كثيرًا ما تمر على الإنسان لحظات يشعر فيها أن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا، ربما بسبب موقف ما، أو حدث غير مجرى تفكيره وحياته ، وما أظن أننا سنواجه لحظات تمر علينا أصعب من ما نعيشه اليوم جميعا من لحظات الخوف والزعر من فيروس كورونا الذي أصاب مئات الملايين من سكان الأرض ، وحصد ملايبن الأرواح من البشر ..
مواقف عديدة استوقفت تفكيرنا وقت حدوثها لتبرهن لنا يقينا بأن لهذا الكون العجيب رب يديره ويدبر أموره ، وقادر على احداث كل شيء فيه ،، فهو - سبحانه - قادر على كل شيء وبيده ملكوت كل شيء ...
الموقف الأول الذى استوقفني هو موقف سقوط الرافعة الذى حدث بمكة المكرمة في بيت الله الحرام ، والذى شاهده ملايين البشر وقتها قبل سنوات ،، وأكثر المشاهد التي تأثرت بها كثيرا هما لمشهدين أو لقطتين !
المشهد الأول :
------------------
كان هناك رجل يسير بعيدا عن مكان سقوط الرافعة --. ثم توقف فجأة ودون إنذار ، وعاد مسرعا يجري للمكان الذي ستقع فيه الرافعة كالغريق الذى رأى النجاة ! وذلك قبل ٲن تسقط الرافعة بثانية او ثانيتين من الزمن -- يبدا أنه كان هناك شيئا قد سقط منه وتذكره ، وأراد أن يعود ليلتقطه !
وفي اللحظة التي أمسك فيها الرجل بالشيء الذى سقط منه ... سقطت عليه كتلة من الحديد ٲردته قتيلا !
بدا لي حرفيا كانه كان "يعدو نحو موته"كأنه على موعد مع ملك الموت ولم يستطع أن يخلف وعده .
سبحان الله !!!
... ماذا لو انه لم يعد ! .... كان يكفى لذلك انه فقط لم ينتبه لمافقده ، أو لم يرى ما سقط منه ، وكان أكمل مسيرته بكل أمن وسلام !
السؤال هنا : لو كان فعل معه هذا ولم ينتبه لما فقده ، أو راى ما سقط منه ، أكان ينجو ؟
باليقين ، كان لا ينجو ! - لأنه كان على موعد لم ولن يخلفه مهما حدث ! ومهما فعل ، فلم يكن ما حدث صدفة... بدا كل شيء محسوب بدقة ..
فكلنا نسير بطريقة ما لنصل الى نهايته ، ولا نعلم كيف او متي نصل ! نظن ٲننا نهرب من أقدارنا في حين ٲننا نجري باتجاهها !
كل شيء بقدر، لن يمنعه حذر ولا ترقب ولا حساب ! .. فلماذا الجزع والخوف من كل ما يحيط بنا ؟ ... وكل على موعد لن يخلفه في مكان لن يخطئه !
وماذا علينا لو تغافلنا في حياتنا عما يسقط منا ! .. لعله خير لنا ونجاه من نهاية لا نحب أن نطلبها !
المشهد الثاني : أم تقف مع ولدين لها يلعبان بكل حرية وطمأنينة ويتحركان في أمن وسلام .. والأب على مقربة منهم جميعا" . كان الولدان يكلمان امهما ، لكنها يبد أنها كانت مشغولة بتصوير الكعبة ، وتسجيل اللحظة والذكريات الجميلة في ذاكرة الكاميرا !
لحظة من الزمن ، لم تستغرق الثانية ، ويتحول المشهد إلى كارثة مفجعة ! ... فقد سقطت كتل الحديد وفرقت بين الأم وابنيها !
قامت الأم تصرغ وتصيح وتبحث عن ولديها وسط الغبار ... الأم سليمة والأب لم يصبه خدش، بينما أصابت كتل الحديد الولدين بكل دقة من وسطهما !
سبحان الله !!! والله إن أمهر الرماه من أقوى الجيوش لا يستطيع ٲن يصيب هدفا صغيرا مثل طفلين صغيرين بهذه الكتل الضخمة دون ٲن يخدش من كان ملاصقا لهما ... إلا إذا كان ذو تقدير عجيب... أو له قدرة وحكمة تفوق الخيال !
سبحان الله !!!
------------------
نخاف على أولادنا ، وعلى أرواحنا ، وعلى أموالنا ، وتنتابنا الهواجس من فقدهم، فلا ننام الليل ...ونستميت في حمايتهم
-- فهل نحن فعلا من يحميهم ؟
علام القلق والخوف ؟ ... أطفال في بيت الله الحرام ، امام الكعبة بين والديهم ، ووسط ألاف من البشر رجالا ونساءا ، كبارا وصغارا .. ويختطفهم الموت من وسط الجميع بلا استإذان ! بينما نرى أطفال في دول منكوبة يجلسون على أنقاض منزلهم ، وقد خطف الموت والديهم بلا رجعة !
