فتحت باب شقتي ..كانت في العشرين أو اكثر ..عيونها تملؤها الدموع.. الوقت منتصف الليل وكنت وحدي.. أشارت ان انا جارتك تعال معي ..ارتبكت وتحت الحاحها دخلت شقتها .. على سرير كانت عجوز تصارع حشرجات الموت.. قدمت لي جارتي كرسيا ..أشارت أن اجلس جلست ..جلست ؛ تناولت كرسيا قرب رأس المحتضرة .
جلست جارتي وراحت تنحب ..كان منظرا مؤثرا ..كانت الفتاة خائفة من الوحدة والموت الذي يلتهم العجوز جزءا جزء أمامها تماما مثل وحش نهم ..عند الفجر ماتت العجوز ..جاءت سيارة نقل الموتى .أشارت الفتاة ان رافقني.. صعدت ..جلست عند قدمي الجنازة ..دخلنا الكنيسة ..وزعت الشموع وراح القس يتلو تراتيل الصلاة .
كنت امسك شمعة ..الفتاة تنظر إلي كسيرة الخاطر ..عيونها تملؤها الدموع ..بعد انتهاء المراسيم اقتربت مني امرأة ..أخرجت منديلا وراحت تمسح دموعي التي تركتها تنساب دون أن امسحها .
الغريب أني بعد أن ذرفت كل ما في عيني من دموع شعرت بالراحة ..عزاني الحاضرون بالإشارات وانحناءات الجسم وهز الرؤوس ..لم أكن اعرف لغة الحاضرين ، لا اسم العجوز ولا اسم الفتاة .عدنا في سيارة أجرة وحيدين . دخلت شقة الفتاة.. اقتربت مني ..حضنتني وراحت تنحب بحرقة .
أطلقت لعاطفتي العنان ورحت أنحب معها ودون أن ادري رحت اصرخ بصوت عال شجعها صراخي ورحنا نصرخ معا .وحيدين في غرفة فارغة قرب سرير فارغ . بعد موجة عاطفة هدانا.
فجأة .. قامت الفتاة ..طبطبت على كتفي تواسيني ..انثال شعرها على كتفي ..واجهتني ..نظرت طويلا في عيني ثم بكل رقة ،طوقتني ومثل أم حنونة طبعت قبلة على جبيني.
شكرتني بانحناءة .. هدأت قليلا ..كانت تنظر إلي ..فزعت خائفة حينما جفلت مرعوبا إذ تذكرت موعد القطار المتجه بي نحو المجهول بعيدا عن وطني .علي أن أسافر يا الهي كيف نسيت .؟
0 comments:
إرسال تعليق