يسجى الجثمان أمام خمسة أشخاص يؤدون صلاة الجنازة، بالقرب من قبر تم تجهيزه لاستقبال المتوفي.
المصلون يرتدون كمامات طبية، ويتركون مسافة لا تقل عن المترين، فيما بينهم. هذه صورة مصغرة عن مراسم الدفن الجديدة لدى مسلمي بريطانيا.عادة تقام هذه الصلاة في المساجد، التي يزيد عددها عن المائتين في عموم بريطانيا، لكنها الآن مغلقة حسب توجيهات الحكومة البريطانية، لمواجهة فيروس كورونا.
هذا المشهد يتكرر في مدافن المسلمين في بريطانيا مع تزايد عدد ضحايا الفيروس يومياً.
وأعلنت الحكومة البريطانية أنها ستبدأ قريبا بتسجيل الوفيات بفعل الفيروس وفقاً لانتمائهم العرقي.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة بهذا الخصوص، لكن التقارير المحلية تشير إلى زيادة أعداد المصابين في أوساط المسلمين البريطانيين.
نمط العيش المشترك بين أفراد العائلة الممتدة من الجد إلى الحفيد، والتواصل فيما بينهم، من بين أسباب هذه الزيادة.
وحسب مصادر مقبرة ”جنات الخلد“ الإسلامية، في جنوب شرقي لندن، فإن عمليات الدفن زادت من خمسة أسبوعيا إلى أكثر من ثلاثين.
وقال أبو مؤمن الذي يعمل في مؤسسة بريطانية، تعنى بتقدم المساعدة في دفن المسلمين، لبي بي سي، إن الدفن، وفقاً للشريعة الإسلامية، يواجه تحديات عدة، أهمها "تضخم قائمة انتظار الدفن".
فيما يرى المسلمون أن "إكرام الميت دفنه" لكن ذلك غير متاح في الوقت الراهن.
وبسبب تزايد الوفيات، فإن إجراءات اخراج الجثامين من المستشفيات، باتت تأخذ وقتاً أطول.
كما أن المقابر، والتزاماً بمعايير السلامة التي تحددها الحكومة البريطانية، لا تستطيع دفن الأعداد الكبيرة بسرعة.
يقول أبو مؤمن: "لأول مرة، باتت لدينا -كمسلمين بريطانيين- قائمة انتظار للدفن، تتضخم يومياً".
ولتسريع عمليات الدفن عمدت بعض المقابر، إلى حفر قبور كبيرة، تستطيع إيواء أكثر من جثمان، ولكن يتم الفصل بينها بقطعة خشبية.
بعض الصحف اليمينية البريطانية، وصفت الخطوة بـ ”المقابر الجماعية“، وهو الوصف الذي يرفضه القائمون على المقابر.
ويقول أبو مؤمن إن هذا الأسلوب كان متبعا في التاريخ الإسلامي، حيث أن القبر، يضم جثمانين، يدفنان منفصلين،
وفقاً للشريعة الإسلامية "ولا يجوز وصفه بالقبر الجماعي، وهو أسلوب يقلص من قائمة الانتظار".
الغسل
يقدر عدد المسلمين في بريطانيا بنحو ثلاثة ملايين، موزعين في الغالب على المدن الكبيرة. وغالبية هؤلاء يقيمون في لندن التي تشهد أعلى نسبة إصابة بالفيروس في بريطانيا.
وفيما كانت تجري عادة عملية الدفن بحضور أفراد العائلة، وكل من يريد تقديم العزاء، كواجب ديني-اجتماعي، فإن هذا لم يعد ممكنا مع انتشار الفيروس.
الطفل إسماعيل عبد الوهاب، من جنوبي لندن، مات عن ثلاثة عشر عاماً، وصور جنازته انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بحضور عدد قليل ممن سمح لهم بالدخول إلى المقبرة.
وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، وصف دفنه وحيدا دون أسرته ومحبيه، كرمز للأسى لعدم قدرة العائلات على إلقاء النظرة الأخيرة على موتاهم.
يواجه المسلمون أيضاً تحد آخر يرتبط بعملية الغسل، التي تجري عادة، بوجود أفراد من الأسرة، لكن حاليا يتم غسل الجثامين بواسطة أشخاص مدربين فقط، مراعاة لقواعد السلامة، وهذا يتطلب زيادة تدريب أفراد أكثر على هذا العمل.
المصدر: بى بى سى العربية
0 comments:
إرسال تعليق