• اخر الاخبار

    السبت، 13 مارس 2021

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : ما ذنب المطلقة اذا طلقت

      



    ان المجتمع العربي  يعاني بأكمله  من جملة من الموروثات والعادات الشعبية رغم هشاشتها المنطقية  و التي تتمظهر اساسا  حول نظرة الرجل إلى المرأة وتعدها درجة دونية على جميع المستويات الاقتصادية و الدينية  و  الثقافية  و الاجتماعية و سياسية ، وتصفها كائناً ضعيفاً خانعاً وتابعاً  تحت رحمة غيره،  وهذه في الحقيقة نابعة من كون سلطة الرجل هي الغالبة في كل مجالات الحياة حتى داخل الأسرة  

     لذا تسمي مجتمعاتنا أو تتصف بالذكورية من هذا الواقع والنظرة التاريخية جاءت نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة كونها كيانا مستلباً وفاقدا أهليته وكأنها سلعة مستعملة غير مرغوب فيها، كما أن حظوظ زواجها ثانية تكون ضعيفة، لأن الرجال عادة يبحثون عن البنت البكر وصغيرة السن، وبالتالي فهي لا تصلح زوجة المستقبل  

     وينظر إليها بازدراء ودونية وكأنها ارتكبت جرماً على الرغم من أن الحياة تطورت وتغيرت في الكثير من المفاهيم وأخذت المرأة مجالاتها في شتى نواحي الحياة وأسهمت الرجل معها، ولكن تبقى هذه النظرة القاصرة والجاهلية المسمار الكبير في نعشها طالما بقيت عقلية الرجل تقبع في دهاليز القرون الوسطى.  

    ان طبيعة المجتمع تؤثر تأثيراً سلبيا في  رأي الفرد، واحتياجاته، ورغباته، وسلوكه، وتعبيره، وخاصة المرأة المطلقة على الرغم من إنها إنسانة قد تعرضت للظلم، أو كان طلاقها نتيجة  عدم فهم أو ظروف مادية، وغيرها من الأسباب الكثيرة  

    فهي لم تكن تعتقد بأنَّ طلاقها أعظم من خسارة رجل، كانت تحلم بأن تعيش معه حياةً زوجيَّةً سعيدة ملؤها الحب والتفاهم، وأنَّها ارتكبت جريمة تُعاقِب عليها محكمة المجتمع، وعليها أن تتطهَّر منها ما تبقّى لها من سنوات عمرها،  

     وتضمِّد جِراحٍها فلا تَفْتَر تنزِفُ حتّى تَنْزِح عروقُها من دمائِها، كما تنزح البئر من مائِها، وتُلَمْلِمُ أوراق ذكرياتِها، فلا تستريحُ نَفْسُها من زَفَراتِها وأوجاعها وأحزانها .  

    إن أبرز ما يفعله الزلزال الاجتماعي الأسري (الطلاق) على الزوجة هو العوز المالي الذي كان يقوم به الزوج أثناء قيام الزوجية مما يؤدي إلى انخفاض في المستوى المعيشي بنسبة 73%. خصوصاً إذا لم يكن لها عائل آخر أو مورد رزق آخر تعيش منه حياة شريفة كريمة بعيدة عن المنزلقات الأخلاقية التي لا يعصم منها صاحب دين قوي.  

    الهموم والأفكار التي تنتاب المرأة وشعورها بالخوف والقلق من المستقبل ونظرة المجتمع السيئة لها كمطلقة، فمعظم المطلقات يكن ربات بيوت، وبعد الطلاق يبدأ تفكيرهن بمستقبلهن يأخذ منحى جديداً، فالبعض يفكرن بالعودة إلى مقاعد الدراسة مثلاً لإكمال  تعليمهن الثانوي أو الجامعي، وبعضهن يتجه للتعليم المهني كالتطريز والخياطة لعل ذلك يدر عليها دخلاً يحسِّن ظروف معيشتها الاقتصادية، وبعضهن يتوجهن للبحث عن عمل حتى يعتمدن على أنفسهن، وبعضهن لم يكن لديهن مؤهلاً أو إمكانيات تساعدها في العمل  

     مما يجعلها تتكفف العوز والفقر. إن العامل الاقتصادي يلعب دوراً رئيسياً ومهماً في استقرار وثبات الأسرة بل والمجتمع بأسره، وقد يكون هذا العامل له دور مباشر وسبب رئيسي من أسباب الطلاق، فإذا لم يستطع الرجل تأمين المصاريف المالية ومتطلبات بيت الزوجية تنشب الخلافات بين الزوجين لأنه قد يكون عقبة أمام تحقيق أحلامهما،  

     فإذا حصل الفراق وتم الطلاق، فيتحمل الرجل أعباء مالية أخرى يتأثر بها بعد الطلاق قد تزيده فقراً على فقره بل وقد تهلك كاهله بأعباء اقتصادية لم تكن موجودة أثناء قيام الزوجية لما للطلاق من آثار اقتصادية عليه؛ فلم تكن نفقة العدة ملزماً بها قبل الطلاق ولا المهر المؤجل، أو المتعة، أو أجرة لحضانة الأولاد، أو أجرة لرضاعتهم.  

