وفي خضم الأزمتين كانت مصر تئن من وجع الضربات المتلاحقة التي طالتها جراء الأزمة الغذائية العالمية والتي تبدو ملامحها في موجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار أدت إلى موجة أخرى من الاحتجاجات والاعتصامات ، وقبل أن تجد الحلول الناجعة للأزمة الغذائية دخلت في أتون الأزمة المالية العالمية.
بعد موجة غلاء الاسعار شهدت الفترة الاخيرة ارتفاع حاد في اسعار المنتجات الغذائية والخضروات بعد تعويم الجنيه ، وقد ارتفعت الاسعار بنسبة تصل الى 40 % على جميع المنتجات . وكذلك تطبيق الضريبة المضافة 14% حيث اثرت هذه الزيادة على المواطن المصري وعلى جميع محلات المنتجات الغذائية وتأثرت محلات الكشري حيث ارتفع سعر طبق الكشري ليتراوح ما بين 24 جنيها مصري الى 35 جنيها .
إن التوجه نحو استخدام المحاصيل الغذائية وهدرها في إنتاج تلك النوعية من الطاقة، سيكون بلا شك جريمة إنسانية في حق البشرية ووبالاً على فقراء وجياع العالم، كما أنه سيسبب ظهور مشاكل بيئية واجتماعية كثيرة ليس أقلها الإخلال بالتنوع الزراعي وتوحش موجات الغلاء العالمي، وتزايد الاضطرابات والقلائل الاجتماعية فى مناطق كثيرة من العالم. وفي المقابل فإن الالتزام باشتراطات ومعايير التنمية المستدامة وسلامة البيئة المحيطة وتنوع النظم الزراعية القائمة، من خلال تطويع التقنيات الحالية المنتجة للوقود الحيوي بحيث يتم توجيهها فقط نحو الاستفادة من المخلفات الزراعية والحيوانية وإعادة تدويرها كفيل بجعل العالم والمعمورة بأسرها أكثر تقدماً وأكثر نظافة، وكفيل أيضاً بإضفاء لمحة من التفاؤل إلى مستقبل البشرية المعذبة حالياً بثلاثية الجوع والفقر والغلاء العالمي.
أدّى تحرير سعر صرف الجنيه المصري، إلى تدمير "وجبات الفقراء" التي يعتمد عليها المصريون في حياتهم، والتي تعد إحدى أهم الوجبات الرئيسية لعدد كبير من الأسر، لاعتبارها وجبات شعبية في المقام الأول، ولقلة تكلفتها المادية، وانعكست الطفرات الكبيرة، بعد أزمة الدولار، في أسعار المواد الغذائية على أهم سلعتين للمصريين، سواء من محدودي أو متوسطي الدخل، ألا وهما الفول والعدس، الذي يعدّ المكوّن الأساسي لوجبة الكشري. ويعتبر الكشري، "أدرينالين الفقراء"، الوجبة الرئيسية في مصر ليس فقط لرخص سعره، إنما لما يحتويه من فوائد غذائية وبروتينات نتيجة لكثرة المكونات التي تحتويها الوجبة ومنها "الأرز، المكرونة، العدس، البصل، الحمص، الطماطم، الثوم"، وغيرها الكثير من العناصر الغذائية المفيدة، ومقارنة بأسعار ما قبل تحرير سعر الجنيه المصري، تضاعفت أسعار الفول والعدس منذ بنسبة 150%، حيث أصبح سعر ساندويتش الفول من 75 قرشًا إلى جنيه ونصف، في حين أصبح سعر طبق الكشري "الحجم الصغير" من 3 جنيهات إلى 10، ما جعل مثل هذه الأطباق الشعبية التي كانت معروفة بانخفاض تكلفتها؛ بعيدة عن متناول شريحة كبيرة من المصريين.
أن "الكشري وجبة مصرية قديمة، وتعدّ من أكثر الوجبات التي لها تأثير في المجتمع؛ نتيجة إلى الاعتماد عليها كوجبة رئيسية لقلة ثمنها وللفوائد الموجودة في مكوناتها، والعناصر التي تحتوي عليها، والإقبال عليه يكون في أعلى مستوياته أثناء المواسم والأعياد وأوقات الامتحانات، وهناك فئة تعتمد بشكل دائم على الكشري كغذاء، منها الأسر الفقيرة التي لا تمتلك النقود لشراء البروتين الحيواني، نتيجة لارتفاع أسعار اللحوم، الدواجن، والأسماك، ولكن كل هذه الأسباب التي ذكرتها تلاشت وأصبح الكشري سلعة "بايرة"، والدولار دمّر كل حاجة وبيوتنا بتتخرب".
