما فيها من روابط ومؤشرات زمنية وتجليات تكون كواشف في زمن القارئ الذي
سيتفاعل معها ، تمنحه إشارات ودلالات متعددة ،
من خلال قراءتنا المنتجة الواعية للقصة نشاهد الشخصية فاعلة ، مؤثرة تموضعت ضمن الزمن السردي للقصة وأخذت حيّزاً مهماً ضمنه ، فكما يركز بعض كتاب
القصة على عنصر الحادثة والبعض الآخر على الشخصية نجد كتاباً يجمعون بين العنصرين
وهذا نجده في تجربة القاص شوقي كريم حسن .
(( قال/ خبايا أسرارك
خلصت/ولسانك قد من دبر الفضائح/فما أنت قائل؟!!/ مادام السيف لم يعد يساوي رقبة!!
قال— السيوف ان ساوت الرقاب
ضاعت محاسن الافعال.. وتسبخت ارواح المريدين!!
قال—لا تمنح رضاك لصانع مباهج
من طين لوثه دم !!
قال— مالنا نبغي القبول ونهين الامتناع؟
قال— ها انت تكتشف السر.. ؟!!
قال/-هتك الاسرار قيامة
المعنى.. وقيامة المعنى بوح مواويل الاستنكار. .والاستنكار عورة المارين الى جحيم
اللغو.. واللغو فتنة الاملين بالخلاص.. والخلاص مقبرة وبخور وقربة ماء تعطرها
الدموع !!
قيل—ما لذي تبقى؟!
قال-عنت النسيان فعليكم به..
النسيان هلاك الانسان ..لأنه يتعود التحمل
دون مراجعة ما حل وما كان !!))
أخيراً
تميزت قصة نهار ابيض بلون
الخطيئة ، بسرد ولغة بسيطة وغنى الحوار
والمونولوج وقوته التعبيرية بوصفه مجريات الحياة من تناقضات حقيقية وواقعية حيه
كان يترجمها القاص شوقي كريم حسن بأسلوبه الخاص ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#1السرد والاسلوب / محمد بلوافي.
0 comments:
إرسال تعليق