مقدمة: -
الحمد لله رب العالمين الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، والصلاة والسلام على من أدبه ربه فأحسن تأديبه فكان على خلق عظيم وكان خلقه القراّن وكان الأسوة الحسنة لمن أراد طريق الهداية.
فقد خلق الله الإنسان مختلفاً عن سائر المخلوقات العلوية والسفلية فمنحه العقل والإرادة وأناط بها التكليف وجعله خليفة في الأرض وزوده بطاقات هائلة من الإمكانيات الإبداعية ونزعات الخير والشر ولكل فرد عالمه الخاص
ولهذا كانت التربية مهمة شاقة حتى قال أبو حيان التوحيدي (القتل أخف من التربية) وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب ليبين للناس طريق الخير وطريق الشر ويهديهم ويصلح نفوسهم ويربيهم على التقوى.
والله تعالى لا يأمرنا إلا بما هو ممكن ولكن عندما تحدث عن النفس قال: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) وعلى الرغم مما توصل إليه الإنسان في علم الذرة والفضاء إلا أنه عجز أن يدخل أعماق النفس الإنسانية بالقدر الكافي ليعرف محتوياتها قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
القضية التي شغلت أذهان المشتغلين بعلم الإنسان منذ أقدم العصور وهي قضية الثواب والعقاب في التربية ويأتي الحديث في هذه القضية في الوقت الذي تجد فيه رأيين متعارضين، رأي يؤيد العقاب في التربية وأخر يعارضه.
إن مشكلة العقوبة في المدارس وضرب الأبناء محل نزاع هل يسمح بضرب الطلاب في المدارس أم يمنع ونهتدي في ذلك بقوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) فلم تكف هذه المنافع لإباحتهما بل حرما بسبب الإثم الكبير الذي فيهما.
ويرى المعارضون أن العقاب في التربية مرفوض مستندين في ذلك بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((ولن يضرب خياركم)) هذا الحديث الشريف خير دليل على أن الثواب خير من العقاب، ويستدل بعضهم بتوجيهه صلى الله عليه وسلم: للآباء أن يأمروا أولادهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ويضربوهم عليها إذا بلغوا العاشرة على إقرار الضرب في المدارس.
ولكن هذا لا يكفي كدليل لان الصلاة ركن أساسي من أركان الإسلام فلو ضرب الوالد ولده بعد أمره بالصلاة ثلاث سنين ولم يستجيب فإنه يستحق الضرب أما إذا تكلم الطالب في الصف مع زميله فهل يستحق الضرب ؟؟؟؟.
ولكن أصحاب الرأي الذي ينادي بالعقاب يقولون: إن منع الضرب يزيل الهيبة من نفوس التلاميذ ولكن من قال إننا نريد التلاميذ أن يهابوا المعلم؟ هل هم في سجن أم معتقل ؟؟؟؟ نحن نريد الاحترام القائم على المحبة لا الخوف من العصا.
أن ضرب الطفل سياسة انهزامية لأنه يجعل من الطفل يخاف من ضاربه ويكرهه ويعلم الطفل الطاعة العمياء بدلاً من المناقشة والفهم والإقناع وقد وجد أن الضرب في بعض الأحيان يزيد الطفل عناداً وبذلك يثبت السلوك الذي نسعى إلى تغيره.
كما أن الجو المشحون بالانفعال والتوتر يؤدي إلى الاضطراب النفسي مما يكون سبباً لمعانات فردية في المستقبل يقول ابن خلدون: (إن الشدة على المتعلمين مضرة بهم)
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه).
من هنا كان من الضروري الرفق بالطالب الذي نظن لديه تقصيراً في الفهم والتحصيل وخاصة نحن في عصر كثرت فيه المغريات وتنوعت أسباب الترفيه والتسلية وأصبحت الدعاية والإعلان فناً من فنون الإقناع والتوجيه النفسي والاجتماعي
كل ذلك أدى إلى انصراف الطلاب عن الكد ولا تخلو المدارس من وجود نماذج من المعلمين المربين الأفاضل الذين يغلبّون الترغيب على الترهيب فيحققون بثناء جميل صادق ما لا يحققه سواهم بالعصا والعبوس.
ونلاحظ من أقوال علماء التربية المسلمين قد اهتموا بمسألة الثواب في التعليم وأنه ذو أثر في التعليم والمتعلم وأن الشكر والمدح والثناء تدفع التلاميذ إلى مزيد من الاستجابات المطلوبة وإلى تحقيق التحصيل والنجاح
وأن الرفق وحسن المعاملة والمحبة المتبادلة بين الأستاذ وتلميذه والتسامح مراعاة حق الصحبة في ضوء الحديث الشريف: (لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)
ويرى ابن جماعة الشافعي (أن العلاقة المتبادلة بين المعلم وتلاميذه القائمة على الاحترام والمحبة فإذا أحب التلميذ معلمه يسلك في السمت والهدى مسلكه ويراعي في العلم والدين عادته ولا يدع الاقتداء به)
وعلى المعلم كذلك أن يحب تلميذه ويفرح بتعليمه ويدلل ابن جماعة على أن أنجح المعلمين هم أشدهم حباً لتلاميذهم وأكثرهم رعاية لهم ويتحدث عن الرفق بالتلاميذ واللين في معاملتهم والرحمة بهم والشفقة عليهم كما أولى ابن جماعة الإثابة اهتماماً كبيراً فطلب من المعلمين أن يثيبوا طلابهم إذا كانوا يستحقون الإثابة أو المكافأة
فإن الإثابة تبعث الطلاب على الاجتهاد والرغبة في التحصيل سعياً للحصول على تقدير المعلم ورضائه.
ولا يكفي أن يوجد المدرس المتمكن من المادة المتقن لطرائق التدريس بل لا بد من أن يكون قادراً على التعامل مع التلاميذ والدخول إلى نفسيا تهم وأن يبعث في دروسه الحيوية والعطاء وأن يكون حب العمل وحب المجتمع وحب التلاميذ وحب الخير موجهاً لعمل المدرس
ويرى ما سلو (أن الذين لا يحصلون على الحب لن يكون بمقدورهم إعطاء الحب للآخرين عندما يصبحون أشخاصاً بالغين)
ذلك لأن الحب ضروري للحياة مثله مثل الطعام والشراب قال جان جاك روسو (ليس في وسعنا أن نعلم إنساناً المحبة كما نعلمه القراءة والكتابة نعلمه إياها بالمعاملة الطيبة والقدوة الحسنة)
وما المشكلات التي تعترض الطلاب في المدرسة إلا نوعاً من فقدان العلاقات الإنسانية وتحول البيئة المدرسية إلى بيئة صراع وعداء وكراهية.
وفي الختام علينا نحن المعلمون والمربون أن نكون قادرين على حمل هذه الأمانة التي أردنا أن نحملها بصبر وأناة وعلينا أن نوصل هذه الرسالة بحب وإخلاص وأن نحسن لمن نعلم، لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها وأحسن الشاعر حين قال: وأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما استعبد الإحسان إنسان
وأرى أن كلٍ من الفريقين كان على حق في بعض ما يقول وأخالفه في بعضها الأخر لأن طلب العلم فريضة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)
من هنا ينبغي ألا نقصر في طلبه فلو كان عند المتعلم إهمال أو تقصير علينا أن نعالج هذا التقصير ونقوم سلوك الأبناء بالطرق المحببة والمشجعة للمتعلم وأن يكون العلاج بالرفق واللين اقتداءً بأمر الله تعالى: (وأدع على سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
ولكن عند ما تعجز كل الوسائل التي اتبعها المعلم في تقويم سلوك المتعلم يلجأ إلى العقاب كنوع من التأديب وتقويم السلوك لا غاية في حد ذاته ولا انتقاماً لشخص المعلم
كما قال معاوية رضي الله عنه: (لا أستعمل سوطي ما دام ينفعني صوتي ولا أستعمل صوتي ما دام ينفعني صمتي).
ولا أعني بالعقاب الضرب لأن العقاب أشكال عديدة قد يكون أخرها الضرب غير المؤلم أو كما قيل أخر العلاج الكي طاقات الشباب كنوز مدفونة تحتاج إلى من يفتش عنها ومن ثم يستخرجها وينميها.
. بل ويدفعها إلى الأمام أو يفجرها. وعندما أقول (يدفعها إلى الأمام) فإني أعني أنه قد تكون بعض طاقات الشاب عالية مما قد تفوق قدرات المربي في نفس الجوانب.
وهذا يعني أن المربي لا يقف أمام طاقات المتربي مثبطا إياها، بل يدفعها ويبحث عن الوسائل لتنميتها ويمكن أن تكون قدوة عملية في ذلك الجانب في الوسط التربوي. وهذا لا يعني إلغاء دور المربي.
بل ينبغي أن يكون المربي مطورا لنفسه في جميع الجوانب وإذا تفوق فرد من المتربين عليه في جانب كانت الجوانب الأخرى لدى المربي كفيلة بتطوير ذلك المميز.
عشر وسائل لاستكشاف طاقات الشباب والمتربين:
1-الحرص الذاتي من المربي. وإذا لم يكن هناك حرص ذاتي من قبل المربي فإنه لا مجال لاستكشاف طاقات المتربين من خلال البيئة التربوية.
2-حسن الرقابة. فالمربي يلاحظ تصرفات المتربي خلال الأحداث ثم يحلل شخصية ذلك المتربي وطاقاته.
وهذه الملاحظة لا تصل إلى حالة من الرقابة والتصنت ما يجعل هناك ردود فعل شخصية من المتربي.
3-استثمار التغير في البيئة والأحداث. فالتعرف على تصرفات وردود أفعال المتربي خلال بعض المتغيرات في البيئة وبعض الأحداث الطارئة يمكِّن للمربي التعرف على قدراته.
4-توفير البيئة الملائمة فمن أراد أن يستكشف خلق المتربي يضعه مع بعض زملائه وأقرانه في بيئة تربوية
وإلا فلا يمكن التعرف على أخلاقه فردا، ومن أراد أن يستكشف قدراته على القيادة فليدع المجال في بعض الأعمال الجماعية لبعض المتربين للقيام بها ومن أراد استكشاف القدرات الخطابية فينبغي أن يوفر بيئة خطابية في الوسط من مسابقة خطابية أو فسح مجال لتقديم كلمات مختصرة بعد الصلاة ... وهكذا ينبغي توفير البيئة الملائمة لاستكشاف الطاقات.
5-الاستفادة من قدرات الآخرين في الاستكشاف. فلا شك أن الوسط الاجتماعي يحتاج إلى الاحتكاك بالآخرين من المربين وبعض طلبة العلم وبعض أئمة المساجد وأولياء الأمور وغيرهم في داخل النشاط أو خارجه.
ومن خلال هذه الفئات يمكن التعرف على بعض طاقات المتربين، خاصة إذا كان من هؤلاء من يتميز بالفراسة ودقة الملاحظة.
6-إثارة المنافسة. والمنافسة وسيلة من وسائل تفجير الطاقات واكتشاف المواهب وظهور القدرات.
7-السفر. وقالوا (ما سمي سفرا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال) وكلما زادت صعوبات السفر وتكاليفه العملية والفكرية كان ذلك أدعى للتعرف على سلوك المتربين وأخلاقهم.
8-التكليف بالمهام. ومن الوسائل لاستكشاف الطاقات التكليف بمهمات مناسبة لقدرات المتربي، فمن خلال النظر في نتائج هذه التكاليف ترى منهم المبدع ومنهم الذي يقوم بالمهمة بكمالها ومنهم المقصر ومنهم المراوغ. وهكذا.
فيمكن النظر في النتائج والأساليب التي استخدمها المتربي لإنجاز المهمات.
9-النظر في واقع المتربي ومجتمعه. فبالنظر والتعرف على حياته الاجتماعية في منزله وفي مدرسته (أو في عمله) يمكن التعرف على بعض الجانب الشخصية لطاقات المتربي.
10-الاستفادة من نظرة الأقران. فبعض الأقران قد يرى ويروي من الأحداث أو ينقل من أمور زملائهم المتربين (مما لا نقد فيه) وبعض هذا لا يمكن استكشافه من قبل المربي أما لبعده أو لانزواء المتربي في حضرة المربي.
ومما ينبغي الحذر منه قضايا الغيرة والحسد بين الأقران وأنه ينبغي الحذر من نقد بعضهم لبعض (وهذا ما يسمى بالتعليم عن طريق الاقران)
أسرار البكاء العاطفي وأنواع الدموع
حالة يتميز بها البشر دون سائر المخلوقات وهو لا يرتبط بالأتراح فقط واما بالأفراح أيضا، ولكن ما هي حقيقة تأثير البكاء على الصحة؟ وهل هو ضار أم نافع؟
تشير الدراسات الأخيرة أن البكاء يزيد الأمر سوءاً لأنه يسبب الصداع، أن الدموع التي تنهمر من العين تقود إلى الإصابة بالشقيقة (الصداع النصفي) ذلك لأن الدماغ يتفاعل مع الخلل في توازنات الجسم، أنه من المحتمل أن يكون هناك علاقة بين آلام الشقيقة والشعور بالحزن. أن البكاء مفيد.
فقد تبين أن 85% من النساء و73% من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء. "على ما يبدو فإن البكاء يخفف من حدة الضغط النفسي وهذا مفيد للصحة سيما أننا نطلق على العديد من الأمراض تسمية "الاضطرابات النفسية".
أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي، ولدى دراسة التركيب الكيمائي للدمع العاطفي والدمع التحسسي (الذي تثيره الغبار مثلاً) أن الدمع العاطفي يحتوي على كمية كبيرة من هرموني "البرولاكين" و "آي سي تي أتشن" اللذين يتواجدان في الدم في حال التعرض للضغط،
وعليه فإن البكاء يخلص الجسم من تلك المواد. وأوضح هذا الاكتشاف سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، فالبرولاكين يتواجد لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمية لدى الرجال لأنه الهرمون المسئول عن إفراز الحليب.
أن الحزن المسئول عن أكثر من نصف كمية الدمع التي يذرفها البشر في حين أن الفرح مسئول عن 20% من الدمع،
أما الغضب فيأتي في المرتبة الثالثة.
أن البكاء مفيد، وخلص روت خلال التجارب والحالات التي صادفها خلال الخمسة عشر عاماً الماضية إلى أن عدم القدرة على البكاء كان السبب وراء العديد من الأمراض التي كان يحاول علاجها خصوصاً أن تقاليد التنشئة تحث الرجال على كبح الرغبة في البكاء.
"لسبب ما قرر المجتمع التعبير عن المشاعر بهذه الطريقة عير الصحية في حين أن التعبير عن العواطف أفضل بكثير من كبتها".
ومن أبرز أنواع الدموع التي تسيل من العين: -
الدموع المطرية، وهي تحافظ على رطوبة العين وصحتها، فهي تساعد العين على التحرك بسهولة في التجويف، ككمنا أنها تحتوي على أملاح وأنزيمات تقتل الكائنات الدقيقة. - الدموع التحسسية: تحتوي على مواد الدموع المطرية ذاتها،
وهنا تزيد الغدد الدمعية من إفراز الدموع لحماية العينين من الأوساخ والملوثات وأشياء مثل أبخرة البصل.
- جموع العواطف:
وهي تنهمر مرد فعل على أحداث عاطفية، وتحتوي هذه الدموع على هرمونات وبروتينات والأندروفين وهي عبارة عن مسكن ألم طبيعي، وتساعد هذه المواد على طرد المواد السامة من الجسم لتخفيف حدة الضغط النفسي.
أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي بخمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة وتسكب العين وسطياً 5 ملليمترات من الدمع يومياً،
وجدير بالذكر أن فتح وإغماض العين بشكل لاإرادي بمعدل 20 مرة في الدقيقة هي الحركة التي تحافظ على مرونة العينين.
ومن جانب آخر عندما قام العلماء بتحليل الدموع وجدوا أنها تحتوي على 25% من البروتين وجزء من المعادن خاصة المغنيسيوم
وهي مواد سامة يتخلص منها الإنسان عند البكاء كما تبين في أحد البحوث للدكتور وليم فراى بإنجلترا عن الدموع أن المرأة تبكي 65 مرة في العام بينما يبكي الرجل 15 مرة
ولكنهما أي الرجل والمرأة يبكيان في وقت واحد عند الخروج من رحم الأم ويربت عليهما الطبيب ليدفعهما إلى البكاء سواء أرادا أو لا،
فما سر البكاء والدموع؟
قبل الحديث عن الدموع يجب أن نصف العين وهي من نعم الله سبحانه وتعالى علينا لكي نبصر ونرى عجائب الخالق وهي إحدى الحواس الخمس للإنسان
وقد حفظت العين في تجويف عظمى داخل جمجمة الرأس لتحيط بها وسادة دهنية تحميها وتحافظ عليها من الصدمات الخارجية
ويحافظ على العين من الخارج جفنان كل منهما مزود بمجموعة من الأهداب"الرموش"وتتحرك العين في كل الزوايا بواسطة ست عضلات،
والظاهر لنا في العين هو القزحية وهو ما يميز لون العين وتوجد في وسطها الحدقة وهي التي تساعد على ضبط كمية الضوء الداخل إلى العين
ومصدر الشبكية والخلايا تساعد على ضبط كمية الضوء الداخل إلى العين ومصدر الشبكية والخلايا العصبية التي ترسل الصور إلى المخ فنراها صورا وأشكالا مختلفة ويحيط بالقزحية منطقة بيضاء يطلق عليها الصلبة مغطاة بطبقة رقيقة شفافة من الملتحمة
وتقع خلف الجفون العلوية الغدة الدمعية ومجموعة من الغدد الثانوية لإفراز الدموع والسائل الدمعي.
فوائد الدموع عديدة فهي تساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية كما تساعد أيضا على حمايتها كأداة لتطهيرها بصورة مستمرة وحمايتها من الإصابة بالجفاف، كما تساعد على طرد أي مواد مهيجة للعين مثل الفلفل والشطة والدخان أو مواد صلبه كالأتربة
وتقوم عن طريق الغدة الدمعية بإدرار الدموع وطرد هذه الأجسام الغريبة لتعود إلى شفافيتها وتنظيفها كما تقوم الدموع على شفافية القرنية وحمايتها عن الجفاف وهي من العوامل التي تساعد على وضوح الرؤية وقوة ودقة الأبصار
أن الجهاز الدمعي يتشكل من غدة أساسية ومجموعة أخرى من الغدد الثانوية لإفراز الدموع المبللة لسطح العين وكيس دمعي لتصريف الدموع الزائدة وتتكامل وظيفة الجهاز الدمعي بفرز طبقة دمعية مع الملتحمة أعلى التجويف العظمى للعين
ويتم التخلص من الدموع الزائدة عن طريق فتحة تصريف القنوات الدمعية الموجودة على جانبي الجفن العلوي والسفلي.
وإذا كان البكاء هو أحد الوسائل للتعبير عن الانفعالات والضغوط النفسية والعصبية. فهل يعد بديلا عن العقاقير المهدئة للتخفيف والترويح عن الإنسان؟
نحن لا يمكننا التسليم المطلق بأن البكاء يعتبر نوعا من أنواع العقاقير أو بديلا عنها وذلك لأن تعاطي العقاقير النفسية يكون عادة له شروطه المرضية الخاصة بكل نوع من أنواع تلك العقاقير
وقد تكون للبكاء فوائد كثيرة على سبيل المثال قد يحمى من الإصابة بالأمراض النفسية فالشخصية التي تفرغ شحنات الانفعال أولا بأول قد لا تصاب بمرض مثل الشخصية الأخرى التي تكبت انفعالاتها ولا تعبر عنها بالبكاء،
أما بكاء الفرح الذي يعبر عن انفعالات السرور والبهجة وهو ظاهرة صحية تساعد على الراحة النفسية كذلك فالبكاء عند بعض حالات الأمراض النفسية
أو في -مراحل معينة-من علاج تلك الأمراض قد تكون له دلالة علاجية جيدة لدى هؤلاء المرضى ومنها الحالات النفسية المصاحبة بأعراض تحويلية مثل الإصابة بعدم القدرة على الكلام أو المشي بعد التعرض لضغوط نفسية شديدة
أو إنسان يبكي دون أسباب ظاهرة وهي في حالات الاكتئاب النفسي أو حالات الحزن الشديد وبدون أن يكون لفقدان هذه القدرة تفسير عضوي وغالبا عن علاج تلك الحالات
ويبدأ المريض استرداد قدرته على المشي أو الكلام عادة ما تظهر آلامه الداخلية في صورة أكثر صراحة ويبكي وتعتبر هذه الدموع التي يذرفها المريض دموعاً مرضية.
من جانب آخر قد يكون البكاء غير مرغوب فيه علاجيا عند بعض الحالات حيث يمكن أن يكون وسيلة يتخذها المريض ليقضى بها على أي محاولة لتخطى المرحلة المرضية أو الوصول إلى الاستشفاء أو قد يكون المريض رافضا -لا شعوريا-لها.
ظلم الاطفال
من أخطر الازمات التي تعصف بواقعنا هذه الايام، هو بروز ظاهرة عمل الاطفال وتدني المستوى المعاشي للأسرة
، وكلا الامرين ينعطف بصورة سلبية على مستوى السلوك الاجتماعي لا طفالنا الاعزاء، وكذلك يولد حالة من الاحتقان او الاضطراب الفكري لديهم وعدم الاستقرار في تبني قراءة او ثقافة معينة، ضمن أجواء تلك الثقافات المتداخلة فيما بينها.
ومما يوفر فرصة أكيدة امام انهزام السلوك المنضبط والطبيعي الى بوابة الفوضى الاخلاقية والكسب الغير مشروع.
لذا فان نمو ظاهرة عمل الاطفال دون السن القانوني مؤشر خطر وملفت للنظر من خلال ما يتعرضون له في أماكن لا يصدق تواجدهم فيها كمحال تصليح السيارات او في محال تبديل الدهون او العمل في صباغة الاحذية
وكذلك حالة العبث في تلال النفايات لعلهم يجدون ضالتهم من علب البيبسي الفارغة لبيعها. انها بالتأكيد عناوين صارخة أو كوارث لا يمكن تجاهلها حيث انها تنبأ بجيل جديد يؤمن بأفة القتل والارهاب كعنوان ثابت او سمة مميزة في أثبات الذات أو امتلاك ناصية الما. ولتسليط الضوء على هذا الجانب وسبر أغوار الحقيقة
يجب ان ندرك بأننا كمن يدخل حقل الغام عليه ان يتوخى الحيطة والحذر اين يضع قدمه. لان هذه الازمة ليست ككل الازمات لأنها تصب في شريان هذه الامة وجيلها الجديد؟
لذا ارتأت (شبكة النبأ المعلوماتية) ان تلتقي بعدد من العوائل للبحث عن العوامل والاسباب التي تساهم في تقويض هذه الظاهرة او منعها من الانتشار.
في حي الغدير وامام محل لتبديل الدهون يعمل الطفل حسن بسنواته التي لم تصل الى الثامنة من العمر
وقد تلطخت اثوابه بالزيت ورائحة البانزين المحترق، سألته منذ متى وانت تعمل هنا؟ حيث أجاب اعمل منذ فترة هنا مع أبي كي اتعلم مهنه،
والمدرسة قلت له، أجابني المدرسة لا تعطي خبزا، اما والده فقد أجاب عن عمل طفله الصغير،
أعلمه مهنه وهو صغير حتى يصبح اسطه عندما يكبر. وفي أثناء تجوالنا في مدينة كربلاء شدنا منظر أخر الا وهو مشهد اطفال النفايات،
اولئك الاطفال الذين يحملون على ظهورهم أكياس مختلفة الاحجام كي يتسنى لهم حمل أكثر كمية ممكنة من الازبال والنفايات، ولا أعنى بعبارة الازبال الاوراق وما شاكل بل هي تتضمن عملية البحث عن المواد البلاستيكية المستعملة وكذلك البحث عن قناني البيبسي الفارغة، وهكذا دولايك يستمر العمل منذ الصباح الباكر الى ساعة متأخرة من النهار،
وفي هذه الاثناء سألت أحدهم فقال: اجمع العلب الفارغة لبيعها بالكيلو اما بالنسبة للمواد البلاستكية فهي الاخرى تباع بالكيلو على معامل البلاستيك، ومن خلال هذا العمل يتحقق شيئان والكلام لحد الان لاحد الصبية الاول ان أعيل عائلتي
والثاني التعلم على العمل وعدم الاتكال على الاخرين، اما ما يخص الدراسة فبالتأكيد هي امنيت كل أنسان ولكن هناك ثمة ضرورة هي التي دفعتني الى ترك المدرسة.
ولم ينتهي بنا الامر عند هذا الحد بل طالعتنا صور أخرى لأطفال صغار وهم يعاضدون عربات الدفع حيث يهمون بنقل بضائع المتبضعين من الاسواق رغم غضاضة اجسادهم النحيلة وهم يتسابقون من اجل الفوز بالأجرة.
ومن ثم انتقلنا الى الحي الصناعي في كربلاء لنشاهد منظر اخر يشجي القلوب والعيون واولئك الصبية الذين تسمره بشرتهم من حر الشمس وهم يعملون في محال الغسل والتشحيم وليس بعيدا عن هذا المكان طالعنا اطفال اخرين وهم يعملون في محال لتبديل الاطارات.
ومن ثم اتجهنا صوب منطقة ما بين الحرمين الشريفين لنرى أحد الاطفال وهو يبيع بدلات للأطفال
حيث بادرناه بالسؤال منذ متى وانت تعمل، فأجاب إني اعمل منذ ساعات الصباح الباكرة الى ساعة متأخرة من الليل كي يتسنى لي بيع أكبر عدد ممكن من البدلات
وذلك لعائلتي المكونة من ثلاث بنات ووالدتي علما بان ابي قد استشهد في احدى العملية الإرهابية وانا مهجر من منطقة الدورة، لذا يجب على الرجل ويعني نفسه ان يتحمل الصعاب من اجل الحفاظ على عائلته وشرفه،
ولا أخفيك فأني قد أختنقة بعبرتي من هذا الكلام الذي لا تطيق تحمله الجبال فكيف بتلك الاجساد الخاوية وقد ودعت احمد وقد تسمره فوق حدقات العيون قطرات كالجمر لما يتسنى لي الاحتفاظ بها الا من فرط خجلي امام هذا الجبل العنيد الا وهو احمد.
وليس بعيدا عن هذا المكان شاهدنا أحد الاطفال وهو يهم بعرض بضاعته على الزوار الايرانيين ملتمسا اياهم بأن يشتروا منه من خلال تذرعه بصغر سنه وحفظ بعض الكلمات الايرانية،
حيث سألناه، لماذا تعمل وانت في هذا العمر،
واين ابوك، فأجابنا أنا اعمل مع والدي وهو رجل طاعن في السن ولا يتسنى له الجري او التدافع مع الباعة المتجولين هذا مما اضطرني الى ان اقوم بهذا العمل كي اساعد والدي على أعالة عائلتي المؤلفة من عشرة اشخاص،
وفي هذا الاثناء جاء والد الصبي ليقول لنا، بانه يحس بمرارة شديدة وهو يرى ولده يعمل بهذا العمل المضنى رغم صغر سنه ولكن للضرورة أحكام، فهو حين يرى والكلام لوالد الصبي الاطفال يذهبون الى المدرسة في كل صباح ويحملون حقائبهم المدرسية ينتابه شعور بالحزن والأسى على مستقبل ولده،
ولكن أنّا لله وانّا اليه راجعون هذا هو حال الدنيا ناس أغنياء وناس فقراء يرافقهم العوز والفاقة منذ البداية الى النهاية.
يمكن معالجة الاسباب الاساسية التي يمكن أن تحد من ظاهرة تشغيل الاطفال مثل معالجة الاوضاع الاقتصادية لكافة فئات الشعب وخصوصا العوائل الفقيرة ومحدودة الدخل. وتنشيط دور المدرسة في استيعاب وقت الطفل لأطول فترة ممكنة مثل أقامه الدورات العلمية والانشطة غير المدرسية والفنية لغرض تعليق فترة تواجده خارج المدرسة.
ومعالجة ظاهرة التسرب من المدرسة بالوسائل المشجعة وترغيبه في التعليم. وتفعيل دور الجمعيات الانسانية الخاصة بالطفولة والاحداث للحد من ظاهرة التشرد كإنشاء النوادي الرياضية والتجمعات الكشفية والجمعيات الانتاجية والخدمية.
وكذلك الاهتمام بمراكز التدريب لاجتذاب الاطفال وتدريبهم على المهن التي يحصل فيها الحدث على مردود مالي واقتصادي ومهني.
اما وقفتنا التالية كانت مع الدكتور (ماجد الموسوي) اخصائي أطفال، نحن نعلم علم اليقين ان الاطفال جزء لا يتجزأ من منظومة المجتمع وهم كذلك كالورقة البيضاء
نحن من نملي عليهم نتاج ثقافتهم. فقد نشأ اطفالنا في جو ملبد بالكثير من الإفرازات والاعراض غير الصحيحة كحالة الحرب والحصار والعوز المادي وفقد الاب، وكل تلك المسببات هي بمثابة علامات بارزة تسهم بتحديد شخصية الطفل ولها انعكاسات مباشرة على سلوك وتصرفات هؤلاء الصبية، وبالتالي يصبح هؤلاء الصبية عرضة لأمراض متعددة منها جسدي
كالتعرض للوان المهن الشاقة ومنها نفسي أثر التعرض لحالات السلوك الشاذ في المجتمع، ناهيك عن الاثار الاخر التي تشكل الحصة الاكبر من خلال زرع روح الانكسار وعدم الاطمئنان والحقد على المجتمع أنها تنطق بان نتسلح جميعا بأسباب الحكمة وان نطلق العنان للرحمة فيما بيننا.
فهو واجب ديني واخلاقي يحتم علينا ان نحرص جميعا من الحكومة الى مؤسسات المجتمع المدني الى الناس أنفسهم وذلك لاحتواء تلك الظاهرة او الازمة والتي تمثل وصمة عار في جبين كل شيء يمت الى الحياة او الانسانية بصلة. ومن ثم انتهى بنا المطاف عند الشيخ (علي عبد الحسين الشبلي)
ليحدثنا هو الاخر عن ابعاد تلك الازمة وانعكاساتها الاجتماعية الان وفي المستقبل، حيث قال: لا شك بأن ظاهرة أطفال الشوارع تحمل بين طياتها انعكاسات خطرة على المجتمع قوامها ان تنتج جيل جديد يمتلك سلاح التمرد على نواميس الطيف الاجتماعي،
وهذا السلوك بطبيعة الحال لن يكون من وحي الخيال بل هو نتاج أكيد لتلك الظروف الصعبة التي يعيشها الطفل في مقتبل عمره،
وهذا الامر لزاما يدفع بالأطفال الى حالة اليائس والتحلل من كل مقومات الواقع الاجتماعي تحت ضغط الظروف الغير المناسبة التي رافقته،
لذا ينبغي على الجميع بما فيهم رجال الدين على وجه الخصوص ان يضطلعوا بدورهم المهم حيال هذه الظاهرة عن طريق محاولة ردء الصداء بطرق مختلفة،
والا يتحول ذلك الفتى في المستقبل الى شخص ناقم على المجتمع جميعا حيث يستفهم بان المجتمع برمته جزء من مشكلته، ومن خلال هذا الفهم الخاطئ
يكمن سر الحل، لذا يجب على الجميع ان يعي حجم المسؤولية الملاقاة على عاتقه من خلال دمج هؤلاء الشباب في قوام المجتمع من دون التذكير او التعرض للحالة السابقة او محاولة ايجاد سبل كفيلة بالارتقاء بالواقع المعاشي
من خلال الانقضاض على افة الفقر ورفد الاطفال والشباب بدورات مختلفة كأن تكون في مجال الرياضة او مساعدتهم على العودة الى صفوف الدراسة
او تعليمهم حرف مختلفة تساعدهم في امتهان اعمال تتناسب مع اعمارهم. ومن ثم حملنا هموم هؤلاء الاطفال الى إحدى المؤسسات الخيرية التي تعنى بشؤون المرأة والطفل،
حيث قال الشخص المعني:
يقينا بان ظاهرة عمل الاطفال في المهن الصعبة ليست وليدة الوقت الراهن، وانما جاءت على أثر الحصار الاقتصادي أبان الحكم السابق،
هذا مما دفع الكثير من العوائل الى استخدام الاطفال في العمل من اجل توفير لقمة العيش، ومنذ تلك اللحظة استمرت تلك الظاهرة بالاستشراء ولحد الان،
ولكن ثمة اليات ممكنة للقضاء على هذا الظاهرة من خلال تضافر جهود كل المؤسسات الخيرية والمدنية والحكومية من اجل الارتقاء بالواقع المعاشي والثقافي ووضع برامج للتوعية بمخاطر هذا التصرف وسن عدد من القوانيين التي تحرم عمل الاطفال في هكذا مهن.
وبمقتضى تلك التصورات ندرك بأن ظاهرة عمل الاطفال ظاهرة
لا يمكن السكوت عليها لما تحمل من أثار جانبية من شأنها أن تهدد مكونات الواقع الاجتماعي وربما يصل الامر الى حد يمكن ان تهدد أمن المجتمع،
لذا يجب على الجميع ان يحرص على ايجاد الحلول المناسبة من خلال رفد هؤلاء الاطفال والشباب في نسيج المجتمع
من خلال وضع ضوابط محددة او قوانين تدعم تلك الشريحة لأنها تعد من الركائز الاساسية لبناء الوطن.
الاعتداء النفسي على الأطفال
من يفكر في الاعتداء على طفل برئ؟ الذين يقومون بهذه الجريمة ليسوا كائنات غريبة وليسوا بالضرورة أشخاص مجانين، بل قد يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في أي مكان. قد يكونون أغنياء أو فقراء،
قد يكونون متعلمين، قد يكونون مدرسين، بوابين، أطباء، خادمين، أو يمتهنون أي نوع آخر من المهن. لكن غالباً ما تكون مشاعر هؤلاء الأشخاص سلبية تجاه أنفسهم ولديهم مشاعر غضب تجاه العالم كله، وقد يكونون قد تعرضوا هم أنفسهم للاعتداء وهم أطفال ويعبرون عن تلك العُقَد من خلال اعتدائهم على الأطفال.
الاعتداء النفسي يتضمن الاعتداء اللفظي، العاطفي، والأخلاقي. هذا النوع من الاعتداء هو عبارة عن تصرف أو سلوك أحد الأبوين أو الشخص الذي يرعى الطفل بشكل يؤثر تأثيراً سلبياً على سلامة الطفل وتكوينه كإنسان سوى فيما بعد.
قد يكون هذا الاعتداء هو العقاب الشديد (مثل التهديد بمنع الطفل نهائياً من شيء معين)، أو اللوم المستمر للطفل، المقارنة المستمرة بين الطفل وأخيه،
الذي يعتبره الأبوان أفضل منه، توجيه تعليقات للطفل مثل "أنت لست جيداً" أو "أنت لا تستطيع عمل شيء صح" مما قد يجعل الطفل يشعر بأنه عديم القيمة وأنه لا يستحق الحب أو الرعاية، أو حتى عندما يقول الأب شيء مثل التدخين ضار ثم يقوم بالتدخين أمام الطفل،
فهذا يعد شكل من أشكال الاعتداء الأخلاقي لأن الأب بهذا الشكل يضع الطفل في صراع أخلاقي لا يستطيع استيعابه في هذا السن الصغير. علامات وأعراض هذا النوع من الاعتداء تتضمن -ولكن ليست قاصرة على إصابة الطفل بال اكتئاب والانطواء-
ضعف تقديره لذاته، صعوبة في تكوينه وحفاظه على علاقات إيجابية مع أفراد أسرته أو أصدقائه، مشاكل في التخاطب، قلق وخوف، اضطرا بات في الأكل، الانكماش على نفسه، سلوك عنيف أو دفاعي، عدم القدرة على الثقة بأحد، الشعور بالرفض من قبل الآخرين، عدم المبالاة، وتأخر في النمو.
عندما يتعرض الطفل بشكل دائم إلى الإهانة والتعليقات السلبية، سيؤثر ذلك حتماً بشكل سلبي على نظرته تجاه ذاته.
على سبيل المثال، إذا قلت للطفل أنه غير مرغوب فيه، أو أنه كان غلطة، أو أنه لا يستطيع عمل شئ صح، سيصبح خجولاً، انطوائنا، ويفقد ثقته بنفسه، وإذا حاول أحد التقرب منه، قد يتصرف بعصبية أو بعنف ليحمى حقوقه.
على الجانب الآخر، إذا شعر الطفل بالأمان والرعاية، سيكتشف إمكانياته، يختبر قدراته، ويصل إلى أقصى مهاراته، وسينمو باطمئنان في جو الحب والرعاية اللذين يحيطان به.
إن الآثار السلبية التي تنتج عن الاعتداء على الأطفال غالباً ما تستمر معهم طوال حياتهم. بدلاً من أن ينمو الطفل ويتطور ويتعلم أن يعيش ويحب الآخرين وينعم باهتمامهم، يستمر معه إلى الأبد التأثير السلبي الناتج عن الاعتداء الذي قد تعرض له.
قد ينتج أيضاً عن الاعتداء على الطفل مشاكل عاطفية واجتماعية وانحراف في الشخصية مما يؤدى إلى سلوك عنيف في البيت والمدرسة.
قد يتحاشى الطفل أيضاً وجوده مع الناس، وقد يرفض المشاركة في أي شكل من أشكال الحياة الاجتماعية سواء مع أسرته أو مع أصدقائه.
