• اخر الاخبار

    السبت، 12 ديسمبر 2020

    الباحث والأكاديمى العراقى الدكتور مجيد كامل الشمرى يكتب عن :اتفاق التطبيع يفتح الباب على تاريخ من العلاقات المغربية (الاسرائيلية)



     
    أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الخميس العاشر من كانون الاول ديسمبر العام 2020، أن المغرب و(اسرائيل) اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما.
    وبحسب ما نقلت وكالة رويترز فإن المغرب و(اسرائيل) اتفقا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في إطار الاتفاق. وأعلنت الإدارة الأمريكية أن هذا التطبيع حصل بموجب اتفاق تم التفاوض عليه بمساعدة الولايات المتحدة. ليصبح المغرب رابع دولة عربية, منذ اب الماضي, تفتح فصلا دبلوماسيا جديدا تجاه (اسرائيل)، بعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان. وبموجب الاتفاق، سيقيم المغرب علاقات دبلوماسية كاملة ويستأنف الاتصالات الرسمية مع إسرائيل، ومنح رحلات جوية مباشرة من وإلى (إسرائيل) لجميع (الإسرائيليين).
    وكجزء من هذا الاتفاق، وافق الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وهو النزاع الإقليمي الممتد منذ العام 1975, بين المغرب من جهة وجبهة البوليساريو والجزائر من جهة اخرى. وقد قال "دونالد ترامب" (في تغريدة على تويتر) "إنجاز تاريخي آخر، فقد اتفق اثنان من أكبر أصدقائنا، إسرائيل والمغرب، على علاقات دبلوماسية كاملة". مؤكدا على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، قائلا إن "المغرب اعترف بالولايات المتحدة العام 1777، ومن المناسب أن نعترف بسيادته على الصحراء الغربية".
    ولكن هل ان اتفاقية التطبيع هي وليدة اليوم, بلا شك ان العلاقات بين المغرب واسرائيل لها تاريخا طويلا من العلاقات السرية والعلنية. وقد يكون مرد ذلك الى الوجود اليهودي في المغرب الممتد الى القرن الثاني قبل الميلاد. اذ يستقر مئات الالف من اليهود في المغرب, وفي العام 1948, بدا اليهود بالهجرة من المغرب الى فلسطين, وقد تزايدت في أوائل وأواخر الخمسينات من القرن الماضي حتى بلغ أكثر من مائة إلف مهاجر يهودي في العام 1956. وكان الملك "محمد الخامس" ,الذي لم ينسى له اليهود الحفاظ عليهم ضد معسكرات الاحتجاز النازية ابان الحرب العالمية الثانية, قد سمح بهجرة منظمة إلى(إسرائيل) 1961. وفي تلك الإثناء كانت(إسرائيل) تجري اتصالاتها السرية مع الملك "الحسن الثاني" الذي تولى العرش في العام نفسه بعد ان توفي والده "محمد الخامس"، وذلك لإقناعه للسماح بهجرة اوسع لليهود المغاربة الى (اسرائيل) وقد سمح الملك بخروج اليهود وبصورة رسمية. وفي بداية الستينات, تمت أول زيارة لوفد برلماني (إسرائيلي) إلى المغرب، بين العامين 1962 – 1963، اذ هاجر خلال هذه المدة قرابة(200) ألف يهودي مغربي. واليوم يوجد في اسرائيل حوالي المليون يهودي من اصل مغربي في (اسرائيل). ويوجد منهم وزراء في الحكومة الاسرائيلية الحالية,
    كما يمكن عد زيارة "ناحوم جولدمان" رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، السرية الى المغرب في العام 1970, والتي التقى خلالها الملك "الحسن الثاني"، اول زيارة لمسئول يهودي. ثم كانت زيارة رئيس الوزراء آنذاك "اسحاق رابين" في العام 1976، وقد ابلغ الملك "الحسن الثاني" ،"رابين" بأنه اقترح على العرب: أن يعترفوا بدولة (إسرائيل) وان يقبلوها عضوا في الجامعة العربية. والمعروف ان اللقاء الرسمي الأول بين وزير الخارجية "الإسرائيلي موشي ديان"، وبين المستشار السياسي للرئيس المصري "حسن التهامي"، لترتيب زيارة الرئيس المصري الراحل " انور السادات" إلى القدس العام 1977، عقد بشكل سري في المغرب. وشهد العام 1986, زيارة رئيس الوزراء "شمعون بيريز" إلى المغرب والاجتماع بالملك الراحل "الحسن الثاني" وهو اللقاء الذي أطلق عليه(قمة ايفران), حصل المغرب آنذاك على الدعم المالي والسياسي في حربه في الصحراء الغربية.
