• اخر الاخبار

    الاثنين، 24 ديسمبر 2018

    حسن بخيت يكتب عن : " الإعابة .... تأنفها الفطرة ، وتأباها النفوس السوية .




    الإعابة سلوك مشين ، وظاهرة إجتماعية سيئة يمارسها الكثير من البشر ، حتى أصبحت الإعابة عندهم هواية ، وتحولت لمرض نفسى يصعب العلاج منه ، فهم يسعدون عندما يخوضون في عيوب الأخرين ، ويشنعون بهم ، ويتحدثون عن زلاتهم وهفواتهم التى لا يسلم منها أحد غير الأنبياء المعصومين .
    دعونا أولا : نفهم معنى الإعابة في اللغة - إعابة مصدر أعاب - وأعاب الشخص ، أى عابه وذمه وجعله ذا عيب ومنقصة ، وذلك بإظهار مساوئه ، أو تصيد له الخطأ ، ونسب العيب إليه ، وذكر النقص فيه .
    يقول الله تعالى في كتابه العزيز "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا "
    فأردت أن أعيبها .. أى أجعلها ذات عيب لينفر منها الملك الظالم ويتركها لأنها أصبحت معيبة .
    ترددت كثيرا قبل كتابتى لهذه السطور ، والتزمت الصمت فيما أراه أمامي من الشخصيات المريضة الذين يتصفون بمرض الإعابة ، إلى أن ساقنى القدر منذ شهور الى التعامل مع أحد هذه الشخصيات المصابة بهذا المرض ، فرأيت منه ما لا يتحمله عاقل ولا يقبله الا تابع سلبي - ووجدت نفسي أمام شخصية عجيبة مصابة بداء " الأنا " والعجب والتكبر ،وكراهية الأخر ، فلا يذكر أحد أمامه الا ويعيبه ويقلل من شأنه ، ويقول فيه ما ليس به من العيوب ، ووصل الأمر إلى إعابة بعض الأشخاص والأصدقاء من الذين أعرفهم وعلى علاقة طيبة بهم منذ سنوات عديدة ، وأشهد لهم بالأدب والأخلاق والإحترام ، ولم أستطع نصحه لأنه يبلغ من العمر أرذله ، وكل ما فعلته أننى أنهيت المعاملة معه ، وكان البعد سيد الموقف ..
    إنشغال الإنسان بعيوب الأخرين من أجل إحتقارهم والتقليل من شأنهم ، وتقبيح أعمالهم ،وتجاهله لعيوب نفسه والغفلة عنها ، ومدح نفسه دائما وتفضيلها على الأخرين يجعله سيء الخلق وينفر منه العباد - ويصدق عليه قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( إذا قال الرجل هلك الناس ، فهو أهلكهم ) .. أى هو أسوء حالا منهم ، ومن حسن إسلام المرء تركله ما لا يعنيه " ، فمن الرجولة والنخوة أن يترك الإنسان البحث في أشياء لا تخصه ولا تعنيه في شيء ، مراعاة لحقوق صاحبه ، فلم يعب رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أحد قط ، لا من أصحابه ، ولا من أعدائه ، لأن الإعابة خلق ذميم ترفضه الفطرة السليمة ووتنفر منه النفس السوية .
    فما أحوجنا جميعا إلى محاربة هذا السلوك القبيح والأخذ على أيدي الذين يعيبون الأخرين ويحتقرونهم ، حتى تسلم مجتمعاتنا من أحد أهم أسباب الفرقة والبغضاء والكراهية وحتى يحيا الجميع في أمن وسلام ..
    وفي النهاية نقول لمن أصيب بفيروس الإعابة _ لا تكن سببا فى تحطيم الاخرين ، فعندما نرى منك مواهب تخصصاتك وشهاداتك -- ثق تماما : سيصمت الجميع ونرفع لك القبعة احتراما وتقديرا وحبا خالصا من القلب ..
    وكفانا عصبية ورجعية وكراهية . فلابد ان نستعلى عن الهوى ، ونتخلص من امراض القلوب كالكبر والغرور والتشبث بالراى وعدم احترام الاخر والانانية وحب النفس . فكلنا نعيش على كوكب واحد وتحت سماء واحدة .
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : " الإعابة .... تأنفها الفطرة ، وتأباها النفوس السوية . Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top