قد تظهر عليه علامات خوف شديد بشكل عام،
وقد لا يثق بالمحيطين به من الكبار أو قد ينتابه شعور بالذنب. كنتيجة للاعتداء، قد يفقد الطفل ثقته بنفسه والشعور بقيمته وقد لا يكون قادراً على القيام بالأمور العادية مثل اتخاذ القرارات البسيطة اليومية، الاعتماد على النفس، اكتساب المهارات المدرسية الأساسية، أو التحلي بالصفة القيادية.
بالنسبة للطفل الصغير، قد تكمن بداخله ذكريات الاعتداء الذي حدث له ثم تظهر فقط بعد أن يكبر سواء عن طريق إيذاء نفسه أو إيذاء المحيطين به.
من كسر النافذة
أحد الأطفال كان يلعب في داخل المنزل وأثناء اللعب كسر زجاج النافذة. جاء أبوه إليه بعد أن سمع صوت تكسر الزجاج وسأل: من كسر النافذة؟
قيل له: ولدك. فلم يتمالك الوالد أعصابه فتناول عصا غليظة من الأرض وأقبل على ولده يشبعه ضرباً على يديه وسائر جسمه أخذ الطفل يبكي ويصرخ وبعد أن توقف الأب عن الضرب جرّ الولد قدميه إلى فراشه وهو يشكو الإعياء والألم فأمضى ليله فزعاً
أصبح الصباح وجاءت الأم لتوقظ ولدها، فرأت يداه مخضرّتان فصاحت في الحال وهبّ الأب إلى حيث الصوت وعلى ملامحه أكثر من دهشة.
. وقد رأى ما رأته الأم. فقام بنقله إلى المستشفى وبعد الفحص قرر الطبيب أن اليدين متسممتان وتبين أن العصا التي ضرب بها الطفل كانت فيها مسامير قديمة أصابها الصدأ،
لم يكن الأب ليلتفت إليها لشدة ما كان فيه من فورة الغضب،
مما أدى ذلك إلى أن تغرز المسامير في يدي الولد وتسرّب السمّ إلى جسمه فقرر الطبيب أن لا بدّ من قطع يدي الطفل حتى لا يسري السم إلى سائر جسمه فوقف الأب حائرا لا يدري ما يصنع وماذا يقول؟
قال الطبيب: لا بدّ من ذلك والأمر لا يحتمل التأخير فاليوم قد تقطع الكف وغداً ربما تقطع الذراع وإذا تأخّرنا ربما اضطررنا أن نقطع اليد إلى المرفق ثم من الكتف، وكلما تأخّرنا أكثر تسرب السم إلى جسمه وربما مات لم يجد الأب حيلة
إلا أن يوقّع على إجراء العملية فقطعت كفي الطفل وبعد أن أفاق من أثر التخدير نظر وإذا يداه مقطوعتان فتطلّع إلى أبيه بنظرة متوسلة وصار يحلف أنه لن يكسر أو يتلف شيئا بعد اليوم شرط أن يعيد إليه يديه لم يتحمل الأب الصدمة وضاقت به السُبُل فلم يجد وسيلة للخلاص والهروب إلا أن ينتحر، فرمى بنفسه من أعلى المستشفى وكان في ذلك نهايته
تربية الأطفال في رحاب الإسلام
التربية. قواعد وأصول
التربية. قواعد وأصول أجمع المربون على أهمية التربية، فهي الضمان الوحيد للتصدي للتيارات المناهضة لما تؤمن به الأمة من مبادئ وقيم، في عصرٍ تقاربت فيه المسافات وتعددت فيه وسائل الاتصالات.
إن إدراك المربي للهدف من التربية يساعده في تحديد الوسائل والطرق والأساليب التي يسير عليها في تربيته للناشئين ولنفسه وللآخرين، والهدف الأسمى من التربية هو: تنمية قدرات الفرد وإطلاق إمكانياته، وتقوية شخصيته إلى أقصى حد تسمح به استعداداته. وفي ضوء هذا الهدف تنبثق الأهداف الفرعية الموصلة إليه:
1) تعريف الفرد بخالقه، وبناء العلاقة بينهما على أساس: ربانية الخالق وعبودية المخلوق، وإعداد الفرد للحياة الآخرة، وذلك من واقع الكتاب والسنة والسيرة النبوية وسير السلف الصالح.
2) تطوير وتهذيب سلوك الفرد، وتنمية أفكاره،
وتغيير اتجاهاته؛ بحيث تنسجم مع الاتجاهات الإسلامية، والسعي لتحقيق السمو النفسي، لكي نقيم مجتمعاً قوياً ومترابطاً.
3) تدريب الفرد على مواجهة متطلبات الحياة المادية، وكسب الرزق الحلال والتأكيد على ذلك. 4) توجيه المسلمين لحمل الرسالة الإسلامية إلى العالم.
5) غرس الإيمان بوحدة الإنسانية، والمساواة بين البشر، والتفاضل إنما هو بالتقوى، بالإضافة إلى تقوية روح الجماعة.
6) تحقيق النمو المتكامل المتوازن لجميع جوانب شخصية الفرد؛ فالإنسان: جسم وروح وقلب وعقل وعواطف وجوارح.
الأسرة في الإسلام ودورها التربوي
الأسرة هي اللبنة الأولى في تكون المجتمع البشري؛ بصلاحها واستقامتها وتراحمها يصلح المجتمع ويستقيم ويتراحم، وبفسادها يفسد المجتمع وتتهاوى أواصره، فمن خلال الأسرة يستلهم الطفل انفعالاته الأولى في:
الحب والكره والغضب والحلم والتعاون والأنانية. فهي جسر العبور بالطفل إلى العالم الأوسع، حيث إنها تعلمه الاحترام والتقدير وتحمل المسؤولية، وتعده للتكامل وتُشبع عنده الحاجة إلى الاستقرار العقلي والعاطفي.
ومعظم مشاعر الطفل تتمركز حول الأم والأب؛ بحيث تميل إلى أن تصبح اتجاهاته وتوقعاته الاجتماعية نسخةً من اتجاهاتهما وتوقعاتهما، ويحدث هذا التعلم قبل أن يكون للطفل إدراكٌ واعٍ بنفسه وبالآخرين.
إن علاقة الطفل بوالديه ترسم مستقبلاً طبيعة تكوينه النفسي، وسمات شخصيته، وطبيعة علاقته بالآخرين، فقد بينت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يرون أنه بالإمكان العيش مع الناس، والتعاون معهم، والتضحية من أجلهم، كانت علاقاتهم إيجابية مع والديهم، في حين أولئك الأطفال الذين يعتقدون أن العلاقات الاجتماعية عبارة عن قانون الغاب،
كانت علاقاتهم سيئة مع والديهم،
كما وُجِدَ أن السلوك المضطرب للوالدين ينعكس بالمِثْل على الأبناء؛ فالأطفال الذين تعرَّضوا لصرامة مفرطة في البيت أظهروا ميلاً للعدوانية أكثر من سواهم، في حين وُجِد أن الأطفال الذين يعتقدون أن الطبيعة البشرية خيِّرة بالأساس قد أقاموا علاقات إيجابية مع الوالدين، أكثر من أولئك الذين يرون الناس أشراراً بطبيعتهم.
وكما أن للوالدين حقاً على أولادهم؛ فإن للأولاد حقاً على والديهم، فالله عز وجل كما أمرنا ببر الوالدين، أمرنا أيضاً بالإحسان إلى الأبناء.
قال المناوي: لأن يؤدِّب الوالد ولده، ويُنشئه على أخلاق الصالحين، ويصونه عن مخالطة المفسدين، ويُعلِّمه القرآن والأدب، ويُسمعه السنن وأقاويل السلف، ويعلمه من أحكام الدين مالا غنى عنه-خيرٌ له من أن يتصدق بصاع؛
لأنه إذا أدَّبه صارت أفعاله مع صدقاته الجارية تدوم بدوام الولد، وصدقة الصاع ينقطع ثوابها. وعلى الرغم من عظم مسؤولية الأبناء؛ إلا أن الكثير منا قد فرَّط بها واستهان بأمرها، ولم يرعها حق رعايتها، فأضاعوا أبناءهم، وأهملوا تربيتهم، فهم لا يسألون عنهم، وإذا رأوا منهم تمرداً أو انحرافاً بدؤوا يتذمرون ويشكون من ذلك،
وما علموا أنهم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف، متناسين أن الأدب غذاء النفوس وتربيتها للآخرة. فرسالة الوالدين رسالة عظيمة لو أحسَنَا تأديتها لفازا بخير الدارين بإذنه تعالى. قال -صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
هذا وقد يحسب بعض الناس أن جهل الوالدين بأصول التربية الصحيحة سبب سوء سياستهما ومعاملتهما لأطفالهما، غير أن الدراسات الحديثة بيَّنت أن النضج الانفعالي للوالدين من أهم العوامل في تنشئة الطفل، فالثقافة والعلم بشروط التربية السليمة
لا تنفع الوالدين إن لم يكن لديهما قدرٌ كافٍ من النضج الانفعالي الذي يعينهما على تحمُّل أعباء التربية، وتكاليف تبعاتها، وما تتطلبه من تضحية وإنكار للذات،
مع حزم وحب يعطي ولا يأخذ، فماذا تنفع الثقافة ومعرفة أصول التربية مع انفعالٍ حاد وشراسة في الطبع؟
إن الأم الحانية والأب المتزن-وما يتسمان به من متابعة لأبنائهما بالعقل الواعي والمعاملة الطيبة-يصنعان ما لا يصنعه كبار علماء التربية، حتى لو لم يعرفا تفاصيل التربية. ولقد دلت تجارب العلماء على ما للتربية في الأسرة من أثر عميق خطير-يتضاءل دونه أثر أية منظمة اجتماعية أخرى-في تعيين الشخصيات وتشكيلها، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة وذلك لعدة أسباب منها:
1) أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون خاضعاً لتأثير جماعة أخرى غير أسرته.
2) أنه في هذه المرحلة سهل التأثر وسهل التشكيل، شديد القابلية للإيحاء والتعلم، قليل الخبرة، عاجزٌ، ضعيف الإرادة، قليل الحيلة.
3) ثبت أن السنوات الأولى من حياة الطفل فترة خطيرة في تكوين شخصيته، وتتلخص هذه الخطورة في أن ما يُغرس في أثنائها من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات يصعب أو يُستعصى تغييره أو استئصاله فيما بعد، ومن ثم يبقى أثراً ملازماً للفرد خلال سنوات عمره المقبلة.
4) إن الطفل يولد نقياً من كل الشوائب، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). ولو تُرك الطفل على هذه الفطرة من غير تأثير لما كان إلا مسلماً،
ولكن الحجب والقدوة السيئة قد تحول دونها. لذا فواجب الأبوين المسلمين رعاية فطرة الأبناء، والاجتهاد في تحسين تربيتهم، ولا يكفل للوالدين النجاة يوم الحساب إلا أن يبذلا ما في وسعيهما لصلاح رعيتهما،
فقد أمرنا المولى عز وجل قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21].
ومن هنا نؤكد على الوالدين وكل المربين أن يتقوا الله في هذه الأمانة، فهم يوم القيامة عنها مسؤولون، وقد عرف أعداؤنا أهمية الأسرة، فحرصوا على تمزيق أواصرها، وسلكوا من أجل ذلك كل السبل: فتارة بالدعوة إلى الإباحية وتفكيك روابط الأسرة، وأخرى بدعوى المرأة إلى التخلي عن واجباتها الأسرية،
وثالثة بإحلال المؤسسات التربوية الجماعية محل الأسرة. ثم ننتقل في هذا الفصل سوف نتحدث عن وسائل تلقين الطفل العقيدة الصحيحة، عقيدة التوحيد، من الإيمان بالله وملائكته والإيمان بالقدر، وضرورة محبة الله ورسوله …وبالشكل المبسط الذي يدركه الطفل.
وعن تهيئة الطفل لأجواء العبادة حسب طاقته … من تعليمه الوضوء وما يستطيع حفظه من القرآن الكريم … إلخ
معنى الدين: (ورد " معنى الدين"
في القرآن الكريم مصطلحاً جامعاً شاملاً، يريد به نظاماً للحياة يذعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما. ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه، ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات، وحسـن الجزاء ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب) (1).
هذه المعاني هي التي نريد أن نغرسها في نفوس أبنائنا فالإسلام ليس ديناً كنسياً يفصل بين الدين والحياة،
وإنما هو دين الحياة وكل ما هو من الدين يُصْلح الحياة ويرقى بها، وكل ما هو يصلح للحياة فهو من الدين وعباده إذا احتسبها صاحبها.
أهمية تلقين الطفل العقيدة الصحيحة: (لا شك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر أمر بالغ الأهمية في منهج التربية الإسلامية، وأمر بالغ السهولة كذلك) (2)
فالله سبحانه وتعالى قد تفضل على بني آدم بأمرين هما أصل السعادة: أحدهما: أن كل مولود يولد على الفطرة. كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: \" كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه،
أو يمجسانه الثاني: أن الله تعالى قد هدى الناس هداية عامة، بما جعل فيهم بالفطرة من المعرفة وأسباب العلم، وبما أنزل إليهم من الكتب وأرسل إليهم من الرسل(3)
ولذلك اهتم الإسلام بتربية الأطفال على عقيدة التوحيد منذ الصغر، ومن هنا جاء استحباب التأذين في الأذن اليمنى، والإقامة في أذن الطفل اليسرى.
ولقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأطفال، فغرس في نفوسهم أسس العقيدة، فهذا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يعلمه رسول الله صلى الله عله وسلم "يا غلام إني أُعلمك كلمات. احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك،
وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كـتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفَّت الصحف"(4)
إن الإجابة السليمة الواعية عن تساؤلات الأطفال الدينية بما يتناسب مع سنهم ومستوى إدراكهم وفهمهم أمر ضروري مع اعتدال في التربية الدينية لهم وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به وكذا الاقتداء بأخلاق سيد الخلق في سلوكه وتعامله مع الأطفال.
{جوانب من البناء العقدي عند الطفل المسلم} I)
الإيمان بالله جل وعلا: إن أهم واجبات المربي، حماية الفطرة من الانحراف وصيانة العقيدة من الشرك. وتبدأ عملية تعليم الطفل، الايمان بالله، من خلال غـرس محبة الله تعالـى في نفس الطفل، ويكون ذلك بإشعار الطفل، بفضل الله العظيم عليـه، إذ خلق له عينين وأذنين ولسـاناً وشفتين، وخلق له الطعام اللذيذ…
وكل ما يحبه هذا الصغير، فلا يملك الطفل إلا أن ينشأ على محبة خالقه جل وعلا. (ويبتعد المربي عن تلقين الأطفال اسم الله من خلال الأحداث الأليمة، ذلك أن للخبرات الأليمة أثرها في تشكيك المؤمن في عقائده وانحيازه إلى النزعة اللادينية)
(5) إضافة، لغرس المحبة لله في نفس الطفل، ينبغي كذلك غرس عظمة الله سبحانه، وتعالى في نفسه، ويكون ذلك، من طريق لفت نظره إلى مظاهر قدرة الله ونعمه التي لا تحصى.
ومما ينبغي الاشارة إليه، أنه على المربي، أن يغرس في نفس الطفل مكانة وكرامة الانسان عند الله، حيث سخر له ما في السنوات والأرض وما بينهما حتى ملائكته جعلهم حفظه له في منامه ويقظته وأنزل إليه وعليه كتبه، ومن مظاهر تكريم الله للإنسان، أن خلقه بيده ونفخ فيه من روحه واسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء.
وينبغي للمربي أن يُركز على جانب الترغيب لا الترهيب حتى يتعلـق قلب الطفل بالله، وينمو شعوره الديني على حب الله تعالى، والاستعداد التام لطاعة أوامره.
الأخلاق والآداب:
1-نعـود الطفل استعمال اليد اليمنى في الأخذ والعطاء والأكل والشراب، وأن يكون قاعداً، وأن يسمي الله في أوله، ويحمده في آخره.
2-تعويد الولد النظافة، فيقص أظافره، ويغسل يديه قبل الطعام وبعده، وتعليمه الاستنجاء وأخذ الورق بعد البول ليمسحه أو الغسل بالماء لتصح صلاته، ولا ينجس لباسه.
3-أن نتلطف في نصحنا لهم سراً، وأن لا نفضحهم إن أخطأوا فإن أصروا على العناد تركنا الكلام معهم ثلاثة أيام ولا نزيد.
4-أمر الأولاد بالسكوت عند الآذان، وإجابة المؤذن بمثل ما يقول، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء الوسيلة: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمد الوسيلة والفضيلة، وأبعثه مقاماً محموداً الذي وعدته).
5-أن نجعل لكل ولد فراشاً مستقلاً إذا أمكن، وألا فلحافاً مستقلاً، والأفضل تخصيص غرفة للبنات وغرفة للبنين وذلك حفظاً لأخلاقهم وصحتهم.
6-تعويده ألا يرمي الأوساخ في الطريق، وأن يرفع ما يؤذي عنه.
7-التحذير من رفاق السوء ومراقبتهم من الوقوف في الشوارع.
8-التسليم على الأولاد في البيت والشارع والصف بلفظ (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
9-توصية الولد بالإحسان إلى الجيران وعدم إيذائهم.
10-تعويد الولد إكرام الضيف واحترامه وتقديم الضيافة له.
الجهاد والشجاعة:
1-يفضل تخصيص جلسة للأسرة، وللتلاميذ يقرأ فيها المعلم كتاباً في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، ليعلموا أنه القائد الشجاع، وأن صحابته كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى ومعاوية فتحوا بلادنا، وكانوا سبباً في هدايتنا، وانتصروا بسبب إيمانهم وقتالهم وعملهم بالقرآن والسنة، وأخلاقهم العالية.
2-تربية الأولاد على الشجاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن لا يخافوا إلا الله، ولا يجوز تخويفهم بالأكاذيب والأوهام والظلام.
3-أن نغرس في الأولاد حسب الانتقام من اليهود والظالمين، وأن شبابنا سيحررون فلسطين والقدس حينما يرجعون إلى تعاليم الإسلام والجهاد في سبيل الله وسينتصرون بإذن الله.
4-شراء قصص تربوية نافعة إسلامية مثل: سلسلة قصص القرآن الكريم والسيرة النبوية وأبطال الصحابة والشجعان من المسلمين مثل كتاب: (الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية والعقيدة الإسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة).
العدل في العطاء بين الأولاد:
1-عن النعمان بن بشير قال: (تصدق عليَ أبي ببعض ماله، فقالت أمي -عمرة بنت رواحة -لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفعلت هذا بولدك كلهم؟
قال لا، قال اتقوا الله، وأعدلوا بين أولادكم). وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا تشهدوني إذاً، فإني لا أشهد على جور).
2-الزم العدل -يا أخي المسلم -بين أولادك في العطاء والوصية، ولا تحرم أحداً من الورثة حقه، بل عيك أن ترضى بما فرض الله وقسم، ولا تتأثر بالهوى والميل لبعض الورثة دون الباقين، فتعرض نفسك لدخول النار، وكم أخطأ أشخاص كتبوا أموالهم لبعض ورثتهم، فأصبح الحقد والبغض بين الورثة، وذهبوا للمحاكم فضيعوا أموالهم للحكام والمحامين.
حل مشاكل الشباب:
إن فضل علاج لمشكلة الشباب هو الزواج إن أمكن ذلك وتيسرت الأسباب كوجود مهر عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
ولا يمنع الزواج اتمام الدراسة إذا كان الفتى من عائلة غنية وله أب يكفيه ما يحتاجه، أو كان عند الولد مال أو عمل.
وعلى الوالد أن لا يتأخر عن زواج ولده إذا بلغ سن البلوغ إذا كان الوالد غنياً، فلذلك خير من تركه ولده عزباً يؤم بيوت الفحش، ويلطخ أباه بسمعة سيئة، فيحني على نفسه وولده. وعلى الولد أن يطلب من أبيه الزواج إذا كان غنياً، وأن يتلطف بطلبه، ويحرص على رضاه، ويعامله بالإحسان.
وليعلم كل إنسان أن الله ما حرم شيئاً إلا أحل شيئاً مكانه: حرم الربا، وأحل التجارة، وحرم الزنا، وأحل الزواج، وهو أفضل حل لمشاكل الشباب.
إذا لم يتيسر للشاب الزواج، لأنه فقير لا يملك المهر والنفقة فأفضل علاج له:
1-الصوم الشرعي: عملاً ببقية الحديث السابق: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء).
أي أن الصوم حفظ للشاب، لأنه يخفف الشهوة والصوم ليس الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل يشمل الامتناع عن النظر إلى المحرمات، ومخالطة النساء، ومشاهدة الأفلام المثيرة، والروايات الخليعة، والمسلسلات الجنسية.
فعلى الشاب أن يحفظ بصره عن النساء، فإن الله جعل الصحة مع العفاف، والمرض والمصائب في إتباع الشهوات إن لم يكف عنها، ولم ينظر اليها إلا من سبيلها، وسبيلها الزواج، وهناك طيب السمعة وحسن الأثر.
2-التصعيد والتسامي: ذكر علماء النفس أن الغريزة الجنسية في الإنسان يمكن تصعيدها وترقيتها، فإذا لم يتيسر لك الزواج، فلا تقرب الفاحشة وعليك بالتسامي، وهو أن تنفس عن نفسك بجهد روحي كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والحديث النبوي، والسيرة العطرة، وغيرها، أو بالانقطاع إلى العمل، والانغماس في البحث، أو بالتفرغ للرسم والأشغال، كرسم المناظر للأنهار والأشجار والجبال الخالية من الأشخاص، أو عمل ثريات من الدف الرقيق، أو غير ذلك من الهوايات النافعة.
3-الرياضة البدنية: هي جهد جسدي، فالإقبال عليها، والعناية بالتربية البدنية، والاشتراك في الفرق الكشفية والنوادي الأدبية الخالية من اختلاط الشباب والفتيات.
كل ذلك يلهي الشباب عن التفكير في غريزته الجنسية، ويفيده في الابتعاد عن الزنا الذي يضر الشباب في جسمه وأخلاقه ودينه.
فعندما يشعر الشاب بقوة غريزته الجنسية فما عليه إلا أن يقوم بعمل بدني يصرف هذه الطاقة الزائدة، فالركض لمسافات طويلة، وحمل الأثقال، والمصارعة، والسبـاق، وتعلم الرماية، والسباحة، والمباريات العلمية وغيرها يخفف من الشهوة.
4-الكتب الدينية: وأهمها قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكتب التفسير، واستحفاظ شيء من القرآن والحديث غيباً،
والاطلاع على السيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء الراشدين والعظماء المفكرين، وسماع المحاضرات الدينية والعلمية والقرآن الكريم من إذاعة القرآن الكريم وغيرها.
الخلاصة: الدواء النافع للشباب هو الزواج، فإن لم يكن فالصوم والتسامي والرياضة، والعلم النافع، وهو مسكن مقوي ينفع ولا يؤذي، ثم حفظ البصر عمّا نهى الله عنه، والالتجاء إلى الله أن يسهل لهم الزواج.
الدعاء المستجاب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعار من الليل فقال لا الله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم أغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته).
خطر تحديد النسل:
1-قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} المال والأولاد من النعم الإلهية يسعى إليها الإنسان بفطرته، وهما من زينة الحياة، ولكن شياطين الإنس وسوسوا لبعض الناس أن يحددوا عدد أولادهم، ولم يطلبوا تحديد أموالهم وممتلكاتهم مخالفين الفطرة، مع أن المال والأولاد لهما نفع مشترك في حياة الإنسان وبعد مماته،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
2-لقد حث الإسلام على كثرة الأولاد والتزوج من امرأة ولود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
3-إن الإسلام لا يجيز تحديد النسل إلا لضرورة مرض الزوجة حسب رأي طبيبة مسلمة، وما عداها من الأسباب كقلة المال والفقر فلا يجوز التحديد، قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}.
3-إن أعداء الإسلام يسعون لتقليل عدد المسلمين، بينما هم يتابعون الجهود لزيادة المواليد ورفع عدد السكان، ليتفوقوا عليهم، ويذلونهم كما هو حاصل في مصر وغيرها من البلاد الإسلامية ويسمونه تنظيم الأسرة، وبدأوا يقدمون أقراص منع الحمل بالمجان بدلاً من تقديم (قرص الخبز) ليشجعنهم على تحديد النسل !!
فهل عرف المسلمون خطر هذا العمل المخالف لدينهم؟ تعويد الأطفال حب رسول الله صلى الله عليه وسلم: على المربين وموجهي الأطفال، أن يغرسوا حب رسول الله عليه والصلاة والسلام في نفوس الناشئـة.
فحب رسـول الله من حب الله جل وعلا، ولا يكون المرء مؤمناً إلا بحب الله ورسوله. عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. متفق عليه.
والسبيل إلى ذلك، يكون من طريق سرد مواقف من السيرة النبوية من صفاته صلى الله عليه وسلم مثل: الرحمة بالصغار وبالحيوان وبالخدم …
فتتأثر نفوسهم، وتتفاعل قلوبهم بحب الرسول عليه الصلاة والسلام وحب رسالته وفي ذلك المغفرة وجنات النعيم. قال تعالى:( إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) آية (31) من آل عمران.
بالإضافة إلى ذلك لا بد من إعطاء صورة واضحة للأطفال عن النبي صلى الله عليه وسلم، بدءً بنسبه الشريف، مرورا بتعبده في غار حراء ثم بعثته صلى الله عليه وسلم، ثم تبيان مكانته قبل البعثة عند قومه، وإظهار حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ودفاعهم عنه وعن الدين.
ولا بد من، توضيح صفاته، الخَلْقية، من أكل وشرب وتمشيط وقص أظفار وسواك، صدق وأمانة وتواضع وغير ذلك. ج)
الإيمان بالملائكة: الملائكة جند الله، يأتمرون بأمره ولا يعصونه … إن في العالم مخلوقات كثيرة لا نعرفها، يعلمها خالقها جل وعلا، ومن بينها الملائكة… بهذه الصورة يمكن أن نتحدث عن هذا الركن الايماني الغيبي أمام الأطفال.
ونضيف إليهم: إن أعمال الملائكة نستشفها من بعض الآيات القرآنية، ومن ذلك حفظ الانسان قال تعالى (إن كلُ نفس لما عليها حافظ) (6)
وكتابة ما يعمله الانسان في هذه الحياة (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد) (7)
ويحذر المربون من تثبيت صورة خاطئة في عقول الاطفال عن شكل الملائكة مثلاً. ولا سيما أن أكثر وسائل الاعلام تصور الملائكة بأشكال معينة لها أجنحة. VIII) عدم التركيز على الخوف الشديد من النار: إن الطفل ذو نفس مرهفة شفافة، فلا ينبغي تخويفه و لا ترويعه، لان نفسه قد تتأثر تأثراً عكسياً.
ويمكن للمربي أن يمر على قضية جهنم مراً خفيفاً رفيقاً امام الاطفال، دون التركيز المستمر على التخويف بالنار.
ظناً منه أن هذه وسيلة تربوية ناجحة. أخرج الحاكم والبيهقي عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن فتى من الانصار دخلته خشية الله، فكان يبكي عند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه في البيت، لما دخل عليه اعتنقه النبي وخر ميْتاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " جهزوا صاحبكم فإن الفَرقَ فلذَ كبده (8).
الفرق: الخوف، فلذ: قطع. هـ _ الإيمان بالقدر: وعلينا أن نزرع في نفس الطفل عقيدة الايمان بالقدر منذ صغره، فيفهم أن عمره مجدود، وأن الرزق مقدر ولذلك فلا يسأل غير الله، ولا يستعين إلا بـه
وأن الناس لا يستطيعون أن يغيروا ما قدره الله سبحانه وتعالى ضراً ولا نفعا، قال تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) (8).
أما كيف يتم ذلك، فمن خلال انتهاز الفرص المناسبة. ولعل أبرز الظواهر التي نلفت نظر الأطفال في هذا المجال: ظاهرة الموت.
فهم قد يتقبلونه تقبلاً معتدلاً، وذلك في ظل أسرة لا تبدي جزعها من الموت، وتشعر الاطفال (ببساطة) أن من ينتهي عمره يموت.
أما إن شعر الأطفال، بطريقة ما، أن الموت عقوبة، وذلك من خلال التعليق على موت أحد الناس: " والله إنه لا يستأهل هذا الموت" كما تقول بعضهن في لحظة انفعال، نسأل الله المغفرة والهداية.
وكذا إن هددت الأم طفلها بالضرب والتمويت، فيزرع في ذهنه أن الموت عقوبة، وليس نهاية طبيعية ومنتظره للجميع مما يجعلهم يجزعون منه مستقبلاً.
ونعود الأطفال البذل والعطاء والرحمة بالفقراء، وذلك لتتهيأ نفوسهم لدفع الزكاة، والعطف على المساكين وكلمات بسيطة ترثي فيها الأم أو الأب أو المربي، لحال المساكين مع إثارة الشفقة عليهم تجعل أنفس الأطفال تسخو بالعطاء، وتجود به، ولو بمصروفهم اليومي.
{تعليم القرآن واعتياد توقيره}
لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفظ كتاب الله وتفهمه وأخذ بذلك علماء هذه الأمة. يقول الإمام الشافعي رحمه الله:( حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر) (10)
ولتعليم الأطفال القرآن الكريم أو حفظه، لا بد من تشجيعهم على ذلك بذكر فضل تلاوة القرآن وحفظه، من مثل، إن الماهر في تعلم القرآن وحفظه، سيكون مع السفرة الكرام البررة،
والذي يقرأ القرآن ويتلعثم فيه وهو عليه شاق، فله أجران، وأنه لكل من يتلو حرفاً من القرآن له حسنة، و (الم) ثلاثة حروف، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.
ويعلم الاطفال شيئاٍ من آداب التلاوة: ترتيل القرآن الكريم والمداومة على هذه التلاوة، ثم أن يبدأ بالاستعادة من الشيطان الرجيم ثم يأتي بالبسملة.
وأن يوقر الطفل المصحف ففيه كلام الله، لا يبحث يعبث أو يرميه الى صاحبه إذا أراد أن يناوله إياه، لأنه كلام الله تعالى الذي يجب أن نوقره ونجله. وعلى المربي أن يحاول قدر الإمكان أن يعلم الاطفال الآية القرآنية و(إذا قرئ القرآن فأنصتوا لعلكم ترحمون) (11)
ومع تكرارها أمام الطفل يحفظها ويفهم المقصود منها. وهنالك سور قصيرة، من المناسب أن يحفظها الطفل مثل، سورة الفاتحة، لإخلاص، الكوثر، العصر، الفيل، النصر، المسد، سورة القدر والنصر، وذلك حسب طاقة الطفل وسنه في هذه المرحلة، مع التفسير المبسط وسبب النزول على شكل قصة مبسطة كذلك.
وعلينا ألا ننسى أثر القدوة الطيبة في استجابة الطفل، فالمربي الذي يوقر القرآن ويجله ويحسن الاستماع اليه سيكون له أكبر الاثر في نفس الطفل وعظيم تقديره لكلام الله.
وكذا بالنسبة للرزق: جميل بالمربية أن تتعمد أمام طفلها حمد الله تعالى على ما أعطى من الرزق، فذلك يرسخ في ذهنه أن المال مال الله والخير كله منه.
وإن قال لها مستنكراً، لا إن المال من مكان كذا، كمكان عمل والده فهي الفرصة لأن تغرس في نفسه أنه لا بد من اتخاذ الأسباب المؤدية إلى النتائج بحسب السَّنة الجارية…
ومن ثم يحس بوجوده الذاتي ويعمل دون أن يفتن بنفسه ولا بعمله، ودون أن يفتن بالأسباب. إن اتخاذ الاسباب مع الإيمان بالقدر، يجعل من المسلم إنساناً مقداماً لا يخش إلا الله، كريماً لا يخاف على نفسه الفقر، صبوراً لا يهلع أمام كل مصيبة ما دامت مقررة.
{تهيئة الطفل المسلم لأجواء العبادة} يبدأ تعليم الأطفال العبادات، من سن التمييز، عندما يصبح باستطاعة الطفل أن يأكل ويشرب وحده، أن يخلع ويلبس ثيابه لوحده. فبالإمكان أن يعلم آداب قضاء الحاجة، والوضوء حسب قدرته، ويحسن أن نعلمه فضل الوضوء،
وأنه يمحو الآثام عند غسل كل عضو من الأعضاء فإذا توضأ وأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده وأن المسلم طاهر نظيف. قد يتعلم الطفل الجريء الآذان
وإذا اراد أن يتوجه نحو القبلة، نعلمه الاتجاه الصحيح في الصلاة والسبب في ذلك. ويتبع المربي أفضل السبل وأرقها لتحبيب الصغار في الصلاة. ومن وسائل الترغيب، أن نفهم الأطفال بأننا نصلي ليحنا الله
وأن المصلين لهم الجنة، وأن نحاول جاهدين أن يكون العمل ذاتياً والعبادة نابعة من نفس الطفل. وفي الصيام: نلجأ إلى التدرج في تعويده الصيام مع إعلام الطفل أن هذا ليس هو الصيام المكلف به،
وإنما هو لأجل التدريب، وذلك حتى لا يحجم الأطفال في الأسر المسلمة عن الطعام والشراب في شهر رمضان كله فتتضرر أجسامهم إذا كانوا ضعاف البنية صغار السن لا يطيقون الصيام. أما إذا كانوا يطيقونه فلا بأس من تدريبه عليه.
وللحج موسم سنوي يحسن بالمربية انتهاز هذا الموسم والحديث عن هذه الفريضة، عن قصة يناء البيت العريق من أجل توحيد الله بالعبادة.
وإذا حج أحج الأقارب أو الج أركان الإسلام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس:
1-شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
(لا معبود بحق إلا الله، ومحمد تجب طاعته في دين الله).
2-وإقام الصلاة:
(أداؤها بأركانها وواجباتها والخشوع فيها)
3-وإيتاء الزكاة:
(تجب الزكاة إذا ملك المسلم 85غراماً ذهباً أو ما يعادلها من النقود يدفع 2.5 في المائة منها بعد سنة، وغير النقود لكل منها مقدار معين).
4-وحج البيت:
(من استطاع إليه سبيلا).
5-وصوم رمضان:
(الامتناع عن الطعام والشراب، وجميع المفطرات من الفجر حتى الغروب مع النية)
أركان الإيمان:
1-أن تؤمن الله:
(بوجوده ووحدانية في الصفات والعبادة).
2-وملائكته:
(مخلوقات من النور لتنفيذ أوامر الله).
3-وكتبه:
(التوراة والانجيل والزبور والقرآن وهو أفضلها).
4-ورسله:
(أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم).
5-واليوم الآخر:
(يوم الحساب لمحاسبة الناس على أعمالهم).
6-وتؤمن بالقدر خيره وشره:
(الرضاء بالقدر خيره وشره، لأنه بتقدير الله)
(مع الأخذ بالأسباب).
الله فوق العرش:
القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة والعقل السليم، والفطرة السليمة تؤيد ذلك
1-قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}:
(أي علا وارتفع) كما جاء في البخاري والتابعين.
2-خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجة الوداع قائلاً: (ألا هل بلغت) قالو نعم، يرفع أصبعه إلى السماء وينكبها إليهم ويقول (اللهم أشهد) -ينكبها: يميلها إلى الناس-.
3-المصلي يقول في سجوده (سبحان ربي الأعلى) ويرفع يديه إلى السماء عند الدعاء
4-الأطفال حين تسألهم: أين الله؟ فيجيبون بفطرتهم السليمة: هو في السماء.
5-وقال تعالى: {وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ}
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (اتفق المفسرون على أننا لا نقول كما تقول الجهيمة -فرق ضالة -إن الله في كل مكان.
تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا) ومعنى في السموات على السموات، لكن الله معنا يسمعنا ويرانا، وهو فوق العرش. يران نصحبه لزيارته ومن هنا نود ذكر وصايا لقمان للابنة للانها من أعظم الارشادات للأصول التربية
وصايا لقمان لابنه:
قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ}، هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم
1- {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} احذر الشرك في عبادة الله ، كدعاء الأموات أو الغائبين فقد قال صلى الله عليه وسلم ( الدعاء هو العبادة) . ولما نزل الله قوله تعالى: {وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه: يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
2-{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} .
ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين لعظم حقهما، فالأم حملت ولدها بمشقة، والأب تكفل بالإنفاق فاستحقا من الولد الشكر لله ولوالديه.
3-{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
قال ابن كثير: (أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً أي محسناً اليهما، واتبع سبيل المؤمنين). أقول: يؤيد هذا القول النبي صلى الله عليه وسلم (لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف).
4- {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}.
قال ابن كثير: (أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى يوم القيامة حيث يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
5-{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} أدها بأركانها وواجباتها بخشوع.
6- {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ} بلطف ولين بدون شدة.
7-{وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذى فأمره بالصبر، قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور.
8-{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
قال ابن كثير: (لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك احتقاراً منك لهم، واستكباراً عليهم، ولكن ألن جانبك وأبسط وجهك إليهم) قال النبي صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة).
9-{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} أي خيلاء متكبراً أجباراً عنيداً، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} أي مختال معجب في نفسه، فخور على غيره.
10-{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} أي أمش مشياً مقتصداً، ليس بالبطيء المتثبت، ولا بالسريع المفرط، عدلاً وسطاً بين بين.