    ثم جاءت مرحلة اشراك المغرب في الترتيبات الامريكية-(الاسرائيلية) في المنطقة عبر مؤتمر مدريد للسلام العام 1991, ومؤتمر الدار البيضاء الاقتصادي العام 1994. الذي يعد الانتقال الى المرحلة التالية لتأسيس وبناء نظام الشرق الأوسط، والذي وصف بانه الوجه الاقتصادي لمؤتمر مدريد السياسي، وقد توالت بعده المؤتمرات في عمان والقاهرة والدوحة. ففي إعقاب التوقيع على الاتفاق الفلسطيني (الإسرائيلي) في ايلول العام 1993, واتفاقيات أوسلو، عرج رئيس الحكومة (الإسرائيلية)"اسحاق رابين" ووزير خارجيته "شمعون بيريز" على المغرب, حيث استقبلهم الملك "الحسن الثاني" والذي أشاد بسياسة رابين(للسلام في الشرق الاوسط). وقد وصفت هذه القمة: بانها الوجه الاقتصادي لمؤتمر مدريد للسلام. فكان احتضان المغرب لمؤتمر قمة الدار البيضاء الاقتصادية (للشرق الاوسط وشمال افريقيا) في العام 1994, وهو احتضان لأول مؤتمر يضع آليات المشروع (الشرق أوسطي).
    ان للمغرب علاقات متميزة مع الغرب ارتكازا على كونه يجسد الاختيارات الليبرالية التي ظل الخطاب الرسمي يتناولها مركزا على الواقعية والاعتدال في التعامل مع المحيط الدولي. فالمغرب الذي سار على إتباع إيديولوجية تتسم بالواقعية والانفتاح والحياد كان قد حسم آمره واختار التوجه الغربي فكان النظام الملكي المغربي يمثل التوجه الغربي الليبرالي في الشمال الإفريقي. ومن الواضح إن المغرب استطاع استغلال بعض المعطيات التي تتوفر له كالموقع الجغرافي الاستراتيجي, فضلا عن عمقه العربي والإسلامي للحصول على الاهتمام الأمريكي فأصبح المغرب واحدا من اقرب الحلفاء الاستراتيجيين لواشنطن في أفريقيا والعالم العربي والإسلامي وهذا بطبيعة الحال أعطى دفعا للنظام الملكي المغربي للرهان على ضمان التأييد الأمريكي للقضايا المصيرية بالنسبة للسياسة الخارجية المغربية كقضية الصحراء الغربية وبعض القضايا المتعلقة بالهاجس الأمني والعسكري كالهجرة والإرهاب. لذا لم يرى المغرب انه من الحكمة المغامرة بخسارة هذا الدعم. فقد عبر اكثر من مسؤول (اسرائيلي) وفي عدة مناسبات "ان الدعم الامريكي لقضايا المملكة المغربية الخارجية والداخلية لم يكن ليتحقق لولا تأثير اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة والدعم (الاسرائيلي)". فالمغرب الذي يقدم من قبل الغرب على أنه نموذج في تقبل(اسرائيل)، يلعب هذه الورقة، رغم معارضة الرأي العام المغربي لأي تطبيع مهما كان نوعه مع(اسرائيل)، خاصة بعدما قام بقطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران منذ العام 2009, اذ يشارك المغرب دول مجلس التعاون الخليجي مخاوفها من ايران عبر الانضمام الى(التحالف العربي والإسلامي) الذي اقامته المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
     
     
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الباحث والأكاديمى العراقى الدكتور مجيد كامل الشمرى يكتب عن :اتفاق التطبيع يفتح الباب على تاريخ من العلاقات المغربية (الاسرائيلية) Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top