    وهذه الآثار طرأت على الرجل سيتحمل أعباءها طالما أنه اختار وسلك طريق الفراق وعلى الرغم من أن المرأة تتحمل جزءاً اقتصادياً على كاهلها نتيجة انقطاع المورد المالي من النفقة عليها نتيجة الطلاق إلا أن الرجل وهو المسؤول عن تأمين الأمور المالية سواء كان ذلك عند الزواج أو حتى عند الطلاق،  

     فيتحمل جزءاً كبيراً ومهلكاً قد يؤثر عليه سلباً في المستقبل لا يجعله يفيق من سكرات الطلاق إلا بعد سنوات مضت وقد تكون هذه السنوات هي ثمرة شبابه. وتتعدد أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل ذلك يحتاج إلى الإصلاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة. ومن الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية  

    لاسيما في حالة المرأة الخائنة ، وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي تحاول دعم استمرار العلاقة. وهناك أسباب أخرى مثل: شرب الخمر وتعاطي المخدرات من قبل الزوج والغيرة الشديدة والشك الزائد من كلا الطرفين وعدم تحمل المسؤولية الزوجية من كلا الطرفين وعدم الوئام بين الزوجين بألا تحصل محبة من أحدهما للآخر، أو من كل منهما. وسوء خلق المرأة، أو عدم السمع والطاعة لزوجها في المعروف وسوء خلق الزوج وظلمه للمرأة وعدم إنصافه لها وضربها أو عدم الإحسان في معاملتها. •  

    عدم عناية المرأة بالنظافة والتصنع للزوج باللباس الحسن والرائحة الطيبة والكلام الطيب والبشاشة الحسنة عند اللقاء والاجتماع  

    الأسرة هي الخلية الرئيسة للمجتمع، ينبغي على مؤسسات المجتمع دعم ومساندة الأسرة منذ المراحل الأولية من بنائها والتخطيط لفتح مكاتب استشارات أسرية في الأحياء، تلحق بالمساجد، لتقديم التوجيه والنصح والإرشاد للأزواج والأولاد في الأحياء في مشكلاتهم الأسرية, وضع ضوابط عند مأذوني الأنكحة في المحاكم الشرعية، تحدد عمر الفتاة المناسب للزواج، وتكشف حرية اختيارها وعدم إكراهها على الزواج, تدخل مؤسسات المجتمع الدينية والاجتماعية لإيجاد قناة مناسبة لتزويج الفتيات بأسلوب شرعي ومقبول، بعد أن تأكد ضعف الدور الأسري في هذا الجانب، وزيادة مشكلة العنوسة في المجتمع. ينبغي على وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والشؤون الإسلامية إنشاء مكاتب خدمات إرشادية للراغبين في الزواج، تكون مهمتها المساعدة في اختيار شريك أو شريكة الحياة، من حيث التكافؤ نسبياً، من حيث المستوى التعليمي والثقافي والوسط الاجتماعي والمهني والدخل والمستوى الديني والخلقي والنضج العاطفي والجنسي والجسمي والعقلي وتقديم خدمات إرشادية تتعلق بأساليب المعاملة الزوجية وإدارة الأسرة وتربية الأبناء.  

    ينبغي على مؤسسات المجتمع التربوية التعليمية والإعلامية اقتراح خدمات وبرامج تربوية تطبيقية هادفة وإجرائية تتمثل في توجيه الآباء ببرامج الإعلام المتنوعة، بإتباع أساليب معاملة أبوية سوية مع الأبناء، لخلق شخصيات ناضجة عاطفياً ووجدانياً،  

     مما ينعكس على إتباعها أساليب سوية في التعامل الزوجي, الاهتمام بالتربية الزوجية ووضعها ضمن مقررات الصفوف النهائية بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية والجامعية, الاهتمام بالتربية الجنسية والعاطفية وتقديم المعلومات الصحيحة عنها من خلال مقررات علم النفس وعلم الاجتماع, التركيز في المناهج الدينية في المرحلة الثانوية والجامعية على النكاح وأحكامه وما يتعلق به من خطبة وصداق وعقد ونفقة وحقوق متبادلة بين الزوجين.  

    ثم من يدفع الثمن بعد الطلاق.؟ الأبناء الضعفاء حيث يصبحوا ميداناً لانتقام كل طرف من الآخر فالأم تحرص على غرس كراهية الأب في نفوس الأولاد..!.أبوكم مجرم..احذروا من أبيكم أن يختطفكم من المدارس.. أبوكم ظالم. أبوكم أبوكم.. حتى يصاب الابن بالرعب من أبيه ويتخيل أنه لا يوجد على وجه الأرض مجرم أكبر منه؛أيها الأحبة في الله تأملوا معي هذه القصة الواقعية: انفصل رجل عن زوجته وترك ابنها معها ولم تسمح له برؤياه وبعد أن طال على الأب الحرمان ذهب ليرى ابنه في المدرسة  

    فإذا بالابن يصاب بالهلع والفزع ويرفض رؤية أبيه خشية أن يختطفه فلما رأى أباه وهو يبكي من شوقه إليه أطمأن الطفل فأي تدمير نفسي وأي جريمة اقترفتها تلك الأم لتنتقم من الأب وفي المقابل من الآباء من ينتقم من الأم في أبنائها فيرفض إعطاءهم الوثائق الرسمية لتسجيل الأولاد في المدارس ويفوتهم عام أو عامين دون أن يكترث لذلك بل منهم من يأخذ الأولاد أطفالاً صغاراً لا حول ولا قوة لهم ويمارس عليهم التعذيب هو وزوجة الأب حتى يلفظون أنفاسهم الطاهرة من أجل حرق قلب الأم  

     

    *كاتب المقال

    دكتور القانون العام

    عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

    مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

    مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

    مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

    مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

    نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

    نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

    عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

    عضو منظمة التجارة الأوروبية

    عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

    محاضر دولي في حقوق الانسان

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : ما ذنب المطلقة اذا طلقت Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top