" أصدقُ الصّدق "
قبل هجرانكَ لي قُل واعترف لي
فلقد أودعتُ روحي
عند أطرافِ ضلوعكْ
قم وسلها حينما تغفو عيونُكْ
قد تراها داخلَ الغرفةِ
تهذي هذيانًا
لا تقل إمضي
دعيني خلفَ أنّاتي
وَعُودي
إنّني طفلٌ صغيرٌ حينما
يبكي أنيني
وأنا الشّيخ الذي هِمتُ كسيرًا
في وقاري
زادَ ضعفي
قلّةُ الصّبرِ وخوفي
من هواكِ
حيلتي ضاعت وأبديت
ُ افتقاري
فدعيني مثل قيسٍ
في البراري
أنا ما زلتُ وجيعًا عالجي
جُرحي تعالي
لا تلومي
في الهوَى صمتيَ هذا
وانفعالًا في
جنوني
لوعةٌ بي داهمتني عذّبتني
في فؤادي
سوفَ أخفي عنك
ِ ناري واشتياقي
أينَ أنتِ الآن عنّي ؟!
يا خيالًا قد أتاني ورماني
في جراحي
كم لهُ أشدو رهيفًا
رغم سُقمي رغم
بُعدي
في ليالٍ عاندتني
أرهقتني
كم وكم قد أوجعتني
تلك عيناكِ بها قد
عاتبتني
أنا لا أملكُ ذاتي
فافهميني
رغم أنّي قد وضعتُ القيدَ حولي
وبنفسي قَهَرَتني
سنواتي
وبذاتي لستُ أهوَى
البُعدَ عنكِ
نبضاتي أنتِ فيها
همساتي أنتِ فيها
ألفُ آهٍ زاحمتني
حول قلبي
أنتِ لحنٌ لم يزل بي
أنتِ قيدٌ لا أُطيقُ
الفكَّ عنهُ
هاتفًا بي أنتِ لي لا لن تكوني
نجمةً في ليلِ
غيري
سامحيني إن بدت منّي انتفاضهْ
إن أصابَت وجدَ
قلبي
لا تَقُدّي لي قميصًا
يا حياتي
إنّني من دونَ قدّ ٍ أتمزّقْ
فارتقيني وخُذي
منّي وريدًا
قبل موتي كي يُغذّي
بعد موتي
دمُهُ لونَ شفاكِ
واذكريني عند قبري
أنتِ من فجّرتِ ذاتي
بعد صمتٍ
فأجيبي بوضوحٍ
فلماذا يا زفيري وشهيقي
قد رميتِ السّهمَ
تنوَينَ قتالي
رغم أنّي قد رضيتُ اليومَ
موتي واغتيالي
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
إنَّ من يطالع اللغة الشعرية في
قصيدة "أصدقُ الصّدق" لأحلام الحسن يدرك أن لهذه اللغة طبقة أسلوبية
مميزة ذات نغم انسيابي مموسق تصلح للغناء وبث المواجع والشجن، في لغة حوار ثنائية
بين "هي" الحبيبة و "هو" ثنائية تبث الشجن ونصائح الحبيبة
لمحلوبية في لغة تحمل ألآم الوجد وأنين القلب، تقول
أينَ أنتِ الآن عنّي ؟!
يا خيالًا قد أتاني ورماني
في جراحي
كم لهُ أشدو رهيفًا
رغم سُقمي رغم
بُعدي
في ليالٍ عاندتني
أرهقتني
إنها لغة انسيابية آسرة تحقق متغيرها الجمالي عن
طريق التركيب المموسق والتوليف الواعي للجمل وربطها مع بعضها البعض وكأنها تشد
بتلابيب بعضها، نحو مستوى موسيقى مؤثر لدرجة أن كل جملة تتطلب الجملة الأخرى،
وتستدعي ما قبلها لتتنبأ بما بعدها وتتفاعل فيما بينها، محققة أقصى استثارتها
الجمالية، كما تصعد من حالتها الشجنية المعبرة عن عذابات الذات الشاعرة كما في
المقطع التالي :
كم وكم قد أوجعتني
تلك عيناكِ بها قد
عاتبتني
أنا لا أملكُ ذاتي
فافهميني
رغم أنّي قد وضعتُ القيدَ حولي
وبنفسي قَهَرَتني
سنواتي
وبذاتي لستُ أهوَى
البُعدَ عنكِ
مشهدية من عذابات متلاحقة في المقطع
السابق لقصيدة "أصدقُ الصّدق" لأحلام الحسن ، حيث تتراءى لنا في فضاءات
الوجع و الشجن .. الحزن و الألم ..العتب و الرضا .. القيد والقهر حين احتضان اللغة لها بكل
أريحيتها وبلاغتها و تنميق صورها ،
نبضاتي أنتِ فيها
همساتي أنتِ فيها
ألفُ آهٍ زاحمتني
حول قلبي
أنتِ لحنٌ لم يزل بي
أنتِ قيدٌ لا أُطيقُ
الفكَّ عنهُ
هاتفًا بي أنتِ لي لا لن تكوني
نجمةً في ليلِ
غيري
موائد من الإبداع الممزوج بالشجن المموسق
والمغنى هي تلك التي أرسلتها الذات
الشاعرة للمتلقي في المقطع السابق عبر أثير الوجد المتعب، حيث موسقتها الشاعرة
أحلام الحسن في قوالب التقديم عذبة اللحن
شجية الانسياب، متناغمة الموسيقى، بانهمارات لغة لا تبخل في رسم حقائق الشعور
بجمالية المفردة و الصورة و الاستعارة،
لقد أهتمت الشاعرة بحداثة التجديد
للخطاب الشعري حتى أضحت تلك الحداثة عند أحلام الحسن إضافة حتمية في قصيدة
التفعيلة وضرورة لمواكبة الرنين المتصاعد بداخلها.
نستطيع القول أنَّ اللغة الشعرية
بالمجمل في قصيدة "أصدقُ الصّدق ." لأحلام الحسن حصيلة معارف كثيرة
ومتحولات نصية شاملة للمتغيرات الشعرية، لدرجة أن القارئ ينبهر بالشكل اللغوي الذي
يلحظه بتناغم بعض الجمل وتآلفها في نسق شاعري يفيض بالحساسية. واللذة والجمال
الأسر.
0 comments:
إرسال تعليق