11- {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ} أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}
قال مجاهد: (إن أقبح الأصوات لصوت الحمير. أي غاية من رفع صوته أنه يُشبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: -
أ-(ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) .
ب-إذا سمعتم أصوات الديكة، فسلوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطاناً).
من هداية الآيات:
1-مشروعية وصية الوالد لابنه بما ينفعه في الدنيا والآخرة.
2-البدء بالتوحيد والتحذير من الشرك لأنه ظلم يحبط الأعمال.
3-وجوب الشكر لله، وللوالدين، ووجوب برهما ووصلتهما.
4-وجوب طاعة الوالدين في غير معصية الله، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في المعروف).
5-وجوب اتباع سبيل المؤمنين الموحدين، وتحريم اتباع المبتدعين.
6-مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وعدم الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلت أو صغرت.
7-وجوب إقام الصلاة بأركانها وواجباتها والاطمئنان فيها.
8-وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن علم، ولطف حسب استطاعته.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
9-الصبر على ما يلحق الأمر والناهي من أذى، وأنه من عزم الأمور.
10-تحريم التكبر والاختيال في المشي.
11-الاعتدال في المشي مطلوب، فلا يسرع ولا يبطئ.
12-عدم رفع الصوت زيادة على الحاجة، لأنه من عادة الحمير.
وصايا نبوية مهمة للأولاد:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات:
1-أحفظ الله يحفظك:
امتثل أوامر الله، واجتنب نواهيه يحفظك في دنياك وآخرتك.
2-إحفظ الله تجده تجاهك (أمامك):
احفظ حدود الله، وراع حقوقه تجد الله يوفقك وينصرك.
3-إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله:
إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، لا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها غير الله، كشفاء المرض، وطلب الرزق، فهي مما اختص الله بها وحده.
4-وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك:
الإيمان بالقدر الذي كتبه الله على الإنسان خيره وشره.
5-رفعت الأقلام وجفت الصحف:
التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحب الناقة: (أعقلها وتوكل)
6-تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة:
أد حقوق الله والناس وقت الرخاء بنجيك وقت الشدة.
7-وأعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك:
إذا منعك الله شيئاً فلن يصل إليك وإذا أعطاك الله شيئاً فلن يمنعه أحد.
8-وأعلم أن النصر مع الصبر: النصر على العدو والنفس متوقف على الصبر.
9-وأن الفرج مع الكرب: وأن الكرب الذي ينزل بالمؤمن سيكون بعده الفرج.
10-وأن مع العسر يسرا: وأن العسر الذي يحل بالمسلم سيأتي معه اليسر واليسرين.
من فوائد الحديث:
1-حب الرسول صلى الله عليه وسلم للأطفال، وإركاب ابن عباس خلفه، ومناداته: يا غلام لينتبه.
2-أمر الأطفال بطاعـة الله، والابتعاد عن معاصيه، يوفر لهم السعادة في الدنيا والآخرة.
3-الله ينجي المؤمن عند الشدائد إذا أدى حق الله والناس عند الرخاء والصحة والغنى.
4-غرس عقيدة التوحيد بسؤال الله تعالى، والاستعانة به وحده في نفوس الأطفال، وهو من واجب الوالدين والمربين.
5-غرس عقيدة الإيمان بالقدر خيره وشره في الأطفال، وهي من أركان الإيمان
6-تربية الطفل على التفاؤل، ليستقبل الحياة بشجاعة وأمل، وليكون فرداً نافعاً في أمته (وأعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا).
1دور الأسرة والمعلم في صقل موهبة الطفل
يعتبر الطفل ملكة إبداعية يمكن تنميتها بأنواع من المعارف التي تزيد من نموه وتطوره الفكري والنفسي، بحيث يملك في داخله جملة من المواهب والمهن التي تجعله دائما يتطلع إلى الأفق وإلى التفكير في المناصب العالية والمهمة في المجتمع.
ويعضد رأيي، أخي المعلم أختي المعلمة، أننا لو فتحنا الحوار مع تلاميذنا في القسم حول أحلامهم ومشاريعهم المستقبلية لوجدنا التلميذ يختار الأحسن والأجود والأصلح. ذلك أنه يتمنى أن يكون فردا صالحا في هذا المجتمع.
وهو بذلك يأتي إلى المدرسة وهو يحمل بداخله الكثير من الأحلام والأمنيات التي يريد تحقيقها خلال مسيرته الدراسية، ولكن سرعان ما تتلاشى هذه الأحلام وتلك الأمنيات لتصبح ضربا من الخيال الذي يستحيل تحقيقه فيقف الطفل في بداية مشواره عاجزا بدون حراك.
والى هنا حق لنا أن نتساءل من يتحمل المسؤولية في كبت مواهب أطفالنا وهم في بداية الطريق؟ وما الدافع الذي يجعلهم ينفرون من المدرسة ويكرهونها؟
هل المسؤول هو المعلم أم الأســـرة والمجتمع؟ يعتبر المعلم الحافز والدافع القوي لدفع التلميذ إلى تحقيق ما هو أفضل وأهم.
فهو المرشد والموجه الأمين الذي يأخذ بأيدي أبنائنا إلى بحر العلم الوافر لينهلوا منه ويسقي منه كل ضمان إلى أن يرتوي.
كما يغرس في نفسية طفلنا الحب والإخلاص لرموز الوطن ومعالم سيادته ويكرهه في البغض والخيانة ضد الوطن الذي يحميه ويأويه، ويحاول أن يوفر له كل الإمكانيات والحقوق التي تجعله فردا صالحا في مجتمعه من حق العلاج وحق التعليم .... وغيرها من الحقوق.
وعليه، يصادف المعلم في قسمه أنواعا وأشكالا متعددة.
فهو يكتشف الفنان والأديب والرسام والرياضي والمخترع. فإما أن يأخذ بيده ليسير به إلى الأمام وينمي فيه شعلة الإبداع الموجودة فيه، وإما أن يهمله ويتغاضى عنه فتنطفئ تلك الشعلة. وحرص الأسرة وافتخارها بمواهب طفلها وتشجيعه على ذلك له دور كبير أيضا في مساعدة الطفل المبدع لبلوغ هدفه المنشود وتحقيقه النجاح الذي يطمح إليه.
وعلى عكس ذلك فان إهمال الأسرة لهذا الطفل المبدع وعدم الاكتراث لمواهبه والأخذ بها يؤدي به لا محالة إلى الضيـــاع والاستسلام للفشل والكسل وعدم المبالاة بدراسته وحتى بوجود أسرته في حياته.
وهنا لا يحقق الطفل نفسه ويصبح لا يشعر بذاته فيفشل وهو في بداية طريقه وربما يلجأ إلى مصاحبة رفاق السوء لتعويض النقص الذي يشعر به حتى يحقق ذاته. وفي هذه الحالة يكتسب طبائع سلبية وغير سوية تجعل منه طفلا متشردا ومهملا. ان عدم اهتمام الأسرة بطفلها و عدم إشباعها لحاجاته و انتباهها لمكنوناته يعرضه لإحباطات نفسية يرثى لها . كما أن عدم اهتمام المدرسة بميولات ورغبات هذا الطفل وعدم توفير الجو المناسب والملائم له يجعله يهاب ويخاف من المدرسة.
وقد يصل الحد إلى أن يكرهها لأنها قتلت فيه حلما جميلا كان موجودا بداخله. فنصيحتنا للأسرة أن تنظر لطفلها على أنه فرد من أفراد هذه الأسرة، له حقوق خاصة به وأن ممارسة العنف ضده على سبيل التهديد لا يأتي بنتيجة وإنما يؤدي به إلى الضياع.
فينبغي الاهتمام به ورعايته من جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والفكرية بتشجيعه والوقوف إلى جانبه.
ونصيحتنا للمدرس أن ينمي هذه الطاقات الإبداعية ويخرجها إلى النور بفتح باب المطالعة والمنافسة بين هؤلاء الأطفال وفسح المجال أمام التلميذ من أجل التعبير عما بداخله بتوفير الجو المناسب له في حصص الأشغال ومواد النشاط وحصص الرياضة والترفيه للأخذ بيد هذا الطفل إلى الإنتاج والتصنيع
. وإنني واثقة أنه لو تعاونت كل من الأسرة والمدرسة في تنشئة وتنمية مواهب أطفالنا لحققنا نجاحا عظيما يخدم مجتمعنا خاصة وأمتنا عامة. وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة...ووراء كل تربية عظيمة معلم متميز
كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية
لقد أدى انتشار وسائل الإثارة والإغراء وغياب التوجيه وقلة ما ينمي الإيمان ويقويه، أدى ذلك كله إلى انتشار الفساد الخلقي في مجتمعات المسلمين.
وبما أن مرحلة الشباب تمثل بداية البلوغ الجنسي، ويصاحبها ضعف القدرة على ضبط النفس والتحكم بغرائزها صار الشباب من أكثر فئات المجتمع وقوعاً في الانحرافات الأخلاقية. والدعاة إلى الله والمصلحون من المربين يتعاملون مع فئات غير معزولة عن المجتمع تتأثر بما فيه، ويصيبها ما يصيبه، ومن هنا بدأت المحاضر التربوية تعاني من المشكلات الأخلاقية وتنوعت صورها ونماذجها.
وهذا يدعو إلى الاعتناء بهذه المشكلة الخطيرة آثار عدة: -
1-مخاطر الفساد الخلقي في الأوساط التربوية. تتمثل أبرز المخاطر التي يمكن أن تنتج عن الفساد الخلقي في صفوف شباب المحاضن التربوية والدعوية فيما يأتي: -
1-1: إنها تقود إلى الوقوع في الفواحش والكبائر فالصغائر تقود إلى الاستهانة بالمعصية، ثم الكبيرة وكلها وقوع في معصية تهاون بما هو دونها.
2-1: إنها من أكثر أسباب الانحراف بعد الهدى والحور بعد الكور؛ فغير قليل هم أولئك الذين تركوا طريق الصلاح والتقوى استجابة لهذه الغريزة والشهوة.
3-1: إنها مدعاة لقسوة القلب والبعد عن الله تعالى، وهذا بدوره يؤدي إلى آثار أخرى في سلوك الشاب وطاعته ودعوته.
4-1: إنها تجعل الشاب يعيش دوامة من المشكلات، فكثير من الشباب الذين لديهم إيمان وتقوى أشغلهم وقوعهم في هذه الشهوات فصاروا يفكرون في الخلاص منها، فانصرفوا عن سائر مصالحهم الدينية والدنيوية.
5-1: إنها سبب لغياب التوفيق والنجاح في المسيرة الدعوية، فالمعصية تحرم العبد توفيق الله وعونه، وتحول بينه وبين نصره سبحانه وتعالى.
6-1: إنها تعطي قدوة سيئة وصورة سلبية لهذه المحاضن التربوية، ولا عجب أن نرى من الشباب من يبتعد عنها وينفر منها نتيجة بعض ما يراه من مخالفات. كما أن هناك من يجعل من وقوعها وسيلة للطعن في هذه الأعمال والقائمين عليها. ومهما رأينا من مشكلات فهي تبقى محدودة وخطورتها في عظم شأنها أكثر من انتشارها،
ولا يسوغ أن يدفعنا شعورنا بخطر المشكلة إلى المبالغة في الحديث عن حجمها، كما أن مطالبتنا بإعطائها حجمها الطبيعي لا ينبغي أن يدفعنا إلى التهوين من خطورتها. وكثير من صور الخلل والانحراف التي تحدث هي نتاج عوامل خارجية،
فالشباب جزء من المجتمع لا يستطيعون الانفكاك عنه ولا التخلص من تأثيره.
2-كيف نتخلص من المشكلات الأخلاقية: يتمثل العمل في مواجهة هذه المشكلات في مسارين: -1-2 المسار الأول. الوقاية:
وذلك بحماية الأشخاص والبيئة التربوية من الوقوع فيها، وتتمثل أبرز وسائل الوقاية فيما يلي: -1-1-2 تربية الإيمان والتقوى:
الإيمان هو الذي يحول بين الشخص وبين الوقوع فيما حرم الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم:( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) والإيمان والتقوى له أثره في كف النفس عن الوقوع في الحرام ابتداء {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد.
هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب}
وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ((رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله عز وجل) كما أن له أثره في الإفاقة بعد الكبوة والتوبة بعد المعصية (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)
والإيمان والتقوى المقصود هو ما يستقر في القلب ويترك أثره على صاحبه، وليس المقصود به هو طول السجود والركوع وكثرة التنفل، أو البكاء والنحيب عند سماع آيات الوعيد.
2-1-2 التربية على الورع والبعد عن مواطن الفتنة: تتسم هذه الشهوة بقوة تأثيرها على الشاب، وعظم ضغطها عليه، ومن ثم فهو بحاجة إلى حاجز يحميه، إلى حاجز بين الحلال والحرام يقيه الوقوع في الحرام.
والذين يتورعون عن الشبهات ويبتعدون عن الحمى هم أكثر الناس تورعاً عن الحرام المحض وبعداً عنه.
3-2-1 سد الذرائع وإغلاق باب الفتنة: من يتأمل في أحكام الشريعة يجد أنه ما من حكم بعد الشرك اعتنت الشريعة بسد ذرائعه مثل الفاحشة، ون يقرأ سورة النور يجد مصداق ذلك واضحاً. ومن ثم لابد من الاعتناء بهذا الجانب بتربية الشباب عليه، والبعد بالمحاضن التربوية عن الوقوع في الذرائع التي يمكن أن تقود إلى الفواحش ومقدماتها. ومن ذلك ما يتعلق بصحبة المردان بالبعد عن الخلوة بهم أو طول معاشرتهم أو سفر الشخص لوحده معهم. ومن ذلك ضبط ما يجري من المزاح بين الشباب وخاصة ما يكون بالأبدان كالمصارعة والسباحة. ومن ذلك الاعتناء بالتوجيه النبوي القائل (وفرقوا بينهم في المضاجع) أثناء النوم.
4-1-2 الاعتدال بين الثقة وسد الذرائع: أمرت الشريعة بسد الذرائع والبعد عن أبواب المعصية، لكنها في ذلك أمرت بحسن الظن ونهت عن الغيرة في غير ريبة، قال صلى الله عليه وسلم (غيرتان يحبهما الله ورسوله...) ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يلتمس عثراتهم :(رواه مسلم 15ي)
فلا ينبغي أن يؤدي حرص المربي على سد الذرائع إلى غياب الثقة وإلى الشك والاتهام. كما لا يسوغ التهاون بسد الذرائع بحجة الثقة والبعد عن اتهام الناس.
5-1-2 الاعتناء بتقوية الإرادة: كثير من الذين يقعون في المعصية يدركون قبحها وشناعتها لكنهم يقعون فيها نتيجة ضعف إيمان، أو نتيجة فشلهم في منع أنفسهم عنها. ومن ثم فالشاب بحاجة إلى أن تغرس لديه قوة الإرادة والعزيمة حتى يستطيع السيطرة على نفسه وضبط تصرفاته.
6-1-2 غرس الاهتمامات الجادة: إن غرس الاهتمامات الجادة لدى الشاب أثره في إشغال تفكيره بها، وفي إشغال وقته ونشاطه، فهو حين يجد وقت فراغ سيصرفه هذه الأنشطة وهي تستهوي نفسه وتفرغ طاقته، كما أنها تعلي همته وتسمو بها. وهي أيضاً تجعله يميل مجالسة من يشاركونه هذه الاهتمامات. والعكس حين تسيطر عليه الاهتمامات التافهة وينشغل بها.
7-1-2 إشغال الفراغ: الفراغ يدعو الشاب إلى التفكير في الشهوة، ويدعوه إلى التطلع والفضول في مواقع الإنترنت أو القنوات أو المجلات أو الذهاب إلى السواق والأماكن العامة ا لتي تنتشر فيها المنكرات لذا كان إشغال الوقت فراغه يسهم في حمايته من الوقوع في الشهوة المحرمة وحمايته منها. ومن أهم ما يعين على ذلك تعويده على الأنشطة التي يقضي فيها الفراغ ومن أبرزها القراءة والاطلاع، وكذا تكوين الاهتمامات الجادة لديه. 2
-2 المسار الثاني العلاج بعد الوقوع في المشكلة: حين يقع أحد الشباب في مشكلة خلقية لابد من الاعتناء بعلاجها ومواجهة آثارها، ومما ينبغي مراعاته في العلاج ما يأتي:
-1-2-2 المبادرة. تزداد هذه المشكلات تعقيداً مع مرور الوقت، ومن ثم فالمبادرة في علاجه ضرورية حتى لا تطول وتستفحل، فطولها يؤدي إلى تأصيلها لدى الشخص، وضعف استقباحه لها وشعوره بالإحباط في الخلاص منها، كما أن ذك يؤدي إلى اتساع دائرة انتشارها بين أفراد المجموعة.
2-2-2 التأني والتروي. ومع المبادرة لابد من التأني والتروي في التعامل معها، والتأني المطلوب ليس هو الذي يضيع الوقت ويؤخره، إنما يحسب الحساب لكل خطوة ولا يستعجل النتائج.
إن اكتشاف المربي للمشكلة كثيرا ما يولد لديه صدمة، وقد تؤدي هذه الصدمة إلى فقدان التوازن في التعامل مع الموضوع، فتأخذ العاطفة أكثر من حجمها الطبيعي. وقد يتخذ قرارات متسرعة استجابة للضغط النفسي الذي تولد لديه.
إن حالة الاضطراب والقلق تؤثر على تفكير الإنسان وتعوقه عن الوصول إلى ما يمكن أن يصل إليه في حال الاستقرار والاطمئنان. ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يقضي القاضي وهو غضبان.)
وقد نهى أهل العلم أن الحكمة في ذلك هي........
3-2-2 التفريق بين أنواع المشكلات. لا يسوغ أن تدرج المشكلات الأخلاقية في إطار واحد، بل ينبغي أن يتعامل مع كل حالة بما يتناسب معها، ومن الأمور التي تختلف المشكلات على أساسها:
1-3-2-2 تأصل المشكلة لدى الشاب وتأريخها، فالمشكلة المتأصلة التي لها جذور طويلة ليست كالمشكلة الطارئة، فالأولى تحتاج جهداً أكبر ووقتاً أطول في علاجها.
2-3-2-2 نوع الخطأ الذي يحصل فالاحتكاك على سبيل المثال في مناسبة معينة ليس مثل الجرأة على المراودة، والشرع لم يجعل المعاصي باباً واحداً فمنها ما هو صغائر ومها ما هو كبائر، والكبائر درجات متفاوتة.
3-3-2-2 الحياء والجرأة لها اعتبار وأثر، ففرق بين من يتجرأ على الحديث وإبداء الرغبة مع الآخرين، وبين من تبدو منه هفوات يستنبطها الآخرين منه استنباطاً.
4-3-2-2 القصد والمصادقة؛ ففرق بين من يثيره موقف فيقع في الزلة،
وبين من يخطط ويرتب الأمور.
5-3-2-2 الانتشار والمحدودية؛ فما ينتشر في المجموعة ويتداول بينها يحتاج إلى حزم أكثر مما يصير بين اثنين من أفرادها.
4-2-2 التدرج في المعالجة. يحتاج المربي في التعامل مع هذه المشكلات إلى التدرج في الخطوات.
1-4-2-2 الخطوة الأولى العلاج غير المباشر، وهو الذي يعنى بالتركيز على تقوية الإيمان والتقوى في نفس الشاب، دون التصريح أو التلميح بالمشكلة، ولا شك أن الإيمان سيدعوه إلى مفارقة المشكلة والتوبة والإقلاع، ومتى ما أمكن هذا الأسلوب فلا يعدل عنه إلى ما بعده فهو أنجع في العلاج، وأقل في العواقب.
2-4-2-2 الخطوة الثانية؛ الحديث والتوجيه العام للمجموعة من خلال الحديث عن شؤم المعاصي وأثرها، أو عن الفواحش ومخاطرها، ولابد من التركيز على استثارة الإيمان والتأثر القلبي ههنا.
3-4-2-2 الخطوة الثالثة؛ التصريح والمناصحة المباشرة للمعني، وهذا ينبغي أن لا يلجا إليه إلا حين لا يجدي غيره فقد يترتب عليه اضطرار الشخص لترك الصالحين، وهذا يقوده إلى ما هو أكبر، أو يترتب عليه العيش بنفسية متوترة بينه وبين المربي فسوف يفسر كل ما يسمعه فيما بعد من مربيه على انه يقصده، والمربي سيتعامل معه بحساسية خشية تفسير قصده. والغالبة أن الشاب لا ينسى ذلك ولو طال الوقت وكثيراً ما يفترض أنه إلى الآن محل تهمة. لكن حين لا ينفع سواه فهو أولى من ترك الشاب يستمرئ طريق الفساد والمعصية. وحين يناصح فلابد من التوازن بين المبالغة في تعظيم الذنب التي تؤدي إلى اليأس، أو المبالغة في الرجاء الذي يؤدي إلى الاستهانة بالذنب واحتقاره.
4-4-2-2 الخطوة الرابعة؛ حين لا تنفع هذه الحلول مع الشاب ويظل مستمرا ًعلى ما هو عليه فينبغي إبعاده خاصة إذا كان ضرره متعدياً.
5-2-2 مراعاة الضوابط الشرعية نظرا لخطورة الفاحشة وما يتعلق بها فقد أحاطها الشرع بسياج منيع يحول دون انتشارها في المجتمع ورواجها فيه، لذا كان الحد فيها لا يثبت إلا بأربعة شهود بخلاف سائر الحدود. ومن ثم فعلى المربين مراعاة الضوابط في التعامل مع مثل هذه الظواهر ومن ذلك: -
1-5-2 ترك التوسع في متابعة تفاصيل الموضوعات والتعامل مع ما يظهر ويبدو منها ان غلا ما يترتب عليه مصلحة راجحة. ومن الممارسات الشائعة سعي الربي لاستنطاق الشاب بصورة أو أخرى ليحدثه عما يقع فيه من معاصٍ، ومن لك العادة السرية على سبيل المثال، وهذا خلاف المنهج الشرعي والتربية النبوية (يراجع مقال افتقار العمل التربوي للضوابط الشرعية)
2-5-2-2 الستر على الشاب الذي يقع في المعصية فقد جاءت الشريعة بالستر على المسلم ومن الملاحظ تساهل بعض المربين بالحديث عن تفاصيل ما يحدث من الشباب فيما بينهم، والأولى البعد عن ذل، وقصر الحديث على موضوع الحاجة، ومن تاب من الشباب وأقلع فلا يجوز أن يفضح وتكشف
مكانة الطفولة في الإسلام
بعد أن أشرقت شمس الإسلام على العالم أصبح الطفل من منطلق مبادئ الإسلام السامية صاحب حقوق، بعد أن كان قبل ذلك قد حرم من أبسط حقوقه، فالإسلام حين أتى حمل وأقر حق الطفل في الحياة، وكان هذا الحق – قبل الإسلام – موضع تساؤل.
قال تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم وقال جل شأنه \"قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم. والإسلام لم يقف عند هذا الحد بل نظر إلى الأطفال على أنهم عدة الحياة في المستقبل،
فإذا انتقلوا إلى السن التي تؤهلهم للتربية والتأديب أوجب على الوالدين أخذهم بالتربية السليمة والأدب الحسن، وتعويدهم الفضائل وتوجيههم إلى الخلق السليم الكريم حتى يشبوا من نعومة أظافرهم لبنات صالحة خلقا وأدبا وتربية، لكي يسيروا بسفينة الحياة في خضم المستقبل نحو شاطئ الأمان والاستقرار والسعادة. فاهتمام الإسلام بالأطفال ظاهر وواضح عبر آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة،
كما أن اهتمام الإسلام بالأطفال والطفولة لقي درجات عالية من التأكيد والحرص ظهرت في اتجاهات العطف والحنو عليهم والمعاملة الطيبة والاهتمام بالفقراء في أن يتساووا في تعلمهم مع غيرهم.
وفيما يلي توضيح لبعض مظاهر اهتمام القرآن الكريم بالأطفال واهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالأطفال وكذا اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم: اهتمام القرآن الكريم بالأطفال: أهتم القرآن الكريم بالأطفال منذ بواكير الطفولة بالأطفال
فقد ذكر القرآن الكريم أن الله عز وجل حرم قتل الأولاد خشية الفقر كما حرم وأد البنات خشية العار وقد نفى القرآن الكريم ذلك صراحة فقال: \"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم\"وعن وأد البنات قال تعالى: "وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت\".
وقد حث القرآن الكريم الآباء على رعاية الأولاد والاهتمام بهم لأن في ذلك مثوبة لهم ودليل على عملهم لصالح الطيب قال تعالى: "ونكتب ما قدموا وأثارهم\"تشير هذه الآية إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يكتب للمرء أعماله فقط، بل يجزيه أيضا عن آثاره بعد موته إن خيرا فخير وإن شرا فشر ولما كان الأولاد من أعظم أثار المرء، لذلك فإنه تعالى يكتب لأبويهم ثواب ما يعطونه من حسنات دون أن ينقص من حسناتهم شيء كما يكتب لأبويهم سيئاتهم إذا أهملوا في تربيتهم. وقال جل ذكره: "يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نار …. ". "عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قال في قوله عز وجل " قوا أنفسكم وأهليكم نار،
قال: علموا أنفسكم وأهلكم الخير" قال الفخر الرازي في التفسير "قوا أنفسكم" أي بالانتهاء عما نهاكم الله عنه، وقال: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله، فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر، وقال في الكشاف: قوا أنفسكم" بترك المعاصي وفعل الطاعات، وأهليكم بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم.
وقال أيضا جل ذكره: والذين يقولون ربنا هب لنا أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وجعلنا للمتقين إماما فالمؤمنون الواعون حريصون – كما تشير هذه الآية الكريمة – على أن تكون ذرياتهم صالحة – لتكون قرة أعين لهم وزخراً في حياتهم وبعد حماتهم.
فما أشقى الذين يهملون تربية أبنائهم وبناتهم.
ولو أمعنا النظر في القرآن الكريم لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى قد جمع قواعد تربية الطفل في بضع آيات فلننظر إلى قوله تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي والديك إلى المصير إلى قوله تعالى وأقصد في مشيك وأخفض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير".
إن هذه الآيات تشتمل على القواعد التربوية الآتية، لتنشئة الطفل وتربيته التربية الفاضلة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى:
1-توحيد الله سبحانه وتنزيهه عن الشرك لأن الشرك ظلم عظيم.
2-شكر الله على نعمه باتباع أوامره واجتناب نواهيه.
3-شكر الوالدين: وعن ابن عبينة قال: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكرهما
. 4-عدم طاعة الوالدين في الشرك بالله والمعصية.
5-مصاحبة الوالدين بالحلم والاحتمال والبر والصبر.
6-إتباع سبيل المؤمنين في الدعوة إلى الدين.
7-الإيمان باليوم الآخر والرجوع إلى الله الذي يحاسب على كل عمل.
8-الاعتقاد بأن الله مطلع على كل شيء وكل عمل معهما كان صغيراً من خير أو شر، ومهما كان مجهولا أو خافيا عن الناس، وأن الله سيحاسب عليه يوم القيامة.
أي أن الله لا يضيع من عمل الإنسان شيئا، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".
9-التأكيد على إقامة الصلاة.
10-الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
11-الصبر على المحن.
12-عدم التكبر على الناس وعدم الإعراض عنهم ووجوب الإقبال عليهم تواضعا.
13-السلوك المتواضع في الحياة.
14-خفض الصوت عند الحديث.
15-الاعتدال في المشي حتى يكون مشيا بين مشيين.
"لو أمعنا النظر في هذه القواعد التربوية رأيناها شاملة لجميع الفضائل التي يحرص المربون على غرسها في نفس الطفل والتي تجعل منه إنسانا صالحا، أو تعده للحياة إعدادا مثاليا في عقيدته وسلوكه ومعاملته،
ومن ناحية أخرى إذا قارنا هذه القواعد التربوية بمبادئ التربية الحديثة في هذا العصر، التي توصل إليها كبار المربين والمفكرين الأجانب،
فإننا لا نجدهم قد أتوا بشيء جديد وأن القرآن الكريم قد سبقهم إلى ذلك منذ قرون. فالمبادئ الحديثة للتربية تشمل النواحي الآتية: -
1-الناحية الدينية.
2 – الناحية العاطفية والانفعالية.
3 – الناحية العقلية.
4-الناحية الجسمية
5 – الناحية الاجتماعية.
6 – الناحية الخلقية.
وهذه المبادئ موجودة بشكل ضمني في القواعد التربوية الأنفة الذكر، وإن دعاة التربية الحديثة لم يأتوا بجديد.
اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالأطفال: اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالأطفال وقد كان هذا الاهتمام قبل مولد الطفل وحين يولد يسر ويستبشر بمولده ابتهاجا بالطفولة وتعليما لأمته ليكون في نفوسهم هذا الشعور بمحبة الطفل والعطف عليه وإظهار الحنان نحوه.
وقد روى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: لما ولد الحسن رضى الله عنه سميته، حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: \"أروني ابني ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: "بل هو حسن\" فلما ولد الحسين رضى الله عنه سميته حربا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أروني ما سميتموه؟ قلنا حربا،
فقال بل هو حسين" فلما ولد الثالث سميته حربا، فقال: بل هو محسن ثم قال إني سميتهم بأسماء ولد هارون "بشر وبشير ومبشر. تخريج من البخاري. كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم أولادهم منذ ولادتهم ليضع في أفواههم بيده الكريمة شيئا من الطعام أو الماء أو الثمر.
التماساً للبركة.
الرسول صلى الله عليه وسلم عبر عن رحمته بالأطفال وشعوره الخاص نحوهم بطرق مختلفة فكان تارة يقبلهم، وتارة يسلم عليهم ويلاطفهم في الحديث، ويضمهم إليه إذا كانوا من أبنائه أو أبناء بناته، وإذا كانوا صغارا في أيام ولادتهم الأولى يتناولهم بيديه الكريمتين ويجلسهم في حجره،
ويدعو لهم ويمسح على رؤوسهم، ويضع في أفواههم شيئا من الثمر بعد مضغه، وأحيانا يناديهم بعبارات محببة إلى نفوسهم يسرون منها ويضحكون وغير ذلك من الأساليب التي تدخل البهجة على الأطفال وتنقلهم إلى جو من المرح والسعادة يكون له أعظ الأثر في حياتهم. وفيما يلي طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدور حول هذه النقاط:
* روى البخاري عن أبى قتادة الحارث بن ريعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأقوم إلى الصلاة وأريد أن أطول فيها وأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه.
في هذا الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حتى ولو كان في الصلاة لا يريد أن يشغل أم الطفل عن ابنها عندما تكون متقيدة به في الصلاة ويبكى طفلها بسبب جوع أو ألم، وتسمع الأم بكاءه وهى في الصلاة تتألم ولكنها لا تستطيع ترك الصلاة حتى تنتهي فيشق ذلك عليها وهنا يتدخل نبي الله ويعلمه ربه الحكمة فيتجور في صلاته ويعطى الفرصة للأم لتستجيب لنداء طفلها، ويزول ما بها من قلق ومشقة،
وصدق الله تعالى حيث يقول \"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
* روى البخاري في الأدب المفرد عن معاوية بن أبى مزرد عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمع أذنا، هاتان وبصر عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيديه جميعا بكفى الحسن أو الحسين صلوات الله عليهما، وقدميه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرقه" قال فرقي الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افتح فاك" ثم قبله ثم قال: "اللهم أحبه فإلى أحبه ".
* وفى الأدب المفرد أيضا، عن يعلى بن مرة أنه قال "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعينا إلى طعام، فإذا حسين يلعب في الطريق فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه، فجعل الغلام يفر هاهنا وهاهنا ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فجعل يديه في ذقنه والأخرى في رأسه ثم أعتقه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم \"حسين منى وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا، الحسين سبط من الأسباط.
في هذين الحديثين يرسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم صورة رائعة لمعاملة الطفل وإدخال السرور على نفسه والنزول إلى مستواه، ومعاملته بالطريقة التي يألفها ويحبها والدخول إلى العالم الذي يحيا فيه ومشاركته لخيالاته وأحلامه وانفعالاته،
فيسر الطفل بذلك أيما سرور، وبهذا تضاف الكلمات التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم، والحركات التي قام بها ثبات إلى مرح التربية الإسلامية التي وضع هو نفسه أسس ذلك المرح بوحي من الله سبحانه وتعالى وتوجيهه.
* وأورد ابن سعد في باب "ذكر من محاسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قال: أخبرنا ثابت وأبو عمران الجوني عن أنس ابن مالك: يعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجه فرأينا صبيانا فقعدت معهم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان".
* روى عن عمر بن أبى سلمة رضى الله عنه ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \"كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم \"يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك \" فمازالت تلك طمعتى بعد\".
* وفى حديثه صلى الله عليه وسلم \"التراب ربيع الصبيان\" تبدو لنا وثيقة تربوية رائعة يصدرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل عن طريق اللعب بالتراب حيث أقر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الوثيقة حقيقة تعليمية معاصرة في سيكولوجية التعلم فى مرحلة رياض الأطفال،
حيث لا تخلو روضة من رياض الأطفال من أحواض الرمال داخل الفصول أو في الفناء وقيمة هذا الحديث الشريف تظهر وتتضح حين نعلم أن أغلب مفاهيم الأطفال تكون وتفرز من لوحة من الرمل واللعب فيها.
وخلاصة القول في هذا المجال أن الرسول صلى الله عليه وسلم اهتم بالطفولة وبالأطفال وأكد صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالقول وبالفعل وفى كل مناسبة كان يرسم لنا القدوة التي نسير خلفها في الحفاظ على كيان مستقبل الأمة والذي يظهر في أبهى صورة في هذه الطفولة الزاهرة. اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بالأطفال:
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة والعظة والسراج المنير الذي يهتدي به الصحابة رضوان الله عليهم في سكناتهم وحركاتهم وذلك من منطلق قوله تعالى: \"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر.
وقوله جل ذكره: وما أتاكم الرسول فخذوه ومن نهاكم عنه فانتهوا ". وقد وعى الصحابة رضوان الله عليهم أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الأطفال والرفق والرحمة واللين والعطف عليهم وتقديره صلى الله عليه وسلم لدورهم في المستقبل،
فاتبعوا سنته وسلكوا سبيله في معاملة الأطفال وتربيتهم.
ولما توفى الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه الناس ولم يحرموا الصبيان في ذلك اليوم من ذلك الشوق العظيم فجعلوا لهم قسطا من ذلك، وأتاحوا لهم الفرصة لإلقاء نظرة على جثمان نبيهم المسجى أمامهم، وفاء منهم لرعايته إياهم وتوجيهه لهم وتحمله الأذى في سبيلهم.
روى الوافدي في المغازي عن ابن سعد قال: أول من صلى عليه، يعنى النبي صلى الله عليه وسلم العباس ابن عبد المطلب وبنو هاشم ثم خرجوا ثم دخل المهاجرون والأنصار ثم الناس رققا ، فلما انقضى الناس دخل عليه الصبيان صفوفا ثم الناس .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصى أصحابه بالرفق واللين بالصغار وكانوا رضوان الله عليهم يمتثلون لأوامره وتوجيهاته فقد روى عن أبى أمامه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلامان فوهب أحدهما لعلى صلوات الله عليه، وقال \"لا تضربه\" فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة وأنى رأيته يصلى منذ أقبلنا" وأعطى أباذر غلامه وقال: "استوصي به معروفا \" فأعتقه، فقال: ما فعل، قال: أمرتني أن أستوصى به خيرا فأعتقته". وعن أبى مسعود قال: كنت أضرب غلاما لي،
فسمعت صوتا من خلفي " اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه\" فالتفتت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله فهو حر لوجه الله فقال: أما والله لو تفعل لمستك النار أو للفحتك النار\".
وفى حوار سيدنا عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه ما يوحى بأنه كان حريصا على أن يقدم الآباء القدوة الحسنة والعظة للأبناء وذلك بالحرص عليهم وعلى التربية الصالحة التي ينشئون فيها فقد \"جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه يشكو عقوق ولده فأحضر عمر الابن لينبهه إلى ضرورة طاعة والده،
فقال الابن: أليس للولد على أبيه حق يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: بلى. للولد على أبيه أن ينتقى أمه، ويحسن اسمه ويعلمه القرآن.
فقال الولد: فإنه لم يفعل شيئا من ذلك … فأمي رنجية كانت لمجوسي وسمانى جعرانا ولم يعلمني من القرآن حرفا.
فالتقت عمر إلى الأب قائلا: أجئت تشكو عقوق أبنك وأنت عققته قبل أن يفعل وأسأت إليه قبل أن يسئ إليك.
