• اخر الاخبار

    الخميس، 20 ديسمبر 2018

    حسن بخيت يكتب عن : لماذا زرعوا الخوف فينا ، وجعلونا وطن الأحزان ؟



    الخوف ظاهـــرة انفعاليــة ناتجـــة عن الشعـــور بعـــدم الأمــن تعـــوق الإنســـان عن العطـــاء وتحمـــل المسؤليـــة ولا يرتبط بمرحلـــة عمـــرية معينـــة ، فالخوف صورة يحتفظ العقل الباطن للإنسان بملفات عن كل شىء فى الكون، وهو ما يسمى بـ«الصورة الذهنية»، حينما يسمع بأى منها، يبادر إلى استدعائها على الفور أمامه، وفق رؤيته الداخلية التى كونها مسبقًا عنها ...
    تربينا منذ طفولتنا على الخوف من كل شيء ، وعلى كل شيء ، من الأهل ومن المدرسة ومن المجتمع ، نخاف من الكلام ، ونخاف من النوم ، ونخاف أن نستيقظ ...فبالخوف استعمروا عقولنا ، وبنوا فيها الخرافات والأساطير ، فأصبح الخوف حزنا واكتئابا في وجوهنا وأعيننا ..
    أمنا الغولة
    -----------------
    كان يا ما كان .....كان فى قديم الزمان حكايات وحكايات وحكايات وحكايات ...
    كانت بداية أى قصة واحنا صغار أطفال ، كانوا يقصون لنا حكاية امنا الغولة .
    وامنا الغولة لها قصة عجيبة .!!!
    وعلى فكرة كنت أسأل نفسي دائما : كيف تكون غولة ، وهى فى نفس الوقت " أم " ؟!!!
    طبعا لا يتفق ان تكون الغولة " أم " لأن "الأم " لا تكون غولة مهما كانت قسوتها وطبيعتها ..
    المهم : كانوا يحكوا لنا ان أمنا الغولة دى تاكل كل ما يحيط بها أو كل ما يقابلها من بنى ادمين ، فالغولة سمعتها اكل الأطفال واكل الكبار . وطبعا كان الخوف والرعب يتملكنا ، مما زرع فينا ونحن صغار الجبن والخوف من الأماكن المظلمة ، وكانوا يحكوا لنا أيضا عن العفاريت ، وابو رجل مسلوخة . وأم أربعه وأربعين ، والشجرة الملعونة ، والنخلة المهبولة..... الخ .
    كل هذا جعلنا نخاف من أمنا الغولة ، رغم أننا لم نراها طوال حياتنا على أرض الواقع ، و نخاف من الأماكن المظلمة لان بها عفاريت وجن ، فخلق جيلا غير قادر على النقاش أو التفكير أو اتخاذ القرار الصحيح
    الخــوف من المعلم ومن المدرسة
    ------------------------------------------
    ظاهــرة عامة كانت تسود معظم المــدارس ، وتوجــد عند غالبية الطلبة - كانت في الغالب بسبب المعلم نفسه لأنه كان يعتمد على الضرب والنهر والإهانة والعصبية الشديدة التي ولدت في نفسية التلاميذ الخوف منه والتوتر وانعكس ذلك في أسلوب التلاميذ في الصف المدرسي كعدم قدرة الطالب فيما بعد على الحوار والنقاش مع المعلم..!!
    وقفـــة مع معلمي :
    ---------------------------
    عانيــت كثيرا خلال المرحلة الإبتدائية والإعدادية ..والسبب معلمي..!!
    كان يعتمد على أسلوب العصبية الشديدة من الوهلة الأولى داخل الصف وخارجه ، داخل المدرسة وخارجها ،وطوال العام ، يقوم بالتهديد والوعيد والضرب والشتائم بكل الألفاظ المباحة والمحرمة لكل من لا يذاكر مادته او لا يستعد لها ..
    بالتأكيد ترسخ الموقف كثيرا في ذهني..!!
    وبمرور الأيــــــام..!!
    كانت نبضات قلبي تتسارع عندما اعلم أن موعد الحصة قد اقترب ، رغم أننى كنت متفوقا ودائما مستعد لتسميع الدرس الذى حفظته كإسمي ، لكن خوف شديد كان ينتابني - رجفة شديدة تعتري جسدي خوفا من الخطأ ..!!
