ان دور الإعلام البيئي لا يقتصر على نقل الأخبار البيئية والتعريف بها، او بسرد المعلومات والتوجيهات البيئية للحفاظ على المجال البيئي، ولا يختزل ذاته في إيصال الحقائق والآراء والقضايا البيئية للجماهير.
بل إن الإعلام البيئي كما يجمع الباحثون هو ممارسة نقدية فعالة وبناءة لأصحاب القرار ودفعهم إلى إدراج البعد البيئي في جميع المخططات التنموية . وهكذا فالإعلام البيئي بمفهومه الحديث، إعلام تنموي وهو شريك أساسي في تحقيق التنمية من خلال مساهمته في وضع وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية في مجال التنمية المستدامة.
إن الإعلام البيئي التنموي أي الإعلام المرتبط بالبيئة والتنمية المستدامة، نلمس حضوره أكثر في الدول الديمقراطية الغربية، بينما يغيب في العالم العربي، نظرا لغياب شروط تحقيق التنمية المستدامة فأغلب دوله غارقة في الحروب والصراعات حول السلطة، في حين تنعدم الديمقراطية في دول عربية أخرى، مما يجعل الإعلام برمته في العالم العربي يعاني من مشاكل عديدة على رأسها غياب الحرية .
يعاني من غياب استراتيجية إعلامية بيئية، وما زال اعلام مناسبات يبرز عند ظهور المشاكل والأزمات البيئية وخلال المناسبات كالاحتفال باليوم الوطني او اليوم العالمي للبيئة ثم يختفي لأجل غير مسمى.
في ظل هذا الزخم من المشاكل نلاحظ كذلك عدم تحديد أولويات مجالات الرسالة الإعلامية البيئية، كالتركيز على المستوطنات البشرية والتصحر والبيئة البحرية والصناعة العشوائية ومصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الملائمة وصيانة الطبيعة وندرة المياه. والسبب في هذا الخلل يعود بالدرجة الأولى إلى وجود فجوة كبيرة بين الإعلاميين والقائمين بالاتصال من جهة والمؤسسات البيئية من جهة أخرى.
الإعلام البيئي يعاني كذلك من نقص في الميزانية وضعف الامكانيات والوسائل المادية والبشرية على حد سواء، وهذا راجع بالدرجة الاولى إلى غياب الوعي البيئي في المجتمع انطلاقاً من رجل الشارع إلى صانع القرار.
من المشاكل التي يعاني منها الاعلام البيئي كذلك غياب منهاج اعلامي واضح للتعامل مع القضايا البيئية وتفشي ظاهرة اللامبالاة وعدم الاهتمام بالقضايا البيئية في المجتمع، سواء على المستوى الفردي او العائلي او المؤسساتي او ما يتعلق بالمجتمع المدني او المجتمع السياسي او تعلق الامر بالمدرسة او الاسرة او المسجد. وكثيرون هم اولئك الذين يظنون ان القضايا البيئية هي من اختصاص وسائل الاعلام والمؤسسة الحكومية التي تشرف على قضايا البيئية فقط لا غير،
وهذا التوجه خاطئ لأن البيئة هي مسئولية الجميع. دور الاعلام البيئي ما هي الادوار وما هي المهام التي تلقى على عاتق الاعلام البيئي والتي يجب ان يجسدها في ارض الواقع حتى نحقق ثقافة بيئية ووعياً بيئياً من شأنهما ترشيد السلوك البيئي في المجتمع ومن ثم العيش في بيئة نظيفة وسليمة؟ فمهمة الاعلام البيئي تتحدد بالدرجة الاولى في نشر التوعية والثقافة البيئية بأسلوب وبلغة وبتقنيات تكون سلسة بسيطة ومفهومة وجذابة للمستقبل، بعيدة عن المصطلحات الفنية واللغة العلمية التي تنفر القارئ وتجعله يهرب من كل شيء له علاقة بالبيئة، من مهام الإعلام البيئي كذلك الاهتمام بقضايا البيئة وحمايتها بصفة دورية ومستمرة وعلى مدار السنة، اي ليس بطريقة موسمية او مناسباتية.
فالهدف اذا هو ترشيد السلوك البيئي عن طريق الوعي والثقافة والادراك البيئي. وهذا لا يتحقق بطبيعة الحال الا عن طريق توفير المعلومات والبيانات والمعطيات والاحصائيات المتعلقة بالبيئة. فالبيئة جزء من الانسان لأنها هي المحيط الذي يحتضن الكائن البشري بإبعاده المادية والفكرية والمعنوية والروحية، والامن البيئي لا يقل اهمية عن الامن الغذائي وعن الامن الاستراتيجي. ومن هنا تتحدد مهام الاعلام البيئي في تشجيع السلوك البيئي الايجابي عند الافراد والجماعات والمؤسسات
وكذلك العمل على تبني ووضع وتطوير برامج تعليمية وتربوية على مستوى المؤسسات التعليمية لحماية البيئة ونشر الثقافة البيئية والسلوك البيئي الناضج والواعي. فإذا تربى النشء منذ نعومة اظافره على معرفة البيئة واصولها واهميتها فإنه لا محالة سينمو ويترعرع ويكبر على احترام البيئة وحبها والعمل على المحافظة عليها وصيانتها وهذا هو السلوك الحضاري الذي تتمناه اية دولة وتعمل على تحقيقه.
