لقد تشرفت بتقديم هذا الكتاب الشيق لما
فيه من جاذبية فكرية تشد المطالع له حيث يجد المطالعُ والباحث ضالته المنشودة فيه،
لقد بذل المؤلف أقصى ما في جهده لتأليفه، ورجع إلى عشرات المصادر والدراسات اﻷجنية
والعربية ذات الإختصاص في هذه المجالات فهو عدة كتب في كتاب، حيث يُعد هذا الكتاب من
الكتب الدسمة الوافية التي توفر على الباحث الجهد والوقت، فهو
ليس كتابا تاريخيًا بقدر ما هو كتابٌ تثقيفيٌ
يقدم نظرياتٍ ورؤى وحقائق
يخاطب العقل ويرد الشبهات، يبحث حول فلسفات
تاريخية للامم السالفة والعصور التي ماقبل التاريخ واﻷساطير حول اللأهوت ويناقش تلك
النظريات باسلوب علمي يستند على اﻷدلة والبراهين العلمية واﻷسس العقلية والأسانيد الإسلامية
المعتبرة ، ويتكون من سبعة فصول ، يتحدث الفصل اﻷول منها حول مفهوم المثيولوجيا Methodology في حضارات الشعوب واﻷمم اﻷسطورية، ومدى الميتافيزيقيا التي يرتبطون بها
لما خلف الطبيعة، وكلها مغيبات لا تدركها الأبصار ولكن تدركها العقول التي لا تنفك
عن الذات واﻷدراك،
فسبيل المعرفة لا ينحصر بما وراء لطبيعة
فقط، مهما ان مصدرها الروح أو العقل أو الوحي، وليس سبيلها الوحيد للمعرفة هي الميتافيزيقيا
Mitafyziqia، كما أن سبيل المعرفة لا ينحصر بالمشاهدة والتجربة فقط، أما في الفصل
الثاني فقد تناول المؤلف تاريخ نشأة اﻷرض والشمس والنجوم والكواكب، كما تناول تاريخ
العصر الحجري Stone
age History والدراسات
والنتائج التي خرج بها العلماء والبحاث حول نظرية إنفجار الكون The universe explosion، كما تطرق بعد ذلك إلى عصور ما قبل التاريخ، عصر الكهوف والعظام والغوغائية
البدائية primal
demagoguery ، ثم انحدر
المؤلف إلى العصر الحجري الممتد لما قبل 5000 سنة قبل الميلاد Prehistory age
وما آل إليه ذلك العصر من منعطفات عقائدية تعود بالنفوس إلى فطرتها،
غير أنّ لكل أمة من تلك الحقب الزمنية السالفة أسطورتها أما كيفية هذه اﻷسطورة سيكتشفه
القارئ من خلال مطالعته للكتاب، أما الفصل الثالث من هذا الكتاب الشيق والمثير فقد
كان حول الحضارة السومرية ومعتقداتها ونتاجها Sumerian Civilization
عبر تلك العصور وما لتلك الحضارة من تاريخ اتصف بالعراقة التي تدفع
الباحث والمطالع لاكتشاف المزيد عنها في هذا الكتاب والمدعوم بالوثائق والصور التي
اكتشفها علماء الآثار عن الحضارة السومرية، وتطرق المؤلف في الفصل الرابع من كتابه
إلى فلسفة اﻷساطير السومرية واليهودية Philosophy of Sumerian and Jewish myths
في خلق الكون والإنسان ومعتقد تعدد الآلهة والموقع الجغرافي للإنسان
في تلك الخليقة، وحاجة الإنسان وافتقاره لمعبودٍ يعبده يشمله بلطفه ورحمته، مهما كانت
مستويات هذه اﻷمم الفكرية من فلاسفتها أو جهلتها وبسطائها، وإن جحد بذلك جاحدٌ فهو
كما قال الله في كتابه ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )، ولقد أشار المؤلف إلى تعدد
أسفار التوراة وما حواه سفر التكوين من مغايراتٍ لا يقبلها العقل السليم عن الخالق
وعملية تجسيمه،
كما أشار إلى اسطورة البعث المصرية ومدى
التشابه بينها وبين قصة النبي موسى عليه السلام، كما أشار المؤلف اسطورة ظاهرة البغاء
المقدس لدى معبد عشتار Legend of Holy Prostitution ، كما كان لذكر أسطورة الطوفان العظيم Noah's Flood
أبان زمن النبي نوحٍ عليه السلام، والذي وجد الباحثون ذكرها بصورٍ
متقاربة في أساطير السومرية والبابلية حيث وجد ذكرها في بعض ألواحٍ ترجع للحضارة السومرية،
ولقد جاء في هذا الفصل أيضًا عند الحضارة البابلية ذكرٌ لطوفانٍ أغرق البشرية ليرجع
المؤلف بعد ذلك للحقيقة من خلال القرآن الكريم.
ولقد أبدع المؤلف في الفصل الخامس في دراسة
النظريات وعملية تحليلها في المعتقدات السومرية مما أدى إلى إثراء وإشباع الدراسة بكل
مهارةٍ يسعى إليها كاتب بتحليلاته، كما أشار المؤلف في هذا الفصل إلى طبيعة الإنسان
البشرية في التقارب الفكري والروحي لدى البشر Human intellectual affinity
في معتقداتهم، بما في ذلك معتقد السحر في الحضارة السومرية Magic belief Sumerian Civilization
، كما أشار إلى تقديس بعض المعالجين لدى السومريين بسب القدرات الإيحائية
Suggestive
Capabilities التي يمتلكونها
، كما يحدثنا المؤلف عن استخدام السومرية والبابلية لسحر الأرقام واﻷعداد والصور الهندسية
والحسابية والتنجيميةSumerian Civilization and Babylonian Magic.
أما الفصل السادس فقد احتوى على بعض مظاهر
التوحيد لدى تلك الحضارات السومرية والبابلية، كما احتوى الفصل على عدة عقائدَ دينيةٍ
مشتركةٍ بين الإسلام واليهودية، وهناك ثمة إشاراتٍ إلى اسم مصر، وتطرق المؤلف لظاهرة
الموت والحياة لدى تلك الحضارات The phenomenon of death and Life ، وكانت هناك جولةٌ للمؤلف في كتابه حول تاريخ الديانة الزاردشتية History of Zoroastrianism
ومدى التشابه العبادي بينها وبين الإسلام.
واشتمل الفصل السابع واﻷخير في الكتاب على
التاريخ الحفري Fossil
history والشخصيات
القرآنية التي وردت في القصص القرآنية Quranic Characters ، كما احتوى على نقدٍ وردّ شبهاتٍ لبعض اﻷراء الفلسفية التي وردت بالكتاب،
واشتمل الفصل أيضًا على ذكر بعض الديانات البدائية كالطوطم والتابو Primitive religions totem and taboo
كما احتوى الفصل السابع على شرحٍ حول العلم
الحاضر والكتب السماوية Present science and heavenly books وطرق جمع التوراة والإنجيل التي جاءت بعد قرونٍ من نزولهما، ولقد أشاد المؤلف
بحقائق قرآنيةٍ تتماشى مع العقل والعلم تحت عنوان " القرآن بين المشهد التمثيلي
والحضاري " The Qur'an between the representative and Civilized
وبهذا بلغ الكتاب خاتمته ولقد قضيت معه
رحلةً ثقافيةً ممتعة استفدت منها الكثير.
أسأل للمؤلف دوام التوفيق والنجاح الدائم
المكلل بالعطاء الفكري والثقافي.
0 comments:
إرسال تعليق