وخلاصة القول أن الأطفال قد نالوا مكانة كبيرة في الإسلام وتجلت هذه المكانة من عناية القرآن بالأطفال والحفاظ عليهم، والدعوة بين الحين والأخر للحفاظ عليهم، والقرآن الكريم حين يفعل ذلك يحاول أن يضع اللبنات الأولى القوية، لبناء مجتمع مسلم قوى قائم على أسس ومبادئ ترعى أول ما ترعى وتحافظ أول ما تحافظ على البذور التي سوف تثمر فيما بعد مكونة شعرة إسلامية وأرقة الظلال،
والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن بمنأى عن هذا الاهتمام وهذه الرعاية، فقد تعهد صلى الله عليه وسلم الطفولة وأخذ بيدها بكل رفق ولين، وسار الصحابة رضوان الله عليهم خلف الرسول صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بالأطفال ورعايتهم والحفاظ عليهم من أجل خير الأمة التي هي خير أمة. لذلك نج القرآن الكريم الذي فيه صلاحنا وقلاحنا يذكر الله تعالى فيه قصصاً تربوية نافعة، كقصة لقمان الحكيم وهو يوصي ولده بوصايا نافعة مهمة،
طفولة العظماء: رأت الأم أبناءها منبهرين بشخصيات الرسوم المتحركة والمجلات والأفلام الغربية من الأبطال،
فعز عليها ذلك وقالت لهم:" إن هؤلاء أبطال غير حقيقيين فهل أحدثكم عن أبطال حقيقيين؟" فكانت إجابتهم بالفعل هي الإيجاب فظلت تحكي لهم كل يوم قصة قبل النوم من قصص أبطال المسلمين من الأطفال أمثال: "علي بن أبي طالب" الذي نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة وهو ابن عشر سنين.
و "الحسن" و"الحسين" الذين رأيا شيخا يتوضأ –وكانا غلامين-فلم يريدا جرح مشاعره بأن يقولا له أنه لا يحسن الوضوء، فقالا له: يا عماه لقد اختلفت وأخي فيمن يحسن الوضوء منا فهلا حكمت بيننا؟ وأرياه كيف الوضوء الصحيح.
و"عبد الله بن الزبير" الذي عُرف عنه منذ صغره قوة في الحق وصراحة في الكلمة يعترف إذا أخطأ ويتحمل الجزاء إذا دعا الأمر وقد كان يوما يلعب مع الصبية-وهو لا يزال صبي-وإذا بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يمر بهم ففروا من أمامه-لأنه كان يسألهم عن صلاتهم فإذا كانوا قد أدوها تركهم وإذا لم يؤدوها أمرهم بأدائها-أما "عبد الله" فوقف مكانه، فلما سأله "عمر" عن عدم فراره معهم قال:" لَم أرتكب ذنباً فأخافك،
وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك"، فسأله:" هل أديت فرضك؟" قال " نعم يا أمير المؤمنين وتلاوة ما عليَّ من قرآن وحديث وأنا الآن أروِّح عن نفسي فقال له:" جزاك الله خيرا يا ولدي". و"أسامة بن زيد" الذي علم أن رسول الله صلى الله عليه سلم يتجهز للغزو فأصر – وهو بعد لم يتجاوز العاشرة من عمره-على أن يكون له دور فذهب يعرض نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن الرسول الكريم أجابه بأنه ما يزال صغيرا لم يُفرض عليه القتال، فعاد باكيا ولكنه عاود الكرة مرة ثانية وثالثة،
وفي الثالثة طلب منه أن يطيِّب الجرحى من المقاتلين ففرح فرحاً شديدا ولما كبر أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى أسامة قيادة أحد جيوش المسلمين، فتم ذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
و"معاذ" ومعوذ" الغلامان الذين نالا شرف قتل "أبي جهل" رأس الكفر الذي طالما آذى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال لهما: "يكما قتله؟"،
فقال كل منهما:" أنا قتلته" فقال لهما:" هل مسحتما سيفيكما؟" قالا: "لا" فنظر صلى الله عليه وسلم في السيفين وقال:" كِلاكما قتله"!!! و"أسماء بنت أبي بكر" التي تشرفت -دون الخلق-بحمل الطعام والشراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في مخبأهما أثناء الهجرة والدفاع عنهما بشجاعة وصلابة أمام أبي جهل الذي لطمها على خدها لطمة أطاحت قرطها.
وأروى بنت الحارث التي قادت كتيبة من النساء وقد عقدت لواءً من خمارها كخدعة حربية ففعلت من معها من النساء مثلها واندفعت بالكتيبة إلى حيث كان المسلمون يواجهون عدوهم في "ميسان"،
فلما رأى الأعداء الرايات مقبلات عن بعد ظنوا أن مدداً للمسلمين في الطريق إلى أرض المعركة، ففروا مولين الأدبار، وتبعهم المسلمون يطاردونهم حتى قتلوا منهم أعدادا ًكبيرة. ((*في التعرف على الدين:
لما اقترب أولادي من سن المراهقة استأذنتهم في أن أضع بعضاً من كتبي في مكتبتهم الخاصة بغرفتهم لأن مكتبتي مكتظة فلم يعترضوا.
فاخترت مجموعة من الكتب مثل :( رأيت الله للدكتور مصطفى محمود، ورياض الصالحين للإمام النووي، وحياة الصحابة للكاندهلوي، وفقه السيرة، والمهذَّب من إحياء علوم الدين للإمام محمد الغزالي، ومنهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير القرآن للشيخ الشعراوي رحمه الله، والحلال والحرام في الإسلام، والإيمان والحياة للدكتور يوسف القرضاوي، ولا تحزن لعائض القرني،
وعلو الهمة لمحمد أحمد المقدم، وبدائع القصص النبوي الصحيح لمحمد بن جميل زينوا) ولم أتحدث معهم عنها على الإطلاق بل كنت أراقب الموقف من بعيد ...وما هي إلا أسابيع حتى امتدت أيديهم الغضة إلى تلك الكتب واحداً تلو الآخر وأصبحوا-بحمد الله تعالى -يستفسرون عن بعض ما يقرؤونه ويناقشونني فيه
في الترغيب في الزكاة من خلال الصدقة:
قامت الأم بتخصيص صندوق كبير يضع فيه أفراد الأسرة ما زاد عن حاجتهم، أو ما يريدون التصدق به ويتركونه حتى يمتلئ فيقومون بترتيب الأغراض ووضعها بشكل لائق ثم ترسلها الأم مع طفليها إلى المسجد القريب من المنزل الذي ينفقها على مستحقيها؛
وكانت توضح دائماً أن الله يعطي كل منفق خلفا، وأنه يعطيه أفضل مما تصدق به في الدنيا والآخرة.
. وذات يوم وضع طفلها حذاءه الرياضي القديم في صندوق الصدقة دون أن يخبر أمه ولما عاد أبوه وجدته الأم يقول لها وهو يكاد يطير فرحا:" أنظري يا أمي لقد رزقني الله بحذاء رياضي جديد أفضل من الذي تصدقت به حتى قبل أن يصل إلى المسجد؛ أرسله لي صديق أبي الذي عاد من السفر!!!"
في الترغيب في الحج من خلال العمرة:
لم يتيسر الذهاب للمصيف قبل العمرة وكان الأولاد يتوقون إليه ولكنهم لما عادوا من العمرة لم يطلبوا الذهاب للمصيف واكتفوا بمزاولة رياضة كل منهم المفضلة، حتى انتهت العطلة الصيفية!!!ثم صاروا يسألون في العطلة التالية عن موعد الذهاب العمرة ويقولون: "نفضلها على المصيف"!!والعجيب أن الأم فوجئت بأصغر أولادها (سبع سنوات) تسأل عن الحج قائلة: لقد جربنا العمرة وأريد أن أجرب الحج، متى نحج يا أمي؟!!!وختاماً،
فإن الحديث في هذا الموضوع لا يكتمل إلا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع حارثة رضي الله عنه -وكان لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره-، يروي حارثة أنه صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: ((يا حارثة، كيف أصبحت؟
قال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال له المصطفى: "وما حقيقة إيمانك؟" قال:" أصبحت أرى عرش ربي بارزا، وأصبحت أرى أهل الجنة وهم يتزاورون، وأهل النار وهم يتعاونون(يصطرخون) فقال له: عرفتَ فالزم!!))
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرس في نفس ابن عمه عبد الله بن عباس عقيدة التوحيد منذ الصغر، وسيجد القارئ هذا كله، مع غيرها من واجب الآباء نحو الأبناء، وكذلك واجب الأبناء نحو الأبوين. فضل الصلوات والتحذير من تركها:
1-قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}
2-وقال الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}
3-وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (غافلون عنها يؤخرونها وقتها بدون عذر).
4-وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
5-وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.
6-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء، قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)
7-وقال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
8-وقال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة).
تعلم الوضوء والصلاة:
الوضوء: شمر على يديك إلى المرفقين، وقل -بسم الله -
1-أغسل كفيك وتمضمض، واستنشق ثلاث مرات.
2-أغسل وجهك -ثلاثاً -.
3-أغسل يديك إلى المرفقين، (اليمنى فاليسرى) -ثلاثاً -.
4-أمسح رأسك كله مع الأذنين.
5-أغسل رجليك إلى الكعبين (اليمنى فاليسرى) -ثلاثاً -.
التيمم: إذا تعذر عليك الماء فامسح وجهك وكفيك بالتراب بدلاً عن الوضوء للصلاة.
ويكون تعذر استعمال الماء إما لخوف الضرر من استعماله، أو لعدم وجود الماء، أو قلته عند مسافر هو بحاجة إليه.
صلاة الصبح:
الصلاة: فرض الصبح ركعتان -النية محلها القلب -.
1-استقبل القبلة وأرفع يديك إلى أذنيك، وقل (الله أكبر).
2-ضع يدك اليمنى على اليسرى على صدرك، وأقرأ: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمـك وتعالى جدك، ولا إله غيرك) -ويجوز قراءة غيرها مما ورد في السنة -.
الركعة الأولى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم (سراً).
{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ * غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}.
بسم الله الرحمن الرحيم - {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} - أو غيرها من السور - .
1-أرفع يديك، وكبر، وأركع، وضع يديك على ركبتيك، وقل (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً.
2-أرفع رأسك ويديك وقل: (سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد).
3-كبر وأسجد وضع كفيك، وركبتيك، وجبهتيك، وأنفك وأصابع رجليك على الأرض تجاه القبلة وقل: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً.
4-أربع رأسك من السجود، وكبر، وضع يديك على ركبتيك وقل: (رب أغفر لي وأرحمني وأهدني وعافني وأرزقني).
5-أسجد على الأرض ثانية، وكبر، وقل: (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً.
الركعة الثانية:
1-أنهض إلى الركعة الثانية، وتعوض، وسم وأقرأ سورة الفاتحة وسورة قصيرة، أو ما تيسر من القرآن
2-اركع وأسجد كما تعلمت، وأجلس بعد السجود الثاني وأقبض أصابع كفيك اليمنى وأرفع السبابة اليمنى وأقرأ: (التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
* أشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله * اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم * إنك حميد مجيد)
3-اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسح الدجال
4-التفت يميناً ويساراً وقل في كل مرة: (السلام عليكم ورحمة الله).
من أحكام الصلاة:
1-السنة القبلية: تصلي قبل الفرض والسنة البعدية بعده.
2-تمهل وانظر مكان سجودك ولا تلتفت.
3-إقرأ إذا لم تسمع الإمام، واقرأ الفاتحة في الجهرية في سكناته.
4-فرض الجمعة ركعتان، ولا تجوز إلا في المسجد بعد الخطبة.
5-فرض المغرب ثلاث: صل ركعتين كما صليت الصبح، وعند الانتهاء من قراءة التحيات كلها لا تسلم وقم إلى الركعة الثالثة رافعاً يديك إلى كتفيك مكبراً، واقرأ الفاتحة فقط، وتمم صلاتك كما تعلمت في الصبح، ثم سلم يميناً ويساراً وقل: (السلام عليكم ورحمة الله).
6-فرض الظهر والعصر والعشاء أربع: افعل ما فعلته في صلاة الصبح، وبعد أن تقرأ التحيات لله .... الخ لا تسلم وقم إلى الركعة الثالثة، ثم الرابعة واقرأ الفاتحة، وتمم صلاتك ثم سلم يميناً ويساراً.
7-الوتر ثلاث: صل ركعتين وسلم، ثم صل ركعة منفردة، وسلم، والأفضل أن تدعو بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الركوع أو بعده: (اللهم أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضى ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من والي ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت) .
8-قف وكبر إذا اقتديت مع الإمام ولو كان راكعاً، ثم تابعه، وتحسب لك ركعة إن لحقته في الركوع، والا فلا تحسب.
9- إذا فاتتك ركعة أو أكثر مع الإمام فتابعه إلى آخر الصلاة ولا تسلم مع الإمام، وقم إلى صلاة الركعات الباقية.
10- احذر السرعة في الصلاة فإنها مبطلة لها ، فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً يسرع في صلاته فقال له : ( ارجع فصل فإنك لم تصل) فقال له في الثالثة : علمني يا رسول الله ، فقال : ( أركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم أرفع حتى تستوي قائماً ، ثم أسجد حتى تضمئن ساجداً ، ثم أرفع حتى تضمئن جالساً ) .
11- إذا فاتك واجب من واجبات الصلاة ، فتركت القعود الأول مثلاً ، أو شككت في عدد الركعات ، فخذ بالأقل وأسجد سجدتين في آخر الصلاة وسلم ، وهذا يسمى سجود السهو .
12- لا تكثر الحركة في الصلاة ، فهي منافية للخشوع ، وربما سببت فساد الصلاة إذا كانت كثيرة وغير ضرورية .
13- وقت صلاة العشاء ينتهي عند منتصف الليل الساعة فلا يجوز تأخيرها إلا لضرورة . وأما صلاة الوتر فوقتها إلى طلوع الفجر .
من أحاديث الصلاة :
1- صلوا كما رأيتموني أصلي
2- إذا دخل أحدكم المسجد فيركع ركعتين قبل أن يجلس ( وتسمى تحية المسجد) .
3- لا تجلسوا على القبول ، ولا تصلوا إليها .
4- إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتبة .
5- أمرت أن لا أكف ثوباً ( النهي عن الصلاة وكمه مشمر أو ثوبه) .
6- أقيموا صفوفكم وتراصوا ، قال أنس وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه ، وقدمه بقدمه .
7- إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وأنتم تمشون ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا .
8- إذا سجدت فضع كفيك ، وأرفع مرفقيك .
9- إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع والسجود .
10-أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله .
وجوب صلاة الجمعة والجماعة :
صلاة الجمعة والجماعة واجبة على الرجال للأدلة الآتية :-
1- قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} .
2- وقال صلى الله عليه وسلم : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم) .
3- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من سمع النداء ، فلم يأته ، فلا صلاة له إلا من عذر ) ( الخوف أو المرض) .
4- أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ، فقال يا رسول الله ، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له ، فرخص له ، فلما ولىّ دعاه فقال هل تسمع النداء (بالصلاة) قال نعم ، قال فأجب) .
5- وقال صلى الله عليه وسلم : (من اغتسل ، ثم أتى الجمعة ، فصلى ما قدر له ، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ، وفضل ثلاثة أيام) .
6- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من ترك ثلاث جمع تهاناً بها ، طبع الله على قلبه) .
كيف أصلى الجمعة مع آدابها :
1- اغتسل يوم الجمعة ، وأقلم أظافري ، وأتطيب وألبس ثياباً نظيفة ، بعد الوضوء .
2- لا آكل ثوماً أو بصلاً نيئاً ، ولا أشرب دخاناً ، وأنظف فمي بالسواك أو المعجون .
3- أصلي ركعتين عند الدخول إلى المسجد ، ولو كان الخطيب على المنبر امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا حيث قال : ( إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب ، فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) - أي يخففهما - .
4- أجلس لسماع الخطبة من الإمام ولا أتكلم .
5- أصلي مع الإمام ركعتين فرض الجمعة مقتدياً (النية بالقلب) .
6- أصلي أربع ركعات سنة الجمعة البعدية ، أو ركعتين في البيت ، وهو الأفضل .
7- الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة .
8- تحري الدعاء يوم الجمعة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه) .
هل الدخان حرام ؟
لم يكن الدخان موجود في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولقد جاء الإسلام بأصول عامة تحرم كل ضار بالجسـم ، أو مؤذ للجار ، أو متلف للمال ، وإليك الأدلة الآتية على حكم الدخان :-
1- قال الله تعالى : {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}
(والدخان من الخبائث ، كريه الرائحة) .
2- وقال تعالى : {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} .
(والدخان يوقع في الأمراض المهلكة كالسرطان والسل وغيرها) .
3- وقال تعالى : {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } .
(والدخان قتل بطئ للنفس) .
4- وقال تعالى عن ضرر الخمر : {وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} .
(والدخان ضرره أكبر من نفعه ، بل كله ضرر) .
5- وقال تعالى : {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} .
(والدخان تبذير واسراف من عمل الشيطان ) .
6- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار) .
(والدخان يضر شاربه ، ويؤذي جاره ويتلف ماله ) .
7- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وكره الله لكم إضاعة المال) .
(والدخان ضياع لمال شاربه يكرهه الله) . والكراهية : تعني التحريم في الكتاب والسنة عن السلف)
8- وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين) .
(أي كل المسلمين يعفى عنهم إلا المجاهرين بالمعاصي كالمدخنين ، لأنهم يشربونه علاناً ، ويشجعون غيرهم على فعل هذا المنكر) .
9- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) . (والدخان يؤذي برائحته زوجته وأولاده وجيرانه ، لا سيما الملائكة والمصلين) .
إعفاء اللحية واجب :
1- قال الله تعالى : {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ} .
( وحلق اللحية تغير لخلق الله وطاعة للشيطان) .
2- وقال صلى الله عليه وسلم : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس) .
(أي قصوا ما طال عن الشفة من الشارب ، وأعفوا اللحية مخالفة للكفار)
3-وقال صلى الله عليه وسلم : ( عشر من الفطرة ، قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظافر ....)
(وإعفاء اللحية من خلق الله يحرم حلقها) .
4- لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء) .
(وحلق اللحية تشبه بالنساء ، معرض للطرد من رحمة الله) .
5- وقال صلى الله عليه وسلم : ( لكني أمرني ربي عز وجل أن أعفي لحيتي وأن أقص شاربي) . ( وإعفاء اللحية أمر من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو واجب) .
بر الوالدين :
إذا أردت النجاح في الدنيا والآخرة فاعمل بالوصايا الآتية :-
1- خاطب والديك بأدب ولا تقل لهما أف ، ولا تنهرهما ، وقل لهما قولاً كريماً .
2- أطع والديك دائماً في غير معصية ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
3- تلطف بوالديك ولا تعبس بوجههما ، ولا تحدق النظر اليهما غاضباً .
4- حافظ على سمعة والديك وشرفهما ومالهما ، ولا تأخذ شيئاً بدون إذنهما
5- أعمال ما يسرهما ولو من غير أمرهما كالخدمة وشراء اللوازم ، والاجتهاد في طلب العلم .
6- شاورهما في أعمالك كلها واعتذر لهما إذا اضطررت للمخالفة .
7- أجب نداءهما مسرعاً بوجه مبتسم قائلاً : نعم يا أمي ويا أبي ، ولا تقل يا بابا ، ويا ماما ، فهي كلمات أجنبية .
8- أكرم صديقهما وأقرباءهما في حياتهما ، وبعد موتهما .
9- لا تجادلهما ولا تخطئهما وحاول بأدب أن تبين لهما الصواب .
10-لا تعاندهما ، ولا ترفع صوتك عليهما ، وأنصت لحديثهما وتأدب معهما ، ولا تزعج أحد إخوانك إكراماً لوالديك .
11-إنهض إلى والديك إذا دخلا عليك ، وقبل رأسهما .
12-ساعد أمك في البيت ، ولا تتأخر عن مساعدة أبيك في عمله .
13-لا تسافر إذا لم يأذنا لك ولو لأمر هام ، فإن اضطررت فاعتذر لهما ، ولا تقطع رسائلك عنهما .
14-لا تدخل عليهما بدون إذن لا سيما وقت نومهما وراحتهما .
15-إذا كنت مبتلى بالدخان فلا تدخن أمامهما .
16-لا تتناول طعاماً قبلهما ، وأكرمهما في الطعام والشراب .
17-لا تكذب عليهما ، ولا تلمهما إذا عملا عملاً لا يعجبك .
18-لا تفضل زوجتك ، أو ولدك عليهما ، وأطلب رضاهما قبل كل شئ فرضاء الله في رضاء الوالدين وسخطه في سخطهما .
19-لا تجلس في مكان أعلى منهما ، ولا تمد رجليك في حضرتهما متكبراً .
20-لا تتكبر في الانتساب إلى أبيك ولو كنت موظفاً كبيراً ، وأحذر أن تنكر معروفهما أو تؤذيهما ولو بكلمة .
21-لا تبخل بالنفقة على والديك حتى يشكواك ، فهذا عار عليك ، وسترى ذلك من أولادك ، فكما تدين تدان .
22-أكثر من زيارة والديك وتقديم الهدايا لهما ، وأشكرهما على تربيتك وتعبهما عليك ، واعتبر بأولادك وما تقاسيه معهم .
23-أحق الناس بالإكرام أمك ثم أبيك وأعلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات .
24-احذر عقوق الوالدين وغضبهما فتشقى في الدنيا والآخرة ، وسيعاملك أولادك بمثل ما تعامل به والديك .
25-إذا طلبت شيئاً من والديك فتلطف بهما وأشكرهما إن أعطياك ، وأعذرهما إن منعاك ، ولا تكثر طلباتك لئلا تزعجهما .
26-إذا أصبحت قادراً على كسب الرزق فاعمل ، وساعد والديك .
27-إن لوالديك عليك حقاً ، ولزوجتك عليك حقاً ، فأعط كل ذي حق حقه ، وحاول التوفيق بينهما إن اختلفا ، وقدم الهدايا للجانبين سراً .
28-إذا اختصم أبواك مع زوجتك فكن حكيماً وأفهم زوجتك أنك معها إن كان الحق بجانبها وأنك مضطر لترضيتهما .
29-إذا اختلفت مع أبويك في الزواج والطرق فاحتكموا إلى الشرع فهو خير عون لكم .
30-دعاء الوالدين مستجاب بالخير والشر ، فاحذر دعاءهما عليك بالشر .
31-تأدب مع الناس فمن سب الناس سبوه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من الكبائر شتم الرجل والديه ، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ) .
32) زر والديك في حياتهما وبعد موتهما ، وتصدق عنهما ، وأكثر من الدعاء لهما قائلاً : ( رب أغفر لي ولوالدي) ( رب أرحمهما كما ربياني صغيرا ) .
لغة الطفل في السنوات الخمس الأولى
أول ما يصدر من أصوات عن الطفل عند الولادة هو صرخة الولادة، وبطبيعة الحال ليست هذه الصرخة وما يصدر عن الوليد بعد ذلك بقليل من أصوات لغة أو كلاما، ولكنها بلا شك مفيدة للوليد، وخاصة من حيث هي تمارين في استعمال جهاز النطق عنده. ويبدأ الطفل استعمال اللغة كوسيلة للاتصال في ما بين اثني عشر شهرا وثمانية عشر شهرا من عمره،
وتتطور اللغة تطورا سريعا إلى درجة انه ما أن يبلغ الطفل أربع سنوات من العمر حتى يصبح قادرا على استعمال عشرة آلاف كلمة في اليوم الواحد، وعندما يبلغ الست سنوات من عمره تكون قد تشكلت لديه حصيلة كبيرة من المفردات تصل إلى 2500 كلمة مختلفة.
وبهذه السن يستطيع الطفل تشكيل جمل مختلفة الطول والتعقيد. وعندما يبدأ المدرسة يكون قادرا على التعبير عن حاجاته باستعمال لغة واضحة – هذا إذا أحسن التكيف مع أجواء المدرسة. وتوصل بعض المؤلفين إلى نمط معين تتطور لغة الطفل على أساسه إلى مرحلة تعلم القراءة والكتابة.
1 - يتعلم الطفل الإصغاء إلى اللغة المحكية ليميّز مقاطع الكلام ويربط الكلمات بالواقع المادي المحيط به.
2 – يتعلم الطفل استعمال الكلام للاتصال بالآخرين – يبدأ أولا بجمل مؤلفة من كلمة واحدة، ثم تزداد جمله تعقيدا.
3- يتعلم الطفل التمييز بين الرموز البصرية المختلفة من حروف وصور.
4- يتعلم الطفل الربط ما بين الكلمات المطبوعة والأجسام المادية والأفكار الأكثر تجريدية ويتعلم استعمال هذه الكلمات في جمل وفقرات قصيرة مفيدة.
5- يبدأ الطفل كتابة الكلمات، مع بعض التدريب في استعمال الرموز اللفظية في النصوص المقروءة. ويساعد التدريب على الخط والتهجئة في تعزيز الإقبال على الكتابة.
مشكلات لغوية عند دخول المدرسة: هذه المراحل التي أتينا على ذكرها هي مراحل عامة ولا تنطبق بحذافيرها على كل تلميذ وتلميذة.
ويجب أن يدرك المعلم أن تلاميذه الثلاثين هم في مراحل متفاوتة من التطور اللغوي، ويعانون من مشكلات لغوية مختلفة اختلافا بينا.
من هذه المشكلات: يعاني كثير من الأطفال من إحساس مربك بالخجل في الوضع الاجتماعي الجديد في المدرسة.
فالواحد منهم يعرف كيف يخاطب أمه أو أباه أو أخوته الكبار في البيت، ولكنه لا يعرف كيف يخاطب من هم في سنه في الصف أو المدرسة، وهم قادمون من أسر تختلف في مستوياها الاجتماعية والاقتصادية.
وقد يكون هذا واضحا في وضع تلميذ ذكي قادر على استعمال مفردات كثيرة بجمل أكثر تعقيدا مما يستعمله أطفال آخرون. فقد يغدو هذا التلميذ موضع سخرية من بقية التلاميذ. ويألف بعض الأطفال استعمال شكل خاص من اللغة في البيت يفهمه أفراد الأسرة ولا يفهمه معلم الصف في المدرسة، الأمر الذي يولد صعوبات في طريق تكيف هذا التلميذ مع جو المدرسة.
يضاف إلى ذلك أن بعض المفردات التي يستعملها الطفل في البيت للتعبير عن حاجاته الأساسية كالذهاب إلى المرحاض قد تسبب له الإحراج إذا استعملها في الصف، وهذا الإحراج يجعل عملية التكيف في المدرسة أكثر صعوبة.
ويواجه بعض الأطفال صعوبة في النطق الواضح السليم، وقد لا يكون هذا عقبة كبيرة في بداية السنة المدرسية، ولكن المعلم الحاذق يستطيع أن يلاحظ إن كان يمكن مساعدة الطفل بعرضه على مشرف لغوي متخصص في تقويم مشكلات النطق بتمارين خاصة وبعلاج فيزيائي.
ومن الممكن أن لا يفهم التلميذ اللغة التي يستعملها المعلم نظرا إلى أن الجو المدرسي يستدعي استعمال مفردات جديدة.
كما أن المدرسة قد تفرض على التلميذ نمطا جديدا من استعمال اللغة والنطق، وهذا يزيد من أعباء التكيف مع الظروف الجديدة.
وهنا يتعين على المعلم أن يعي أهمية تشجيع التلميذ على التعبير الحر وأن يعي المرحلة من التطور اللغوي التي يمر بها.
وقد تفرض المدرسة على التلميذ أن يبدأ في تعلم القراءة والكتابة في مرحلة أبكر مما يجب في السنة المدرسية الأولى.
ومن المعروف أن الكتابة والقراءة امتداد لقدرات لغوية مبكرة. يقول بعض المؤلفين إن التلميذ يستعمل بالمتوسط ثلاثين ألف كلمة في اليوم قبل دخول المدرسة، ولذلك فمن المتعذر عليه أن يقفز قفزة كبيرة ما بين الكلام الحر والقيام بمهام جديدة كل الجدة تضع قيودا على ما يستطيع أن يفعله.
عوامل التطور اللغوي: ويؤكد المؤلفون العلاقة بين التطور اللغوي للطفل ونموه العام في السنوات التي تسبق الالتحاق بالمدرسة.
ويحددون ثلاثة أنواع من العوامل: العامل البدني: يتعلم الطفل قبل سنوات المدرسة جملة من المهارات الحركية العامة التي يستعملها في النشاطات العضلية. ويتعلم التوافق العضلي عن طريق هذه النشاطات.
وهذه مرحلة يزداد فيها نشاط الطفل الحركي، الأمر الذي يستدعي أن توجه المدرسة اهتماما خاصا لبرنامج يهدف إلى تنظيم هذه النشاطات وربطها بالبرامج اللغوية. فالمدرسة ليست للجلوس فحسب، كما أن تلقي المعلومات قد يقيد تفكير الطفل وحركته. ويولي المعلم عناية خاصة لتطوير توافق العضلات الصغيرة كعضلات العينين والفكين واليدين المستعملة في الكلام والقراءة والكتابة.
العامل العقلي: يهتم تلاميذ هذه المرحلة بالأشخاص والأشياء المحيطة بهم بشكل مباشر، وبالتدريج يتعلمون الاهتمام بالأشخاص والأشياء التي تقع خارج بيئتهم المباشرة. ويجب أن تكون هذه الخبرات حقيقية ويجب أن ترتبط بالخبرات السابقة للأطفال حتى تصبح جزءا من حياة الطفل.
والأطفال في هذه المرحلة أطفال واقعيون، فعندما يروون قصة يهتمون اهتماما عظيما بكل تفصيل فيها. وعندما تتقدم بهم السن قليلا يصبحون أكثر انتقائية للتفصيلات في القصة. ولغة الأطفال في هذه المرحلة تركز على الواقع وهي لغة مباشرة ومحددة. وشيئا فشيئا تنتقل اللغة من المادي إلى المجرد.
ويهتم الأطفال حتى سن الخامسة أو السادسة بوصف الأشياء، في حين أنهم بعد السابعة يهتمون بالأسباب وراء حدوث الأشياء وكيفية حدوثها. العامل الاجتماعي: يبدأ الطفل في سن دخول المدرسة التخلي عن اللعب وحده، ويميل إلى الألعاب الأكثر تنظيما التي يشارك فيها عدد من الأطفال.
واللغة هنا مباشرة ومحددة، والجمل واضحة، والطفل هنا أكثر قدرة على المشاركة في المناقشة الجماعية. وفي أواخر هذه المرحلة يأخذ الأطفال بتقسيم أنفسهم إلى فئتين واضحتين: واحدة للبنات وواحدة للأولاد.
وكل فئة لها ما يميزها من الألعاب والاهتمامات. قصة رائعة مفيدة:
عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال:
(وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل (أحد والجوانية) فاطلعت ذات يوم، فإذا بالذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليّ،
قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فقال لها: أين الله؟ قالت في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة).
الإبداع ووسائل تنميته لدى الطفل
إن عملية التفكير : " هي استخدامنا لمعرفتنا السابقة في حل المشكلات التي تواجهنا وتسهيل حياتنا
بحيث تصبح أكثر راحة ورفاهية "
وتشمل عملية التفكير جانبين هامين :
1 ـ التفكير الناقد: وهو المنطق والقدرة على التحليل والربط والنقد
2 ـ التفكير الإبداعي: وهو القدرة على توليد الأفكار الجديدة والابتكار
والإبداع: "هو إنشاء الشيء على غير مثال أو إيجاده من العدم "
قال تعالى:" بديع السماوات والأرض "
وهو بالنسبة لنا: " إعمال العقل في عمليات عقلية متتالية لاستخدام المتوفر لدينا في البيئة المحيطة من إمكانات بشكل مختلف عما كانت تستخدم فيه من قبل لخلق شيء جديد كل الجدة يسمى ابتكاراً "
ولا شك أن من أهم أهداف التربية هو إنتاج أفراد مبادرين مبتكرين ومستكشفين ومبدعين
وهناك وسائل ومثيرات تساعد الطفل على تنمية التفكير الإبداعي منها:
1 ـ الصور والرسومات:
تعد الصور مصدراً أو مثيراً لتأمل الطفل وإطلاق العنان لتفكيره، فيجب على الوالدين عرض الصور
المختلفة على الطفل سواء ملونة ليتأملها ويتحدث عن تفاصيلها ومحتواها أو غير ملونة ليقوم هو بتلوينها بنفسه ثم يشرح ما يراه أمامه في الصورة وفي الخلفية وفي التفاصيل الدقيقة بحرية تامة ويلفت
الوالدين نظر الطفل للتفاصيل التي تخفى عليه والعلاقات والروابط بين مكونات الصورة كما يراها هو وكما يستطيع أن يعبر عنها هو ويستطردا معه في بيان المهمل من الصورة والذي لا يلفت الانتباه عامةً
ويحفزاه أن يتحدث عنه
2 ـ القصص والحكاوي :
تعد القصص والحكايات أحد المثيرات الفنية للتفكير الإبداعي فهي تستثير ذهن الطفل وتستحوذ على اهتمامه وانتباهه ولابد أن تكون القصص هادفة بحيث تدعو الطفل للإضافة إليها من أفكاره وتدعوه
للتفاعل مع شخوصها وأبطالها فيصبح مشاركاً فعالاً فيها معلقاً على الأحداث موضحاً وجهة نظره فيها
ناقداً لشخوصها
3 ـ جلسات توليد الأفكار:
وفيها يتيح الوالدان للطفل أن يتحدث عن نفسه وعن أفكاره ويقوم بذكر أكبر عدد من الأشياء التي
تستحوذ على اهتمامه وتفكيره ويستطرد في الحديث عن موضوعات مختلفة متفرقة وهما يشاركانه
الاهتمام بما يقول ولا يسخران من عرضه لأفكاره مهما كانت بسيطة أو متمحورة حول ذاته في الصغر
ولايقاطعانه إلا باستثارته ويجب أن يشعر الطفل باهتمام الوالدين لما يقول ويقوما بطرح أفكار جديدة
عليه مشاركة له فيما يطرح من أفكار
وتتضمن تلك الطريقة ما يلي:
1 ـ الاستماع إلى أكبر قدر ممكن من الأفكار
2 ـ الاحتفاظ بتعليقات على الأفكار المطروحة
3 ـ البناء على الأفكار المقترحة
4 ـ اختيار أفضل الأفكار
4 ـ الرسم:
يعد الرسم أحد الوسائل الفعالة التي تجعل من التفكير شيئاً ملموساً فيما لا يستطيع الطفل أن يعبر عنه شفهياً، كما أنه وسيلة للتعافي من الاضطراب النفسي سعياً للسواء النفسي للطفل بتفريعه للمكبوتات وقدرته على توليد الأفكار والتخلص مما يحزنه عن طريق الرسم، والرسوم في الاختبارات الإسقاطية
لها العديد من الأهداف وتعتبر وسيلة فعالة للتعبير عما يجول في ذهن الطفل
كما أن قيام الطفل بالرسم يجعله يعبر عما يفكر فيه فينمي طلاقته وقدرته على التعبير بوسائل متعددة
5 ـ إطلاق النكت والأحاجي:
النكتة والفزورة لهما دور أساسي في توسيع خيالات الأطفال وتصوراتهم، وهي تشكل مثيرات لدى الطفل للتخيل والقدرة على التعبير الشفهي والإبداع والطلاقة وتثير تعبيرات وجه الوالدين وحركاتهم وطريقة الإلقاء واللهجة والتمثيل للفزورة أو الأحجية أو النكتة مثيرات للطفل فيكتسب تلك المهارات
مما يؤدي إلى تنمية قدراته على الفهم والاستيعاب والطلاقة اللغوية والتعبير بقسمات الوجه كما تؤدي إلى تنمية قدرته على توليد أفكار وابتكارها والربط بين الأحداث، والفزورة تستثير ذهن الطفل وتحوز على اهتمامه وتعمل على تشغيل ملكاته الفكرية والعصف الذهني وصولاً للحل في وجود عاملي
التشويق والإثارة، والاهتمام
6 ـ الألعاب والتركيبات:
تعد الألعاب التي تتميز بالفك والتركيب ـ كالمكعبات مثلاً ـ من الأشياء الهامة جداً لتنمية قدرة الطفل
على الابتكار وتنمية التفكير الإبداعي لديه، فهو من خلال نفس القطع يستطيع بإعادة تشكيلها خلق أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل فتتوالد الأفكار وتكون تلك الألعاب محفزة له على الابتكار والإبداع
والتغيير المستمر للنمط السائد وهذا هو عين المطلوب من اللعبة التربوية الهادفة إعمال الذهن
وتنشيط القدرات الإبداعية لدى الطفل
7 ـ العوائق المصطنعة:
يقوم الوالدان باصطناع عوائق أمام حركة الطفل تعيقه عن ممارسة لعبته المفضلة أو الحصول على 3333مايريد فيستثار محاولاً إيجاد السبيل لإزالة ذلك العائق للحصول على بغيته ومن ثم يعمل عقله ويبتكر الوسيلة التي تخلصه منه ولابد أن يكون العائق الذي يضعه الوالدان مناسباً لعمر الطفل وقدراته العقلية
وأن لا يعجزه عن مواصلة نشاطه بالكلية حتى لا ينفجر في البكاء ويصرخ فيضيع منا تحقيق الهدف الذي نسعى إليه ويجب أن تتدرج تلك العوائق في الصعوبة شيئاً فشيئاً حتى تحقق الهدف من وضعها كل ما ذكر هي وسائل لتنمية القدرة على التفكير الإبداعي والابتكاري لدى الطفل في مراحله العمرية المختلفة
وهي وسائل تتوفر لأولياء الأمور على مختلف مستوياتهم المعرفية والتربوية ومن السهل أن تكون في متناول الطفل على المستويات الاقتصادية المختلفة لذويه حيث أن معظمها وسائل
(صككتها: ضربتها ولطمتها). (وفي السماء بمعنى: على السماء).
من فوائد الحديث:
1-كان الصحابة يرجعون عند أي مشكلة، ولو كانت صغيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلموا حكم الله فيها.