    قدماي لا تقوى على حملي..تعرق شديد في يداي..!!
    ووجه أشبه بقوس قزح ، لدرجة أننى كنت لا أقوى على الإجابة في بعض الأحيان ،.لأني بالفعل نسيتها من شدة الخوف ، خاصة وأننى أرى بعيني أصحابي وأصدقائي ممن لم يحالفهم الحظ على الاجابات الصحيحة ، ورحلة التعذيب الجسدي والنفسي .!!
    كنت أحاول الحفاظ على هدوئي..أتنفس الصعداء لكي يزول توتري..!! ، وكنت أشعر بالفرح عندما اسمع رنين الجرس ..وكأن هما" وانزاح من قلبي..!!
    أما المرحلة الثانوية ، فكان الطرد والفصل هو سيد الموقف ، فعندما نتناقش مع المعلم يقوم بطردنا من الصف وارسال حالتنا للفاضل / مدير المدرسة ، والذى يقوم بالتحقيق معنا من جانب واحد فقط ، ولو حاولنا الرد على أسئلته واهاناته سيقوم بفصلنا من المدرسة لمدة 3 أيام ، واستدعاء ولي الأمر ، ليقع الطالب في مصيبة مع والده الذى كان يقوم بدور الجلاد عندما يعلم أنك مفصول من المدرسة دون أن تنطق بكلمة واحدة تدافع بها عن نفسك ..
    والمرحلة الجامعية معروفة للجميع ، فهى مؤسسة السيطرة والتحكم بدون رقيب ولا قانون ، فالدكتور الجامعي له الحق أن يفعل بك كل شيء مهما كان الثمن ، لدرجة أنه يحاسبك على دقات قلبك المتوترة من شدة الخوف منه ، ليخلق جيلا عقيما غير قادر على الحوار ولا النقاش ، ليصطدم بمراحله الحياتية من رئيس في عمل ورب أسرة ، لتبدأ سلسلة الخوف الأخري ، كالخوف من ( الفشل ، والفقر ، والرزق ، والمرض ، والسجن ، والموت ) ، فأصبحنا نخاف على كل شيء ، ومن كل شيء ، حتى لحظات سعادتنا القليلة ، نخاف من اقتراب نهايتها ...
    الخوف من الدين
    ------------------------
    حتى دين الله قدموه لنا خلال المائة عام الماضية بطريقة مشوهة تتخلها مواقف الخوف والرعب فقط، لدرجة أصابت الناس بتشوش فى الرؤية، بعد أن صوروا لنا الدين على أنه قيود وكبت للحرية وتعذيب للنفس البشرية ، وأن ربنا بعيد شديد البعد عنا وعن حياتنا، وذلك من خلال الربط بينه وبين التخويف والتشديد ، حتى أنهم جعلوا الأصل فى علاقته معنا الشدة والخوف والغضب والعذاب والنار.. جعلونا نخاف منه، ومن غضبه، ومن عذابه، أضعاف أضعاف حبه ووده ورحمته وحنانه علينا ، وقدموه لنا على أنه بعيد عن مشاعرنا وأحاسيسنا واحتياجاتنا، فصارت الصورة الذهنية غير الصحيحة عن الله هى البعد، الخوف، القهر.. وما ذلك إلا من ظنون الجاهلية التى ذمها الله فى كتابه العزيز.. «‏يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ».. فكانت النتيجة هروب الملايين من التدين، أو خروج قساة عنيفين متطرفين ينظرون إلى أن العلاقة مع الله أساسها الخوف، ففقدوا حلاوة حب الله، لأن التخويف يقتل جمال المعاملة مع الله، خاصة بين الأطفال والشباب، علمونا الخوف من النار ، وحرموا علينا كل شيء ، وتجاهلوا أن يعلمونا أن الله هو الرحيم الحنون الودود.. سخر لنا الكون لأنه يحبنا، ولا يريد منا شيئًا.. حب الله أوجدنا، ولولا الحب لما كنا..
    والسؤال هنا : لماذا زرعوا الخوف فينا ، وجعلونا وطن الأحزان ؟
    وللحديث عن سلسلة الخوف ومراحله بقية
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : لماذا زرعوا الخوف فينا ، وجعلونا وطن الأحزان ؟ Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top