فإذا دخلت اجندة البيئة المناهج التربوية والاسرة والجمعية والمؤسسة ومختلف مكونات ومؤسسات المجتمع فإنها بذلك تدخل ادراك الفرد وسلوكه. فالمسئولية اذا هنا هي مسئولية الجميع وليست مسئولية الاعلام فقط. الاعلام البيئي له دور كذلك على مستوى التشريع والقوانين سواء محليا او دوليا في اطار المنظمات المختصة لمعالجة القضايا البيئية التي تتطلب مسئولية ومهمة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية
وكذلك مهمة ومسئولية المنظومة الدولية فالمشاكل البيئية الكبيرة والخطيرة في ايامنا هذه تأتي من الدول المتقدمة والدول الصناعية التي ضربت وتضرب عرض الحائط الاعراف والقوانين الدولية في مجال البيئة، كدفن النفايات النووية والقيام بالتجارب النووية وكذلك الاخطار والمشاكل التي ترتبت على غرق حاملات البترول العملاقة وتفجير آبار البترول وحادثة تشرنوبيل وحادثة بوبال وغيرها من الكوارث التي كانت انعكاساتها وخيمة، ليس فقط على الدول التي وقعت فيها وانما على البشرية جمعاء.
هدف الإعلام البيئي إلى تنمية القدرات البيئية وحمايتها بما يتحقق معه تكيف وظيفي سليم اجتماعياً وحيوياً للمواطنين، ينتج عنه ترشيد السلوك البيئي في تعامل الإنسان مع محيطه وتحضيره للمشاركة بمشروعات حماية البيئة والمحافظة على الموارد البيئية. كما يهدف الإعلام البيئي إلى تنمية الوعي والمسؤولية البيئية لدى الجمهور والمسؤولين وتوجيه سلوكهم وأنشطتهم للوصول إلى حال من الوعي الكامل بالقضايا البيئية، ما يؤدي إلى تغيير في نمط حياة المجتمع وسلوكياته الضارة بالبيئة والطبيعة، ومن ثم التعامل بتلقائية وعفوية وإحساس معهما. وكذلك إعطاء الأهمية الكافية لدور الإعلام البيئي في الإنذار المبكر، ورصد حدوث أي خلل بيئي، وتحريكه للرأي العام، وإسهامه في إصدار التشريعات الإيجابية التي تخص البيئة.
إن تبني القضية البيئية التنموية في المؤسسات الإعلامية تأتي في العادة من قناعات صانعي ومتخذي القرار، المبنية أساساً على التوعية البيئية السليمة وبعد النظر والإدراك بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، حيث تأتي قضية تبني المؤسسات الإعلامية للقضية البيئية، ومتطلبات التنمية المستدامة كرسالة إعلامية واجبة تقتضيها المصلحة العامة، كأحد أهم ركائز الإعلام البيئي التنموي.
يتوجب على الإعلامي البيئي حمل آلة تصوير بشكل دائم، وعليه التقاط الصور لعناصر الطبيعة الحية وغير الحية والظواهر الطبيعية والأخطاء البشرية بحق الطبيعة والبيئة وأرشفة هذه الصور، فسيأتي يوم يحتاج إليها. متابعة البرامج الوثائقية التلفزيونية المتعلقة بالطبيعة والبيئة، والقيام بزيارات للمحميات الطبيعية، ومتاحف التاريخ الطبيعي، والمواقع المهمة للحياة الفطرية، والمصانع والمزارع، والتحدث مع الناس عن الموضوعات المتعلقة بالبيئة والطبيعة وعلاقتهم بها قديماً وحديثاً.
على الصحافي أو الإعلامي البيئي، أن يعرف كثيراً من الأسماء المحلية للنباتات والحيوانات، وكذلك أسماء أجناس أنواع مميزة أو أسماء فصائلها على الأقل. من الضروري رفع مستوى اللغة الإنجليزية عند الصحافي، لأن معظم التقارير والمقالات التي تتعلق بالبيئة والطبيعة تُنشر باللغة الإنجليزية.
التدرب على صياغة الأسئلة المتعلقة بالبيئة والطبيعة وعلى كيفية توجيهها، والتمرس على إدارة اللقاءات الصحافية المرئية بطريقة ذكية لا تخلو من الطرافة والجدية معاً. تداول أبرز جوانب الموضوع المزمع طرحه قبل بث اللقاء على الهواء، وإعطاء الفرصة الكافية للضيف للإجابة عن السؤال والتعبير عن رأيه بوضوح.
0 comments:
إرسال تعليق