2-التحاكم إلى الله والرسول -عملاً بقول الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
3-إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم ضربه للجارية وتعظيمه لذلك الأمر.
4-العتق يكون للمؤمن لا للكافر: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم اختبرها ولما علم بإيمانها أمر بإعتاقها، ولو كانت كافرة لما أمر بعتقها.
5-وجوب السؤال عن التوحيد، ومنه علو الله على عرشه، ومعرفة ذلك واجب.
6-مشروعية السؤال باين الله، وأنه سنة حيث سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
7-مشروعية الجواب بأن الله في السماء (أي على السماء) لإقراره عليه الصلاة والسلام جواب الجارية ولموافقته الجواب للقرآن الذي يقول: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}.
(قال ابن عباس: هو الله). وفي السماء بمعنى: على السماء.
8-صحة الإيمان تكون بالشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
9-اعتقاد أن الله في السماء دليل على صحة الإيمان، وهو واجب على كل مؤمن.
10-الرد على خطأ من يقول إن الله فـي كل مكان بذاته، والحق أن الله معنا بعلمه لا بذاته.
11-طلب الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية ليختبرها دليل على أنه لا يعلم الغيب وهو إيمان الجارية، وهو رد على الصوفية القائلين بأنه يعلم الغيب.
لذلك أمر الله تعالى نبيه أن يقول للناس: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
نصائح نبوية للآباء والأبناء:
1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلم راع وكلم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته).
2-عن عبد الله بن مسعود قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم، قال: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي، قال: أن تزني بحليلة جارك)
3-وقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله وأعدلوا في أولادكم): أعدلوا بين أولادكم في الأموال، والعطايا، وفي كل شيء.
4-وقال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبوه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاً). أي يهودان المولود بعد أن خلق على الفطرة، تشبيهاً بالبهيمة التي جدعت بعد أن خلقت سليمة (جدعت البهيمة: قطعت أذنابها) (يمجسانه، يجعلانه مجوساً).
5-وقال صلى الله عليه وسلم: (من الكبائر أن يشتم الرجل والديه، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه).
6-جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك).
مسئولية الأبوين والمعلم:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}
الأم والأب والمعلم والمجتمع مسئولون أمام الله عن تربية هذا الجيل، فإن أحسنوا تربيته سعد وسعدوا في الدنيا والآخرة، وإن أهملوا تربيته شقي، وكان الوزر في عنقهم، ولهذا جاء في الحديث: (كلم راع، وكلكم مسئول عن رعيته).
فبشرى لك أيها المعلم بقول صلى الله عليه وسلم: (فوالله لا يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعيم).
وبشرى لكما أيها الأبوان بهذا الحديث الصحيح: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له). فليكن إصلاحك لنفسك أيها المربي قبل كل شيء، فالحسن عند الأولاد ما فعلت، والقبيح ما تركت، وإن حسن سلوك المعلم والأبوين أمام الأولاد أفضل تربية لهم.
واجب المربي والمعلم
1-تعليم الطفل النطق بـ (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) وافهامه معناها عندما يكبر: (لا معبود بحق إلا الله).
2-غرس محبة الله والايمان به في قلب الولد، لأن الله خالقنا ورازقنا ومغيثنا وحده لا شريك له.
3- تعليم الأولاد أن يسألوا الله ويستعينوا به وحده لقوله صلى الله عليه وسلم لابن عمله (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله).
التحذير من المحرمات:
1-تحذير الأولاد من الكفر والسب واللعن والكلام البذيء، وإفهامهم بلطف أن الكفر حرام بسبب الخسران ودخول النـار، وعلينا أن نحفظ ألسنتنا أمامهم لنكون قدوة حسنة لهم.
2-التحذير من الشرك بالله: ومنه دعاء غير الله من الأموات، وطلب المعونة منهم، فهم عباد لا يملكون ضراً ولا نفعاً، قال الله تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} -أي المشركين -.
3-تحذير الأولاد من الميسر بأنواعه كاليانصيب، والطاولة، وغيرها ولو كانت للتسلية، لأنها تجر إلى القمار، وتورث العداوة، وأنها خسارة لهم ولما لهم ولوقتهم، وضياع لصلواتهم.
4-منع الأولاد من قراءة المجلات الخليعة، والصور المكشوفة، والقصص البوليسية والجنسية، ومنعهم من مثل هذه الأفلام في السينما والتلفزيون لضررها على أخلاقهم ومستقبلهم
5-تحذير الولد من التدخين وإفهامه أن الأطباء أجمعوا على أنه يضر الجسم ويورث السرطان، وينخر الأسنان، كريه الرائحة، مضر للصدر ليست له فائدة فيحرم شربه وبيعه وينصح بأكل الفواكه والموالح عوضاً عنه
6-تعويد الأولاد الصدق قولاً وعملاً، بأن لا نكذب عليهم ولو مازحين، وإذا وعدناهم فلنوف بوعدنا، وفي الحديث: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان).
7-أن لا نطعم أولادنا المال الحرام كالرشوة والربا والسرقة ومنها الغش وهو سبب لشقائهم وتمردهم وعصيانهم.
8-عدم الدعاء على الأولاد بالهلاك والغضب لأن الدعاء يستجاب بالخير والشر، وربما يزيدهم ضلالاً، والأفضل أن نقول للولد، أصلحك الله.
تعليم الصلاة:
1-يجب تعليم الصبي والبنت الصلاة في الصغر ليلتزموها عند الكبر لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعاً، وأضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا، وفرقوا بينهم في المضاجع) والتعليم يكون بالوضوء والصلاة أمامهم ، والذهاب بهم إلى المسجد وترغيبهم بكتاب فيه كيفية الصلاة لتتعلم الأسرة كلها أحكام الصلاة ، وهذا مطلوب من المعلم والأبوين ، وكل تقصير سيسألهم الله عنه .
2-تعليم الأولاد القـرآن الكريم، فنبدأ بسورة الفاتحة والسور القصيرة وحفظ (التحيات لله ....) لأجل الصلاة، وأن نخصص لهم معلماً للتجويد وحفظ القرآن والحديث ...
3-تشجيع الأولاد على صلاة الجمعة والجماعة في المسجد وراء الرجاء، والتلطف في نصحنا لهم إن أخطأوا، فلا نزعجهم ولا نصرخ بهم، لئلا يتركوا الصلاة ونأثم بعد ذلك.
4-تعويد الأول الصوم منذ السابعة ليتعودوه عند البلوغ.
الستر والحجاب:
1-ترغيب البنت في الستر منذ الصغر لتلتزمه في الكبر، فلا نلبسها القصير من الثياب، ولا البنطال والقميص بمفردهما لأنه تشبه بالرجال والكفار، وسبب لفتنة الشباب والإغراء، وعلينا أن نأمرها بوضع منديل (غطاء) على رأسها منذ السابعة من عمرها، وبتغطية وجهها عند البلوغ، وباللباس الأسود الساتر الطويل الفضفاض الذي يحفظ شرفها،
وهذا القرآن ينادي المؤمنات جميعاً بالحجاب فيقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وينهى الله تعالى المؤمنات عن التبرج والسفور فيقول: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}
2-توصية الأولاد أن يلتزم كل جنس بلباسه الخاص ليتميز عن الجنس الآخر، وأن يبتعدوا عن لباس الأجانب وأزيائهم كالبنطال الضيق،
وغير ذلك من العادات الضارة، ففي الحديث الصحيح: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ولعن المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم).
في خطوات طفــل مطيع وبدون عقــاب
يعتبر وضع القواعد السلوكية للأطفال أهم مهام الأم وأصعبها في الوقت نفسه فسوف يقاوم الطفل كثيراً لكي يؤكد استقلاله وأنت أيتها الأم تحتاجين للصبر،
وأن تكرري حديثك مرة بعد مرة. وفي النهاية سوف يدفعه حبه لك، ورغبته في الحصول على رضاك إلى تقبل هذه القواعد. وسوف تكونين المرشد الداخلي الخاص به وضميره الذي سيوجهه خلال الحياة.
ولكن كيف نقنع الطفل بطاعة الأوامر واتباع قواعد السلوك التي وضعها الوالدان؟؟!!
تجيب الاستشارية النفسية "فيرى والاس" بمجموعة من الخطوات يمكن اتباعها مع الطفل:
1-انقلي إلى الطفل القواعد بشكل إيجابي:
ادفعي طفلك للسلوك الإيجابي من خلال جمل قصيرة وإيجابية وبها طلب محدد، فبدلاً من "كن جيدًا"، أو "أحسن سلوكك ولا ترمي الكتب"، قولي: "الكتب مكانها الرف".
2.اشرحي قواعدك واتبعيها:
إن إلقاء الأوامر طوال اليوم يعمل على توليد المقاومة عند الطفل، ولكن عندما تعطي الطفل سبباً منطقياً لتعاونه، فمن المحتمل أن يتعاون أكثر، فبدلاً من أن تقولي للطفل "اجمع ألعابك"، قولي: "يجب أن تعيد ألعابك مكانها، وإلا ستضيع الأجزاء، وإذا رفض الطفل فقولي: "هيا نجمعها معاً"، وبذلك تتحول المهمة إلى لعبة.
3.علقي على سلوكه، لا على شخصيته:
أكدي للطفل أن فعله، وليس هو، غير مقبول فقولي: "هذا فعل غير مقبول"، ولا تقولي مثلاً: "ماذا حدث لك؟"، أي لا تصفيه بالغباء، فهذا يجرح احترام الطفل لذاته، ويصبح نبوءة يتبعها الصغير لكي يحقق هذه الشخصية.
4.اعترفي برغبات طفلك:
من الطبيعي بالنسبة لطفلك أن يتمنى أن يملك كل لعبة في محل اللعب عندما تذهبون للتسوق، وبدلاً من زجره ووصفه بالطماع قولي له: "أنت تتمنى أن تحصل على كل اللعب، ولكن اختر لعبة الآن، وأخرى للمرة القادمة"، أو اتفقي معه قبل الخروج "مهما رأينا فلك طلب واحد أو لعبة واحدة"، وبذلك تتجنبين الكثير من المعارك، وتشعرين الطفل بأنك تحترمين رغبته وتشعرين به.
5.استمعي وافهمي:
عادة ما يكون لدى الأطفال سبب للشجار، فاستمعي لطفلك، فربما عنده سبب منطقي لعدم طاعة أوامرك فربما حذاؤه يؤلمه أو هناك شيء يضايقه.
6.حاولي الوصول إلى مشاعره:
إذا تعامل طفلك بسوء أدب، فحاولي أن تعرفي ما الشيء الذي يستجيب له الطفل بفعله هذا، هل رفضت السماح له باللعب على الحاسوب مثلاً؟ وجهي الحديث إلى مشاعره فقولي: "لقد رفضت أن أتركك تلعب على الحاسوب فغضبت وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت،
ولكن يمكنك أن تقول أنا غاضب"، وبهذا تفرقين بين الفعل والشعور، وتوجهين سلوكه بطريقة إيجابية وكوني قدوة، فقولي "أنا غاضبة من أختي، ولذلك سأتصل بها، ونتحدث لحل المشكلة".
7.تجنبي التهديد والرشوة:
إذا كنت تستخدمين التهديد باستمرار للحصول على الطاعة، فسيتعلم طفلك أن يتجاهلك حتى تهدديه. إن التهديدات التي تطلق في ثورة الغضب تكون غير إيجابية، ويتعلم الطفل مع الوقت ألا ينصت لك. كما أن رشوته تعلمه أيضاً ألا يطيعك، حتى يكون السعر ملائماً، فعندما تقولين "سوف أعطيك لعبة جديدة إذا نظفت غرفتك"، فسيطيعك من أجل اللعبة لا لكي يساعد أسرته أو يقوم بما عليه.
8-الدعم الإيجابي:
عندما يطيعك طفلك قبليه واحتضنيه أو امتدحي سلوكه "ممتاز، جزاك الله خيراً، عمل رائع"، وسوف يرغب في فعل ذلك ثانية. ويمكنك أيضاً أن تحدي من السلوكيات السلبية، عندما تقولين: "يعجبني أنك تتصرف كرجل كبير ولا تبكي كلما أردت شيئاً".
بعض الآباء يستخدمون الهدايا العينية، مثل نجمة لاصقة، عندما يريدون تشجيع أبنائهم لأداء مهمة معينة مثل حفظ القرآن، ويقومون بوضع لوحة، وفي كل مرة ينجح فيها توضع له نجمة، وبعد الحصول على خمس نجمات يمكن أن يختار الطفل لعبة تشترى له أو رحلة وهكذا. والأب والمعلم والمجتمع مسئولون أمام الله عن تربية هذا الجيل،
فإن أحسنوا تربيته سعد وسعدوا في الدنيا والآخرة. وإن أهملوا تربيته شقي. وكان الوزر في عنقهم. ولهذا جاء الحديث [كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته] فبشرى لك أيها المعلم بقوله صلى الله عليه وسلم [فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم]
وشرى لكما أيها الأبوان بهذا الحديث الصحيح [إذا مات الإنسان أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له]
العقلية المبدعة كيف ننميها في اطفالنا
يوجه المستشرقون والغرب عموما ومعهم العلمانيون في بلادنا انتقادات حادة إلى المسلمين بأنهم يربون أبناءهم على اتباع النصوص وحفظها ولا يربونهم على الابتكار فهم متبعون وليسوا مبدعين.
ترى هل العقلية الإسلامية فعلا عقلية غير مبدعة وغير مبتكرة؟
إنه لا إبداع دون اتباع لأن الأمر في هذه الحالة يتحول إلى فوضى … والفوضى لا يمكن أن تكون إبداعا على الإطلاق.
إن الفهم الصحيح للإبداع يعنى أن أفكر في الواقع الذي أعيشه وأن أستوعبه وأتفاعل معه وأنفعل به ثم أحاول تطويره. وهذا هو قمة الإبداع.
فالإبداع لا يأتي من فراغ وإنما يأتي من الواقع المعاش ومحاولة نقله من صورة إلى صورة مختلفة
00 وهذه الصورة المختلفة في الإسلام تكون في إطار عام هو إطار التوحيد والعبودية لله
وإذا نظرنا إلى القضية من هذه الزاوية فإننا نجد أن الإسلام هو السباق إلى هذا الإبداع العاقل المتزن الملتزم الذي يسعى لصالح الإنسان.
أما الذين يقولون بأن الحفظ ضد الإبداع فنحن نقول إنه لا إبداع دون مخزون يقوم عليه هذا الإبداع 00فلا إبداع من فراغ 00
وإنما يكون الإبداع بناء علي معطيات محفوظة يتم تقليدها والنظر إليها بنظرة نقدية واعية حصيفة فالإبداع لا يأتي من فراغ إلا في حالة الأطفال الذين في سن المهد أو إبداع المجانين فالذاكرة أساس على ألا تكون هذه الذاكرة ذاكرة ببغاء تقوم على ترديد ما حفظته دون وعي ودون فهم ودون نقد وكيف يتهم المسلمون بأنهم يحفظون ولا يبدعون رغم أن علم الحديث عندهم قام في البداية على حفظ مئات الألوف من الأحاديث ثم طبقوا بعد ذلك منهج التثبت والنقد والجرح حتى صار هذا العلم علوما متعددة شكل آلية متكاملة لأسس البحث العلمي وتمييز الحق من الباطل
وإذا كان الغربيون يتهموننا بأننا تقليديون وحفاظ فإننا نقول إن الأمريكيين أكثر الناس تقليدية 00 فلا يزال وليم جيمس الذي مات منذ قرنين مقدسا عندهم ويرددون كلامه وكذلك جون ديوي 00 فكل مفكر البرجماتية الأمريكية لا يزالون يعيشون في فكر كل أمريكي يعيش اليوم فالأمريكيون أكثر تقليدية
ولكنهم يقلدون النمط البرجماتي النفعي الذرائعي الذي هو دين الأمريكيين هذه النفعية الذرائعية تنظر إلى الأمور بمقياس قيمتها ومردودها المادي ،
أما نحن فتقليديون على مذهب نبذ الدنيا وليس هجرها، وإنما أن نجعل لها مثلا أعلى رفيعا نعيش له أو نموت على طريقه 0
الإسلام دين يدعو إلى التفكير وإعمال العقل ويدعو إلى الإبداع
والتعلم في الإسلام يتم في إطار هذا المثلث 00 وهذا التعليم يدفع المتعلم إلى الإبداع والاختراع والابتكار والنصوص الإسلامية كلها دعوة إلى التأمل والنظر واستخدام العقل وذم التقليد والمقلدين ودعوة إلى التعلم والتففه
وهي دعوة إلى التأويل والتفسير والتأويل في الإسلام متعددة الرؤى والنظرة نتيجة لاختلاف التفكير والفهم في الإطار الإسلامي.
إن تفسير النصوص في هذا الإطار وفي إطار أن الإنسان مسئول عن عمارة الكون وعبادة الله وأنه يجمع بين خيري الدنيا والآخرة هو الذي حكم المسلمين رغم اختلاف الزمان والمكان 00 فكيف يكون الإنسان المفكر الذي يعمل لدنياه وأخراه إنسانا آليا مبرمجا؟
إن لدينا تفسيرات مختلفة للقرآن عبر العصور وليست كلها نسخا متطابقة وإنما فهم متعدد للنصوص وإضافات تتفق مع سعادة ومستقبل الإنسانية 00فهل العقليات التي فعلت ذلك عقليات آلية ومبرمجة أم عقليات حية مبدعة؟
إن معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والخاص والعام والمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه وفهم الأحاديث النبوية التي هي بمثابة المذكرة التفسيرية للقرآن الكريم 00وربط هذه الأحاديث بالقرآن كل ذلك يشكل فهما وإبداعا ولا يستطيع العقل الجامد أن يقوم بهذه المهمة.
إن الإنسان مسئول عن تصرفاته وأفعاله أمام الله 00فكيف يكون هذا الإنسان المسئول المكلف إنسانا لا يفكر؟
إن الإسلام يدعونا إلى الاجتهاد وإعمال العقل 00ففي الحديث النبوي ((من اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر)) والمسلمون الذين تفوقوا في العلوم والآداب دليل على العقلية المسلمة وبراعتها في التفكير والتدبر أليست العمارة الإسلامية والهندسة الإسلامية وفن المعاملات التجارية تدل على تفكير عميق وإعمال كامل للعقل؟
أن الإسلام يدعو إلى تغيير الذهنية ويخاطب القوى المفكرة لا القوى الحافظة 00 كما أن حفظ المسلمين لكتاب الله وللأحاديث النبوية لا يتناقض أبدا مع قدرتهم على التفكير وإعمال العقل والنقد والربط بين النصوص والاستنباط أليست المذاهب الإسلامية الفقهية بما تحتويه من مناهج استنباط ومسائل رياضية كلها تفكير وفهم عميق وتدبر؟
العقل يتكون حسب الخصائص الشخصية والوسط الاجتماعي بينما أن الكثيرين من أئمة الإسلام المجددين كانوا دائما يحاربون التقليد الأعمى الذي هو تقليد المذاهب وتقليد المجتهدين بدون إعمال للنظر والعقل وبدون استقلالية في النظر وحتى العلماء المعاصرين المجددون كثيرا ما يوجهون الأنظار إلى عدم التقليد الأعمى
وهكذا فإن الإسلام كله مقاومة للتقليد الأعمى دون إعمال النظر والتدبر والعلماء المسلمون كثيرا ما انتقدوا الصوفية المبتدعة الذين يتبعون شيخا معينا ويقلدونه دون التبصر بحاله فهذا تقليد مذموم.
. وإذا كان الغرب ينتقد المسلمين ويصفهم بأنهم عقول متبعة للنصوص وليست عقولا مبتكرة فإن هذه المذمة موجودة لديهم في الغرب وليست بنت العقلية المسلمة فالمذاهب الكبرى في الغرب سواء كانت دينية أم دنيوية كلها قائمة على التقليد وعدم الابتكار والكنائس الأوروبية تخاطب أتباعها على أساس أنه عليهم السمع والطاعة والتنفيذ والخضوع
0 كما أن العلمانية والمذاهب العقلية الغربية حينما أسست أحزابا مثل الأحزاب الشيوعية فإنما أسستها على الطاعة العمياء للقائد الذي هو ملهم وعبقري وحتى البروتستانتية التي قامت على عدم التقليد فإنها ما لبثت أن عادت وبنت كنائسها على التقليد.
أن اتهام العقلية المسلمة بصفة خاصة بالتقليدية لأنها قائمة على اتباع النصوص اتهام غير صحيح فالأمر يعود إلى طبيعة الشخصية فقد يكون لدي الشخص قدرات عقلية جيدة ويسعى لتكوين رأي مستقل
00 وهذا الإنسان لن يكون مقلدا سواء كان مسلما أو غير مسلم أما إذا كان الشخص متواضع القدرات الفكرية فسوف يكون مقلدا حتى ولو كان علمانيا أو شيوعيا أو ملحدا 0 كما أن قضية التقليد والإبداع ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية التربية والوسط الاجتماعي الذي ينشأ فيه الطفل فإذا نشأ الطفل في وسط اجتماعي يشجع العلم والتعليم والقراءة والمناقشة والنقد يتعود الطفل على الاستقلالية والنقد والتفكير
وربما الابتكار والعكس صحيح وإذا كان المقصود بالابتكار هو الابتكار العلمي فإن حضارة المسلمين مليئة بالابتكار في مختلف المجالات من هندسة وجبر وفلك وفيزياء وكيمياء وطب 00 الخ والحضارة الإسلامية مليئة بالفنون المتنوعة.
غرس العقيدة في الطفل ...؟
لا شك أن تأسيس العقيدة السليمة منذ الصغر أمر بالغ الأهمية في منهج التربية الإسلامية، وأمر بالغ السهولة كذلك.
ولذلك اهتم الإسلام بتربية الأطفال على عقيدة التوحيد منذ نعومة أظفارهم، ومن هنا جاء استحباب التأذين في أذن الـمـولود، وسر التأذين -والله أعلم-
أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبريـاء الـرب وعـظـمـتـه، والـشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند مـجـيـئـه إلـى الدنيا،
كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها. ومن ثم يتولى المربي رعاية هذه النبتة الغضة، لئلا يفسد فطرتها خبـيـث الـمؤثرات،
ولا يهـمـل تعليمه العقيدة الصحيحة بالحكمة والموعظة الحسنة، لأن العقيدة غـــذاء ضـروري للـروح كضرورة الطعام للأجسام، والقلب وعاء تنساب إليه العقائد من غير شعور صاحبه، فإذا ترك الطفل وشأنه كان عرضة لاعتناق العقائد الباطلة والأوهام الضارة،
وهذا يقتضيننا أن نخـتـار له من العقائد الصحيحة ما يلائم عقله ويسهل عليه إدراكه وتقبله ، وكلما نما عقله وقــوي إدراكـــه غديناه بما يلائمه بالأدلة السهلة المناسبة وبذلك يشب على العقائد الصحيحة، ويكون لـه مـنهـا عـنــد بلوغه ذخر يحول بينه وبين جموح الفكر والتردي في مهاوي الضلال .
جوانب البناء العقدي عند الطفل المسلم:
أ-الإيمان بالله -جل وعلا-: إن أهم واجبات المربي، حماية الفطرة من الانحراف، وصيانة العقيدة من الشرك، لذا نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -عن تعليق التمائم تعويداً للصغير الاعتماد على الله وحده: «من علق تميمة فلا أتم الله له».
وإذا عرفنا أن وضع التميمة والاعتقاد فيها شرك، جنبنا أطفالنا هذا الشرك، وبعد ذلك يوجه المربي جهده نحو غرس عقيدة الإيمان بالله في نفس الصغير فهذه أم سليم الرميصاء أم أنس بن مالك خادم الرسول -صلى الله عليه وسلم -ورضي الله عنهم أجمعين أسلمت وكان أنس صغيراً، لم يفطم بعد، فجعلت تلقن أنساً قل: لا إله إلا الله، قل أشهد أن لا إله إلا الله، ففعل، فيقول لها أبوه: لا تفسدي على ابني فتقول: إني لا أفسده.
كان أبوه ما يزال مشركاً، يعتبر أن التلفظ بعقيدة التوحيد، والنطـق بالـشـهـادتين إفساداً لطفله، تماماً كما يرى كثير من الملاحدة، أصحاب المذاهب الهدامة، والطــواغـيـت في الأرض، في هذا العصر يرون أن غرس الإيمان وعقيدة التوحيد، إفساد للناشئة، وإبعاد لهم عن التقدمية كما يزعمون.
ب-تعويد الأطفال حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وتوقيره:
عـلـى الـوالـديـن وموجهي الأطفال أن يغرسوا حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في نفوس الناشئة، فـحـب رسـول الله مـن حـب الله -جـل وعلا -ولا يكون المرء مؤمناً إلا بحب الله ورسوله. عن أنس -رضي الله عنه -قال، قال رسول الله -صلـى الله عـلـيـه وسـلـم-:» لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين «. وعلينا أن نُفهم الطفل بعض الشمائل الطيبة، نقتبسها من السيرة النبوية،
مـن صـفـاته -صلى الله عليه وسلم-مثل: الرحمة بالصغار، وبالحيوان وبالخدم... وأن نحكي له بعض القصص المحببة في هذا الشأن من سيرته -عليه الصلاة والسلام -، ومن سيرة أصحابه الـكـرام، وذلك حـتـى يـتـخـلق بخلق رسول الله، فيرحم الصغار والضعاف، ولا يؤذي الحيوان
ج-الإيمان بالملائكة:
الملائكة جند الله، يأتمرون بأمره ولا يعصونه. إن في العالم مخلوقات كـثـيـرة لا نعرفها، يعلمها خالقها -جل وعلا -ومن بينها الملائكة... بهذه الصورة يمكن أن نتحدث عن هذا الركن الإيماني الغيبي أمام الأطفال،
ونضيف لهم: إن أعمال الملائكة كثيرة نستشفها من بعض الآيات الكريمة ومن ذلك حفظ الإنسان {إن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4]. وكتابة ما يعمله في حياته {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18].
وكم يسعد الأطفال عندما تجمعهم أمهم، لتحدثهم عن الجنة ونعـيـمـهـا، والملائكة فيها، إذ تبشر المؤمنين كقوله -تعالى -: {إنَّ الَذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُـوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا ولا تَحْزَنُوا وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلَيَاؤُكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَةِ ولَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ ولَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)
نُزُلاً مِّنْ غَـفُـورٍ رَّحِـيـمٍ (32) ومـَـنْ أَحْـسَـنُ قَـوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ وعَمِلَ صَالِحاً وقَالَ إنَّـنِـي مِـنَ المُسْلِمِينَ} [فصلت:30-33]. فالأم بذلك تستفيد من صفات طفولة أبنائها، في خدمة عقيدتها، ويجددون مرضاة الله (تعالى).
د-عدم التركيز على الخوف الشديد من النار:
إن الطفل ذو نفس مرهفة شفافة، فلا ينبغي تـخـويـفـه ولا ترويعه، لأن نفسه تتأثر تأثراً عكسياً. يمكن للمربي أن يمر على قـضـيـة جـهـنـم مراً خفيفاً رفيقاً أمام الأطفال، دون التركيز المستمر على التخويف من النار، ظناً منه أن هذه وسيلة تربوية ناجعة. أخـرج الحـاكـم والـبـيـهـقـي عن سهل بن سعد -رضي الله عنه -: أن فتى من الأنصار دخلته خشية الله، فكان يبـكـي عـند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذُكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-فـجـاءه فـي الـبـيت، فلما دخل عليه اعتنقه النبي ، وخر ميتاً فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : »جهِّزوا صاحبكم فإن الفَرَق فَلَذَ كبده! .
هـ -الإيمان بالقدر:
وعلينا أن نزرع في نفس الطفل عقيدة الإيمان بالقدر منذ صغره، فيفهم أن عمره محدود، وأن الرزق مقدر ولذلك فلا يسأل إلا الله، ولا يستعين إلا به ، وأن الناس لا يستطيعون أن يغيروا ما قدره الله - سبحانه وتعالى - ضراً ولا نفعاً ، قال - تعالى - : {قُل لَّن يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}[التوبة:51] .
أما كيف يتم ذلك؟ فمن خلال انتهاز الفرص المناسبة، ولعل أبرز الظواهر التي تلفت نظر الأطفال في هذا المجال : ظاهرة الموت ، فهم قد يتقبلونه تقبلاً معتدلاً، وذلك في ظل أسرة لا تبدي جزعها من الموت ، وتُشعر الأطفال - وببساطة - أن من ينتهي عمره يموت. أما إن شعر الأطفال -بطريقة ما - أن الموت عقوبة وذلك من خلال التعليق على موت أحد الناس: "والله إنه لا يستأهل هذا الموت"!
كما تقول بعضهن في لحظة انفعال، نسأل الله المغفرة والهداية، وكذا إن هددت الأم طفلها بالضرب والتمويت؛ فيزرع في ذهنه أن الموت عقوبة وليس نهاية طبيعية ومنتظرة للجميع مما يجعلهم يجزعون منه مستقبلاً، وهذا ما يتنافى مع عقيدة الإيمان بالقدر.
كان الناس وما زالوا يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأبناء ويراودهم حلم بأن يرزقهم الله ذرية طيبة حسني الخلق والخلقة، يتحلون بعقيدة سليمة صلبة وعبادة خاشعة وخلق أصيل وبعقول متفتحة واعية ونفسيات مستقرة وأجسام قوية ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيراً وطهراً وعطاءً. فهل يحقق الأبناء ذلك؟
واقع الأبناء: إن واقع الأبناء نستشفه مما نراه بأعيننا وما نسمعه من أغلب الوالدين فاليوم لا تكاد تجلس إلى أحد إلا وهو يشكو سلبية سلوك أبنائه ويخشى عليهم من هجمة الفساد وأهله،
وأصبح الأبناء مصدر قلق في كثير من البيوتات، وانطلق كثير من الناس يبحث عن الوقاية والحل ويسأل هنا وهناك.
ومما يمكن أن تلمسه من سلوكيات الأبناء وتسمعه من شكاوى مريرة من الكثير من الأهالي ما يلي: -ولدي / ابنتي لا تفهمني. - لا يطيعني. - شخصية غير جادة. - يميل إلى الشلل ويصدق أقوالهم. - لا يحب العمل. - لا يقيم وزناً للعلم والدراسة. - لا يحرص على أداء الصلاة.
يتعلق بتوافه الأمور ويسير في الحياة بدون هدف. –
لا يتذكر ولا يتعظ. - يهتم بمظاهر الترف. يسهر في الليل وينام في النهار-عنيف على إخوانه. - كثير الصراخ سريع الغضب. - لا يجلس مع الرجال ولا يخدم الضيف. كثير الكذب والتحايل. يرى نفسه في البيت كأنه غريب فلا يكاد يدخل حتى يخرج. يعتبر طلباته ملزمة لوالديه ولا يصرح لهم بشيء عند مناقشته.
لا يثق بقدراته بل لا يعرفها. - يستهتر في الناس. - يكثر من الحديث في الهاتف.
- لا تهتم بالحجاب.
- تحاكي الغرب في لبسها وفكرها. - تمضي كثير من الوقت في زينتها* إذا كان هذا هو واقع الأبناء بناءً على شهادة والديهم، فما هو واقع الوالدين؟ إذا تفحصنا أسباب فساد الأبناء وجدنا أن عامته بسبب الوالدين أو لهم اليد الأطول فيه
. فالأبناء ما بين محروم من متع الحياة وضرورياتها، وأخر ربما حصل على حاجته الجسمية فقط وحرم ما عداها لانشغال والديه أو أنانيتهما أو لعدم وعيهما بأهمية دورهما وأثرهما في حياة أبنائهم.
قال ابن القيم – رحمه الله -: "كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة
". ولتوضيح ما أقصد بذلك سأعرض بعض الأساليب التربوية الخاطئة الممارسة من قبل بعض الوالدين والتي قد تكون ساهمت في سلبية سلوك الأبناء:
* الصرامة والشدة والقسوة عليهم أكثر من اللازم إما بضربهم ضرباً مبرحاً إذا أخطئوا أو بكثرة تقريعهم وتأنيبهم عند كل صغيرة وكبيرة. يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم بكثرة. فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك. أما العنف والصرامة فيزيدان المشكلة تعقيداً،
كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت حدوث المشكلة فقط، ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلاً. وقد يعلل الكبار قسوتهم على الطفل بأنهم يحاولون دفعه إلى المثالية في دراسته وسلوكه، ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعل عكسي
الدلال الزائد والتسامح في التعامل مع الأبناء. هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة. فالمغالاة في الرعاية والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين أو تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة لأنه لم يمر بتجارب كافية ليتعلم منها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرض لها. ولا يقصد بذلك أن يفقد الوالدان التعاطف والرحمة مع الطفل،
ولكن هذه العاطفة تصبح أحياناً سبباً في تدمير الأبناء حيث تجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح في طفولته وبين أسرته،
ولكن إذا ما كبر وخرج إلى المجتمع صعب عليه التعامل مع القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات ويثور في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة ضارباً بالنتائج السلبية المترتبة على سلوكه عرض الحائط وهذا كثيراً ما يحدث في مجتمعنا.
* عدم الثبات في المعاملة. فعلى الكبار أن يضعوا الأنظمة البسيطة واللوائح المنطقية ويشرحونها للطفل وعندما يقتنع فإنه سيصبح من السهل عليه اتباعها. ويجب عدم التساهل يوماً ما في تطبيق قانون ثم نعود اليوم التالي مؤكدين على ضرورة تطبيقه حيث أن ذلك سيربك الطفل ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض.
* عدم العدل بين الأخوة نتيجة للفروق الفردية بينهم. فمنهم من هو أكثر ذكاءً أو أكثر وسامة أو أكثر تحبباً لوالديه وقد يجد الوالدين هذه الصفات محببة لديهم وينجذبون لمن يمتلكها من أبنائهم أكثر من أخوتهم الآخرين. ولكن هذا خطأ كبير وقد يؤذي بقية الأطفال نفسياً.
* تربية الأبناء على الفوضى وتعويدهم على الترف والنعيم والبذخ فينشأ الأبناء مترفين منعمين همهم أنفسهم وحسب ولا يهتمون بالآخرين ولا يسألون عن إخوانهم المسلمين ولا يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم. وفي ذلك فساد للفطرة وقتل للاستقامة والمروءة والشجاعة.
* شدة التقتير عليهم أكثر من اللازم مما يجعلهم يشعرون بالنقص ويحسون بالحاجة وربما قادهم ذلك إلى البحث عن المال بطرق أخرى غير سوية كالسرقة مثلاً أو سؤال الناس أو الارتماء في أحضان رفقة السوء وأهل الإجرام.
* حرمانهم من الحب والعطف والشفقة والحنان المتوازنة، مما يجعلهم يبحثون عن ذلك خارج المنزل.
* الاهتمام بالمظاهر فحسب، فكثير من الناس يعتقد أن حسن التربية يقتصر على توفير الطعام الطيب والشراب الهنيء والكسوة الفخمة والدراسة المتفوقة والظهور أمام الناس بالمظهر الحسن. ولا يرون أن تنشئة الأبناء على التدين الصادق والخلق القويم أمرا مهما.
* المبالغة في إحسان الظن بالأبناء حيث أن بعض الأسر تبالغ في إحسان الظن بأبنائهم فلا يسألون عنهم ولا يتفقدون أحوالهم ولا يعرفون شيئاً عن أصحابهم.
* المبالغة في إساءة الظن بالأبناء، فمن الوالدين من يسيء الظن بأبنائهم ويبالغون في ذلك مبالغة تخرجه عن الحق فتجده يتهم نواياهم ولا يثق بهم أبداً ويشعرهم بأنه خلفهم في كل صغيرة وكبيرة دون أن يتغاضى عن شيء من هفواتهم.
* مكث الوالدين أو أحدهما خارج المنزل طويلاً مع عدم قدرة الطرف الآخر على تغطية هذا النقص، مما يعرض الأبناء للفتن والمصائب والضياع والانحراف.
* الدعاء على الأبناء حيث يلاحظ أن كثير من الوالدين من يدعو على أبنائه لأدنى سبب أو بمجرد أن يجد منهم عقوقاً أو تمرداً والذي لربما كان الوالدان سبباً فيه، وما فكر الوالدان أن هذا الدعاء ربما وافق ساعة إجابة فتقع الدعوة موقعها فيندمان بعد فوات الأوان وقد تناسيا في ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجاب لكم". رواه مسلم.
* كثرة المشاكل بين الوالدين وما له من تأثير سلبي على الأبناء.
* التناقض بين القول والفعل من الوالدين أو أحدهما أمام الأبناء. فترى منهم من يأمر ابنه بالصدق ويكذب ويأمره بالوفاء وهو يخلف ويأمره بالبر وصلة الأرحام وهو عاق قاطع لرحمه، أو ينهاه عن شرب الدخان وهو يشربه!
* الغفلة عما يشاهده الأبناء في التلفاز وقنواته الفضائية على اختلافها أو الانترنت وما تحويه من مواقع أو ما يقرؤوه أو يسمعوه من الوسائل الإعلامية المختلفة.
* العهد للخادمات والمربيات بتربية الأبناء. وهذا أمر خطير خاصة إذا كانت المربية كافرة فذلك مدعاة لانحراف الأبناء وفساد عقائدهم وأخلاقهم
. * احتقار الأبناء وقلة تشجيعهم ولذلك مظاهر عدة منها:
أ - إسكاتهم إذا تحدثوا، والسخرية بهم وبحديثهم مما يجعل الابن عديم الثقة بنفسه، قليل الجرأة في الكلام والتعبير عن رأيه.