، أن "أسعار الخامات المستخدمة في تحضير وجبة الكشري من "عدس وأرز وحمص وبصل" زادت بشكل كبير في عهد السيسي، ارتفاع الأسعار لا يتوقف عند حد معين، ولكنه في ازدياد مستمر كل يوم، وهذا سبب كفيل لقلة الإقبال عليه في الآونة الأخيرة ، ارتفع سعر ساندويتشات الفول والطعمية، بنسبة تعدّت الـ 100%، فارتفع سعر ساندويتش الفول من 1.75 إلى 2.5، والطعمية من 1.75 إلى 2.5، والبطاطس من 3.0 إلى 4.5. أن "الأسعار غير ثابتة، وسوف يزيد سعر الأكلات مرة أخرى لو استمر ارتفاع أسعار مكونات تلك السلع، لا يوجد أي حلول أو خيارات أمامها سوى الموت من الجوع"،
ولأن لعربات الفول مذاق خاص، ولها جمهور وقطاع عريض من المواطنين، أكثر من الموظفين، إلا أنها هي الأخرى، شهدت ارتفاعًا في أكلاتها،
أن "أسعار السلع الغذائية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق والسوبر ماركت بعد قرار البنك المركزي، بتعويم الجنيه، وتجاوزت نسبة الارتفاع 30% بالنسبة لبعض الأغذية مقارنة بالشهر الماضي، وقد وصل سعر كيلوغرام الأرز إلى 9 جنيهات بدلاً من سبعة، وارتفع سعر كيلوغرام الزيت الخليط من ثمانية جنيهات إلى 14، وكيلوغرام الفول إلى 15 جنيهاً بدلاً من 12 جنيهاً"، ان سعر الفول المستورد يقل عن البلدي بنحو خمسين بالمئة لاختلاف جودته مقارنة بنظيره المحلي، أن مصر تستورد نصف احتياجاتها من الفول من أستراليا وفرنسا وإنجلترا".
كما تسهم الزراعة بحوالي نصف الانبعاثات العالمية من اثنين من أقوى غازات الدفيئة غير ثاني أكسيد الكربون - أكسيد النتروز والميثان، إذ يبلغ نصيب انبعاثات كل من أكسيد النتروز من الأراضي الزراعية (نتيجة استخدام الأسمدة الكيماوية والأسمدة الطبيعية) والميثان من تربية الماشية حوالي ثلث مجموع انبعاثات الغازات غير ثاني أكسيد الكربون من الزراعة ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة، وتأتي بقية الانبعاثات غير ثاني أكسيد الكربون من إحراق الكتلة الحيوية، وإنتاج الأرز، وإدارة الأسمدة الطبيعية، كما تعتبر الزراعة مساهما رئيسيا في انخفاض معدل امتصاص (تخزين) الكربون من خلال تغيير استخدامات الأراضي.
إن الانهيار المالي والاقتصادي الذي يحدث الآن، هو جزء بسيط نسبياً وصغير من سلسلة الاحداث التي قد يتعرض لها كوكب الارض، لقد مر العالم في السابق في حالات ركود اقتصادي كثيرة واستطاع الخروج منها ليشهد طفرات اقتصادية وازدهاراً، الخوف اليوم من أن يتباطأ الاهتمام بإيقاف ارتفاع حرارة الأرض والتضحية بمستقبل البشرية من أجل توفير نمو اقتصادي لن يصمد أمام الأعاصير والفيضانات وانتشار ثاني اكسيد الكربون بكثافة في الفضاء.
إن الارتفاع الحاد في أسعار الغذاء والطاقة في السنوات الثلاث الأخيرة، أدى إلى ازدياد عدد الذين يعانون من سوء التغذية بنحو 95 مليون نسمة بنهاية عام 2017، بسبب تدني الاستثمارات الزراعية في البلدان الأشد فقراً خلال السنوات الثلاثين الماضية.
فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية الرئيسية إلى الضعف في العامين الماضيين (2016 – 2017) وسجل الأرز والذرة والقمح مستويات قياسية ووصلت أسعار بعض المواد لأعلى مستوياتها في 30 عاما بعد حساب عامل التضخم، ما أدى إلى اندلاع أعمال شغب واحتجاجات في بعض الدول النامية حيث ينفق السكان ما يزيد على نصف دخلهم على الغذاء. كما أن أزمة تضاعف أسعار الغذاء في السنوات الثلاث الاخيرة سوف تهوي بـ 100 مليون شخص في أعماق الفقر.
وتتصدّر أسعار الزيوت النباتية هذه الزيادة المستمرة في الأسعار، حيث زادت بنسبة 97% خلال المدة من عام 2016 إلى عام 2018 تليها أسعار الحبوب بنسبة 87%، ثم منتجات الألبان بنسبة 58%، ثم الأرز بنسبة 46%.
أما أسعار السكر ومنتجات اللحوم فقد زادت هي الأخرى، ولكن بنسبة أقل، كما تشير الزيادات الكبيرة في أسعار بعض السلع إلى تزايد التقلبات وعدم اليقين في بيئة الأسواق الحالية. فحالات ارتفاع الأسعار – مثل حالات انخفاض الأسعار – ليست بالظاهرة النادرة في الأسواق الزراعية،
وإن كان ارتفاع الأسعار يميل في أغلب الأحيان إلى أن يكون قصير الأجل مقارنة بانخفاض الأسعار، حيث يميل هذا الأخير إلى البقاء لفترات أطول، وما يميز الحالة الراهنة للأسواق الزراعية هو حدوث الارتفاع في الأسعار العالمية لجميع السلع الغذائية الرئيسية والأعلاف تقريبا، واحتمال أن تحافظ هذه الأسعار على ارتفاعها لفترة أطول.
0 comments:
إرسال تعليق