بمنطق العقل البشري ، من ٲكثر الأطفال إحساسا بالأمن والسلام والبقاء فيهم ؟
أطفال في بيت أمنه الله ، وخصه الله بالأمن والطمأنينة ! أم أطفال بين الدمار والخراب ، ووسط القتل والإبادة !
الموقف الثاني :
-------------------
لللطائرة المنكوبة لرحلة مصر للطيران رقم MS804 والتى سقطت فى البحر المتوسط خلال عودتها من باريس إلى القاهرة قبل سنوات أيضا ، والتي طويت صفحاتها بالعديد من المآسى الإنسانية والتى ستبقى حاضرة فى ذاكرة عائلات الضحايا ،، وقصص إنسانية موجعة لم يكن يخطر فى ذهن أصحابها ،،وأكثر القصص ألما وحزنا ، والتى جعلتنى فى ذهول لعدة أيام وقتها ، هى ذهاب أسرة مصرية إلى المطار فى فرنسا ، وقد تم إيصالهم بالخطأ لصالة سفر مختلفة عن صالة السفر المخصصة لإقلاع تلك الطائرة المنكوبة ، وبعد أن أكتشفوا هذا الخطأ توجهوا مسرعين إلى صالة السفر المقررة لاقلاع الطائرة ، وعند وصولهم ، وجدوا أن أبواب الطائرة وقد أغلقت وتستعد للإقلاع . وبعد الحاح شديد من رب الأسرة للموظفة المسئولة ، وشعرت الموظفة أن خطأ التآخير ليس من قبل الأسرة المصرية ، وتأكدت أن الخطأ من المسئولين بالمطار ، وعندها رضخت الموظفة لطلب الأسرة ، وتواصلت مع المسئولين واستطاعت أن تأخر إقلاع الطائرة ، وأعيد فتح الأبواب لاستقبال الأسرة المصرية المتآخرة لينالوا حتفهم وتكون آخر رحلة لهم عبر الطائرة ، ومن العجيب أن الموظفة عندما علمت بسقوط الطائرة المشؤومة فى البحر ، أنهارت بالبكاء الشديد لشعورها بالندم لمساعدة الأسرة المصرية فى الصعود الى الطائرة ، وتقول : أن ابنة هذا الرجل المصرى كانت تناشد أباها بالعودة الى البيت وتأجيل السفر للغد ، وأن تآخير السفر ليس بنهاية العالم ، وربما يكون خيرا لهم ، الا أن الأب أصر بالتمسك بحقه فى الصعود للطائرة لتكون نهاية العالم بالنسبة لهم .
الموقف الثالث :
------------------
والذي أختم به ،، حدث قبل عام تقريبا ،، وفي مثل هذه الأيام ،، وكان لرجل وهو يطوف منفردا بالكعبة المشرفة ، ولا يوجد غيره من البشر حول الكعبة ،، في حدث جلل لم تشاهده الأعين ولم تلتقطه كاميرات التصوير ولا الأقمار الصناعية من قبل ، ولأول مرة يسجل التاريخ بين صفحاته تلك الواقعة ..
فما الذي جعل بيت الله الحرام يخلو من ملايين البشر كالمعتاد ،، ويبقى هذا الرجل فقط، ليطوف منفردا بالكعبة ؟!! وماذا بين هذا الرجل وربه ؟! وهل كانت دعوة صادقة من قلب مخلص واستجابها الله - عز وجل .
بكل تأكيد : حدث لم يمر مرار الكرام ، وبعد سؤال هذا الرجل ،، ما قصتك ؟! اتضح أنه رأى رؤية قبل عشرات السنين ، وتكررت الرؤية أكثر من مرة ،، فقصها على أهل الصلاح والمفسرين للرؤيا ،، فقال له أحد المفسرين مفسرا لرؤيته : ستطوف بالكعبة المشرفة منفردا ، ولا يكون بالبيت الحرام وقتها غيرك . فيقول الرجل : فضحكت ضحكا لم أضحكه من قبل لغرابة تفسير الرؤيا ، واستحالة تحقيقها .. فكيف لبيت الله الحرام ان يخلو من ملايين البشر ؟!! لأطوف أنا لوحدي حول الكعبة ..
فلم يخطر على بال الرجل ولا ببال أحد من العالمين بأن تصاب الأرض كلها بفيروس كورونا ، والذي تسبب في خلو بيت الله الحرام من المصلين والطوافين لاجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس ،، وفي نفس الوقت يكون هذا الرجل هو أحد المسئولين عن تطهير ونظافة بيت الله الحرام وكعبته المشرفة ،، ليتذكر الرجل وقتها الرؤية وتفسيرها ،،فيستأذن من المختصين بالأمر ، فيسمحوا له بالطواف بالكعبة لوحده دون ملايين من البشر ..
حقا : للكون رب يديره ويدبر أموره ، ويقول للشيء ( كن فيكون ) .
0 comments:
إرسال تعليق