ب - التشنيع بهم إذا أخطئوا أو لمزهم إذا أخفقوا في موقف أو تعثروا في مناسبة مما يولد لديهم الخجل والهزيمة.
ج - ازدرائهم إذا استقاموا فتجد من الوالدين من يحتقر أبنائهم إذا رأوا منهم تقى أو صلاحاً واستقامة أو اتهام الأبناء بالتزمت والتشدد في الدين والوسوسة مما يجعلهم يضلون وعلى أعقابهم ينكصون فيصبحون بعد ذلك عالة على والديهم.
* تربيتهم على عدم تحمل المسؤولية، إما لإراحتهم أو لعدم الثقة بهم أو لعدم إدراك أهمية هذا الأمر.
* قلة الاهتمام بتعليم أبنائهم سواء ما يتعلق بالتعاون مع مدارسهم ومتابعة مستوى أبنائهم التعليمي ومدى التزامهم، أو ما يتعلق باختيار مدارسهم
سبل العلاج: بعد ذكر بعض الأمثلة لواقع الأبناء وواقع الوالدين ربما يتساءل الواحد منا وما الحل أو المخرج من هذا المأزق؟ لذلك سأذكر بعض السبل المعينة على حسن تربية الأبناء منها ما يلي:
* صلاح الأبوين ومن ذلك العناية باختيار الزوجة الصالحة. وسؤال الله الذرية الصالحة فهو دأب الأنبياء والمرسلين والصالحين.
* الإخلاص والاجتهاد في تربية الأبناء والاستعانة بالله عز وجل في ذلك وهو منهج إبراهيم عليه السلام وامرأة عمران. وإعانة الأولاد على البر وحسن الخلق.
* الدعاء للأبناء وتجنب الدعاء عليهم. فإن كانوا صالحين دعا لهم بالثبات والمزيد، وإن كانوا طالحين دعا لهم بالهداية والتسديد.
* غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة والقيم الحميدة والأخلاق الكريمة في نفوس الأبناء وخير مصدر لذلك هو الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.
* تجنيبهم الأخلاق الرذيلة وتقبيحها في نفوسهم، فيكره الوالدان لأبنائهم الكذب والخيانة والحسد والحقد والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والأثرة ولكسل والتخاذل وغيرها من سفاسف الأخلاق والأفعال حتى ينشأوا مبغضين لها نافرين منها.
* تعليمهم الأمور المستحسنة وتدريبهم عليها مثل تشميت العاطس، وكتمان التثاؤب والأكل باليمين وآداب قضاء الحاجة وآداب السلام ورده وآداب استقبال الضيوف والتعاون والبحث عن المعرفة.... فإذا تدرب الأبناء على هذه الآداب والأخلاق والأمور المستحسنة منذ الصغر، ألفوها وأصبحت سجية لهم في سني عمرهم القادمة.
* الحرص على تحفيظهم كتاب الله. وتحصينهم بالأذكار الشرعية وتعليمهم إياها. واصطحابهم في رحلات إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وإلى مجالس الذكر والمحاضرات الدينية التي تقام في المسجد وغيرها وربطهم في ذلك بالسلف الصالح حتى يقتدوا بهم ويسيروا على خطاهم.
* الحرص على تعليمهم بالقدوة فلا يسلك الوالدان أو أحدهما مسلكاً يناقض ما يعلمهم ويحثهم عليه لأن ذلك يجعل جهودهم لا تحقق ثمارها ويفقد نصائحهم أثرها.
* تنمية الجرأة الأدبية وزرع الثقة في نفوس الأبناء وتعويدهم على التعبير عن آرائهم حتى يعيش كل منهم كريماً شجاعاً في حدود الأدب واللياقة.
ومن الممارسات المعينة على ذلك:
أ -استشارة الأبناء في بعض الأمور المتعلقة بالمنزل ونحوه واستخراج ما لديهم من أفكار مثل أخذ رأيهم في أثاث المنزل ولون السيارة المزمع شرائها للأسرة ومكان الرحلة والتنسيق لها مع طلب أن يبدي الطفل أسباب اختياره لرأي ما.
ب - تعويد الأبناء على القيام ببعض المسؤوليات كالإشراف على أمور واحتياجات الأسرة في حال غياب الأب أو انشغاله.
ج - تعويدهم على المشاركة الاجتماعية وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم ومجتمعهم وإخوانهم المسلمين إما بالدعوة إلى الله أو إغاثة الملهوفين أو مساعدة الفقراء والمحتاجين د - تدريبهم على اتخاذ القرار وتحمل ما يترتب عليه. فإن أصابوا شجعوا وشد على أيدهم وإن أخطأوا قوموا وسددوا بلطف.
هـ - تخصيص وقت الجلوس مع الأبناء مهما كان الوالدان مشغولين فلا بد من الجلوس الهادف معهم لمؤانستهم وتسليتهم وتعليمهم ما يحتاجون إليه فهذه الجلسات الهادفة لها من الآثار الجانبية ما لا حصر له من الشعور بالاستقرار والأمن وهدوء النفس والطباع.
و - الإصغاء إليهم إذا تحدثوا وإشعارهم بأهميتهم وأهمية ما يقولون مهما كان تافهاً في نظر الوالدين وقد قيل أنصت لأبنائك ليحسنوا الإنصات لك.
* تفقد أحوالهم ومراقبتهم عن بعد، ومن ذلك ملاحظة مدى أدائهم للشعائر الدينية، السؤال عن أصحابهم، مراقبة الهاتف وملاحظة مدى استخدامهم له، ملاحظة ما يقرؤونه أو ويشاهدونه في التلفاز أو يتعاملون معه في الانترنت وتحذيرهم من الكتب والبرامج والمواقع التي تفسد دينهم وأخلاقهم وإرشادهم إلى بدائل نافعة.
* تهيئة الظروف المناسبة لإحاطة الأبناء بالصحبة الصالحة وتجنيبهم رفقة السوء، خاصة في مرحلة المراهقة. وإكرام الصحبة الصالحة للأبناء.
* التركيز على إيجابيات الأبناء وإظهارها والإشادة بها وتنميتها، والتغافل - لا الغفلة - عن بعض ما يصدر من الأبناء من عبث أو طيش والبعد عن تضخيم الأخطاء بل عليهم أن ينزلوها منازلها ويدركوا أن الكمال لله وحده.
* إعطاء الأبناء فرصة لتصحيح أخطائهم لينهضوا للأمثل ويتخذ الوالدين من ذلك الخطأ سبيلاً لتدريب الأبناء على حل مشاكلهم.
* العناية باختيار المدارس المناسبة للأبناء والحرص على متابعتهم في المدارس.
* تنمية مهاراتهم العقلية مثل التفكير الناقد والتحليل للأمور وإدراك النتائج المترتبة على سلوكياتهم وتحمل مسؤوليتها.
* ربطهم بما يجري في مجتمعهم وفي العالم من أحداث، ومناقشتهم وتوضيح دورهم الإيجابي الذي ممكن أن يساهموا به عزة للإسلام والمسلمين وعزة لوطنهم.
* ضرورة إدراك الوالدين أن استخدام أسلوب الانغلاق في التربية بهدف حماية الأبناء مما يحيط بهم من مؤثرات قد لا يجدي على المدى الطويل، لأن المؤثرات الخارجية أصبحت أمر لا مفر منه.
والمقترح هو استخدام أسلوب الانفتاح الموجه في التربية. * عدم اليأس فإذا ما رأى الوالدين من أبنائهم إعراضاً أو نفوراً أو تمادياً فعليهم ألا ييأسوا من صلاحهم واستقامتهم فاليأس من روح الله ليس من صفات المؤمنين. وتذكير الوالدين أنفسهم بضرورة عدم استعجال النتائج.
بل عليهم الصبر والمصابرة مع الاستمرار في العمل والدعاء لهم والحرص عليهم فقد يستجيب الله لهم بعد حين.
* أن يدرك الوالدين أن النصح لا يضيع.
فهو بمثابة البذر الذي يوضع في الأرض والله عز وجل يتولى سقيه ورعايته وتنميته.
فالنصح ثمرته مضمونة بكل حال: فإما أن يستقيم الأولاد في الحال، وإما أن يفكروا في ذلك وإما أن يقصروا بسببه عن التمادي في الباطل أو أن يعذر الإنسان إلى الله.
* استحضار فضائل التربية في الدنيا والآخرة هذا مما يعين الوالدين على الصبر والتحمل. فإذا صلح الأبناء كانوا قرة عين لهم في الدنيا وسبباً لإيصال الأجر لهم بعد موتهم. ولو لم يأت الوالدين من ذلك إلا أن يكفي شرهم ويسلم من تبعتهم.
* استحضار عواقب الإهمال والتفريط في تربية الأبناء والتي منها أن الوالدين لن يسلما من أي أذى يرتكبه الأبناء في الدنيا وسيكونون سبباً لتعرضهم للعقاب في الأخرى.
الثواب خير من العقاب في التربية
الحمد لله رب العالمين الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، والصلاة والسلام على من أدبه ربه فأحسن تأديبه فكان على خلق عظيم
وكان خلقه القراّن وكان الأسوة الحسنة لمن أراد طريق الهداية.
فقد خلق الله الإنسان مختلفاً عن سائر المخلوقات العلوية والسفلية فمنحه العقل والإرادة وأناط بها التكليف وجعله خليفة في الأرض وزوده بطاقات هائلة من الإمكانيات الإبداعية ونزعات الخير والشر ولكل فرد عالمه الخاص ولهذا كانت التربية مهمة شاقة حتى قال أبو حيان التوحيدي (القتل أخف من التربية)
وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب ليبين للناس طريق الخير وطريق الشر ويهديهم ويصلح نفوسهم ويربيهم على التقوى. والله تعالى لا يأمرنا إلا بما هو ممكن ولكن عندما تحدث عن النفس قال: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) وعلى الرغم مما توصل إليه الإنسان في علم الذرة والفضاء إلا أنه عجز أن يدخل أعماق النفس الإنسانية بالقدر الكافي ليعرف محتوياتها قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
القضية التي شغلت أذهان المشتغلين بعلم الإنسان منذ أقدم العصور وهي قضية الثواب والعقاب في التربية ويأتي الحديث في هذه القضية في الوقت الذي تجد فيه رأيين متعارضين، رأي يؤيد العقاب في التربية وأخر يعارضه.
إن مشكلة العقوبة في المدارس وضرب الأبناء محل نزاع هل يسمح بضرب الطلاب في المدارس أم يمنع ونهتدي في ذلك بقوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) فلم تكف هذه المنافع لإباحتهما بل حرما بسبب الإثم الكبير الذي فيهما.
ويرى المعارضون أن العقاب في التربية مرفوض مستندين في ذلك بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((ولن يضرب خياركم)) هذا الحديث الشريف خير دليل على أن الثواب خير من العقاب،
ويستدل بعضهم بتوجيهه صلى الله عليه وسلم: للآباء أن يأمروا أولادهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ويضربوهم عليها إذا بلغوا العاشرة على إقرار الضرب في المدارس.
ولكن هذا لا يكفي كدليل لان الصلاة ركن أساسي من أركان الإسلام فلو ضرب الوالد ولده بعد أمره بالصلاة ثلاث سنين ولم يستجيب فإنه يستحق الضرب أما إذا تكلم الطالب في الصف مع زميله فهل يستحق الضرب ؟؟؟؟.
ولكن أصحاب الرأي الذي ينادي بالعقاب يقولون : إن منع الضرب يزيل الهيبة من نفوس التلاميذ ولكن من قال إننا نريد التلاميذ أن يهابوا المعلم ؟ هل هم في سجن أم معتقل ؟؟؟؟ نحن نريد الاحترام القائم على المحبة لا الخوف من العصا .
يرى الدكتور ( ألفن فروم ) اختصاصي العلاج النفسي أن ضرب الطفل سياسة انهزامية لأنه يجعل من الطفل يخاف من ضاربه ويكرهه ويعلم الطفل الطاعة العمياء بدلاً من المناقشة والفهم والإقناع وقد وجد أن الضرب في بعض الأحيان يزيد الطفل عناداً وبذلك يثبت السلوك الذي نسعى إلى تغيره .
كما أن الجو المشحون بالانفعال والتوتر يؤدي إلى الاضطراب النفسي مما يكون سبباً لمعانات فردية في المستقبل يقول ابن خلدون : ( إن الشدة على المتعلمين مضرة بهم ) وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ) .
من هنا كان من الضروري الرفق بالطالب الذي نظن لديه تقصيراً في الفهم والتحصيل وخاصة نحن في عصر كثرت فيه المغريات وتنوعت أسباب الترفيه والتسلية وأصبحت الدعاية والإعلان فناً من فنون الإقناع والتوجيه النفسي والاجتماعي كل ذلك أدى إلى انصراف الطلاب عن الكد ولا تخلو المدارس من وجود نماذج من المعلمين المربين الأفاضل الذين يغلبّون الترغيب على الترهيب فيحققون بثناء جميل صادق ما لا يحققه سواهم بالعصا والعبوس.
ونلاحظ من أقوال علماء التربية المسلمين قد اهتموا بمسألة الثواب في التعليم وأنه ذو أثر في التعليم والمتعلم وأن الشكر والمدح والثناء تدفع التلاميذ إلى مزيد من الاستجابات المطلوبة وإلى تحقيق التحصيل والنجاح
وأن الرفق وحسن المعاملة والمحبة المتبادلة بين الأستاذ وتلميذه والتسامح مراعاة حق الصحبة في ضوء الحديث الشريف: (لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)
ويرى ابن جماعة الشافعي (أن العلاقة المتبادلة بين المعلم وتلاميذه القائمة على الاحترام والمحبة فإذا أحب التلميذ معلمه يسلك في السمت والهدى مسلكه ويراعي في العلم والدين عادته ولا يدع الاقتداء به)
وعلى المعلم كذلك أن يحب تلميذه ويفرح بتعليمه ويدلل ابن جماعة على أن أنجح المعلمين هم أشدهم حباً لتلاميذهم وأكثرهم رعاية لهم ويتحدث عن الرفق بالتلاميذ واللين في معاملتهم والرحمة بهم والشفقة عليهم كما أولى ابن جماعة الإثابة اهتماماً كبيراً فطلب من المعلمين أن يثيبوا طلابهم إذا كانوا يستحقون الإثابة أو المكافأة فإن الإثابة تبعث الطلاب على الاجتهاد والرغبة في التحصيل سعياً للحصول على تقدير المعلم ورضائه.
ولا يكفي أن يوجد المدرس المتمكن من المادة المتقن لطرائق التدريس بل لا بد من أن يكون قادراً على التعامل مع التلاميذ والدخول إلى نفسيا تهم وأن يبعث في دروسه الحيوية والعطاء وأن يكون حب العمل وحب المجتمع وحب التلاميذ وحب الخير موجهاً لعمل المدرس ويرى ما سلو (أن الذين لا يحصلون على الحب لن يكون بمقدورهم إعطاء الحب للآخرين عندما يصبحون أشخاصاً بالغين)
ذلك لأن الحب ضروري للحياة مثله مثل الطعام والشراب قال جان جاك روسو (ليس في وسعنا أن نعلم إنساناً المحبة كما نعلمه القراءة والكتابة نعلمه إياها بالمعاملة الطيبة والقدوة الحسنة) وما المشكلات التي تعترض الطلاب في المدرسة إلا نوعاً من فقدان العلاقات الإنسانية وتحول البيئة المدرسية إلى بيئة صراع وعداء وكراهية.
وفي الختام علينا نحن المعلمون والمربون أن نكون قادرين على حمل هذه الأمانة التي أردنا أن نحملها بصبر وأناة وعلينا أن نوصل هذه الرسالة بحب وإخلاص وأن نحسن لمن نعلم،
لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها وأحسن الشاعر حين قال: وأحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما استعبد الإحسان إنسان وأرى أن كلٍ من الفريقين كان على حق في بعض ما يقول وأخالفه في بعضها الأخر لأن طلب العلم فريضة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة )
من هنا ينبغي ألا نقصر في طلبه فلو كان عند المتعلم إهمال أو تقصير علينا أن نعالج هذا التقصير ونقوم سلوك الأبناء بالطرق المحببة والمشجعة للمتعلم وأن يكون العلاج بالرفق واللين اقتداءً بأمر الله تعالى: (وأدع على سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
ولكن عند ما تعجز كل الوسائل التي اتبعها المعلم في تقويم سلوك المتعلم يلجأ إلى العقاب كنوع من التأديب وتقويم السلوك لا غاية في حد ذاته ولا انتقاماً لشخص المعلم كما قال معاوية رضي الله عنه: ( لا أستعمل سوطي ما دام ينفعني صوتي ولا أستعمل صوتي ما دام ينفعني صمتي ) . ولا أعني بالعقاب الضرب لأن العقاب أشكال عديدة قد يكون أخرها الضرب غير المؤلم أو كما قيل أخر العلاج الكي
أولانا أمانة في أعناقنا فكيف نربيهم تربية صالحة إن الهدف الأسمى من التربية هو (الإنسان السوي) بكل معنى الكلمة من التزام بمحاسن الأخلاق وترك المنكرات والتكيف مع المجتمع المحيط وكيفية مواجهة العقبات التي تواجه الفرد في الحياة والتغلب عليها بطرق يلتزم فيها الإنسان المطيع لربه الملتزم بدينه يلتزم بالثوابت والمبادئ التي تعارفت عليها الأديان ودعت إليها الرسالات السماوية فيحقق بذلك المعادلة الصعبة وهي الوصول للسواء النفسي والاجتماعي والخلقي معاً
وإن في سبيل تربية الأب المربي لأبنائه تواجهه العديد من المشكلات وبناء على المتابعة والمناقشات الدائرة حول ذلك الموضوع أمكنني تقسيم تلك الإشكاليات في التربية إلى ثلاثة أقسام رئيسية أرجو أن أكون قد وفقت فيها وهي :
1 ـ إشكاليات السبب في وجودها الأسرة نفسها كأول مؤسسة تربوية تحتضن الطفل
2ـ إشكاليات السبب في وجودها المؤسسات التربوية الأخرى غي الأسرة مثل المدرسة والمسجد والجامعة
3 ـ إشكاليات المسئول عنها غير مؤسسات النطاق التربوي مثل الجيران والنوادي ورفاق الطفل والشارع
ولقد تم استنتاج أن تلك الإشكاليات تقف عائقاً على مدار سني الطفل أمام تربيته ونموه بالشكل الصحيح الذي يضمن الوصول للنتائج المرجوة وعلى ذلك كان لزاماً علينا تسليط الضوء عليها وتناولها بالبحث والتحليل وطرح الحلول المناسبة والتنقيب عنها وذلك بلغة سهلة تناسب كافة المستويات الثقافية
وبعداً عن المصطلحات التي لا يفهمها إلا المتخصصون حتى تكون الفائدة أعم والنتائج أشمل ونعرض لحلول من جهات مختلفة ونترك الفرصة لجميع الأعضاء للإدلاء بآرائهم حول الحلول الممكنة لتلك الإشكاليات المعوقة لمسار عملية تربية الأولاد والبنات في زماننا هذا حتى يكون ذلك الطرح عوناً لولي الأمر المخلص في تربيته الساعي إلى الوصول للهدف الأسمى للتربية وهو (الإنسان السوي) ذو الشخصية المتكاملة المتزنة
إشكاليات السبب في وجودها الأسرة
إن من أهم عوامل نجاح عملية التربية أن يعد الفرد نفسه لأن يكون مربياً ناجحاً قبل أن يتزوج وذلك بالاطلاع على الأساليب والطرق التربوية السليمة وقراءته المتمعنة في تربية الأطفال ورعايتهم وكيفية الاعتناء بهم وتابعتهم وحل مشكلاتهم وفهم طبيعة الطفل في مراحله العمرية المختلفة وذلك بصورة عموميات مبسطة سهلة الفهم والتناول والاستفادة والعامل الآخر الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو حسن اختيار الرجل لزوجته بحيث يختار الزوجة الواعية المثقفة المتفهمة للتربية ومتطلباتها وتبعاتها
والتي تضع على عاتقها أن الحياة الزوجية ليست للترفيه أو الاستمتاع فقط مع سعينا فيها لذلك ولكن هي مسئولية كبيرة وجسيمة لان مع الزواج أبناء ومع الأبناء تربية ومع التربية نجاح أو فشل وأثناء القيام بعملية التربية تواجهنا العشرات من المواقف التي بها اجتياحات وإحباطات وعودة عن أساليب لأساليب أخرى أجدى في عملية مستمرة استمرار الحياة نفسها يشارك فيها الأب والأم والأبناء معاً
وإشكاليات الأسرة في التربية يمكن تقسيمها إلى :
أ ـ إشكاليات سببها الزوجة ( الأم )
ب ـ إشكاليات سببها الزوج (الأب )
ج ـ إشكاليات سببها الأبناء أنفسهم
والأسرة كما نعلم هي الحلبة الأولى للتفاعل التربوي بين العناصر الثلاثة السابقة للحصول على منتج جيد لذلك التفاعل الزوجة ( الأم ) كإشكالية من إشكاليات التربية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة )
وقال عمر رضي الله عنه ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) وقال الشاعر ( الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق ) من هنا تبرز أهمية اختيار الزوج لزوجته كخطوة أولى هامة لنجاح مشروعه الكبير في تربية أبنائه بعد الزواج ولنا في رسول الله وتحذيراته الأسوة والمثل ( إياكم وخضراء الدمن )
قالوا وما خضراء الدمن يارسول الله قال : ( المرأة الحسناء في المنبت السوء ) فالأهم في الاختيار هو المنبت الحسن وتمثل العامة بذلك في قولهم ( اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها ) والزوجة الصالحة المتدينة الواعية المتفهمة لمتطلبات تربية أبنائها كنز لا يجب على الزوج أن يفرط فيه إذا سعى له ووجده فهي خير معين له على اجتياز العقبات وتخطي الصعوبات وتحقيق الآمال والطموحات وكثيراً ما نتعرض لآمال تربوية يريد الأب أن يحققها في أبنائه وتقف الزوجة غي المتفهمة عقبة كؤود في سبيل تحقيقه لذلك وذلك بقيامها عن قصد أو دون وعي بتجاوزات منها :
1 ـ استخدام أساليب غير تربوية في كلامها للتعبير عن تبرمها من أفعال الصغار باستخدام الكلمات النابية والمبتذلة والتعبيرات غير الراقية والاستهزاء والسب وعلو الصوت بدون داعي لذلك وعدم تحليها بالصبر
2 ـ نقد الأب دائماً أمام أبنائه دون وعي لخطورة ذلك على مكانة الأب في أعينهم وذلك بإظهاره أنه مقصر في شئون البيت وطلبات المعيشة وأنه لا يقوم بتحقيق طلباتها التي قد تكون في معظمها تافهة وثانوية وغير ضرورية
3 ـ الوقوف موقف من يحمي المخطئ بان تحجب عن الأب فعال أبنائه السيئة فلا تبلغه بما فعلوه أثناء غيابه خشية أن يعاقبهم وفي ذلك تربية منها للأبناء على حماية المستهتر والمخطأ
4 ـ القدوة غي الحسنة لأبنائها وذلك بالإسراف والاهتمام المبالغ فيه بالزينة والتجميل والسعي وراء الموضة وشراء الملابس بدون مبرر
5 ـ إيقاع الأبناء في التناقضات وذلك بسلوك مسلك والنهي عنه في نفس الوقت مثل وقوعها في الغيبة والنميمة في أحاديثها مع جيرانها وصديقاتها في المنزل والهاتف على مرأى ومسمع من الأبناء قال تعالى (يأيها الذين أمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون)
6 ـ سلوك مسلكين للتعبير عن وجهة نظرها في الأب وذلك بالتبرم منه أمام الأبناء في غيبته ثم التلطف معه في حضوره خشية منها من نقمته أو إغضابه وردة فعله فذلك يعود الأبناء على النفاق وسلوك المسلكين
7 ـ عدم التزامها بالفروض كالصلاة وإتيانها بالممنوعات الشرعية كالاستماع للموسيقى الصاخبة والغناء الماجن والذهاب للحفلات التي تحتوي على الاختلاط والتجاوزات الشرعية التي نهى عنها الدين كل ذلك ينقل كسلك معتاد ومقبول لدى الأبناء
8 ـ طموحها الغير مبرر والذي تريد تحقيقه بشتى الوسائل قد يؤدي إلى اكتساب الأبناء للوصولية في تحقيق أهدافهم دون النظر للخلق الذي يمنعهم من ذلك
9 ـ عدم التزامها بتوجيهات الأب وأوامره وعصيانها له يعود الأبناء على التمرد وعصيان الأوامر سواء من الأبوين أو المعلمين إتباعا منهم لسلوك الأم
10 ـ نقد الزوج بطرق غير لائقة أمام أبويها عند زيارتها لهم وفي حضور الأبناء ضرر كبير على الأبناء حيث تجعلهم يدركوا تفاهة تلك الشخصيات المتمثلة في الأبوين ويقع جراء ذلك السلوك الغير مسئول من الأم الضرر على كلاً من الأبوين
الاتفاق مع الأب أمام الأبناء على تنفيذ تعليمات بعينها عند غيابه ثم العزوف متعمدة عن تنفيذ تلك التعليمات في غيابه ذلك التناقض في منتهى الخطورة على شخصية الابن حيث يعوده على النفاق والكذب والمراوغة والخداع
11 ـ إتيان موضوعات يحذر على الأبوين الإتيان بذكرها في حضور الأبناء مع صديقاتها أثناء أحاديثهن مثل التحدث في الأمور الجنسية بصورة علنية وعدم الالتفات أن الأبناء ينصتون لأحاديثهن وكان من الواجب ألا يتعرضوا للسماع لمثل تلك الأحاديث وذلك ناتج عن قلة وعي الأم
12 ـ إتيان الأم لسلوك مشين أمام أولادها وهو أخذ أموال من الأب دون علمه متذرعة بعدم إنفاقة أو غيرها من الذرائع هذا يؤدي بالأبناء إلى تعلم السرقة بل إيجاد المبررات للفعل الشائن ولكن يجب على الأم أن يكون كل فعلها وتصرفاتها في النور وبإذن زوجها
لاشك أن الطفل مشروع كبير ذو جدوى يجب تحقيقها والحصول عليها وعدم وعي الأب بأساليب التربية أو طرق معاملة الأطفال ومعرفة خصائص نموهم يعتبر قصوراً يجب على جميع الآباء مهما اختلفت مستوياتهم الثقافية والمادية التعرف عليها والإلمام بها وتلك المعرفة ليست قاصرة على الجامعيين أو المثقفين وإنما هي متاحة لجميع المستويات للبسطاء وغيرهم فالمعرفة التربوية سهلة الفهم بسيطة المفردات يتقبلها الجميع دون صعوبة ولكن عدم الاهتمام والكسل وعدم التطلع إلى تحقيق مستقبل أفضل في ظل وجود أبناء أسوياء نابغين هو المعوق للسعي وراء تلك تحصيل تلك المعرفة والبحث عنها
والسؤال فيها وعلى ذلك يعد الأب نفسه معوق من معوقات التربية لأبنائه إذ لم يجهز نفسه لتحمل تلك المسئولية والقيام بها ويقتصر في تربيته للأبناء على الارتجالية والعشوائية والتصرف حيال كل موقف وقت وقوعه حسب مقتضى الحال دون ارتكاز على أسس ثابتة في التربية ومنطلقات علمية مدروسة فيصبح ربان السفينة دون خبرة فلا يدري كيف يتصرف عندما تعصف الرياح وتهيج الأمواج تتقاذف سفينته
ولاشك في أن معظم تصرفاتنا ارتجالية وعشوائية تصدر منا دون دراسة أو تمحيص وهي تعزى إلى أساليب التربية التي اتبعها معنا الآباء أثناء تربيتهم لنا وأن من أكبر المعوقات للحضارة والتقدم وصناعة التاريخ هي تلك الارتجالية التي تحول سلوكنا إلى سلوك أشبه بسلوك غير بشري فالتربية عملية مقننة جداً ونتائجها
لا تأتي بدون مقدمات تسبقها فهي كالغرس لو اعتنيت به وسمدته ورويته وتابعته نمى وازدهر وإن أهملته أو أسأت في رعايته ذبل ولم يؤتي أكله إن الثقافة التربوية والوعي التربوي لزام على الأب مهما كانت ثقافته ومستواه لأن الإعداد الجيد لمشروع الحياة الأكبر وهو تربية الطفل من مهماته
وهو أسمى غايات الزواج ونشر الوعي بين الناس من مسئوليات الكتاب والأدباء وخطباء المنابر والمثقفين وأجهزة الدولة المعنية القصد أنها مسئولية الجميع لخطورة وعظم الرسالة ولامانع من استعانة ولي الأمر في ذلك بالمحيطين حوله من أولي الخبرة في ذلك المجال ويجب أن يكون منطلق الأب في تربية الأبناء منطلقاً دينياً بتعويدهم على الالتزام بأداء الفروض والتخلق بالأخلاق الفاضلة وتكوين الوازع الديني لديهم لوقايتهم من الوقوع في الرذيلة فالوازع الديني عند الولد والبنت هو جدار الحماية الأول للأبناء والتمسك بتعاليم ديننا الحنيف وتوجيهات الرسول الكريم هو نموذج حي للتربية المثلى
ويجب على الأب عدم التناقض في ذلك بين مسلكه وكلامه لأن ذلك أدعى لمصداقيته أمام الأبناء حتى لا يهوي بهم التناقض في مهاوي الهلاك ولذلك يجب أن يكون هو نفسه نموذج صالح وقدوة حسنة يحافظ على الفروض ولايشرب الدخان أو المسكرات ولاياتي بالمحرمات ولاياتي بالسلوكيات الشائنة ( لا تنهى عن خلقٍ وتأتي بمثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم ُ )
ويجب على الأب أن يراجع دائما تصرفاته ويتسم بالهدوء وطول البال وسعة الأفق والصدر حيال أبنائه فلا يخرج عن شعوره ويتملكه الغضب لأتفه التصرفات فهو ربان سفينة لابد أن يتسم بالحكمة والروية يجب على الأب أن يدرك تماماً في تعامله مع الأبناء متى يستخدم الثواب ومتى يعاقب وألا يستخدم العقاب إلا في حدود وبالأسلوب الذي يجعله مجدياً وأن يبتعد عن العقاب البدني قدر الإمكان ويستخدمه بحيث لا يترك أثراً جسدياً أو معنوياً على نفس الطفل وأن يكون كالعازف على القيثارة يعرف كيف يخرج من القيثارة الأصوات العالية بالضرب عليها دون أن يمزق تلك الأوتار.
ويعلم أن في السن من 1 إلى سبعة لا عقاب بدني مطلقاً وأن لكل سن طريقة التعامل تختلف عن المرحلة الأخرى فلكل مرحلة عمرية خصائص نفسية تختص بها فالتعامل مع الطفل يختلف عن التعامل مع المراهق يختلف عن التعامل مع الشاب
كل ذلك الوعي لابد للأب أن يكتسبه وليعلم انه ربان سفينة لا تنجو بعد لطف الله إلا به والتي بكل تأكيد تتعرض للغرق إن أهملها
فإن أحسن الأب اختيار الزوجة قبل أن يصبح أباً وأعد لتربية أبنائه عدته قبل أن ينجبهم وأدار المنزل في وجوده وفي عدم وجوده بشكل جيد مدروس قائم على المعرفة وليس العشوائية أو الارتجالية وأيقن أن الطفل مشروع له دراسة جدوى ومدخلات لكي يعطي نتائج أمكنه تحقيق النجاح في مشروعه بعون الله وإرادته والتوفيق منه تعالى ولكن التخبط من قبل الأب في أساليب متناقضة والسعي وراء نزواته ورغبات زوجته حتى لو كانت غير مبررة حتماً ستخرج أبناء يعانون من التناقضات في شخصياتهم نتيجة للإهمال الذي وقع فيه الأب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) والحنان من الأب والأم أهم عوامل علاج المشاكل النفسية عند الأطفال (لاتكن ليناً فتعصر ولاصلباً فتكسر)
أي يجب على الأب تحقيق المعادلة السحرية بين الشدة واللين ويجب على الأب أن يدرس سلوك طفله قبل أن يصدر رد الفعل تجاه ذلك السلوك ليعرف مبرراته ويسأل نفسه قبل أن يعاقبه لم أتى بذلك السلوك؟ ولايجب أن تتسم تصرفاته حيال بنيه بالغوغائية فالأب الأهوج يفسد كل شيء ويزيد الطين بلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وأن لا يقوم الأب بانتقاد الأم أمام الأبناء أو يبالغ في التقليل من قيمتها أو شأنها ودورها الذي تقوم به بل عليه إظهار ذلك الدور أمام الأبناء والمدح فيه حتى يعرفوا لأمهم قيمتها ومكانتها التي تستحقها فيزداد احترامهم لها
وإن أحب مناقشتها في شيء ناقشها على اختلاء بينهما وبصوت خفيض بعيداً عن الأبناء وبأسلوب عقلاني واعي
(ما كان اللين في شيء إلا زانه ومانزع من شيء إلا شانه) وليعلم الأب أن زمان سي السيد قد ولى وأن التربية بالعنف والعقاب الدائم لا تأتي بخير بل بأفراد عاجزين عن إبداء رأيهم والتكيف مع الحياة
ولكن الأب العطوف الذي يعد نفسه في وسط أبنائه واحداً منهم ويناقشهم ويترك لهم الفرصة لإبداء آرائهم والتفاعل معها هو المربي الحق الذي تؤتي تربيته ثمارها المرجوة منها
يجعل الوسيلة بينه وبين زوجته وبنيه الحوار
ويعودهم على آدابه وأصوله وطرقه ويحاول تعليمهم العقلانية في النقاش وتلمس الدليل في إثبات وجهة النظر والتراجع عند معرفة أنها خطأ وأن لا يكونوا فقط عاطفيين في تعاملهم مع مايوا جهم من صعوبات وعقبات والأب الحاذق هو الأب الذي يجعل جميع أفراد أسرته في انتظار عودته كبيرهم وصغيرهم فلا تربية قسرية تتسم بالعنف والوعيد والعقاب والتهديد ولاتربية ارتجالية تتسم بالإهمال والتسيب بل مراعاة ومتابعة (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته)
الأب التربوي هو الذي يعلم متطلبات بنيه النفسية ومدى تقبلهم لكلامه وطريقة تعامله معهم ويتقبل بصدر رحب مآخذهم على طريقته حتى يحسن على الدوام من تلك الطريقة أو هذه فيتحسن مستوى أداءه في المنزل مثلما يسعى لتحسين مستوى أداءه في العمل حباً في إثبات ذاته أو التميز
نقطة أخرى: يجب أن يعلم الأب أنه لو أخطأ في أحد قراراته فلا عيب أن يتراجع عنه أمام أسرته لأنه في ذلك يربيهم على الاعتراف بالخطأ والعدول عنه عند تبينه (الاعتراف بالحق فضيلة) كما أنه يجب أن يراعي دوماً إغداق الحنان والرعاية والود الدائم لزوجته بالكلمات والحركات حتى يشبعها ففي إشباعها العاطفي مردود على تربية أبنائه فلو لم تمتلك الأم الحنان ما أعطته (ففاقد الشيء لا يعطيه)
والزوج هو مصدر الحنان بالنسبة للأم ويجب على الأب أن يثير مع بنيه قضايا هامة في نقاشاته ليعودهم علو الهمة والبحث في المهمات والبعد عن التفاهات ويعل من تواجده في المنزل المتعة والفائدة لهم في آن واحد ويثير فضولهم للعلم والأدب بالحوافز والمسابقات.
ومهمة أخرى تقع على عاتق الأب يهملها كثير من الآباء وهي متابعة الأبناء خارج المنزل في المدرسة والطريق ومع الرفاق وعند الجيران وفي النادي ولدى الأقارب
وأن لا يعطي الأمان في تحركهم وغياباتهم أبداً بل يعطي الثقة ثم يتابع فالمتابعة للابن خارج حدود المنزل ضرورية من قبل الأب ومراقبة السلوك هنا للتعديل والتصحيح والتدخل عند الضرورة
وليس هناك مانع في أن يقيم الأب لذلك علاقات مع رفقاء بنيه ليساعدوه في تلك المهمة فالفساد في كل مكان والحذر واجب عند اختلاط الأبناء بغيرهم دون أن يشكك فيهم علانية أو ينتقد أحداً من رفقائهم فيجرحه أمامهم حتى
لا يتسرب العناد لنفوسهم فيخفوا علاقاتهم عن الأب
بل يحاول الأب تقويم السلوك الشائن لدى الأصدقاء ببيان السلوك الجيد للأبناء وإحداثه للمقارنة بين النموذجين فطرح البديل الجيد أقصر الطرق لعلاج السلوك الشائن ويترك بعدها الابن يقرر بنفسه البعد عن ذلك الصديق السيئ.
إن الديمقراطية في التربية وتوسيع مساحة الحرية المسئولة لهو أفضل السبل لإخراج شاب سوي وفتاة سوية
لابد للأب أن يراوح بين اللين والشدة وأن يكون أقرب للين من للشدة وأقرب للعفو منه لتوقيع العقوبة وأقرب للرحمة منه للقسوة وأن لا يجمع للطفل عقوبتين لجرم واحد ولايعاقب الطفل حتى ينصحه ولايعاقبه حتى يخبره عن سبب عقابه ويحقق قبل أن يعاقب قال تعالى يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا)
ويجب على الأب أن لا يكرر انتقاده لزوجته على اختلاء كثيراً حتى لا يحبطها والمدح في النساء يأتي بما لايأتي به النقد والتوبيخ وأن يكون الأب مع بنيه كريماً سخياً فيعودهم الكرم والسخاء وأن يكون دوماً عفيفاً طاهراً نقياً فيعودهم العفة والنقاء
وأن يكون في تصرفاته لبيباً ذكياً فيعودهم حسن الفهم والذكاء وأن ينتقي أفضل الأخلاق فيصبح فاضلاً ليمسي الأبناء من الفضلاء فلا يعرف خلقاً فاضلاً إلا ويأتيه أمامهم حتى يعرفوه
ولاسلوك حسن إلا ويرشدهم إليه ويلح في ذلك حتى يحبوه ولاعمل صالح إلا ويعودهم عليه ويثابر على ذلك حتى يألفوه ولاسبيلاً للخير إلا سلكه أمامهم وداوم على ذلك حتى يسلكوه
ويتمثل أمامهم مجسداً قول الله عز وجل (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له)
دور الأب في تربية بنيه خطير وهو ربان سفينتهم إما ينجيها وينجو معها وإما يغرقها ويغرق بها. ويجب على الأب أن يقضي معظم وقته بعد العمل في بيته يتابع بنفسه سلوكيات الأبناء ويتدخل للتعليق والتصحيح كلما دعت الضرورة
لذلك ويغير من أساليب التقويم لديه حتى لا تؤخذ عليه لازمة ولايعاقب على خطأ غير مقصود أو إكراه أو نسيان تأسياً برسولنا الكريم حيث قال رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)
ولايعاقب على الخطأ الأول لأنه يحتمل فيه الجهل بضرره من قبل الابن وينوع من أساليبه وردود أفعاله تجاه الأبناء كل حسب مشربه وتقبله وتأثره يجب أن يعلم الوالدان أنهما المحطة الأولى والأكثر أهمية والرئيسية في تربية الطفل لإعداده للحياة بكاملها عن طريق عملية التطبيع الاجتماعي
ويجب عليهما أن يعداه الإعداد الجيد قبل خروجه إليها وتعرضه خارج المنزل للتناقضات التي قد تودي به للانحراف إن لم يكن معداً من قبل للتعامل معها والتفاعل مع المحيط به ففي المجتمع الصغير وهو الأسرة يعد الفرد لخوض غمار الحياة في المجتمع الكبير بكل ما يحتويه من إيجابيات ومساوئ بأنماط بشرية متعددة ومتباينة.
إذاً فمهمة الوالدين جسيمة وهي إعداد ذلك الفرد لكي يقذف به في أمواج عاتية بين ملتزمين ومفرطين وأسوياء وجانحين ومتزنين ومتوترين وعليه يجب أن يكون مؤهلاً للتعامل السوي مع كل تلك الفسيفساء العجيبة التي تسمى (المجتمع )
وقبل أن ننتقل إلى تناول الإشكاليات التي تحدثها المؤسسات التربوية الأخرى غير الأسرة كالمدرسة نتناول إشكاليات تخص الأبناء أنفسهم وتكون مؤشر على عدم السواء النفسي لهم وتتعدد العوامل المسببة لتلك المشكلات.
الأبناء كإشكالية من إشكاليات التربية
تتنوع المشكلات النفسية التي تصيب الأبناء أثناء تطبيعهم الاجتماعي والتي قد يسببون بها لأنفسهم ولوالديهم وللآخرين ممن حولهم المتاعب والإزعاجات والمضايقات والتي تعتبر من دلائل عدم السواء النفسي والاجتماعي وتتنوع مشكلات الطفولة والمراهقة كما تناولها د / محمد جميل منصور في كتابه (قراءات في مشكلات الطفولة) الصادر عن مكتبة تهامة ـ جدة ـ المملكة العربية السعودية
والذي أدعو كل أب لاقتنائه والاطلاع عليه وقراءته بتمعن وروية لما يحتوي عليه من معلومات قيمة جداً في ذلك المجال وتتميز بالأسلوب السهل البسيط يتناول الكاتب الأفعال اللاإرادية الغير مقبولة لدى الكبار مثل قضم الأظافر والمص للأصابع والمشي اثناء النوم وهلاوس النوم والأرق والتبول اللاإرادي والخوف والقلق وبين سلوكيات شديدة الانحراف مثل العدوانية والسرقة والكذب
وبين ظواهر تكون نتيجة لخلل نفسي أو جسماني مثل التأخر الدراسي والسلوك التوافقي كالتهتهة والوسواس القهري وتأخر الفطام النفسي والاكتئاب ويتناول الكتاب تصنيفات كل مرض أو مشكلة والعوامل المؤدية لوجوده والاستعدادات والدوافع لدى الطفل للإصابة به مع بيان للدراسات النفسية والسلوكية التي أجريت عليها ونتائج تلك الدراسات وعرض لكيفية قيام الوالدين بعلاج تلك الأمراض والتغلب عليها يقول الكاتب ( يعمل الآباء على تعديل وتوجيه سلوك أطفالهم بما يتفق مع المعايير الاجتماعية ويحدد نوع التفاعل بين الكبار والطفل خلال عملية التطبيع الاجتماعي هذه لتكوين نوع شخصيته فيما بعد ’ فالطريقة التي يتبعها الآباء في تشكيل سلوك الطفل تؤثر بشكل واضح على صحته النفسية )
ويضيف الكاتب فيقول (إن مقتضيات الحياة الاجتماعية تستلزم من الآباء العمل على تحقيق مستويات عالية من الخبرة والنضج لدى أبنائهم ومن الطريقة التي يتبعها الآباء في معاملة الطفل تنشأ المشكلات النفسية والاضطرابات السلوكية فقد يؤدي أسلوب من أساليب المعاملة للوالدين أثناء إشباع حاجات الطفل المختلفة إلى الصحة النفسية والسواء النفسي وقد يؤدي اختلال أسلوب الإشباع إلى نشأة الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية بأنواعها)
ويعزو الكاتب هنا كل مشكلات الطفولة وعدم السواء النفسي إلى الوالدين ولكنه يعود فيوضح أن هناك عوامل متداخلة مثل العوامل الوراثية والعيوب الجسدية والخلقية والاستعدادات النفسية لدى الطفل نفسه مما يدعونا للقول إن الطفل نفسه قد يكون عاملاً من عوامل نشأة تلك الأمراض وليس الوالدين أو العوامل اللاإرادية فقط.
وتعتبر مشكلات عدم التوافق النفسي والاجتماعي لدى الطفل كالعناد والتمرد على الكبار والعدوانية والغيرة والاكتئاب وغيرها من المعوقات التي تستنزف جهود المربين وتشعرهم أحياناً بالإحباط وتعيق الحصول على النتاج المرجو لعملية التربية برمتها وهو (الإنسان السوي)
كما أسلفنا ولكل من تلك المشكلات عواملها المؤدية إليها وملامح وجودها عند الطفل وطرق علاجها ولأن مشكلات الطفولة لها أثرها البالغ على سواء الطفل واكتمال شخصيته واكتمال عملية التطبيع الاجتماعي
كان لابد من اهتمام الوالدين باكتشافها ومعرفة العوامل المؤدية لوجودها والسعي في علاجها بعد معرفتهم الطرق التربوية للعلاج لكل مشكلة على حدة في وقت مبكر دون قنوط أو تخبط في العلاج حتى يجتاز الطفل تلك العقبات عند تعامله مع أفراد المجتمع والذين لن يغفروا له تلك السلوكيات المنحرفة فيتعرض للنبذ والذم،
واكتشاف الوالدين المبكر للأعراض السلوكية المرضية وسرعة تشخيصها وعلاجها يوفر الكثير من الوقت والجهد في ذلك العلاج فالأمراض النفسية كالأمراض البدنية الاكتشاف المبكر والعلاج المبكر لها يسرع من عملية الشفاء وهناك سمة للأمراض النفسية وهي تداخل العوامل المسببة لها
وعلى ذلك لابد للوالدين أن يكونوا ذو خبرة عالية في تحليل سلوك طفلهما لمعرفة الأسباب الحقيقية المسببة لوجود المرض النفسي لديه فمثلاً عندما يعلم الوالدان أن أحد أبنائهما يسرق فلا يجب أن يعاقباه من فورهما بل عليهما معرفة الأسباب التي أدت لإتيانه ذلك السلوك ثم محاولة تلافيها ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الإرشاد إلى أن السرقة عمل غير مشروع مع بيان عقوبتها وخطرها ولماذا هي عمل غير مشروع وهكذا حتى يعي الطفل الضرر الذي أحدثه بفعله فيقلع عن ذلك السلوك وبذلك يكون الوالدان قد قاما بتعديل سلوك طفلهما بطريقة تربوية صحيحة كذلك الغيرة عند الأطفال
قد يكون المسبب لها عدم التعامل بنفس الكيفية من قبل الوالدين مع كل أبنائهما فيميزون بقصد أو دون قصد أحد الأبناء على الآخر وذلك من المسببات للسلوك غير السوي والعدوانية لدى الطفل الذي يشعر بتميز أخيه عنه وأنه مضطهد ويمكن أن يكن السبب هو الطفل نفسه لأنه لا يملك من مقومات التميز ما يملك أخاه كالذكاء وسعة الحيلة وغيرها فيغير منه لتميزه ويشير الكاتب في الكتاب سالف الذكر أن التغذية وتوازنها من العوامل الهامة للسواء النفسي للطفل وأن هناك مشاكل تنشأ من وضع الطفل داخل الأسرة كالطفل المدلل (الوحيد)
والطفل الأول أو الأخير ويتناول الكتاب التحليل الوافي لكل مشكلة من مشكلات اضطراب السلوك في الطفولة من وجهتي نظر
1 ـ مدرسة التحليل النفسي
2 ـ المدرسة السلوكية ويمتد الكتاب لتناول تلك المشكلات في مرحلة المراهقة كالشعور بالذنب والمشكلات الجنسية ومكملات فهم الذات ويتناول العوامل المسببة لحدوث كل مشكلة مثل العوامل الوراثية والعيوب الخلقية والاستعدادات النفسية والعوامل الأخرى الاجتماعية التي يتسبب فيها الوالدان والمحيطين بالطفل مثل الرفاق والجيران والأقارب عن طريق الاحتكاك والتقليد والمحاكاة.
وبسبب غزارة المادة التربوية والعلمية في تلك النقطة سوف أحيلك عزيزي القارئ إلى ذلك الكتاب (قراءات في مشكلات الطفولة) للدكتور / محمد جميل منصور نحن على يقين من أن المعرفة الشاملة بسلوكيات أبنائنا وتحديد السلوك الحسن من السلوك غير المتوافق يستدعينا إلى معرفة ما هو السلك المتوافق؟ وماسمات الطفل المتوافق؟
ثم تحديد مظاهر السلوك غير المتوافق والأسباب المؤدية إليه لدى الأبناء ثم المعرفة بطرق تلافي تلك السلوكيات وتقويمها للوصول بالطفل إلى السلوك المتوافق خصائص الطفل المتكيف • قادر وراغب في تحمل المسئوليات الملائمة لسنه
- يشارك بسعادة في الخبرات الخاصة بكل مرحلة من مراحل عمره المتتابعة
- يتقبل برغبة المسئوليات الخاصة بدوره في الحياة
- يهاجم المشكلات التي تتطلب حلولاً
- يستمتع بالهجوم لإبعاد العقبات التي تعترض طريق سعادته
- يتخذ قراراته بأقل قدر من الهم والصراع ويتقبل النصائح
- يثبت على اختياره الذي قام به حتى يتأكد أنه خاطئ فيعدل عنه
- يحصل على إشباع رغباته الأساسية عن طريق إنجازات حقيقية لا خيالية
- يستخدم تفكيره ويخطط للعمل لا التأجيل والهروب
- يتعلم من أخطائه بدلاً من تقديم أعذار ومبررات لها
- لا يبالغ في نجاحاته ولايربطها بمجالات أخرى لا تتعلق بها
- يعرف كيف يعمل عندما يعمل؟
- يمكنه أن يقول لا للمواقف التي تضر بميوله المفضلة • يمكنه أن يقول نعم للمواقف التي في صالحه • يبدي غضبه مباشرة عندما يضار أو عندما يعتدى على حقوقه
- يبدي حبه مباشرة وبصورة ملائمة من حيث النوع والمقدار
- يمكنه تحمل الألم والإحباط الوجداني عند الضرورة
- يمكنه أن يسوي مشاكله عندما يواجه صعوبات
- يمكنه أن يركز جهوده على الهدف الذي يعد مهماً له
- يتقبل كون الحياة كفاحاً لا ينتهي.
- يستشيط غضباً لأقل إثارة أو استفزاز
- يبدي علامات الهم والقلق الزائد عن الحد
- كثيراً ما يبدو مكتئباً ونادراً ما يبتسم أو يمزح
- تكرار سرقة أشياء صغيرة رغم التعرض للعقاب القاسي
- كثيراً ما يبدو غارقاً في أحلام اليقظة
- يبدي حساسية زائدة نحو الأمور التافهة سواء كانت واقعية أو خيالية
- القسوة الشديدة على الصغار من الأطفال أو الحيوانات الصغيرة
- قلق غير عادي نحو تحقيق الدقة في أموره
- تكرار التعبير عن الفكرة التي عوقب عليها أكثر من غيره
- العجز عن تجنب السلوك السيئ حتى مع تكرار تحذيره منه وعقابه
- اهتمام بالغ بالمظهر الجسدي
- يلجأ دائماً إلى الكذب ليبرر غاياته • العجز التام عن اتخاذ قرار حتى مع أبسط الأمور
- العداء نحو أي نوع من السلطة
- الاستهداف الدائم للحوادث
- صعوبة إرضائه وضعف شهيته للأكل وأحياناً ذبوله
- الإصابة بالتبول اللاإرادي
- الهروب
- التطرف في نقده للآخرين والتزمت في أحكامه الخلقية
- النشاط الزائد المستمر المشتت
- تكرار الأفعال التخريبية
- إغاظة الآخرين عند شعوره بالنبذ
- يستخدم الفظاظة لجذب انتباه الآخرين
- يسقط لومه على الآخرين ويبرر أفعاله عندما ينتقدونه
- يشي بالآخرين ليشد انتباه الكبار وتقبلهم له
- التظاهر بعدم رغبته في الشيء
وخيبة الأمل بالإقلال من قيمة الأشياء التي لم يتمكن من تحقيقها.
أمور يجب على الآباء مراعاتها عند تربيتهم أبنائهم
- أن يثبت إحساس الطفل بالأمن
- أن يغرس ثقة الطفل بنفسه
- أن يشعر الطفل بأنك تحبه
- أن يشعر الطفل بأنك تريده وأنه مهم لديك
- أن يكون الطفل شخصاً محبوباً بين زملائه
* أن يكون متسامحاً مع الآخرين ومتفهماً لهم
* أن يكون متقبلاً لما تمليه السلطة من ضوابط
* تحمل المسئولية تجاه نفسه
* تحمل المسئولية تجاه الآخرين بأن يحسن القيام بالعمل الذي يكلف به
* أن يجعله يحب منزله وأعضاء أسرته
* أن يضع الأب أمام الطفل نماذج طيبة من العلاقات الأسرية يقتدي بها
* معالجة أي سلوك غير طيب بمجرد ظهوره
* أن يفسر للطفل لماذا يعد سلوك ما سلوك غي مقبول؟
*أن يعطي الطفل الفرصة ليفسر له لماذا قام بالسلوك الخاطئ
* أن يتوقع من الطفل أن يقوم بسلوك الكبار الناضجين
* أن يعرف الطفل أن عليه مسئوليات تجاه أسرته كما يفعل الآخرين
* عقد اجتماعات أسرية كل أسبوع تتسم بالصراحة والود وإبداء وجهات النظر دون ضغوط
* الموافقة في أن يكون له أصدقاء وأصحاب يتزاورون معاً
* تعديل أنانية الطفل قبل أن تصبح عادة تحرمه من صحبة الآخرين
* العمل على تقليل حالات الشجار وعدوان القوي على الضعيف وإغاظة طفل لآخر والنميمة
* تحميل الطفل بعض المسئوليات الاجتماعية مثل استقبال الضيوف
* تشجيع الطفل على اللعب مع أقرانه على اللعب مع دماه ولعبه
* تشجيع الطفل على أن يكون قائداً وزعيماً وتابعا أيضاً
* تشجيع الطفل على مواجهة الغرباء
* تشجيع الطفل على مواجهة المواقف الغريبة والجديدة
* إتاحة الفرصة للطفل ليقابل أطفالاً آخرين بمناسبة وبدون مناسبة
* مشاركة الطفل في ألعابه والاهتمام بها وعدم السخرية من لعبه
* أن تعرف ماذا يفعل عندما يعوقه الطفل عن أداء واجباته
* أن يعرف ماذا يفعل عندما تزداد مقاومة الطفل وعناده
* أن يعرف ماذا يفعل لكي يجنب الطفل الحوادث المنزلية والمواد الخطرة والأدوات الحادة. وسوف نتابع بعد ذلك نموذج من النماذج الشائعة للسلوك اللاتوافقي وهو (العدوانية) أسبابها وطرق علاجها بعون الله نموذج لمشكلات التربية لدى الأبناء (السلوك العدواني)
يعد السلوك العدواني من أكثر أنواع السلوك الغير متوافق شيوعاً عند الصغار
وهو سلوك غير مقبول اجتماعياً يقوم به الطفل نحو نفسه أو والديه أو الآخرين أو نحو الجمادات أيضاً بقصد الإيذاء
وإلحاق الضرر كالضرب أو السب أو تحطيم الأشياء ولابد للوقوف على العلاج الناجع لذلك السلوك الضار وتلافيه أن يعرف الوالدان الأسباب والعوامل التي تدعو لسلوك الطفل للعدوان ومن ثم اختيار الأساليب المناسبة للتقويم والمعالجة التربوية الصحيحة
الأسباب الشائعة للسلوك العدواني
1 ـ وجود مواقف محبطة يتعرض لها الطفل تدفع الطفل نحو مهاجمة الشخص أو الموضوع الذي يعترض طريقه
2 ـ إظهار الطفل الغضب عندما لا يتمكن من التعبير المباشر عن غضبه من الشخص أو الموضوع الذي يضايقه
3 ـ إذا كان الأب يتسم بالعدوانية فإن الطفل يتخذ نفس السلوك توحداً معه
4 ـ تساهل الآباء مع السلوك العدواني يجعل الطفل يتمادى فيه
5 ـ نبذ الآباء للأبناء
6 ـ الرغبة من الطفل في جذب الانتباه
7 ـ رغبة الطفل في استعراض تفوقه
8 ـ الحاجة إلى حماية الذات عندما يدافع الطفل عن نفسه ضد من يهاجمه
9 ـ التوحد والتقليد لبالغ أو كبير عدواني من الأقارب أو الجيران
10 ـ التوحد أو التقليد للخصائص العدوانية التي تقدمها أجهزة الإعلام مما قد يجعل الطفل يعتقد أن الشجار والصراع سلوك مرغوب فيه
11 ـ العقاب البدني للسلوك من قبل الوالدين يثير الرغبة في العدوان والعنف لدى الطفل كرد فعل على العقاب
12 ـ التوترات الانفعالية الناتجة عن الضغوط الأسرية والتي لا تتضمن الطفل
13 ـ عدم تقبل الطفل من قبل الكبار أو من قبل زملائه وجعله محوراً لتهكمهم وسخريتهم والنفور منه
14 ـ عدم فهم الكبار لدورهم في وقف الصراعات بين الصغار يزيد من عدوانية الصغار علاج السلوك العدواني والمشكل
1 ـ حاول التوصل إلى السبب الذي يجعل الطفل عدوانياً أو يميل إلى السلوك العدواني فإذا عرف السبب أمكننا التوصل للحل السليم
2 ـ ساعد الطفل أن يصبح على وعي كامل بما يفعله ويدرك أن سلوكه خاطئ
3 ـ شجع الطفل على أن يطلب منك أن تساعده على تغيير السلوك الذي يعوقه عن النمو السليم 4 ـ شجع الطفل أن يستبدل السلوك المشكل بسلوك مفيد له بتوفير البديل
5 ـ حاول أن تستبدل كل سلوك مؤذ له ومؤد إلى اضطرابه بسلوك يساعده على حسن التوافق ويساعد على إشباع نفس الحاجات التي كان يريد إشباعها عن طريق السلوك السيئ
6 ـ اجعل السلوك الجديد أكثر جاذبية للطفل من السلوك العدواني بربطه بالجزاء الحسن والتشجيع
7 ـ لا تترك فترات انقطاع طويلة لتقويم السلوك الشائن حتى لا يتثبت عند الطفل ويصبح عادة يصعب عليك اقتلاعها مما يجعل التخلي عن ذلك السلوك صعب على الطفل وغير مشجع
8 ـ شجع الطفل أن يكون نشيطاً فالأطفال النشيطون في اللعب يستهلكون كثيراً من طاقاتهم التي قد تتحول إلى سلوك غير مرغوب فيه
9 ـ عدم إهمال الطفل وعدم كبته أو التهكم أو السخرية منه أو نبذه
10 ـ عدم إتاحة الفرصة للأطفال لمشاهدة المناظر العنيفة على التلفاز أو غيره والتي تعتبر سلوك غير مرغوب فيه حتى لا يظن أنها سلوكيات مقبولة فيقلدها وكذلك عدم إتاحة الفرصة له لممارسة الألعاب العنيفة التي تتسم بالصراعات أو الضرب أو التحطيم
11 ـ تقييد حركة الطفل ونشاطه يؤدي إلى سلوكيات غير مرغوب فيها فيجب إتاحة الفرصة للطفل لممارسة هواياته المقبولة اجتماعياً كالرسم وغيره من الفنون والفك والتركيب حتى يستغل طاقاته فيما يفيد.
وليعلم ولي الأمر الأب المربي أنه هو والأم أحد العوامل المسببة في وجود السلوك العدواني لدى الطفل بقصد أو دون وعي وعلى ذلك يجب أن يفتش الأب والأم في سلوكياتهما تجاه الأبناء ليتلمسا الخطأ فيها فيتلافوه والصواب فيها فيدعموه ويلتزمونه حتى يعالجوا عدوانية أبنائهما وأهم عامل في العلاج هو بث الوعي في ذهن الطفل وغرس ثقافة التسامح وتقبل أخطاء الآخرين وتقصيرهم وغرس القيم الدينية التي تحض على حفظ الممتلكات وعدم الإضرار بالغير وبيان العقوبات الدنيوية والأخروية
لذلك إن كان عمر الطفل يتقبل تلك المفاهيم وتعويد الطفل على قراءة القرآن فهو شفاء لما في الصدور ويعود الطفل على الهدوء والروية وإيكال الأب لطفله مسئوليات تناسبه وتشغله عن السلوك العدواني كالتكليف بمهمات عائلية أو غيرها وتغرس فيه أنه قيمه وأنه يمكن أن يعتمد عليه ويصبح مفيداً في نظر الآخرين فيشعر بقيمته فتقل عدوانية نتيجة لذلك حينما كنت في السادسة من عمري، أراني ابي ثمرة برتقال كبيرة داخل زجاجة عادية فتملكني العجب كيف دخلت هذه البرتقالة الكبيرة من فوهة الزجاجة الضيقة ؟!
وحاولت إخراجها فلم استطع ..
.وسألت أبي كيف دخلت ؟!فأخذني ابي الى حديقة المنزل
وجاء بزجاجة أخرى فارغة وربطها في غصن شجرة برتقال حديثة الثمار ،ثم أدخل في الزجاجة إحدى الثمرات الصغيرة وتركها ..ومرت أيام فإذا البرتقالة تكبر وتكبر ..وإذا
هي لا يمكن إخراجها. وحين عرفت السر وزال عجبي ،قال لي ابي :"سوف يصادفك كثير من الناس الذين بالرغم من ذكائهم وثقافتهم ومراكزهم قد يسلكون مسلكا لا يتفق مع مراكزهم وتعليمهم ،ويمارسون عادات ذميمة لا تناسب مكانتهم ،
وسوف يزول عجبك حين تدرك ان تلك العادات الذميمة قد انغرست في نفوسهم منذ حداثتهم فنمت معهم ،وتعذر تخلصهم منها كما يتعذر إخراج البرتقالة الكبيرة من الزجاجة !!! وكأنما نقشت هذه الكلمات في ذاكرتي فلم أنسها بعد ذلك ..
وكانت لي نعم العون على اجتناب العادات السيئة قبل أن تكبر معي ويستفحل أمرها ولا أستطيع التخلص منها !!
الحروب وأثرها النفسي على الأطفال
يقوم الخبراء والمحللون المختصون خلال الحروب أو بعد انتهائها بإجراء الدراسات والتحليلات للآثار السياسية والاقتصادية والعسكرية والبيئية وغيرها التي ترتبت على هذه الحرب أو تلك. والقلة من هؤلاء المختصين يتصدون لبحث الآثار النفسية والمعنوية لتلك الحروب على المدنيين بشكل عام، والأطفال على نحو خاص.
لاسيما وأن فلسطين والعراق تشهدان حربا مروعة، ترمي بظلها الثقيل على أطفال فلسطين والعراق، لتحفر في ذاكرة أطفالهما صورا لا تنسى ، تؤثـّر على صحتهم النفسية، وتسبب الآفات التي يصعب علاجها، والتي قد تتحول إلى آفات نفسية مزمنة . يتابع الكثيرون - في هذه الأيام- ما تبثه شاشات الفضائيات المختلفة من صور القتل والتدمير.. الذي تنفذه قوات الاحتلال في فلسطين والعراق.
ولا ندري أهو من حسن الحظ أم سوئه أن هذه الصور عادة ما تمحى بعد فترة من الزمن من ذاكرة من شاهدها ولم يعشها. ولكن ـ وبالتأكيد ـ أن هذه الصور لا تزول من ذاكرة من عاش أحداثها الحية، فأحس بالرعب والقلق جراء تعرض حياته للخطر ، أو بالأسى والحسرة لفقدان عزيز أو بيت كان يأويه أو حقل كان يقتات من خيراته . وحسب علماء النفس، فإن الكبار أقدر على تحمل الصدمات من الأطفال.
لذا فإن الحروب وما يصاحبها من أهوال ونكبات ، يكون أثرها النفسي أكبر بكثير على الأطفال ، وهذا مالا يدركه الأهل في حينه ، إنما يبدؤون باكتشاف أثاره بعد تفاقم الحالة النفسية للطفل، وتحول مشاعر الفزع والرعب إلى آفة نفسية مزمنة تحتاج للعلاج والمداواة لفترات زمنية طويلة ومديدة .وليس في قولنا ما يعيب،
إذا اعترفنا بتقصيرنا ـ عربيا ـ في مجال الرعاية النفسية وتأمين الوسائل الضرورية لاحتواء ردة فعل الصدمات على الأطفال ، في حين أن غالبية الدول الغربية تقوم بتوجيه الأهل ـ عبر كافة الوسائل المتاحة ـ إلى كيفية التعامل مع الأطفال ليس فقط في مواجهة الحرب إذا دارت على أرضهم ، بل تتجاوز ذلك إلى الاهتمام بالتوازن النفسي للأطفال لاستيعاب الحروب التي تدور في دول أخرى بعيدة ،
وذلك للحيلولة دون تأثر الطفل من مشاهد المجازر الإنسانية على شاشات التلفزيون ، خاصة إذا كانت جيوش تلك الدول هي صانعة هذه المجازر والنكبات . وقد عمدت بعض المدارس إلى إضافة حصص دراسية في مناهج الأطفال لتهيئتهم لاستيعاب كل ما يمكن أن ينجم عن الحروب، دون صدمات نفسية أو آثار مترسبة. ويؤكد المختصون أن أخطر آثار الحروب، هي ما سيظهر بشكل ملموس لاحقاً في جيل كامل من الأطفال الذين سيكبرون ممن نجا منهم وهو يعاني من مشاكل نفسية، قد تقل خطورتها أو تزيد حسب استيعاب ووعي الأهل لكيفية مساعدة الطفل على تجاوز المشاهد المروعة التي عاشها أو شاهدها .
ومن المؤكد أنه يمكن التقليل من الآثار النفسية السلبية في هذه الحالات ، إذا تذكر الأهل الجانب النفسي للطفل في الأوقات العصيبة، وجهدوا لمعالجتها في حينه
ردود فعل الأطفال إزاء الانفجاريات ويصنفها إلى :
1 ) ردود الفعل الأولية : وتشمل ، التخدير الحسي عند سماع الانفجار، ثم الانتقال إلى مرحلة عدم استيعاب الحدث ، يتبعها مرحلة الهستيريا من الصراخ والبكاء
2 ) ردود الفعل قريبة الأمد :
وهي صعوبات التفكير وحالة من القلق والاضطرابات
3 ) ردود الفعل متوسطة الأمد : فيها يبدأ الإنسان بالشعور بعدم الاطمئنان ، وأحياناً الإحساس بالذنب ( إذا كان ناضجا ) لعدم قدرته على تقديم المساعدة، وقد تنتابه حالة من الغضب الناتج عن العجز، وهذا يؤدي إلى انتكاسات نفسية وجسدية .
4 ) ردود الفعل الطويلة الأمد: تعتمد على قدرة الإنسان على التكيف مع الأحداث. عند تعرّض حياة الإنسان لخطر مفاجئ، أو رؤية مشهد مفزع أو سماع خبر مفجع،
فإن ذلك يتسبب في حدوث صدمة نفسية للمتلقي. ومفردة " الصدمة " تستخدم عادة للتعبير عن التأثر النفسي الشديد.
وتعريف هذه الحالة والمعروفة بـ trauma" " بشكل مبسط، هي حالة من الضغط النفسي تتجاوز قدرة الإنسان على التحمل والعودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها، دون آثار مترسبة.
وقد قام المختصون بتعريف الصدمات النفسية بأشكال مختلفة يعتمد كل منها على التجربة الفردية الخاصة نحو الحدث الذي أدى إلى الصدمة
ويعتبر أكثرها أثراً هو ذلك النوع من الصدمات التي تهدد الحياة، أو حدوث الإصابات الجسدية والمفاجآت الخارقة للعادة ، فتجعل الإنسان في مواجهة الخوف من الموت أو الإبادة أو الإيذاء بشتى أشكاله .
« تعتبر الصدمات التي يتعرض لها الطفـل بفعل الإنسـان أقسـى مما قد يتعرض له من جراء الكوارث الطبيعيـة وأكثر رسـوخاً بالذاكرة ، ويزداد الأمر صعوبة إذا تكررت هذه الصدمات لتتراكم في فترات متقاربة .
ومن معوقات الكشف عن هذه الحالات لدى الأطفال هو أنه يصعب عليهم التعبير عن الشعور أو الحالة النفسية التي يمرون بها بينما يختزلها العقل وتؤدي إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل أو البيئة المحيطة بهم من احتواء هذه الحالات ومساعدة الطفل على تجاوزها » .
أن هذه الصدمات قد تتصاحب بحالات من الفوبيا المزمنة من الأحداث أو الأشخاص أو الأشياء التي رافقت وقوع الحدث ، مثل الجنود ، صفارات الإنذار، الأصوات المرتفعة، الطائرات ..
وفي بعض الأحيان
يعبّر الطفل عن هذه الحالات بالبكاء أو العنف أو الغضب والصراخ أو الانزواء في حالات من الاكتئاب الشديد ، إلى جانب الأعراض المرضية مثل الصداع ، المغص ، صعوبة في التنفس ، تقيؤ ، تبول لا إرادي ،
انعدام الشهية للطعام ، قلة النوم ، الكوابيس ، آلام وهمية في حال مشاهدته لأشخاص يتألمون أو يتعرضون للتعذيب .
وفي حال مشاهدة الطفل لحالات وفاة مروعة لأشخاص مقربين منه أو جثث مشوهة، أو حالة عجز لدى مصادر القوة عند الطفل ( الأب والأم على سبيل المثال) يصاب عندها الطفل بصدمة عصبية قد تؤثر على قدراته العقلية .
ويأتي أخير دور الأهل في الرعاية النفسية للطفل في الظروف الاستثنائية، وهذا الدور يفوق في أهميته دور الطبيب المعالج ، لأن دور الأهل هو دور وقائي، أما دور الطبيب فهو دور علاجي ، والوقاية أفضل من العلاج .
وخلاصة توجيهات المختصين في هذا المجال أنه على الأهل في حال تعرض الأطفال لظروف مروعة أن يبدؤوا مباشرة بإحاطتهم بالاطمئنان ولا يتركوهم عرضة لمواجهة هذه المشاهد دون دعم نفسي،
وذلك عن طريق الحديث المتواصل معهم وطمأنتهم بأن كل شيء سيكون على ما يرام ، وأنهم لن يصيبهم أذى ، مع التركيز على بث كلمات من الحب أو تشتيت فكرهم عن التركيز في الحدث المروع خاصة في أوقات الغارات المخيفة في حال وقوعها على مقربة منهم ، فهذه اللحظة هي الأهم في حياة الطفل النفسية وكلما تركناه يوجهها وحده ،
يزداد أثرها السلبي بداخله على المدى القريب والبعيد . أما الأطفال الأكبر سناً، يمكن مناقشة ما يجري معهم وإقناعهم بأنهم في مكان آمن وأن القصف لن يطالهم ، وأن الأهل قد اتخذوا كافة الاحتياطات لحمايتهم ،
مع ضرورة عدم منعهم من البكاء أو السؤال عن ما يجري والحديث عنه، فمن الضروري أن نعرف ما يدور في تفكير الطفل ، ولا ينبغي أن نتركهم يطلقون العنان لمشاعرهم في هذه الأوقات، حتى لا تتراكم الصدمات .
ويمكن تشجيعهم على الحديث بمبادرة من الأب أو الأم لتوضيح أحاسيسهم مع اختيار الأسلوب والألفاظ التي يمكن للطفل استيعابها والتجاوب معها . ولعل من أهم ما يجب أن يفعله الأب بشكل خاص ( كونه القوة المسيطرة في عقل الطفل )
هو مراقبته لتصرفاته، حيث لا ينبغي للطفل أن يشاهد أباه خائفا أو خائر القوى من الصدمة ، كما يجب على الأهل أن يحاولوا المحافظة ـ قدر الإمكان ـ على الحالة الطبيعية السائدة في المنزل قبل الحدث ،
وتدعيم القدرة على التحمل ، وتلطيف الأجواء ليبثوا الثقة والاطمئنان في نفوس الأطفال حتى لا يقعوا فريسة الأوهام والوساوس التي قد تعرض صحتهم النفسية لمرض يصعب شفاؤه .ولعل من نافلة القول ،
أن نذكر بأن المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمسؤولية عن رعاية الأطفال في فلسـطين والعراق، قد أشـارت إلى خطورة ما يتعرض له الأطفال في هذين البلدين من ضغط نفسي جراء العمليات الحربية التي تقوم بها كل من " إسرائيل " والولايات المتحدة ، وأوضحت أن أعداد كبيرة جدا منهم ، أصبحوا بحاجة لعلاج نفسي طويل الأمد
المربي الناجح
سواء كنت يا أخي في البيت أبًا، أو مُعلِّمًا في المدرسة، أو مُحفِّظًا في المسجد، وسواء كنتِ يا أُختي أُمًّا، أو مُعلِّمةً، أو مُحَفِّظةً، لكم جميعًا نُوَجِّه حديثنا؛ من أجل تربية إسلامية صحيحة لأبنائنا، نتحدث معًا وبإجمال أقربَ منه إلى التفصيل عن صفات المربِّي الناجح، وما يجب عليه أن يتحلَّى به، وما يجب عليه أن يتخلى عنه، ومن تلك الصفات:
1 – القدوة: وهي عُمدة الصفات كلِّها؛ بل تَنبني عليها جميعُ صِفات المُربِّي، فيكون قدوةً في سُلوكه، قدوةً في مَلْبَسِه، قدوة في حديثه، قدوة في عبادته، قدوة في أخلاقه وآدابه، قدوة في حياته كلها. ولقد سَبَقَ أنْ تَحَدَّثْنَا فِي الجُزْءِ الأوَّل عن ذلك تحت عنوان (الاستنساخ)، وقلنا إن الطفل إذا ما افتقد القُدوة فيمَنْ يُرَبِّيهِ، فسوف يفتَقِدُ إلى كلِّ شيء،
ولن يُفلِح معه وَعْظ، ولا عقاب، ولا ثواب، كيف لا وقد رأى الكبير يفْعَلُ ما يَنهاهُ عنه؟! وقلنا كذلك إنَّ عَيْنَ الطفل لكَ كالميكروسكوب ترى فيه الشيء الصغير واضحًا تمامًا، فالنظرة الحرام التي تختلسها، والكلمة القصيرة السريعة الَّتي تنطِقُ بِها وغيرُها، يستقبلها الصغير فيُخَزِّنها، ويفعل مثلها إن لم يكن أسوأَ، ولا تستطيع أن تنهاه،
وإلا قال لك: أنتَ فَعَلْتَ ذلِك، وأنا أفْعَلُ مِثْلَك!! طبعًا هو لا يعانِد – غالبًا – في مثل هذه المواقف؛ ولكنه يُقلِّدُكَ، فأنت الكبير وهو يُحِبِّكَ،
ويحب أن يفعل مثلما تفعل ليتشبَّهَ بكَ. فإن غضبتَ فشتمتَ فإنَّه سيشتُمُ عندما يغضَب، وإن طلبت منه شراء الدخان أو رَمْيَ باقي السيجارة، فسيشرب منها بعد ذلك ولو خِلْسَةً؛ حتَّى يتمكَّن مِن شُرْبِها بِحُرِّيَّة في أقربِ فرصة، فَهُو يُقَلِّدك وأنت الكبير، وإن خرجتِ الأمُّ مُتَبرِّجَةً فلن تستطيعَ إقناعَ ابْنَتِها بعد ذلك بارْتِداء الحجاب،
وإن نادى المؤذِّن للصلاة وصلَّيْتَ في البيت فسيصلي في البيت، وإن ذهبت إلى المسجد فسوف يُحِبُّ الذَّهاب إلى المسجد، وإن غَفَلْتَ عنِ الصلاة ساهيًا أو عامدًا فسوف يقلِّدُكَ؛ فأنت القدوة. وهكذا إن طلبت منه أن يخبِرَكَ بسِرِّ أحد، أو لعبت أمامه بدون حذاء أو بغير الملابس الرياضية، وكذا إن رآك (تُبَحْلِقُ) في صور العاريات، أو فِي الفيديو، أوِ التليفزيون، أو عاكستَ أحدًا في الهاتف... إلخ.
2 – حسن الصلة بالله: وهي منَ الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنا نقصر في صلتنا بالله، فلا نرى قلوبًا مفتوحة لنا، ولا آذانًا صاغيةً، تَستَقْبِلُ بِحُبّ ما نقولُه وما نفعلُه، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله، فكان الله - عز وجل - يُبارِكُ في القليل، فيستجيب الصغار لنا أسرعَ مِمَّا نتخيَّل، يُصَلُّون، ويُذَاكِرون، ويحفظون القرآن الكريم، ويظهَرُ مِنْهُم حُسن خلق أثناء اللعب، وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة، خاصة صلاةَ الفجر، والمداومة على ورد القرآن، وأذكار الصباح، وأذكار المساء، وكثرة الاستغفار، والبُعْد عن المحرَّمات والشُّبُهات، خاصَّةً غضَّ البَصَر، والوَرَع لَفِيهَا جميعًا الخيرُ والبركة في هذا المجال، فإرضاءُ اللَّه غايةٌ، ما مِن أحد إلاَّ ويتمنَّاها ويسعى إليها؛ لِينالَ الجنَّة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَن أسعد في الدنيا مِن رجل له أبناء صالحون، يحسن تربيتهم فينالُ مِنْهُم بِرًّا ودعوةً صالحةً، نسأل الله ألا يَحْرِمَنا من هذه النعمة العظيمة.
3 – نفس عظيمة وهِمَّة عالية: المُربي لا بد أن يكون عظيمَ النَّفس، هِمَّتُه عالية، وإرادته قوية، ونَفَسُه طويل، لا يطلب سفاسفَ الأُمُورِ، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فنٌّ له عقبات؛ كما له حلاوة، وأجر عظيم.
لذلك يسعى جاهدًا أن يجعلها لِلَّه، ويُضَحّي من أجلها بِراحَتِه وبماله، وبكل شيء عنده، ويصل طموحه به إلى أن يتمنَّى أن يكون ابنه؛ كمُحَمَّد الفاتح، الَّذي علَّمه شيخُه وهو صغير أنَّ القسطنطينية سيفْتَحُها اللَّه على يد أمير مسلم، يرجو أن يكون هو، فقد قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَلَنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيش))، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
4 – يألف ويؤلف: نعم مِن صفات المُرَبِّي أن يألف ويؤلف، يألف الصغار ويحبهم، ولا يأنف الجلوس معهم، يتبسط في حديثه ويتواضع، يمزح ويلعب، يلين ولا يشتد، يعطي كثيرًا بلا مقابل، ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يُؤْلَف عند الصغار، وإلا فلا يتصدَّى للتعليم ولا التربية، فهي مهمة ليس هو أهلاً لها، إذ إنه دائمُ التجهُّم، شديد، عنيف، لا تعرف الرحمة طريقًا إلى قلبه، فويل لأبنائه منه تمامًا؛ كمن قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لي عَشْرَةً منَ الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحدًا"، فقال له الحبيب المُرَبّي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن لا يَرحم لا يُرْحَم))، وعمر بن الخطاب عَزَل مثل ذلك الرجل عن ولاية المسلمين، فمن لا يألفه أبناؤه، لا يألفه المسلمون، وهو بالتالي لن يرحمهم.
5 ضبط النفس: شَتَمَ الصغيرُ أخاه، غَضِبَ الأبُ، وقام لِيضرِبَ الصغير، فبكى الصغير معتذِرًا عما فَعَلَ؛ لكن الأب ظلَّ غاضبًا متجَهِّمًا طوال اليوم، ورَفَضَ أن يتحدث معه. وفي الفصل أخطأ التلميذ فعاقبه المدرِّس وظلَّ غاضبًا طوال الحِصَّةِ، لم يبتسمِ ابتسامَةً واحدة رغم اعتذار التلميذ عمَّا فعل، أوِ اعترافه بخطئه، هذا هو ما قصدناه بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك، وتُعاقِبَ بمزاجك، تُعاقِبُ
وأنت تهدُف من وراء العقاب شيئًا، وهو التربية؛ أي تَغْيِير السلوك؛ ولكن لا تكتشف بعد العقاب أنَّك غضبت كثيرًا، وعاقبت بشدة أكثر مما يستحقُّ السلوكُ الخطأ الذي فَعَلَهُ الصغير، وأنك عاقبتَ أصلاً كردِّ فعلٍ سريعٍ للخطأ ولم تنوِ قبل العقاب أن تغير من سلوك الصغير، وبالتالي فقد عاقبتَ بالغضب والصِّيَاح بدلاً من التصحيح الهادئ أوَّلاً، أو ضربتَ وكان الأَوْلَى أن تُظْهِر الغضب فقط، ليس هذا فحسب؛
بل مِن ضبط النفس أيضًا أن تغضب فإذا ما اعترف الصغير بخَطَئِهِ فيتلاشى غضبكَ على وجه السرعة، ويتحوَّل إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك تتحوَّل الابتسامةُ إلى تَجَهُّم عند الخطأ، وسرعان ما يزول التجهُّم، وهكذا دون أن يُؤَثِّرَ ذلك في القلب؛ لِيُرَبِّيَ الكبيرُ الصغير، وليس العكس، فيتحكَّم الصغير في حركاته وسكناته، ابتسامِهِ وتَجَهُّمِهِ، جِدِّهِ ولَعِبِهِ.
6 – سَعَةُ الاطلاع: يجب على المربِّي الاطلاعُ عامَّةً، وعلى الإصدارات في مجال الطفولة بشكل خاص؛ فالمسلم مثقَّف الفِكر، والمربِّي أَوْلَى بذلك؛ ليستطيع تعليم الصغار، وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجديدة والمفيدة في التفسير، وفي الحديث، وفي الفقه، وفي السيرة، وفي العقيدة، وفي أخبار المسلمين، وفي الآداب والأخلاق، وفي المعلومات الإسلامية والعامة. إلخ.
الصغار يسألون في كل شيء، وفي أيّ شيء، فإن عجز المربي عن الإجابة، أو تَكرر تَهَرُّبُهُ منهم سقط من نظرهم، ولجؤوا لغيره؛ يسْتَقُونَ مِنْهُ معلوماتِهم، قد يكون التليفزيون، وقد يكون شخصًا سيئًا، وقد يكون مجلة داعرة، أو كتابًا فاسدًا، أو غيرَهُ.
7 – الثقافة التخصصية: فالمربِّي لكي يُحسِنَ التعامل مع الصغار؛ لا بد أن يعرف خصائص كل مرحلة سِنِّية، وأن يقرأ عن أساليب التربية ومجالاتها،
وكذلك يقرأ في وسائل جذب الأطفال، ويقرأ عن المشكلات النفسية والسلوكية، التي قد يُعاني منها بعض الأطفال، وقد حرصت في هذا الكتاب بجزأيه التيسير على المربي في هذا المجال بشكل عملي، لا ينقصه التنظير أيضًا، وإن كنا ننصح المربين بدوام الاطلاع على الإصدارات المطبوعة في هذا المجال، ومتابعة هذا الموضوع في الجرائد والمجلات، وببعض المواقع على شبكة الإنترنت لِمَنْ تَيَسَّر له ذلك،
وإنَّ هذا الموضوعَ لَمِنَ الأهمّيَّة بمكان، بحيثُ إنَّ افتقادَه، أو ضَعْفَ المربِّي فيه، يجلب المشاكل الَّتي هو في غِنًى عنها أثناء العملية التربوية، عندما يَجِدُ طِفلاً عنيدًا ويظن أنه يفعل معه ذلك لأنَّه يكرهه، والواقع أنَّ هذه سِمَةٌ للطفل، وطبيعة فيه في مرحلة معينة، وكذلك التعرُّف من خلال الثقافة التخصصية على أن هناك فروقًا بين الأطفال،
فهذا يحب القيادة، وذلك اجتماعي، والآخر كسول، وهكذا فلا تكون التربية في كُتَلٍ ثابتة؛ بل تختلف مِن طفل لآخَرَ، لذا فنحن ننصح المربي بدوام القراءة في مجال تربية الأولاد؛ من أجل الثقافة التخصصية.
8 – الحنان: والمربي الذي ينقصه الحنان لا يصلح للتربية، الذي يغلب عليه التجهم، الذي يبخل بالابتسامة، الذي لا يمسح على رأس الطفل، الذي لا يعرف إلا العقاب، أما الثواب فلا حاجة به إليه، ليعلم كل هؤلاء أنه ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا))،
و((من لا يَرحم لا يُرحم))، وأنه بذلك مخالف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم - في مزاحه مع الصبيان، وتلطفه معهم.
9 – التصابي: المربي الناجح يتصابَى للصغير، فينزل إلى مستواهم، فيُلاعبهم، ويمازحهم، ويحادثهم، لا يتكبر عليهم، ولا يطرُدُهم من مجالسه، يمشي معهم ولا يأنف ذلك، تأخذ البنت الصغيرة بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به في طرقات المدينة، فلا يمنعها، ويأذن للأخرى أن تفي بنذرها فتضرب بالدف بين يديه،
ويعقِدُ المسابقات بين الأطفال، ويمشي على يديه ورِجْلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - ويركب الحسن والحسين فوق ظهره فلا يمنعهم، يأكل معهم ويعلمهم آداب الطعام، ويُرْدِفهم خلفَهُ على الحمار؛ كما فعل مع عبدالله بن عباس، وغير ذلك مما نتعلمه منَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يصح أبدًا أن نُبعِدَ أبناءنا عنا، ونتجنبهم كالجَرْبَى نقول لهم: (ابعد عني)، (هل ستُصَاحِبُنِي؟)، (أنسيت نفسك؟)، (لست في سِنِّي لتتحدث معي)؛
لكن لنُلاعِبْ أبناءنا، ونلعبْ معهم، ونذاكرْ لهم، ونجلسْ معهم، ونخاطِبْهُم على قَدْر عقولهم، وبما يفهمون هم لا بما نَفْهَمُ نَحْنُ، وإنَّ هذا لا يُنافِي الوقارَ والهَيْبَة والإجلال؛ بل يَزِيدُها - إن شاء الله - بما يلقاه من أبنائه وتلاميذه حينما يكبرون، ويجد أمامه ثمرةَ تَعَبِهِ، وكيف أنهم يكونون مع أبيهم وأمهم؛ كالأصحاب يُصارِحُونَهم بِمَشاكِلِهِمْ،
وما يدور في نفوسهم وما يَشْغَلُهُم، فيسهل حلُّ مشكلاتهم، أمَّا الذي يهابُهُ أولاده، ويصبُّ عَلَيْهِم كل يوم وابلاً كثيفًا من الشتائم، ومختلِف أنواع العقوبات إلى جانب الفظاظة والغِلْظة، الَّتي يتحلَّى بِها، فَهَذَا يتمنَّى مِنْ أولاده حينما يكبرون أن يصارحوه ويحادثوه ويصاحبوه؛ ولكن هيهاتَ، فقد وضع الحاجز بينه وبينهم منذ زمن، ناهيك عن تمنِّيهِم لموته؛ ليستريحوا منه بعد طول عَناء؛ وربما يدعون عليه بعد موته فيحرم نفسه من خير كثير، وهو إحدى الباقيات الثلاث الصالحات للإنسان بعد موته ألا وهي ((ولد صالح يدعو له)).
10 – الاتصال بأولياء الأمور: فالمعلِّم لابد أن يجلس مع وليِّ الأمر أو يتصل به تليفونيًّا؛ ليطمئن على ابنه، ويُنَسِّقَ معه طُرُقَ التربية، وليَعرفْ عن قُرب بيئة الصغير، ومَنِ المسيطر في البيت الأب أو الأم،
وهل هناك مشاجرات بينهما أم لا؟ وهل الأب متفرغ للتربية أم لا؟ وهل الأم لا تجلس مع ابنها إلا على مائدة الطعام أم تجلس معه في غير ذلك لتطمئنَّ عليه وتتعرَّف أخبارَهُ؟ إنَّ كُلَّ ذلك سيؤثر بالطبع على الصغير بشكلٍ أوْ بِآخَرَ، فإنَّ المشاكل الأُسْرِيَّة مثلاً لها آثار جانبية تظهر في سلوك الطفل بالسلب غالبًا، فإذا ما عرف المربي هذا فلا يعاقب الطفل إلاَّ بقدر؛
لِمَا يعلم من أسباب لتلك المشكلة. ومن فوائد الاتصال بالبيت التنسيق مع ولي الأمر، فإذا عاقب المعلِّم تلميذه فحَرَمَهُ من رحلة مثلاً فلا يصح للأب أو الأم أن تخرج ابنها في ذات الأسبوع في نزهة مماثلة، فلا يصبح لعقاب المعلِّم جدوى،
وكذلك المعلم والذي يكون تربويًّا في الغالب، فإنه يُعْلِم ولي الأمر بوسائل التربية، وطرقها ليستفيد منها في تربية ابنه، فمن هنا نعلم أهمية اتِّصال أولياء الأمور والمربين معًا؛ لتنجح العملية التربوية وتتكامل.
11 – وضوح الهدف: المربّي الناجح يضع أمامه دومًا الهدف من التربية، والفوائد الدينية، والدنيوية العائدة عليه؛ بل عليه أن يضع له أهدافًا جزئية كل فترة زمنية، فيقول مثلاً: في خلال هذا العام سيحفظ أبنائي جُزأين من القرآن، ويتعلمون ثلاثة أخلاق إسلامية، ويتعلمون ثلاثة آداب يومية، ويتقنون مهارة الإنشاد أو الكتابة على الكمبيوتر،
ويعرفون كل شيء عن الأزهر، والمُتْحَف الإسلاميِّ مَثَلاً، ويعرفون أعداءهم اليهود، وما فعلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعرفون أجدادهم العَشَرَةَ المُبَشَّرِينَ بالجنة، وكذا يعرفون خطأين شائعينِ في المجتمع، وهكذا يضع المربِّي أمامَهُ هَدَفًا عامًّا، وهو تَرْبِية الطفل تربيةً إسلاميَّةً صحيحةً، وتحته أهداف جزئية كما سبق.
12 – تحصيل الثمرة: فالمربي الناجح ليس هو الذي يَظَلُّ أعوامًا طويلةً يجلس مع الأطفال، ويَبْذُلُ معهمُ المجهود في أشياء لا طائل منها، ولا يأخذ منهم ثمرة أولاً بأوَّلَ، فقد يعطيهم زادًا ثقافيًّا، وقد يُحَفِّظُهُم نصف القرآن؛
ولكن أخلاقَهُم سيئةٌ في أول مباراة يلعبونها مع بعضهم بعضًا، تظهر الأنانية والسَّبُّ واللَّعْن والتباغُضُ فيما بينهم، فالتربية كانتْ ثقافيَّةً لم تتعدَّ ذلك، أما الجانب التطبيقيُّ أو الجانب العمليُّ فقد تَنَحَّى جانبًا، وهو المهمُّ في العملية التربويَّة، فلْنطلُبِ الثمرةَ؛ ولكن لا نَسْتَعْجِلْها، فكلٌّ بقَدَرٍ، والزمن جزءٌ منَ العلاج.
استهلال. يجب أن تكون التربية الإسلامية للأولاد شاملة ومتوازنة حتى ينشأ الطفل نشأة صالحة ليس فقط في العقيدة والأخلاق بل أيضاً في السلوكيات المنضبطة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ومنها السلوك الاقتصادي في الإنفاق والكسب والادخار والاستثمار، وكذلك في وقت الرخاء والكساد، وفى المكرة والمنشط، وفى السلم والحرب.
وهذا المنهج التربوي الشامل يُعِدُّ الطفل منذ نعومة أظافره على أن الإسلام دين شامل ، وفيه اقتصاد وسياسة وإدارة وتربية ونحو ذلك ، وفى الدراسة التي بين أيدينا سوف نركز على الجوانب التربوية الإسلامية لأولادنا في مجال المعاملات الاقتصادية : المشروع الواجب أن يكون ، والمنهى عنه شرعاً .
وجوب التربية الاقتصادية الإسلامية للأولاد.
لقد تضمنت الشريعة الإسلامية أسس التربية الاقتصادية بصفة عامة، ويلزم تطبيقها على الفرد والأسرة والدولة والمجتمع ،
كما يجب تطبيقها على الصغير والكبير حسب الأحوال ومن ثم يجب أن نربى النشء على هذه الأسس ولا نتهاون فيها بدعوى أن هؤلاء أطفال صغار ، فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر ، ومن شَبَّ على شيء شاب عليه ،
ولقد أهتم سلفنا الصالح بذلك ،
بل كانوا يدربون الأولاد منذ صغرهم على كيفية الكسب وكيفية الإنفاق ، وكيفية إدارة الأعمال ، فكانوا يؤسسون النشئ على القيم الإيمانية والأخلاقية ، وفوق هذا الأساس تكون النواحي الأخرى ومنها الاقتصادية ،
وكان هناك تفاعل بين هذه النواحي جميعاً بما تُكَوَّن الشخصية الإسلامية المتكاملة إيمانياً وسلوكياً واقتصادياً وهذا ما سوف نوضحه فى الصفحات التالية .
التربية الإيمانية للأولاد وأثرها على سلوكهم الاقتصادي.
يجب أن نغرس في معتقدات أبنائنا منذ الصغر بعض المفاهيم الإيمانية ذات الطابع الاقتصادي منها على سبيل المثال:
أن المال الذى معنا ملك لله ، لأنه سبحانه وتعالى هو الذى رزقنا إياه ، لذلك يجب أن نحب الله ونعبد صاحب هذا المال .
أن هناك ملائكة تراقب تصرفاتنا ومنها الاقتصادية والمالية ، ولذلك يجب أن نتجنب أن تسجل الملائكة في سجلاتنا شيء لا يرضاه الله .
أن هناك آخرة سوف نقف فيها أمام الله سبحانه وتعالى ليحاسبنا عن هذا المال من أين اكتسب وفيم أنفق ؟
وهذه المفاهيم الإيمانية الاقتصادية تنمى عند الأولاد منذ الصغر : الرقابة الذاتية ، والخشية من الله والخوف من المساءلة فى الآخرة ...
فإذا شَبَّ الولد على هذه القيم وطبقها في جوانب حياته كان فرداً مستقيماً منضبطاً بشرع الله في كل معاملاته
ومنها الاقتصادية ويعتمد عليه فيما بعد لإدارة اقتصاد بيته واقتصاد بلده على أسس إيمانية .
التربية الأخلاقية للأولاد وأثرها على سلوكهم الاقتصادي.
يجب أن ننمى عند الأولاد منذ الصغر الأخلاق الفاضلة، ونبرز لهم آثارها الاقتصادية على سلوكهم، ومن هذه القيم : الصدق والأمانة ، والاعتدال والقناعة ، والوفاء وحسن المعاملة ، والسماحة والبشاشة وطلاقه الوجه ، كما نحذرهم من السلوكيات المنهى عنها شرعاً ومنها : الإسراف والتبذير ،
والإنفاق الترفى والبذخي، وتقليد الغير فيما نهى الله عنه ، والغش والتدليس ، وكل صور الاعتداء على أموال الناس .
كما يجب أن نفهم أولادنا أن الالتزام بهذه القيم جزءاً من الدين ، وعبادة لله سبحانه وتعالى وطاعة ،
وأن من يلتزم بالأوامر ويتجنب ما نهى الله عنه يكون له ثواب ، ومن لم يلتزم له عقاب . كما يجب أن نفهم أولادنا بأن الالتزام بالأخلاق الفاضلة له أثر مباشر في تحقيق البركة في الأرزاق وتحقيق الأمن النفسي ، والرضاء الذاتي ، بالإضافة إلى الثواب العظيم المدخر لنا يوم القيامة ، كما يجب أن يؤمنوا إيماناً راسخاً أنه لا يمكن الفصل بين الأخلاق والاقتصاد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدين المعاملة " .
التربية السلوكية الاقتصادية الإسلامية للأولاد ( الواجب شرعاً) .
سوف ينجم عن التربية الإيمانية والتربية الأخلاقية لأولادنا سلوكيات اقتصادية سليمة تحقق البركة والرضا والإشباع المادي والمعنوي وزيادة الأرزاق ، يمكن تلخيص هذه السلوكيات في الآتي :
الاعتدال في النفقات وتجنب الإسراف والتقتير ، ولذلك يجب أن نعرف الأبناء ما هو الاعتدال وحدوده في المصروفات المختلفة ، ومن ناحية أخرى عند تقدير المصروفات الشخصية للأولاد يجب عدم المغالاة فيها فوق الاعتدال حتى لا نشجعهم على الإسراف والذى يقود مفاسد الأخلاق ثم الانحراف .
الإنفاق حسب السعة والمقدرة ، ففي وقت الرخاء ندرب الأولاد على الادخار للمستقبل وأن نزودهم بالوسائل والأساليب المشجعة على ذلك ،
ومن ناحية أخرى يجب أن نربيهم على القناعة والتقشف وقت الأزمات وأن هذا كله بقدر الله سبحانه وتعالى ، وَنَقُصُّ عليهم كيف كان سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الأزمات .
ادخار الفائض لوقت الحاجة والفقر ،
من الأهمية أن نربى أولادنا على أن الله سبحانه وتعالى هو الباسط والمقدر للأرزاق ، أحياناً يكون هناك سعة في الرزق ، وأحياناً يكون هناك ضيق في الرزق ، وتأسيساً على ذلك يجب على الأولاد عدم الإسراف وقت السعة ويجب عليهم الادخار لوقت الحاجة .
استثمار المدخرات وفق شرع الله عز وجل بعيداً عن الربا والخبائث ، من الأهمية أن نفهم أولادنا منذ الصغر أن فوائد البنوك والمصارف والقروض هي
عين الربا المحرم شرعاً، وأن البديل هو استثمار الأموال عن طريق المصارف الإسلامية وأن من يتعامل بالربا ملعون من الله ورسوله ويمحق الله رزقه ويعلن الله عليه الحرب .
ترتيب النفقات وفق الأولويات الإسلامية وهى الضروريات فالحاجيات فالتحسينات ، فعندما يطلب الولد شيئا في مجال الكماليات وهو في نفس الوقت محتاج إلى شيء آخر في مجال الضروريات ، فنعطى الأولوية للضروريات ثم يلى ذلك الحاجيات فالكماليات ونشرح له المبرر لذلك.
الصبر والتقشف وعدم الضجر وقت الأزمات ، يجب أن نُفَهًِم ، أولادنا أن الله سبحانه وتعالى له حكمة في تضييق الأرزاق ومنها التربية على الصبر والرضا والقناعة ، كما يجب أن نعطى لهم النماذج في صورة قصص من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ماذا كانوا يفعلون وقت الأزمات ؟
أن هذا النوع من التربية يِعُّد الأولاد منذ صغرهم على التضحية والجهاد.
الكسب الحلال الطيب : يجب أن ينشأ الولد الصغير على الكسب الحلال الطيب من عمل يده خلال فترات الإجازات وهذا يتطلب من والديه وأخواته الكبار تدريبه على بعض الأعمال التي تناسب سنه ،
ويتعلم مهنة سواء مهنة والده أو أي مهنة أخرى ، كما يجب نفهمه بأن العمل عبادة وشرف وقيمة ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، فإن تعويد الطفل على والكسب منذ الصغر يعالج مشكلة البطالة عند الكبر .
الشورى في أمور البيت ومنها المالية ، يجب أن نربى أولادنا منذ الصغر على كيفية المساهمة بآرائهم في النفقات ونشعرهم بالمسئولية ، بل ننصح بأن ندربهم على كيفية إدارة ميزانية البيت .
إن تربية الأولاد على هذه السلوكيات الاقتصادية الإسلامية يَقُوُد إلى إعداد أجيال قادرة على إدارة اقتصاد البيت والشركة والمؤسسة والدولة على أسس الاقتصاد الإسلامي الذى يهدف إلى تحقيق الخير في الدنيا ولآخرة .
سلوكيات اقتصادية منهى عنها شرعاً .
إن من يراقب سلوكيات بعض أولادنا الاقتصادية يجد أن بعضها بل معظمها منهى عنه شرعاً ، وللأسف لا نهتم بها ، أو لا نعبأ بذلك ، بل نجد بعض الآباء يزكوا تلك السلبيات من باب العاطفة والتدليل ..
وتكون من أخطر أبواب المفاسد عقدياً وأخلاقياً وسلوكياً على الأولاد في الحاضر والمستقبل .
لذلك فإنه من الأهمية أن نربى أولادنا على ضرورة تجب هذه السلوكيات السيئة ويكون من داخلهم الباعث والحافز والدافع على تجنبها عبادة لله وطاعة، وحباً وامتثالاً لرسوله صلى الله عليه وسلم ...
وكذلك حباً للوالدين ، ومن بين هذه السلوكيات المنهى عنها شرعاً ما يلى :
سلوك الإسراف : وهو الإنفاق فوق الحد المعتدل المباح شرعاً فأحياناً نجد بعض الآباء يعطون الأولاد من المصروفات ما يزيد عن الاعتدال والقوام ، فيجعل الولد يسرف ، ويعتاد الإسراف ...
بل وينشأ على الإسراف وفى هذا إثم على الوالدين ، ولا يجوز أن تطغى العاطفة والحب والتدليل على شرع الله ، بل يجب أن يربى الأولاد على أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين ، وأن هؤلاء المسرفين هم أصحب النار ،
فقد قال الله تبارك وتعالى : وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ [الأنعام : 141] ،
وقال عز وجل : وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ [غافر :43] ، والواقع العملي الذى نعيشه نجد أن معظم الأولاد المنحرفين كانوا في صغرهم من المسرفين وأن آباءهم هم السبب في ذلك ، بل قلدوا آباءهم .
سلوك التبذير : ويقصد به الإنفاق على المحرمات والخبائث التي نهى اله سبحانه وتعالى عنها ، مثل الإنفاق على السجاير ونحوها وشراء الأشرطة المخلة بالآداب ، والإنفاق على شرب الخمور والمخدرات والمسكرات وشراء الأفلام السينمائية السيئة ذات الطابع الجنسي ... ولعب القمار والميسر وممارسة البغاء ...
وكل صور الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، يجب أن نفهم أولادنا بأن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن التبذير بكافة صوره كما ورد في قوله تبارك وتعالى : وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ، إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً [الإسراء :27] ،
كما حذر رسول الله صلى الله وعله وسلم من التبذير فقال : " ... وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال " (متفق عليه) .
إن من يتدبر أحوال الأولاد الفاسدين نجدهم من المبذرين فعلاً ، ويصاحبون قرناء الشيطان فى المقاهي والنوادي وعلى قارعات الطرق ، بل أن معظم حوادث سيارات الشباب من المفسدين .
يجب على الآباء أن لا تأخذهم رأفة أو عاطفة في منع أولادهم عن سلوك التبذير وإن لم يفعلوا فسوف يصيبهم عاقبة ذلك من الشرور والمصائب والذنوب.
سلوك الترف والبذخ:
ويقصد به الإنفاق من أجل التظاهر والتعاظم والمباهاة والتعالي .. حتى يقال أن ابن فلان يلبس كذا .. ويركب كذا ..
إن هذه تربية فاسدة للأولاد تقود إلى الانحراف والبعد عن طريق الله العظيم المتعال ، إن تربية الأولاد على الترف والبذخ والتدليل يكون سبباً إلى الفسوق والعصيان وتدمير حياتهم وحياة أسرهم ، بل وتدمير المجتمع ،
ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى :
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً [الإسراء :16] ،
ولقد نهى رسول الله صلى الله وعله وسلم عن الترف والبذخ والمظهرية والتدليل فقال : " إياكم والمخيلة ، ولا تلام على كفاف " (رواه ابن ماجه ) .
والأدهى والأمر أن نجد الوالد يعانى من عجز في ميزانية البيت ، ويقترض ليترف أولاده ، تحت دعوى العاطفة والحب ... فهذا السلوك خاطئ شرعاً ، ولا يجوز أن نُرْضىِ الأولاد في معصية الله عز وجل
سلوك التقليد المخالف لشرع الله: من السلبيات المنتشرة ولاسيما بين أولادنا هو التقليد الأعمى للعادات والتقاليد المستوردة من المجتمعات غير الإسلامية وتتعارض مع قيمنا الإيمانية والأخلاقية ، هي مخططة لأولادنا لطمس هويتهم الإسلامية، بل نجد بعض الآباء يتفاخرون بهذا السلوك المنهى عنه شرعاً ،
والذى يقود في النهاية إلى البعد عن سنة رسول الله صلى الله وعله وسلم وقد حذرنا منها فقال : " لتتعبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وباعاً بباع ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا في جحر ضب خرب لدخلتموه فيه ، قالوا يا رسول الله : اليهود والنصارى ، قال : فمن إذا غيرهم" (رواه ابن ماجه ).
يجب على الآباء تفهيم الأولاد منذ النشأة على أن تقليد اليهود والنصارى في عاداتهم التي تخالف شرع الله فيها إثم ومعصية ، ولا يجب أن تتغلب العاطفة الجياشة والحنان على الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، وأن نقنعهم بأن المسألة ليست سهلة بل خطيرة .. ولا بد أن نربى أولادنا على الهوية الإسلامية والاعتزاز بها .
سلوك اتباع هوى النفس : أحياناً يصل تدليل الأولاد إلى درجة أن كل ما يطلبوه يُجَابُ فوراً حتى ولو كان ذلك على حساب الضروريات والحاجيات : " فلا يجب أن كل ما تشتهيه النفس يشترى" ، بل نجد أحياناً بعض الآباء يقوموا بالاقتراض لشراء كماليات وترفيات لأولادهم من باب العاطفة والحنان ..
ويشب الأولاد على ذلك السلوك السيء ، ويكون من مضاعفات هو الوقوع في مشاكل الاقتراض والتعامل بالربا وأحياناً السرقة والرشوة يجب على الآباء كبح هوى نفوس أولادهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
ويمكنهم الاستعانة بقصص أولاد الصحابة رضوان الله عليهم كيف كانوا متقشفين يعيشون على الأسودين ،
وليكن لهم في بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء الأٍسوة الحسنة والتي كانت تدير الرحى من أجل الدقيق ، ورفض رسول الله أن يعطيها خادماً .
سلوك عدم القناعة : يجب أن نربى أولادنا على القناعة والرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى من رزق ،
والإيمان والراسخ بأن الله سبحانه وتعالى هو مقدر الأرزاق لقوله تبارك وتعالى : وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود :6] ،
ولقد أشاد الرسول صلى الله وعله وسلم بالقناعة فقال : " قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافاً ، وقنعه الله بما آتاه " (رواه مسلم ) ، وقال : " ... ومن سيتعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله " (رواه البخاري) .
ففي وقت الأزمات وضيق الحال يجب أن نُقْنع أولادنا بأن هذا من قدر الله ، ولابد من الصبر والتحمل ولا يجب أن نكلف أنفسنا ما لا نطيق ، فقد قال الله عز وجل : لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ [الطلاق :7]
حتى في وقت الرخاء أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتقشف فقال : " أخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم "، وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة ، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب ، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئاً " (رواه الطبراني ) .
ولا يجب على الأولاد الراشدين أن يحملوا آباءهم ما لا يطيقون والضجر والصخب بسبب ضيق الرزق ، بل يجب عليهم الالتزام بشرع الله سبحانه وتعالى في المكره والمنشط ، وفى السراء والضراء ، وفى الرخاء والكساد ، فالله سبحانه وتعالى هو مقدر الأرزاق ، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك ..
فكان يمر الهلال تلو الهلال ولا يوقد في بيته نار ، وكان يعيش على الأسودين ، كما أنه حوصر حصاراً اقتصادياً في شعب مكة ثلاث سنوات ولم يستسلم ولم يضجر هو ومن آمنوا معه ،
فعن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب قال : "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل يلتوى ما يجد دقلاً يملأ به بطنه " ( رواه مسلم) . يجب أن نربى أولادنا على القناعة والرضا وقت الأزمات فهذا من موجبات التربية الجهادية التي ننشدها.
وجوب تعليم أولادنا الآداب السلوكية الاقتصادية الإسلامية.
إن من يتصفح ما يدرس لأولادنا في المدارس والمعاهد والكليات الاقتصادية يجده بعيداً كل البعد عن التربية الاقتصادية الإسلامية المستمدة من مصادر الشريعة الإسلامية، بل يدرس لهم السلوك الاقتصادي الأمريكي والسلوك الاقتصادي الاشتراكي ..
وليس هناك أي إشارة إلى السلوك الاقتصادي الإسلامي ... وكان من نتيجة ذلك أن نجد أولادنا بعيدين كل البعد عن إسلامنا ،
وهذا ما نعانيه الآن من انحرافات إيمانية وأخلاقية وسلوكية واقتصادية ولقد محقت البركة من كل شيء ، لقد شاع في معاملاتنا كل الموبقات الاقتصادية ومنها : الغش والربا والرشوة والسرقة والإسراف والتبذير والإنفاق الترفى والقروض بفائدة وأكل أموال الناس بالباطل ....
ومن الأسباب الرئيسية لذلك هو أن أولادنا قد تربوا تربية اقتصادية غير إسلامية، ونهلوا من الشرق والغرب المفاهيم الاقتصادية الخاطئة التي تخالف عقيدتنا وأخلاقنا.
لذلك يجب على الآباء أن يعوضوا ويعالجوا الخلل في التعليم الاقتصادي الإسلامي بالاهتمام بأولادهم في البيت،
ويجب أن يكون السلوك الاقتصادي للأب وللأم مشروعاً مطابقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وأن يورثوا هذا السلوك لأولادهم فهم مسئولون عنهم أمام الله عز وجل. كما يجب على المساجد أن يهتموا بالدعوة إلى الالتزام بالسلوك الاقتصادي الإسلامي باعتباره جزء من سلوك المسلم القويم،
وبهذا ينصلح الفرد والبيت وهذا يقود إلى إصلاح المجتمع، كما يجب ربط المفاهيم والتعاليم بالأفعال والأعمال وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
وصايا اقتصادية إسلامية.
- أن تؤمن بأن المال الذى بأيدينا ملك لله سبحانه وتعالى والبشر مستخلفون فيه ، وأن الرزق بيد الله ، ولن تموت نفس حتى تستوفى رزقها .
- أن تؤمن بأن هناك محاسبة أخروية يحاسبنا الله سبحانه وتعالى عن المال من أين اكتسب وفيم أنفق.
- أن تعمل في مجال الحلال الطيب حتى يكون كسبك حلالاً طيباً ، وأن تؤمن بأن العمل عبادة وشرف وقيمة ، واليد العليا خير من اليد السفلى .
- أن تلتزم بشرع الله في جميع معاملاتك، يبارك الله لك في عملك ورزقك وعمرك ، فالدين المعاملة .
- أتقى الله وتجنب المعاملات المنهى عنها شرعاً مثل الإسراف والتبذير والإنفاق الترفى وتقليد الغير فيما نهى الله عنه والتقتير والربا حتى لا تحرم البركات.
- تجنب التعامل مع أعداء الدين المحاربين ، فالتعامل معهم خيانة للدين وللوطن واحرص أن تتعامل مع المؤمنين ، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض .
- أن تتقن الأخذ بالأسباب لجلب الأرزاق مع حسن التعامل مع الناس ، وصدق التوكل على الله ، يرزقك الله من حيث لا تحتسب .
- أد زكاة مالك فهي فريضة شرعية ، وضرورة اجتماعية ، وحاجة إنسانية ، وطهرة للقلب والمال والمجتمع ، وما نقص مال من صدقة .
- طهر مالك من الحرام حتى تلقى الله سبحانه وتعالى طاهراً زكياً وقد غفر لك .
- أكثر من الدعاء والاستغفار لأنهما من موجبات البركة في الأرزاق .
المراجع: -
- أبو الأعلى المودودي (المصطلحات الأربعة في القرآن ص26)
2 -منهج التربية الإسلامية محمد قطب 2/164 3 –
الفتاوى لابن تيمية 14/283-2944 -رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
5 -تطور الشعور الديني عند الطفل والمراهق. د/عبد المنعم المليجي 4/616-
سورة الطارق آية 4 7-
سورة ق آية 18 8-
أخرجه الحاكم والبيهقي
- سورة التوبة آية 5110-
طبقات الحفاظ للسيوطي ص 15411-
الأعراف آية
204 وكتاب كيف نربي أولادنا للشيخ محمد جميل زينوا
0 comments:
إرسال تعليق